تحسين الخدمات الصحية والحد من الأخطاء الطبية
تحسين الخدمات الصحية والحد من الأخطاء الطبية
- عبدالرحمن علي الزبيب
(حماية حقوق المرضى و النهوض بالمهن الطبية و تنظيم ومراقبة أداء مزاولي المهنة)
ما ورد أعلاه هي نص المادة (3 ) من قانون المجلس الطبي رقم (28) لسنة 2000م والذي أوضحت أهداف المجلس .
لو تم السعي من المجلس الطبي لتحقيق تلك الأهداف لتراجعت إعداد الأخطاء الطبية وتحسن أداء القطاع الصحي في خدمة المواطن الذي للأسف الشديد تتزايد الأخطاء الطبية وتراجع أداء القطاع الصحي بشكل خطير جداً بسبب ضعف أداء المجلس الطبي وتحوله من مجلس يحمي حقوق المرضى إلى مجلس يحمي مهنة الطب والأطباء بتقييم بسيط لأداء المجلس الطبي نلاحظ مخالفته لقانون لمعظم نصوص قانون إنشاؤه وانتهاء شرعيته القانونية وتحول رئيس وأعضاء المجلس الطبي إلى منتحلين لتلك المراكز بالمخالفة للقانون الاختلالات التي يعاني منها المجلس الطبي صنعت ثغرات كبيرة في القطاع الصحي في اليمن وتراكمت بسببها الأخطاء والاختلالات وعجز المجلس عن تحقيق أهداف إنشاؤه وفشل في ممارسه مهامه القانونية الذي لو قام بتنفيذها لتراجعت الأخطاء الطبية بشكل كبير وتحسنت خدمات القطاع الصحي في عموم اليمن ولتوضيح اختلالات المجلس الطبي ومقترحات معالجتها نوجزها في النقاط التالية:
1- قانون المجلس الطبي دون مجلس:
قانون المجلس الطبي منذ تاريخ صدوره عام 2000م لم يطبق ولم يتم إنشاء المجلس إلا في عام 2009م وهذا مؤشر خطير على ممانعة ومقاومة منتسبي القطاع الصحي للخضوع للرقابة والمحاسبة من المجلس الطبي كون قانون المجلس الطبي تضمن صلاحيات واسعة للمجلس ستؤثر إيجابا على المجتمع ولكنها في نفس الوقت ستؤثر سلبا على منتسبي القطاع الصحي لذلك أعيق تشكيل المجلس لتسع سنوات .
2- قانون المجلس الطبي دون تنفيذ وبلا لائحة تنفيذيه له :
رغم أن قانون المجلس الطبي أحال معظم مواده لتنفيذها عبر اللائحة التنفيذية للقانون وأهمها إجراءات التحقيق في الشكاوى في الأخطاء الطبية الذي تم إعاقة إصدارها منذ عام 2000م وحتى الآن، بمعنى قانون دون تنفيذ ودون لائحة تنفيذية للقانون رغم أن اللائحة كانت جاهزة فور صدور القانون ولكن تم إعاقة وعرقلة إصدارها ليستمر القطاع الصحي في اليمن منشآت استثمارية تستثمر أمراض الشعب وتستفيد دون رقابة ودون مسائلة فعلية على ارض الواقع.
3- غياب النصوص القانونية بمجانية الخدمات الصحية من قانون المجلس الطبي وبالمخالفة للدستور اليمني :
بالرغم من أن الخدمات الصحية وفقا للدستور اليمني خدمات مجانية وليست مشاريع استثمارية حيث نصت المــادة(55) من الدستور اليمني على :
( الرعاية الصحية حق لجميع المواطنين وتكفل الدولة هذا الحق بإنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية والتوسع فيها وينظم القانون مهنة الطب والتوسع في الخدمات الصحية المجانية ونشر الوعي الصحي بين المواطنين .)
إلا أن قانون المجلس الطبي خلى من أي إشارة أو نص قانوني على ذلك بالرغم من الدستور هو أعلى من القانون ويستلزم على القانون أن يستوعب المبادئ العامة الذي ترد في الدستور ولكن ما حصل في قانون المجلس الطبي أنه خالي من أي نص أو إشارة لذلك المبدأ العام بمجانية الخدمات الصحية .
ولم يأتي النص الدستوري بمجانية الخدمات الصحية من فراغ بل لخطورة وأهمية الخدمات الصحية في المجتمع كون الخدمات الصحية وفقا للدستور اليمني ركن مهم وأساسي لبناء المجتمع حيث نصت المــادة(32) من الدستور على :
( التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية أركان أساسية لبناء المجتمع وتقدمه يسهم المجتمع مع الدولة في توفيرها .)
