كتابات فكرية

يوميات البحث عن الحرية .. شرعية الحوار بداية الحل لمن يريد السلام !

يوميات البحث عن الحرية .. شرعية الحوار بداية الحل لمن يريد السلام !

  • عبد العزيز البغدادي

الاثنين 29 ديسمبر 2025-

كثيرٌ من المحللين السياسيين اليمنيين في الشمال والجنوب سواء من خلال كتاباتهم او تصريحاتهم المبثوثه عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام المختلفة مشغولون منذ بداية أوقح تدخل سعودي في الشأن اليمني عبر تأريخ العلاقات بين اليمن التي لم يسعفها تأريخها الحضاري العريق مع جارتها السعودية حديثة النشأة التي دعمتها بريطانيا لتكون توأم اسرائيل في التوحش وانتهاك حقوق الانسان وسيادة الدول المجاورة ، ولهذا فإن لها مشاكل حدودية مع جميع جيرانها وفي مقدمتهم اليمن لأن ما نهبته السعودية أكثر من نصف أراضي اليمن التاريخية، حيث لم يكن يوجد  في الجزيرة العربية قديما دولة رئيسية بحجم قوة ومكانة اليمن وهذا ما دونه جيرانها المؤرخون اليونان والرومان والفرس .

لم يسعفها هذا الكيان الحضاري في المحافظة على حقها المشروع في السيادة والكرامة في عالم اليوم القائم على النفاق ولغة المصالح المتوحشة بصورة تفوق ما عاشه الاولون في ظل شريعة الغاب وبفضل بعض المحسوبين من أبناء اليمن!

 المحللون السياسيون المحسوبون من ابناء السعيدة مشغولون في متابعتهم لمسرحية الخلاف السعودي الإماراتي المزعوم بتحليل السيناريوهات التي أعداه للعبث بأمن اليمن واستقراره وخلق الفوضى والانقسام ودعمه!.

 هؤلاء المحللون مشغولون بتوصيف ما تقوم به السعودية والامارات ليس استنكارا للعبث الذي تمارسانه في الساحة اليمنية شمالا وجنوبا شرقا وغربا وما نشرته وتنشره في الشواطئ والجزر اليمنية بالشراكة مع الكيان الصهيوني  من قواعد ترفع رايات عرب السعودية والامارات ورايات الانفصال وما تقومان به من ترتيبات تستهدف صميم الوحدة اليمنية خلاف ما تطلقه من تصريحات وبالذات السعودية بانها مع وحدة اليمن واستقلاله وسيادته، اما الامارات فهي تتحدث بكل جرأة وبخاصة بعد التحركات الاخيرة لذراعها الانتقالي في حضرموت والمهرة عن دعمها للانفصال لان الوحدة بنظرها تهدد مصالحها وبالمناسبة فان اسمها الامارات العربية المتحدة نشأت هي الأخرى فوق صحراء عمان !.

وتحتفل المملكة العربية السعودية كل عام بمناسبة تكوين وتوحيد اجزاء من اليمن وعمان والعراق وكل دول الجزيرة العربية بدعم بريطانيا العظمى تحت اسم : ( المملكة العربية السعودية ) ؛

اي انهما يحتفلا بتغيير هوية ابناء الجزيرة العربية باسم اسرة ال سعود ويعتبرون ذلك يوما وطنياً أي يتحول العام الى خاص من خلال هذا المسمى الوطني بكل بساطة وأريحية!.

والمشكلة لا تكمن هنا فأي دولة لها مصالح تعبر عنها سواء كانت نشأتها طبيعية غير عدوانية تحافظ على هوية المجتمع الذي نشأت فيه، أو عدوانية نشأت اعتمادا على الابادة الجماعية للسكان الاصليين كالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، او الابادة لجزء من السكان و اخضاع من تبقى بالقوة كالمملكة السعودية !.

جميع الدول من حقها أن تحافظ على مصالحها المشروعة والامم المتحدة يفترض أنها هيئة دولية نشأت بتوافق دول العالم للمحافظة على المصالح المشروعة وهي جوهر ما تقوم عليه العلاقات الدولية السوية.

وقد بات واضحاً أن السعودية والامارات تقوم بما تقوم به في اليمن بدعم إسرائيل وبريطانيا وهي ذاتها التي دعمت احتلال إسرائيل لفلسطين، وأمريكا التي نشأت فوق رفات مئات من ملايين البشر الذين أبادتهم بكل أريحية، وها هي اليوم الوصي على العالم في الدفاع عن حقوق الانسان !.

 إن اللوم لا يقع على السعودية والامارات عما تفعله باليمن، ولكن الخزي والعار على مرتكبي جريمة التفريط بسيادة وطنهم وتقديمها قربانا للمتوحشين من الجيران وغيرهم فارتمائهم في أحضان السعودية والامارات فتح شهيتهما لنهش الجسد اليمني.

