أشرف شنيف يكتب عن طوفان الأقصى وقلب الطاولة على رؤية الشرق الأوسط
أشرف شنيف يكتب عن طوفان الأقصى وقلب الطاولة على رؤية الشرق الأوسط
طوفان الأقصى يقلب الطاولة على رؤية “الشرق الأوسط الجديد” الصهيونية، وتحريك الجبهات الداخلية في المنطقة، والسيناريوهات المتوقعة
بقلم: أشرف شنيف
لقد كان لطوفان الأقصى الأثر الأكبر والأبرز في قلب طاولة صفقة القرن التي أتى بها ترامب، والتي عاد من أجلها عقب تمكنه من العودة إلى البيت الأبيض. وتلك الصفقة كانت تعتبر خطة إستراتيجية ضمن رؤية الصهيونية للشرق الأوسط الجديد، التي تم إعدادها منذ عقود. إن طوفان الأقصى أعاد الصهيونية في الشرق الأوسط سنواتٍ للوراء، وليس كما ادعى نتنياهو بأنه أعاد حزب الله عقودًا. بل إن حزب الله وحماس وجبهة المقاومة أثبتت تماسكًا كبيرًا وعظيمًا أمام تحالف الصهيونية في الشرق الأوسط والعالم، والذي تلقى ضربات قاضية في الرأي العام العالمي، ولهذا سبق وذكرت إنه قلب الطاولة. وتلك الضربة أدت إلى رد فعل وحشي وهمجي، وفقدت إسرائيل سيطرتها، وضربت غزة ولبنان بصورة أفقدتها ما بنته في عقود حول مظلوميتها وديمقراطيتها وقوتها وعدالة قضيتها في إقامة دولتها ضمن محيط متوحش ودكتاتوري وظالم… إلخ.
في نفس السياق، كان المخطط للشرق الأوسط الجديد هو أن نكون في تطبيع تام سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا مع إسرائيل، بل وتحالف وذوبان تحت قيادتها عبر عدة ملفات، منها على سبيل المثال لا الحصر: “ناتو عسكري عربي إسرائيلي”، “الربط البري العربي الإسرائيلي عبر سكة حديد”، “مدينة نيوم السعودية الإسرائيلية”، “تحالف الشرق الأوسط للغاز”، ولا ننسى “صفقة القرن”.
من جهة أخرى، إن ما يحدث في سوريا من تحريك أدوات الصهيونية للميليشيات المسلحة “المتأسلمة للصهيونية”، مثل داعش والنصرة، هو عودة الخطط الصهيونية للشرق الأوسط الجديد إلى مربع 2011، لأن الأنظمة العربية الصهيونية عجزت عن نصرة إسرائيل بصورة علنية بسبب الرأي العام الشعبي والعالمي الذي انقلب 180 درجة ضد إسرائيل “الحليفة”. بل إن ذلك الرأي العالمي والشعبي أثر على أمريكا “شريكة إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية”، وعجزت تلك الدول الحليفة لإسرائيل عبر تحالفها العسكري “ناتو الشرق الأوسط”. بل إن أمريكا تخجل في ذكر دعمها العسكري لها، وفشلت في تكوين تحالف دولي ضد اليمن في البحر الأحمر. والدعم العسكري الاستخباراتي الذي يقدم لإسرائيل يتم في الخفاء من تلك الدول.
في الأخير، إن ما نشاهده في سوريا ليس مجرد خطوات عابرة، بل هي مؤشرات لتحركات صهيونية عبر أدواتها في الشرق الأوسط. وعقب إعلان “الوقف المؤقت لإطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني”، سيتم الاعتماد على تلك الجماعات المسلحة ضمن شعارات “محاربة التدخل الإيراني”، “عودة اللاجئين إلى دولهم”، “إعادة الشرعية”، “وقف الإرهاب في البحر الأحمر”، “إعادة الديمقراطية”… إلخ. وكل تلك الشعارات الرنانة تثبت عودة الصهيونية في الشرق الأوسط عقودًا للوراء. وسنجد تحريضًا إعلاميًا “صهيوعربيًا” ضد محور المقاومة، وسيتم ضرب حزب الله وأنصار الله عبر الداخل تحت المسميات التي ذكرتها. وسيتم محاولة إغراق حزب الله في جبهة سوريا، وسيتم استهداف القاعدة الروسية في سوريا لإخراجها من الشرق الأوسط الجديد، وسيتم استنزافها في تلك الجبهة، لتصل الصهيونية في الأخير إلى المربع الذي وصلت له قبل طوفان الأقصى، والذي سبق ذكره آنفًا في المقال نحو “شرق أوسط جديد”، وذلك سيمتد إلى سنوات، وسيكون دور ترامب وكوشنر تسريع تلك الخطوات قدر المستطاع.
اقرأ أيضا :قادري أحمد حيدر يكتب عن الاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1967م، وتحدياته