الأدلجة القسرية

الأدلجة القسرية
- أمين الجبر
الثلاثاء12أغسطس2025_
عندما يُخضَع الإنسان لأدلجة قسرية أو خطاب وعظي إلزامي، يُقدَّم له بسطحيةٍ تحريضية، فإنّ ردّ فعله الطبيعي يكون اللامبالاة، بل والتّعامل مع مضامين ذلك الخطاب بازدراءٍ، لا لأنّه يتجاوز مستواه الفكري أو يُهينُ ثقافته فحسب، بل لأنّه يعجز عن تلبيّة حاجاته الذهنية أو التّوافق مع توجّهاته. وهذا السّلوك — في التحليل السيكولوجي — يُعدُّ شكلاً من الخداع اللاواعي، أو التّقية بمقياس الدّين، خاصةً إذا كانت الأدلجةُ وسيلةً وظيفيةً للترقّي في السُّلّم الاجتماعي أو السياسي.
وإذا أدرك الإنسانُ أنَّ هذه الجرعات التلقينية تتصادم مع مُعتقداته وتناقض يقينياته، يتحوّل ردُّه من اللامبالاة إلى العدائية والاستهجان، ليس فقط لأنّها تُناقض قناعاته، بل لأنّها — بصبغتها التعصّبية — تُهين كرامته، وبأوهامها تصادر حريته، وبانحيازها تنفي إنسانيته. هنا، يُنتج الإكراهُ نتائجَ عكسيةً غير مُدرَكة، تُفاقم التمردَ الخفيّ وتُعمّق الشرخَ بين الفرد والمؤسسة.
من هذا المُنطلق، تُصبح المسؤوليةُ الأخلاقية للتوعية والتربية الطوعية واضحةً: فالحكمةُ لا تكمن في صهر البشر في قالبٍ فكريٍّ واحد، ولا الإيمانُ في حشرهم في نمطٍ مذهبيٍّ ضيّق. فالإنسان — بحكم تنوّع ثقافاته وتعدّد رؤاه — لا يُمكن اختزاله إلى بُعدٍ أحادي، ولا يُقْهَرُ على اعتناقِ ما يُناقضُ كينونته.
اقرأ أيضا:الاحتلال الصهيوني يقتل شهود الحقيقة