لقد عزز انقسام اليمنيين هذا الدور البشع للسعودية والامارات، وهو انقسام مخطط له وممول من هاتين الدولتين اللتين تحملا صفة العروبة سرا قبل عدوان 2015 ثم علنا وبشكل وقح وبمساعدة الدول التي أدرجت أسماؤها ضمن قائمة ما أعلن عنه باسم التحالف العربي وأحيانا الدولي لدعم ما أطلقت عليه الشرعية وما تزالا متمسكتان بهذه البيضة الذهبية، وما ولدته من ميليشيات بسطت سيطرتها على أرجاء اليمن جنوبا وشمالا!.

والحقيقة كما كررنا ونكرر أنه لا شرعية لأي سلطة تبسط سيطرتها على اي مساحة من الوطن اليمني بالقوة فهذا يسمى غصب للسلطة يتبعه جرائم لابد ان تخضع للمسائلة والعقاب وهذا مبدأ معروف في القانون الدولي!.

هناك حالة واحدة يمكن لأي سلطة امر واقع بواسطتها الخروج من مأزق سيطرتها اللاشرعية على اي مساحة من الوطن وذلك بان تعمل على ترتيب الاوضاع وتقديم الخدمات الضرورية للمواطن وفتح باب الحوار مع بقية الاطراف اليمنية المتصارعة والممولة ممن لا تهمهم مصلحة اليمن واليمنيين وكذلك مع غيرها من الاطراف التي لم تشارك بسرعة وهم الاغلبية.

 ويجب ان يكون هدف الحوار الاساس التوافق على سلطة انتقالية مؤقتة لا تزيد مدتها عن ستة أشهر تكون مهمتها اجراء انتخابات ديمقراطية تسلم اليها السلطة.

وفيما يتعلق بمصير الدولة الموحدة لابد ان يستمر الحوار بين الاحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني للوصول الى الخيار الامثل.

مع العلم ان خيار الوحدة وفقا للفكر السياسي الحديث يعزز من مكانة وأهمية قوة الوحدة في اي بلد لأن التكتل مع الاستفادة من التعدد والتنوع يخلق فرص أكثر لحركة الاستثمار وفرص الدفاع المشترك الذي يصد أي عدوان.

 وحق الدفاع هو الصورة الوحيدة المشروعة التي يحق للدول فيها استخدام القوة او لإنفاذ القانون في الحدود الدستورية والقانونية.

لقد كانت الوحدة السلمية اليمنية التي تمت في 1990 هي الخيار الافضل والارقى والاجدر بالبقاء والتطور.

ومن المؤسف ان حرب 1994 قد قضت على الوحدة السلمية التي تمت تحت الشعار الذي رفعه راس النظام في هذه الحرب القذرة التي سميت : ( حرب تعميد الوحدة بالدم) شعار خاطئ ومستفز لان الوحدة لا تعمد بالدم بل بالحب والحوار ولغة المصالح الوطنية المشتركة.

لقد احدثت تلك الحرب جرحا عميقا في وجدان وضمائر ابناء الجنوب وهم اساس الوحدة يشاركهم كل احرار اليمن !.

وقد بات واضحا ان خيار الوحدة الاندماجية خيارا فوضويا سبّبَ الكثير من الازمات.

 وقد عبرت عن ذلك كتابة في حينه في عدد من الصحف منها الايام والثوري والوحدوي والنداء والمستقبل وغيرها، وفي الكثير من اللقاءات التي شاركت فيها ضمن الامانة العامة والمجلس التنفيذي لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين المنظمة المدنية الوحيدة التي نشأت موحدة والى جانبها بعض التكوينات الممثلة للطلاب او للبعثات الطلابية في الخارج منها: رابطة طلاب اليمن شمالا وجنوبا في جمهورية مصر العربية واتحاد طلاب اليمن في سوريا،

كانت هذه قناعتي قبل الوحدة وبعدها وبعد الحرب والى اليوم.

ومن المعلوم ان الاخوة في جنوب الوطن وبلا مبالغة او مزايدة هم من يرجع اليهم الجزء الاكبر من الفضل في تحويل الوحدة اليمنية من اطارها النظري الى هدف عملي لكل اليمنيين حيث كانت مدينة عدن المدنية بحق عاصمة الوحدة ومركز تأسيس حركات الاحرار اليمنيين والجمعيات والاتحادات والتحركات المناهضة للاستعمار البريطاني في الجنوب والاستبداد للإمامي الملكي المتخلف في الشمال.