وحمل الدستور مسؤولية توفير الخدمات الصحية على الدولة ويساهم المجتمع فيها .
ما يحصل في الواقع أن الخدمات الصحية إجمالا من الفحوصات والتشخيص والعمليات الجراحية والرعاية الصحية والأدوية وكافة الخدمات الصحية أصبحت استثمارية وايرادية سواء في المرافق الصحية الحكومية التي ارتفعت أسعار خدماتها بشكل جنوني أو في مستشفيات القطاع الخاص الذي ارتفعت بشكل مبالغ فيها كافة خدماتها الصحية وكذلك الأدوية الذي أصبحت سوق تجاري كبير بأرباح مضاعفة وبالمخالفة للدستور اليمني الذي نص على مجانية كافة الخدمات الصحية وهنا نضع تساؤل هام جدا لوزارة الصحة وقيادة الدولة وهو لماذا لم يلتزم القطاع الصحي في اليمن بنصوص الدستور الذي ينص على مجانية الخدمات الصحية؟ و ما الذي يعطل تفعيل هذا النص الدستوري؟
نأمل الإجابة عليه وبداية تلك الإجابة بوجوبيه تعديل قانون المجلس الطبي لينص على مجانية كافة الخدمات الصحية تنفيذا للدستور وخضوعا له.
4- عدم مشروعية قيادة وأعضاء المجلس الطبي الحالي
ينص قانون المجلس الطبي في المادة (6) : الفقرة أ – على :
( مدة العضوية في المجلس أربع سنوات .)
وبمتابعة عمر قيادة المجلس الطبي الحالي منذ تعيينهم هي خمس سنوات بمعنى أنهم تجاوزوا المدة القانونية لهم المحددة فقط بأربع سنوات لذلك فإن قيادة المجلس الطبي الحالي لا تمتلك المشروعية القانونية لانتهاء فترة عملهم وفقا للقانون ويستلزم سرعة إصدار قرار جمهوري بتعيين مجلس إدارة جديد للمجلس الطبي لتلافي عدم مشروعيته وتعريض قراراته وإجراءاته للطعن لعدم شرعية قيادته.
5- رفض المجلس الطبي قبول شخصية عامه في المجلس الطبي وفقا للقانون
ينص قانون المجلس الطبي في المادة (4) : الفقرة أ – على :
( يشكل المجلس على النحو التالـي على أن يصدر به قرار جمهوري :
–7- شخصية عامة يختارها رئيس مجلس الوزراء)
ورغم وضوح النص القانوني ولكن منذ صدور القانون عام 2000م والمجلس الطبي يرفض قبول شخصية ممثلة للمجتمع في عضوية قيادة المجلس ليكون المجلس محصور فقط في الأطباء للدفاع عن زملائهم وعدم تمكين المجتمع من تمثيل لهم عبر عضو يتيم في قيادة المجلس وهذا يعتبر مخالفة للقانون يضع ألف علامة استفهام في هذا التصرف الخاطئ في رفض عضوية شخصية عامة في قيادة المجلس الطبي كممثل للمجتمع والذي كان يفترض أن يكون على الأقل نصف أعضاء المجلس الطبي ممثلين للمجتمع لا أن يتم منع ممثل المجتمع من عضوية المجلس الطبي وفقا للقانون
6- عدم تفرغ رئيس وأعضاء المجلس الطبي يعطل أعماله الهامة
رغم أهمية المجلس الطبي والصلاحيات الواسعة الذي يمتلكها ولكن للأسف الشديد فان قيادة المجلس غير متفرغة ومشغولة بإجراء العمليات الجراحية وإدارة المستشفيات وغيرها من الأعمال الذي يقومون بها للحصول منها على مبالغ كبيرة وعملهم في المجلس الطبي ليس سوى عمل ثانوي للبرستيج وللشهرة وليس للعمل والانجاز بالرغم من المهام العظيمة المختص بها المجلس لتحسين الخدمات الصحية لذلك عدم التفرغ لقيادة المجلس سبب رئيسي في ازدياد الأخطاء الطبية وتدهور الوضع الصحي في اليمن .
كون المهام الموكل بها المجلس الطبي وفقا للقانون كبيرة وهامه ويستلزم تفرغ قيادة المجلس لانجازها اذا وجدت الإرادة لتحقيق تحسين في الوضع الصحي وتخفيض حالات الأخطاء الطبية.
وهناك قصور قانوني في قانون المجلس الطبي الذي نص فقط على تفرغ أمين عام المجلس ولم ينص على تفرغ رئيس وأعضاء المجلس وهذا خطأ جسيم يستلزم تداركه لأنه غير منطقي ولا معقول.
