(التسلط وعلماء الطغيان على البشرية)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) )
لا يمكن ان نبرر اي مرجعية من المراجع الإسلامية سواء كانت سنية أو شيعية فعلماء السلطان من كل جنس ولون ومن جميع المذاهب الإسلامية، وإذا حكمنا على العلماء جميعاً فذلك لا يجوز فهنالك علماء يعملون من أجل الدين والعقيدة وعملهم خالص لله تعالى ومن أجل الإسلام والمسلمين وفي المقابل هنالك علماء سلطان وعلماء فتنة وعلماء شهوة وإغواء للشباب من أجل الشهوة حتى يكون لديهم أكبر عدد ممكن من المنتمين إلى مذهبهم.
ولعل القارئ الكريم يعرف ما أعني وأقول عن تلك المذاهب ولكن علينا الرجوع إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم لان فيها النجاة لكل مسلم ومسلمة ليكونوا بعيدين عن إتباع فتاوى العلماء المتبعين لهوى التسلط وطغيانه (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160).
إن علماء السلطان والقوانين الوضعية للبشر هي التي تُدمر البشرية وتضع الإنسان تحت الطغيان لقوله تعالى ( كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) ) وعند الطغيان تظهر العبودية والجبروت والتكبر والعلو في الإنسان على أخيه الإنسان، وبذلك يحدث الظلم في البشرية بعضهم على البعض تحت تسلط السلطان، ويحصل الجهل والفقر في المجتمعات البشرية، وذلك يهدم مكارم الأخلاق داخل الشعوب سواء كانت شرقية أو غربية أو شرق اوسطية الاسم الاستعماري الجديدة التي اطلق علينا، إن الإسلام بما يحمله من مكارم الأخلاق للبشرية هو جدير أن يكون قانون للبشرية جمعاء في جميع المجالات فالله كرّم الإنسان وخلقه في أحسن تقويم (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)ان الاسلام يرفع الانسان الى مكارم الاخلاق والفضائل والقيم الحميدة والعدل بين الكبير والصغير(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ)(هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) ) وكذلك امرنا الإسلام بالشورى (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) ) في كل شأن من شئون المجتمع حتي بين الزوج وزوجته (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) وبذلك تكون الأمة هي المرجع لتختار من يحكمها وتعمل النظام الذي تريده، ولكل شعب من شعوب العالم خصوصيته في النظام سواء كان برلماني أو رئاسي أو فيدرالي أو محلي أو أقاليم لأن الله تعالى جعل النظام يقوم وفق ما يراه البشر، وما يوافق هواهم على أن لا يخرجوا عن النصوص الثابتة في الحقوق والواجبات والأخلاق والمواريث التي لم يترك فيها شيء للبشر وشرّعها من عنده سواء تحليل او تحريم لأن الله حددها من عنده ولا يجوز الخروج عنها، والرسول (ص) كان مأمور بمشاورة الصحابة في كل شأن من شئون الأمة غير التبليغ الذي خصه الله به لأن ذلك أمراً إلاهي لقوله تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) وبعد التشاور فإن عليك العزم بعد الشورى والتوكل على الله تعالى (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)) على الا يكون الاعتماد على النصر بالشورى بل يكون النصر من عند الله لقوله تعالى (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160))
إن الحرية التي يتباهى المجتمع الغربي أو المجتمع الشرقي في العصر الحالي لا ترفع الإنسان الى الحرية التي جاء بها الإسلام ولا ترفع الإنسان إلى مكارم الأخلاق للبشرية، إن مبادئنا الإسلامية هي الكفيلة برفع الإنسان إلى القيم والأخلاق النبيلة ويحافظ على جميع الحقوق العامة والخاصة إذا طُبق بكل مبادئه التي كانت في العصر النبوي والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.
إن علماء السلطان وفقهاء القانون عملوا إلى إخضاع الأمة وانزلاقها إلى الظلم والطغيان، إن ذلك هدم لكل القيم الإنسانية وتضييع لكل الحقوق والحريات ويتم تجريد الإنسان من كل حقوقه العامة والخاصة، إن علماء وفقهاء القانون الذين يهيئوا كل شي للطغاة من أجل التسلط على البشر ويوحوا في نفس السلطان كل الجبروت و و و الخ وما يصنعونه وفق هوى السلطان من فتاوى وقوانين تجعل الإنسان تحت العبودية وإذا خالف فإن الحبس أو القتل أو النفي هو المصير المحتوم له وخضوعه للاستعباد جائز في نضرهم.
إن الواجب علينا التوضيح للبشرية عن حكومة الكون التي تقوم على البرهان وتقدم البلاغ قبل الحساب وتقيم العدل بالحجة والبرهان بين البشر بكل الأطياف من السلطان حتي أصغر إنسان ولكن ذلك كان في عصر من العصور المتقدمة في صدر الاسلام الذي جاء وحرر البشرية من عبودية الفرد الى عبودية الخالق الذي خلقه في أحسن تقويم وحرره من عبودية البشر الى عبودية رب البشر قال تعالى (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) )
كتب/ الشيخ/عزيز بن طارش سعدان (شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد)