الاحتفال بالثورة الدستورية في ذكراها الـ69 وتكريم آخر الأحياء المشاركين فيها
• زيد الوزير: هذا الحدث لم ينصفه ابناؤه، ولا خصومه معاً • واضعي “الميثاق” من أسر مختلفة “زيدية” و”شافعية” وصلوا بقناعة إلى إنهاء صلاحيات الإمام الفردية • “نعمان” بعث في روح المرحوم الشيخ “حميد الأحمر” روح “السلطنة” وكانوا يسمونه بالسلطان أثناء وجودهم في سجن حجة • عندما أطيح بالرئيس “السلال” انكمش “التيار العسكري”، وظهر التيار المشيخي، وجاء هؤلاء بالقاضي الارياني كرئيس مدني، ولكنه وقع تحت هيمنة من جاء به من “المشايخ”
أحمد النهمي: العودة إلى قضايا الماضي وفهم ملابساتها شرط أساسي لتفكيك شفرات قضايا الحاضر • استحالة الأحلام الجميلة إلى كوابيس مرعبة وسيق الأحرار إلى مقاصل الموت وغياهب السجون
• محمد الفسيل: لا استحق التكريم لأنني لم أستطع أن أحقق حلمي في ايجاد دستور
احياءٌ للذكرى التاسعة والستين لثورة 17 فبراير 1948م – 1367هـ الدستورية أقام (مركز التراث والبحوث اليمني – ومنتدى يمنيات) صباح اليوم الخميس 3 من مارس 2017م في قاعة بيت الثقافة بصنعاء احتفالية بعنوان: “في الطريق إلى فهم موضوعي للثورة الدستورية” تم فيه تكريم الأستاذ المناضل محمد عبدالله الفسيل كآخر الأحياء المشاركين في ثورة 48 الدستورية.
بُدئ الاحتفال بالسلام الجمهوري وتلاوة آيات من الذكر الحكيم.. بعد ذلك عقدت ندوة قُدمت فيها خمس أوراق عمل، كانت الورقة الأولى في الندوة للمفكر والباحث الأستاذ زيد بن علي الوزير (رئيس مركز التراث والبحوث اليمني رئيس منتدى يمنيات) بعنوان: “عوائق في طريق الدستور عقب الثورة الدستورية” ألقيت مسجلة (صوتاً وصورة) حيا فيها الأستاذ زيد الحاضرين، قائلاً: من وراء البحار أحييكم وأرحب بكم من وراء البحار، والفيافي والقفار، سلاماً يخترق عواصف الدمار، وخانق الحصار، ليصافح أكف نخبة أخيار، تعمل بجهد لصالح الديار.
مذكراً ان الاحتفالية تقام بمناسبة ذكرى مرور 71 عاماً هجرياً و69 عاماً ميلادياً على “الثورة الدستورية”.. ووجه ترحيباً خاصاً بالأستاذ المناضل الصلب محمد عبدالله الفسيل باعتباره ذا رؤية دستورية.. وكآخر ممثل لرجال الثورة الدستورية.. معتبراً تكريمه تكريماً حياً لثورة ومضامين طرحت نفسها لأول مرة في تاريخ المن.
وأشار الأستاذ زيد الوزير إلى أن العوائق التي حالت دون متابعة خطى الدستور المدني… ودون وصوله ليكون حاكماً لمفاصل الأمة والدولة معاً.. معتبراً إن ظهور “ميثاق” مُتقدم في تلك الظروف حدثاً كبيراً بحاجة للوقوف عنده بتأنٍ ودون انفعال.. مشدداً على أنه ما جاء لتزيينه، وإنما لوصفه واخراجه كما هو…. قائلاً: “لا أريد أن اصبغ عليه ثناءً، ولا أريد أن أعريه من أي ثناء، وإنما اسعى سعياً مخلصاً – كمؤرخ – إلى أن اظهره على حقيقته عبر فحص مخلص وتنقية هادفة لقضية تاريخية بحتة لا تشتمل على توظيف سياسي أو حزبي أو مذهبي، وإنما كدراسة (حدث تاريخي)…. وأتمنى من غيري أن يريد: إعادة بنائه بحجارته هو، لا بأحجار من صنع أهوائنا وميولنا…. لا كما تم استغلاله من قبل آخرين لفترة طويلة…. لمأرب شوهت في النتيجة ملامحه، بل جوهره.
وأكد الوزير: إن هذا الحدث لم ينصفه ابناؤه، ولا خصومه معاً.. مرجعاً ذلك إلى سببين رئيسيين لنشوء العوائق المانعة، أولهما: جاء من قبل بعض أبنائها أنفسهم من أجل التهيئة للقبول بزعامة جديدة لم تكن مقبولة آنذاك في ظل ثقافة معينة محتكرة الحق السياسي لأسرة معينة.. وثاني السببين: جاء من قبل خصومها الملكيين من أجل المحافظة على قديم الجذور.
مشيراً إلى أن هذان السببان عتما على رؤية مناخ “الثورة الدستورية”… ومن ثم عدم الاستفادة من مضامين “الميثاق المقدس” والابتعاد عنه إلى درجة التخبط الذي تردد في معظم ما كتب عن “الثورة الدستورية” إلى حد التكرير في كل الكتابات بدون زيادة، بل بنقصان.
ذاكراً أن تصنيف ثوارها بين رجعي وتقدمي ووطني ومتورد أجنبي، الحق بها ضرراً وصرفها عن المضمون.. معتبراً أن هذا ما جرّ الناس بعيداً عن دراسة المضمون “الميثاق” و”الدستور”..
معتبراً أن من كان يرى في “ولي العهد” آنذاك بطلاً وطنياً لم يكن يصدر عن تفكير رجعي أو أنه غير وطني وإنما ساقته إليه ظنونه بصحة ما يعتقد، لأنه أصلاً يريد الإصلاح… إلا أنه بعد تجربته مع “ولي العهد” متأخراً، قبل أربع سنوات من قيام “الثورة الدستورية” وصل إلى اليقين الثوري – حد تعبير الشهيد “الزبيري”.. ومؤكداً أن هذه الرؤية تنطبق على من وصل إلى قناعة نهائية بوجوب تغيير النظام، فلم يكن الهدف استبدال إمام بإمام، ولا أسرة بأسرة، لأن واضعي “الميثاق” من أسر مختلفة “زيدية” و”شافعية” وصلوا بقناعة إلى إنهاء صلاحيات الإمام الفردية.. وتساءل الباحث زيد الوزير: كيف يُقبل منطق استبدال إمام بإمام إزاء نص صريح نص على استبدال نظام بنظام، واتفق عليه وكُتب بحروف بارزة؟.
واستحضر الباحث والمفكر زيد بن علي الوزير في ورقته حالة المجتمع في ذلك الوقت، مشيراً إلى أنه لم يكن من السهل الوصول إلى “الميثاق المقدس” والاقتناع بمواده…. متسائلاً: من الذي أشعل الشرارة؟.
وقال الوزير: في اعتقادي أن نظرية “وجوب الخروج على الظالم”…. كانت تلك الشرارة الموقظة”.. مشيراً إلى أن ما توصل إليه هو أن واضعي “الميثاق” هم العلماء، فالعلامة “الفضيل الورتلاني” هو من وضع خطوطه العامة.
وذكر المفكر زيد بن علي الوزير سببان لإعاقة العمل للدستور. الأول: يعود إلى جذب بعض رجال الثورة عقب فشلها – بحكم اليأس من حدوث التغيير – “المشيخية” و”العسكرية” للاستعانة بهما لتغيير “الحكم المتوكلي” ما أدى إلى استبعاد الحكم المدني واستبعاد من قام بدعوتهم كذلك.. مشيراً إلى أن نظرة واحدة إلى برنامج القاضي “عبدالرحمن الارياني” (برنامج العمل الوطني)، وبين “الميثاق المقدس” نجد ان البعض من كبار المشايخ وبعض الضباط قد حُفظ لهم مكان مرموق كقيادات ثورية.
وأشار الوزير إلى أن تلك القيادات قويت وتحكمت ووضعت القاضي “الارياني” والأستاذ “نعمان” – الساعيان إلى الاعتماد على المشايخ ضد النظام المتوكلي – في “القمقم” نفسه، الذي كانت قد وضعت فيه تلك القيادات من قبل النظام المتوكلي.. ذاكراً أن الأستاذ “نعمان” بعث في روح المرحوم الشيخ “حميد الأحمر” روح “السلطنة” وكانوا يسمونه بالسلطان أثناء وجودهم في سجن حجة.. مشيراً إلى أن الأستاذ “الزبيري” تغنى بالمشايخ في كتابه “واق الواق” ببليغ العبارة وفاخر الإشادة، وكتب للشيخ “سنان أبولحوم” أنه يفتخر أن يكون جندياً تحت قيادة المشايخ.
وقال الوزير في ورقته ان المساق الآخر الذي صرف الاهتمام عن طريق “الدستور” هو “الانقلابات العسكرية” على مستوى الوطن العربي، والتي اعتبر أنه كان لها تأثيرها على مسار “الدستور” خاصة إثر “الانقلاب المصري” “جمال عبدالناصر” وإبعاد “محمد نجيب” والانقلابات “العراقية” و”السورية” التي أعشت النظر عن “الدستور المدني” حيث كان كل انقلاب يفصل “دستوراً” على مقاسه، يلغى بقيام انقلاب جديد.
واعتبرت ورقة الأستاذ زيد الوزير أن تحركات الجيش بتلك الملامح لا تبشر بنجاح، ولكن بتردي الأوضاع، وطموح المشايخ للحكم، وتطلع الضباط إليه.. مشيراً إلى أن القاضي الأرياني اعترف بصريح العبارة أن المخابرات المصرية عرضة عليه رئاسة الجمهورية في حالة الانقلاب. فرفض وقال: “لا أوافق على أن أكون رئيساً للجمهورية فلا بد أن يحتل هذا المنصب من يراه العسكريون”.
واختتم المفكر والباحث زيد بن علي الوزير ورقته بالقول: عندما أطيح بالرئيس “السلال” انكمش “التيار العسكري”، وظهر التيار المشيخي، وجاء هؤلاء بالقاضي الارياني كرئيس مدني، ولكنه وقع تحت هيمنة من جاء به من “المشايخ” ولما أراد التحرر منهم، أطاحوا به وبالأستاذ “نعمان” ونفوهما من “اليمن”، وعاد العسكر في شخص المرحوم “إبراهيم الحمدي” الذي دخل في صراع مع المشايخ ثم قتل بأيد عسكرية. وجاء “الغشمي” ثم قتل، وجاء الرئيس “علي عبدالله صالح” وقبض على العسكرية والمشيخية معاً بيد قوية، ثم جاء “هادي” عسكرياً ثم أطيح به مدنياً ودخلت “اليمن” في دوامة صراع مصدره الخارج.
وقال: من خلال هذا الحديث تبيّن أن دور العمل من أجل “الدستور المدني” قد توارى عن الأنظار.
وأنهى الأستاذ زيد بن علي الوزير ورقته بالتغني بـ”نشيد الدستور” الذي كان يردده “الدستوريون” في ظلمات “سجن نافع الرهيب” والذي صاغه بعزم وإصرار الشاعر الكبير “أحمد الشامي”:
بالأمة نقسم و”الدستور” وبما في مصحفنا مسطور
أن نحفظ لليمن “الدستور”
(إضغط هنا للاطلاع على نص ورقة الأستاذ زيد بن علي الوزير)
وما أن فرغ الباحث والمفكر الأستاذ زيد بن علي الوزير من قراءة ورقته حتى أعلن المذيع المثقف محمد علي المطاع المقدم للفقرات عن وقت التكريم للأستاذ المناضل محمد عبدالله الفسيل آخر الأحياء المشاركين في ثورة 48 الدستورية حيث طلب من رئيس الوزراء الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور وكبار الضيوف الحاضرين بالمشاركة في تكريمه.
بعد ذلك تم تقديم الورقة الثانية المشاركة في الندوة التي حملت عنوان: “ثورة الدستور.. أسئلة على بوابة الذكرى” للدكتور أحمد صالح النهمي.
الدكتور النهمي بدأ ورقته بسؤال: ما جدوى العودة إلى الماضي والتحليق في أجواء ثورة 17 فبراير 1948م واستحضار بعض ملامحها وبلادنا تعيش بعد تسعة وستين عاماً من قيامها حاضراً بائساً يحاصره عدوان خارجي سافر، واقتتال داخلي مؤسف تغذيه قوى الخارج، وتواطؤ دولي، وانقسام حاد في المواقف بين القوى السياسية، وغياب أو تغييب تام للرؤى الوطنية الداعية للسلام والحاملة للمشروع الوطني؟.
وأجاب النهمي بالقول: التأكيد على أن العودة إلى قضايا الماضي وفهم ملابساتها شرط أساسي لتفكيك شفرات قضايا الحاضر،… وبلورة الحلول المناسبة لمشكلاتها. معتبراً أن الصلة بين الماضي والحاضر والمستقبل صلة توالد حتمي ينتج بعضها عن بعض….. ومن هنا فإن الوقوف على تاريخ الحركة الوطنية في تاريخ اليمن المعاصر…. من الضرورة بمكان لتشخيص علل حاضرنا وإنتاج الحلول المناسبة لمشكلاته.
وتساءل الدكتور أحمد النهمي: أين تقع ثورة الأحرار الدستورية في تاريخ الحركة الوطنية في اليمن الحديث؟.
وقال: إذا كانت الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة …. نشأت في شكل حركة إصلاحية تستهدف أصلاح النظام الحاكم بالموعظة الحسنة والنصح والإرشاد… فإنها تستحيل في منتصف الأربعينيات إلى حركة سياسية معارضة تتبنى طريق الثورة كخيار تمليه الضرورة.
مشيراً إلى أن انتصار ليل القوة الباطشة وثقافة الفيد على تباشير فجر الثورة وثقافة الدستور،…. واستحالة الأحلام الجميلة إلى كوابيس مرعبة وسيق الأحرار إلى مقاصل الموت وغياهب السجون.
وتابع النهمي بالقول: ما تجدر إليه الاشارة أن الأهداف التي رفعتها النخبة المستنيرة من أحرار ثورة الدستور ما تزال في أغلبها هي الأهداف التي تطالب بها النخب السياسية اليوم رغم مرور ما يقارب من سبعين عاماً.
معتبراً ان الموقف السلبي للجامعة العربية من الثورة الدستورية هو اليوم الموقف السلبي نفسه. أو قل: إنه أكثر سلبية وأشد سوءاً تجاه ما يعانيه اليمن من عدوان جائر وحصار فاتك. مضيفاً أن الأنظمة العربية الرجعية التي لم تحتمل نجاح الثورة الدستورية خشية أن تصل تداعياتها إلى الكراسي التي يجلسون على عروشها تكالبت على الثورة وسعت إلى إخماد نارها.
مشيراً إلى تعليق مسؤول لبناني على هذه المواقف الذي قال: لو اتحد ملوك العرب في قضية فلسطين، كما اتفقوا ضد الأحرار في اليمن ما كان في فلسطين حكومة يهودية.
وأوضح الدكتور أحمد النهمي أن الثورة الدستورية من أكثر الأحداث التاريخية التي يشوبها كثير من اللبس والغموض.. مشيراً إلى أنه إذا كان هذا هو حال الثورة الدستورية وما يحيط بها من أحداث وملابسات بالنسبة لمعاصري رجال الثورة الدستورية فإن حال جيلنا والأجيال اللاحقة لا شك أنه سيكون أكثر سوءاً.
واختتم النهمي ورقته مطالباً بالكشف عن حقائق ثورة الدستور وإماطة اللثام عن أسرارها وإنصاف رجالها…. وقال يجب أن تخصص لها مؤتمرات علمية يشارك فيها الباحثون بقراءات موضوعية تستند غلى معطيات الأحداث والوقائع وليس الشائعات والإشاعات، وتراعي في نتائجها الأمانة العلمية والدقة الموضوعية بعيداً عن التأثيرات المزاجية التي تفرضها العصبية والمناطقية والمذهبية ومؤثرات السلطة.
(إضغط هنا للاطلاع على نص ورقة الدكتور أحمد صالح النهمي)
بعد ذلك قدم الأستاذ أنور عباس الكمال ورقة بعنوان: “الدور التنويري للأستاذ أحمد محمد نعمان”.. بدأها بمدخل عبارة عن اقتباسات من أقوال الأستاذ النعمان منها: “لقد ظن بعض أحبابي المتحمسون أن دعوتي للعلم والتعليم معناها أني كفرت بالنضال والكفاح” وغيرها من الاقتباسات التي اعتبرها الباحث من بواكير نشاط النعمان الوطني.
واستعرض الكمال نشأت الأستاذ النعمان وتعليمه مروراً ببداية نشاطه التنويري في الحجرية والدراسة والنشاط السياسي والثقافي بمصر والعودة وإدارة المعارف بتعز ومن ثم فراره إلى عدن وإعلان المعارضة ووصولاً إلى موقف النعمان من تحضيرات ما اسماه (انقلاب) عام 1948م ونشاط النعمان التنويري في السجن ودوره التنويري قبل قيام ثورة سبتمبر 1962م وإنشاء كلية بلقيس في عدن.
واختتم أنور الكمال ورقته بالإشارة إلى أن النعمان بتوجهه لبناء كلية بلقيس كان ناتجاً عن يقينه بأن لا سبيل لتحرير اليمن إلا عبر التعليم.
(إضغط هنا للاطلاع على نص ورقة الأستاذ أنور عباس الكمال)
بعد ذلك قدم الأستاذ محمد عبدالسلام منصور كلمة عن الفسيل أشار فيها إلى أن الحديث عن هذا المناضل ذائع التمرد على الاستبداد والثائر الأصيل من مقتبل عمره حتى يومنا هذا بمواقفه الشجاعة ضد البغي بجرأة واعية أقضت عروش الملوك.
مشيراً إلى أن المناضل الفسيل له سيرة حياة غنية بالنضال والشجاعة قادته إلى السجن السياسي ونجى مرات من الموت وأنه وجه الدعوة إلى الإمام يحيى وولي عهده بالإصلاح لتجاوز التخلف وشارك في ثورة 48 الثائرة على إمام مطلق الصلاحية.. مضيفاً أن للمناضل الفسيل تحركات متعددة الاتجاهات.. ومذكراً بمتابعاته غير المنقطعة لأمور السياسة واستشعاره بما سيأتي..
معرجاً على مشاركة المناضل محمد عبدالله الفسيل في عام 77 في صياغة ميثاق وطني يرتب لدولة تخرد البلد من الاضطرابات السياسية.. متطرقاً إلى ان الفسيل كان محاوراً لافتاً وبمنطق سليم يجسد ذلك في لغة سياسية كان لا اثرها في محادثات الوحدة وحواراته التي شارك بها أثناء الثورة الشعبية ومشاركته فيها.
ذاكراً أن المناضل الفسيل كان من أوائل المطالبين بتشكيل لجنة شعبية من نخبة عقلاء اليمن للحوار واقناع المكونات بضرورة بناء دولة ديمقراطية تجنبنا التورط في الحروب.. مشيراً أن كان وما زال يسعى إلى جمع فئات الشعب لايجاد مشروع متكامل لحلول وطنية ويتنبى مشروع للمصالحة ببعدها الاجتماعي والسياسي والزمني مع تطورات الأحداث..
وأكد محمد منصور أن المناضل الفسيل سيظل علماً شامخاً من أعلام اليمن.
إلى ذلك قدمت الدكتورة صفاء لطف عروة ورقة بعنوان: “موقف الجامعة العربية من ثورة 1948م”.. تساءلت في مقدمتها: هل قامت الجامعة العربية بالدور الذي ينبغي أن تقوم به تجاه القضية اليمنية؟ وهل ساعدت الأحرار في تحقيق مطالبهم والتعاون معهم لايجاد حل لمشكلتهم وتجنيب اليمن من أي ثورة أو انقلاب مستقبلي؟ أم تجاهلت قضيتهم واستمرت في عدم التدخل في شؤون اليمن طبقاً لشروط انضمام اليمن من جانب الإمام يحيى للجامعة العربية؟ وأسئلة أخرى.
ثم قدمت خلفية عن حكم الإمام يحيى وما أتخذه من سياسات أدت إلى تخلف اليمن ومحاربته كل من دعا إلى الاصلاح.
وتحدثت الباحثة عروة عن أحرار اليمن والجامعة العربية. مشيرة إلى ما كان يأمله أعضاء الجمعية اليمنية في اهتمام الجامعة بالقضية اليمنية لايجاد حل لمعاناة الشعب اليمني. معتبرة أن دور الجامعة العربية اقتصر على تنظيم التعاون المشترك بين الحكومات العربية دون التمكن من التدخل أو تلبية مطالب زعماء الأحرار النعمان والزبيري واعضاء الجمعية اليمنية والشيخ الحكيمي حتى بعد انضمام سيف الحق إبراهيم ومراسلاته ومناشداته المتكررة لأمين الجامعة العربية.
وتطرقت إلى ثورة 1948م وإلى صياغة الميثاق المقدس وإرساله إلى عدن والقاهرة لطباعته والاحتفاظ به سراً وعدم نشره أو تداوله وصولاً إلى كشف المعارضة عن برنامجها المستقبلي بنشر الميثاق واسماء الوزراء واعضاء مجلس الشورى وكبار الموظفين في صحيفة (صوت اليمن) وجريدة (الاخوان المسلمين) التي نشرت حينها خبر وفاة الإمام يحيى.
وتطرقت الدكتورة صفاء إلى موقف الجامعة العربية من حكومة 48 واغتيال الإمام يحيى ووصول الوفد التمهيدي ونشاطه في صنعاء وظهور الإمام أحمد وطلب الوساطة العربية. كما تطرقت إلى وفد الجامعة الثاني وتأخير وصوله إلى اليمن ومناورات الإمام أحمد مع الجامعة.. وأشارت أيضاً إلى ابتعاث وفد دستوري إلى السعودية، ومذكرة الوفد الدستوري إلى وفد الجامعة، وانقلاب الإمام أحمد على التحكيم.. وصولاً إلى موقف الجامعة العربية والملوك العرب، ومن ثم فشل الثورة وتحميل الإمام الدستوري الجامعة العربية المسؤولية، وكذا تقديم مقترح اخواني إلى الجامعة، وانتهاءً بانتهاء مهمة وفد الجامعة.
واختتمت ورقتها بالإشارة إلى وصف عبدالرحمن عزام أمين الجامعة العربية لدور الجامعة الذي تحدث عن دور الجامعة في بذل وساطتها بين طرفي الصراع، وارسالها وفداً ممثلاً للجامعة لايقاف نزيف الدم وأسفها الشديد لاغتيال الإمام يحيى الذي كان له دور كبير في استقلال اليمن والمحافظة على سيادتها.
(إضغط هنا للاطلاع على نص ورقة الدكتورة صفاء لطف عروة)
واختتمت الأوراق المشاركة بورقة للطفي فؤاد نعمان بعنوان: “قراءة جديدة لتفاصيل قديمة”.. أشار فيها إلى أن الافتراضات لا تغير ولا تبدل شيئاً في الوقائع الثابتة.. مطالباً المضي في خط الفهم الموضوعي بقراءة جديدة لتفاصيل حدث من أكثر الأحداث اليمن جدلاً.
وأشار لطفي نعمان في ورقته إلى الدعوات الإصلاحية المقدمة من محيط العرش مروراً بتحالفات النخبة والدور الخارجي ووصولاً إلى فكرة اغتيال الإمام يحيى.. واصفاً الإمام يحيى والإمام عبدالله الوزير بالإمامين الصريعين وصولاً إلى ما اسماه أماماً مصارعاً.. وتحدث عن وصف العهود لبعضها.
وذكر نعمان في ما اسماه استخلاصات أن هذا الحدث التاريخي المتمثل في ثورة 17 فبراير 1948م الدستورية الذي استهدف تغيير الحكم الفردي والارتقاء من دون شك إلى مرحلة الحكم بالدستور انتهى بابتدائه العنف بكل يقين إلى تمهيد الإطاحة العنيفة بالدستور.
(إضغط هنا للاطلاع على نص ورقة الأستاذ لطفي فؤاد نعمان)