هل فعلا البقاء للأقوى؟

هل فعلا البقاء للأقوى؟
- أمين الجبر
الخميس 13 نوفمبر 2025-
تُعلمنا فلسفة التاريخ أن جدلية البقاء ومغالبة الوجود ليست مجرد صراع عابر بل هي جوهر الحياة ذاتها، حيث تحكم المسلمات التطورية وبنود الانتخاب الطبيعي التي تصوغ قانون البقاء للأقوى، للأصلح، للأنجح، للأكثر ذكاءً. غير أن النزوع نحو التسلط والاحتكار ليست مجرد ظاهرة بيولوجية فحسب، بل هي خصيصة اجتماعية بالغة الفريدة، مختومة في جوهر الإنسان، لم تستطع القيم أو الأخلاق – بل حتى الأديان – استئصالها بشكل قاطع، سوى بانتقائية نادرة وظرفية.
برغم ما نظمته النصوص الدينية والقوانين المدنية، وكذلك بنود العقد الاجتماعي التي تأسست على مبادئ العدالة والمساواة والكفاءة، وظفت لتنظيم التعايش في التنوع والتثاقف، إلا أن تعاقب القيم النظرية باقٍ في سياق المثالية الطوباوية للمدينة الفاضلة وفكرة الخلاص المهدوي. أما على أرض الواقع العربي، فإن منطق القوة والنفوذ وشهوة السيطرة والاحتكار يظل الجوهر السائد، مؤطرًا بثقافة سياسية متصلبة، ما زالت تحكمها عصبيات قديمة لا تقبل التغيير.
وهكذا، يبقى قراءة الواقع بحياد وواقعية حتمية، مع الأخذ في الاعتبار أن النصوص والشعارات، مهما علا صداها، لا بد أن تبقى ضمن سياق نسبيّ يتخطى التمني والادعاء، لتثبت أن حركة التاريخ في هذه المجتمعات مأزومة بدورية ابن خلدون، حيث لا تزال العصبويات تسيطر على الوعي الجمعي، ويظل التداول والتدافع قيد وجودها، مع بقاء استحالة تحقق المشروع المثالي، وهو نداء عبثي في ظاهرة النمطية التاريخية.
اقرأ أيضا: جبران يدعوكم لما يحييكم