وبمطالعة مهام واختصاصات المجلس الطبي نلاحظ أنها قائمة طويلة من الاختصاصات ثمانية عشر اختصاص هام جدا نصت عليها المادة (10) من قانون المجلس الطبي والتي نصت على :
( للمجلس في سبيل تحقيق أهداف هذا القانون ممارسة الاختصاصات التالية :
أ- العمل على متابعة ومراقبـة تنفيذ القوانين المرتبطة بالمهن الطبية واللوائح المنفذة لها .
ب- وضع شروط مزاولة المهنة للتخصصات المختلفة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة وبما لا يتعارض مع القوانين النافذة مع تقييم ذوي المهن الطبية .
ج- الإسهام في إعداد وإقرار مناهج التعليم الطبي الجامعي والعالي والمستمر وكذا إجراء التقييم الدوري لمزاولي المهنة .
د- وضع الشروط والمواصفات الأكاديمية والعلمية للكليات الطبية الخاصة وذلك بالتنسيق مع المجلس الأعلى للجامعات .
ه- تحديد المؤهلات والخبرات اللازمة للحصول على الشهادات التخصصية والاستشارية لمزاولي المهنة .
و- إجراء تقييم مستوى خريجي ذوي المهن من الجامعات الطبية المختلفة .
ز- معادلة المؤهلات العلمية لخريجي الجامعات الطبية الحكومية والأجنبية والأهلية وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة .
ح- وضع الشروط والمواصفات لاعتماد المستشفيات التعليمية والعامة كمراكز لتدريب طلاب ذوي المهنة من دراسات جامعية وعليا ولا يعتمد التدريب في أي منشأة طبية إلا إذا اعتمدت لهذا الغرض ومنحت تراخيص التدريب من قبل المجلس .
ط- يتولى المجلس التسجيل وإصدار التراخيص لمزاولة المهنة على أن يتم البت في التسجيل وإصدار التراخيص خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب ، ويشترط أن يكون مسجلاً في سجلات النقابة .
ي- العمل على توفير فرص التعليم المستمر لمزاولي المهنة في كافة المستويات .
ك- وضع قواعد لآداب وسلوكيات المهنة بالتنسيق مع النقابة.
ل- تطوير المهنة وممارستها من خلال تشجيع البحوث والدراسات العلمية والدورات التنشيطية والندوات والنشرات التثقيفية .
م- وضع اللوائح الداخلية المنظمة لأعمال اللجان الخاصة المشكلة من قبل المجلس.
ن- فتح سجلات تتضمن الأسماء والمؤهلات وتراخيص مزاولة المهنة لمزاولي المهنة في الجمهورية بالتعاون مع الوزارة ومكاتب الشؤون الصحية بالمحافظات.
س- يحدد المجلس إجراءات إعادة القيد والتراخيص والمدة اللازمة لإعادة القيد .
ع- تشكيل اللجان العلمية والرقابية المتخصصة بما فيها لجنة التحقيق على أن تنظم اللوائح الداخلية للمجلس إجراءات سير أعمالها ، ويقدم المجلس التقارير الفنية التي يطلبها القضاء أو جهات التحقيق حول الأخطاء والمخالفات المهنية التي قد تحدث من مزاولي المهنة .
ف- التحقيق في الشكاوى والمخالفات المرفوعة إليه والبت فيها وتوقيع العقوبات الواردة في المادة (24) أو إحالتها إلى النيابة العامة إذا رأت لجنة التحقيق أن موضوع الشكوى يتعلق بجريمة من الجرائم التي تختص النيابة العامة برفع الدعوى فيها .
ص- ترشيح ممثل للمجلس في كل من مجالس كليات الطب )
وبمطالعة قائمة الـ 18 اختصاص للمجلس الطبي يستوجب تفريغ جميع قيادته وعدم قصور التفرغ للامين العام للمجلس كونها طويلة وهامه .
7- عدم التزام المجلس الطبي بالبت في الشكاوى خلال عشرة أيام وفقا للقانون
بالرغم من النص الواضح والصريح في قانون المجلس الطبي على وجوبية بت المجلس في الشكاوى المرفوعة اليه خلال عشرة أيام من تاريخ تقديم الشكوى ولكن ما يلاحظ انه للأسف الشديد تستمر الشكاوى لدى المجلس لأشهر طويلة دون بت وفي مخالفة واضحة للقانون وتعسف على المواطنين ضحايا الأخطاء الطبية حتى فقد المجلس ثقة المجتمع فيه وبعض قيادات المجلس تبرر أن النص القانوني غير منطقي وان المجلس يخالفه لأنه من غير المعقول البت في الشكاوى خلال عشرة أيام من تقديمها كون المستشفيات المشكو بها تماطل في رفع ملفات المرضى إلى المجلس الطبي وهذا مبرر خاطئ وكان يستوجب على المجلس إلزام جميع المستشفيات والمرافق الطبية الحكومية والخاصة بفتح ملفات في نظام الكتروني مربوط بالمجلس الطبي لجميع المرضى منذ دخولهم وحتى خروجهم وتحديث المعلومات أولا بأول وهذا يختصر الوقت للمجلس للبت في الشكاوى خلال ثلاثة أيام فقط وليس عشرة أيام وبالإمكان تنفيذ ذلك إذا وجدت الإرادة لتحقيق ذلك واحترام القانون .
8- اختلالات التعليم في المجال الطبي سبب رئيسي في انهيار القطاع الصحي
يعود سبب انهيار القطاع الصحي في اليمن وتراجعه المريع إلى اختلالات في التعليم في كليات الطب الحكومية والخاصة والتعامي عن الشروط القانونية لهم وأهمها وجوبية أن يكون للكلية مستشفى للتطبيق العملي للطلاب فيه عبر أطباء ودكاترة ماهرين للتعلم التطبيقي والذي تتهرب معظم كليات الطب الحكومية والخاصة عن توفير هذا الشرط وتكتفي في إنزال طلابها للتطبيق في المستشفيات الحكومية مقابل دفع مبالغ مالية لقيادة لتلك المستشفيات بالإضافة إلى وجود اختلالات وضعف في الكادر التدريسي في كليات الطب والمناهج الدراسية وهذا ينتج منه مخرجات ضعيفة يكثر منها الأخطاء الطبية .
والحل لكل ذلك في تفعيل المجلس الطبي الذي من ضمن اختصاصاته تطوير المناهج الدراسية والرقابة على المؤسسات التعليمية وتطويرها ولكن بسبب عدم تفرغ قيادة المجلس نلاحظ غياب في هذا الاختصاص الهام للمجلس ويستوجب تفريغ قيادة المجلس ليمارس مهامه واختصاصاته بما فيها تطوير المناهج والكادر التعليمي في كليات الطب ومراقبة توافر جميع الشروط القانونية المطلوبة فيها .
9- فساد في إيرادات المجلس الطبي وغياب الشفافية
يمتلك المجلس الطبي إيرادات كبيرة ولكن للأسف الشديد لايتم إعلانها ونشرها وهذا خلل ويعتبر فساد كما أن البعض يشكو من أن المجلس الطبي يستلم مبالغ مالية اكبر من المنصوص عليها في القانون ويستلزم التأكد من صحة هذه الشائعات وإلزام المجلس الطبي بتوضيح ذلك ووجوبية الالتزام بالقانون وعدم تجاوزه وإعلان إيرادات ونفقات المجلس الطبي سنويا وإتاحتها لمطالعة العامة في موقع المجلس الطبي على شبكة الانترنت مما يقلص الفساد والعبث بالأموال العامة.
وفي الأخير :
نؤكد على أهمية وخطورة عمل المجلس الطبي لما يمتلكه من صلاحيات واختصاصات هامه لو تم تفعيلها وتنفيذها لحد ذلك من الأخطاء الطبية ورفع مستوى الخدمات الصحية في اليمن الذي تشهد تراجع كبير بسبب عدم قيام المجلس الطبي بتنفيذ تلك الاختصاصات في الواقع .
ولا يمكن للمجلس الطبي أن يقوم بعمله ومهامه إلا بتفريغ جميع أعضائه عن أي أعمال أخرى ونأمل أن يتم النص على ذلك في القرار الجمهوري الذي نأمل أن يصدر قريبا بتعيين قيادة جديدة للمجلس الذي انتهت فترة صلاحيته وان يشمل ذلك عضوية شخصية عامه ممثلة للمجتمع في قيادة المجلس وفقا للقانون وكسر احتكار الأطباء في قيادة المجلس الطبي وتصحيح مسار المجلس الطبي كخادم للمجتمع لا محامي وحارس للأطباء وتبرير أخطائهم وان يحترم المجلس الطبي قانون إنشاؤه وعدم مخالفته وسرعة إصدار اللائحة التنفيذية لقانون المجلس الطبي بعد تطوير المسودة الأولية لها الذي تم تجهيزها عام 2010م ولم يتم إصدارها حتى اليوم.
ونؤكد بأن تفعيل المجلس الطبي سيحد من الأخطاء الطبية ويحسن الخدمات الصحية في اليمن.
بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب
إعلامي مستقل ومستشار قانوني
law711177723@yahoo.com
اقرأ أيضا للكاتب:جريمة انحياز القاضي وعقوبتها وفقا للقانون