وما يؤكد ان مسؤولية الدخول الى الوحدة الاندماجية في اي مرحلة من المراحل والمقرونة بتهييج الجماهير واستغلال عواطفهم يحمل ابناء الجنوب جزء كبير من هذه المسؤولية عما الت اليه انقلاب المشاعر نحو الوحدة الى مشاعر سلبية يستغلها اليوم اعداء الوحدة في الداخل والخارج!

هذا ليس من باب المساواة بين الضحية والجلاد وانما للاشارة الى ان العاطفة والجهل هما الد اعداء الوحدة

 واي خيار لا توضع الخطط اللازمة لحمايته يتحمل من أقدم عليه مسؤوليته ولهذا يجب على إخوتنا في الجنوب تحمل جزء من مسؤولية التفكير بروية لافساح المجال لحوار واع وجاد في سبيل بحث كيفية الخروج من المأزق الذي يعيشه كل الوطن اليمني اليوم!.

المخجل والمخزي والمحزن ان السعودية والامارات صارتا اللاعب الوحيد داخل الساحة اليمنية التي تحولت بالفعل الى ملعب سخيف وغير نظيف لهؤلاء اللاعبين الملعوب بهم في ظل غياب من يفترض انهم اصحاب الحق في تمثيل اليمن بدلا عن التمثيل به!.

هناك من يقول بكل بساطة وسذاجة ان السعودية قلقة مما يجري في حضرموت والمهر ة من تحركات الانتقالي بدعم الامارات وانها اي السعودية تتعامل مع الملف اليمني كملف سعودي ولذلك فمن حقها أن تقلق على مصالحها ومن هؤلاء من يذهب لا بعد من هذا فيعلِّم السعودية ان مصلحتها تقتضي التحرك لوضع حد لما يقوم به الانتقالي، هكذا يقولون ويرددون وبلا حياء!.

ولكن جبال اليمن وناسها الطيبون الاباة يردون عليهم بشموخ لا يراه هؤلاء:

ايها العباقرة: عليكم ان تدركوا ان كنتم يمنيين بالفعل ويهمكم امر وطنكم أن تتحسسوا موضع ضمائركم حيث تضعون رؤوسكم تحت أقدام الغزاة من البدو الرحل الذين يمتطونكم بكل اريحية! ؛

وهل يعقل أن نطلب منكم وأنتم في هذا الحال أن تعيدوا الملف اليمني الى وضعه الطبيعي وهو أن يكون يمنيا بعد أن صار بدوياً سعودياً بفضلكم ياعشاق العبودية!.

والسؤال الذي يطرح نفسه موجها الى من يخاف على مصلحة السعودية والإمارات: متى هددت اليمن مصلحة هاتين الدولتين العربيتين؟!.

إذا كنا نتحدث عن المصالح المشروعة فاليمن حريصة دائما عليها ليس فقط في علاقتها مع الجوار وإنما مع كل العالم.

مارثون (سباق) السعودية والامارات في الساحة اليمنية على المصالح غير المشروعة أتاحه لهم بعض رخاص القوم لدرجة أن هاتين الدولتين تشعران بالقلق لفرط كل هذا الانبطاح لأنهما يدركا أن من يتعاملا معهم لا يمثلون اليمن، وليس لهم أي قدر مهما كانت ضآلته من الشرعية!.

 المصالح المشروعة تقوى من خلال علاقة تقوم على الاحترام المتبادل المبدأ الذي أكده ميثاق الأمم المتحدة، و حسن الجوار  وحق جميع الدول في السيادة وعدم جواز تدخل اي دولة في شئون الدول الأخرى  !.

على اليمنيين ان يتحاوروا بهدف معرفة أين تكمن مصلحة اليمن، أما السعودية والامارات فلها امريكا وإسرائيل تحميها فاطمئنوا!.

بالمصالح المشروعة وباحترام المبادئ التي تضمنها ميثاق الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية يمكن تحقيق الأمن والسلام الدوليين لكل العالم .

أما استخدام القوة من أي طرف محلي أو إقليمي أو دولي بغرض فرض مصالح أو وقائع على الارض فلا يؤدي سوى إلى مزيد من الصراع والتوتر والقلاقل والعنف والإرهاب.

ومن ما تردده بعض الابواق أن حل مشكلة اليمن بيد السعودية والامارات ومن يديرهما ويقصدوا بريطانيا وأمريكا وإسرائيل ؛

 والسؤال الذي يطرح نفسه ويطرحه كل مهتم هو:

وهل يعقل أن ننتظر الحل ممن هو مصدر رئيس للمشكلة؟!!.

الله ملؤ الكون فانتبهوا

والشعب في أنحائه يقفُ

اقرأ أيضا: الوظيفة العامة في ميزان القيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى