المحامين اليمنيين أعوان للقضاء أم معيقين له .. التصحيح والمعالجة
المحامين اليمنيين أعوان للقضاء أم معيقين له .. التصحيح والمعالجة
بقلم/ عبدالرحمن علي الزبيب
(( أعوان القضاء هم المحامون والخبراء والكتاب والمحضرون والمترجمون . ))
ما ورد أعلاه هو نص المادة ( 121) من القانون رقم (1) لسنة 1991م بشأن السلطة القضائية وتعديلاته والذي يؤكد بأن المحامون أعوان للقضاء للقيام بدوره الهام في تحقيق العدالة الناجزة وتسريع وصول أصحاب الحقوق لحقوقهم في اقرب وقت ممكن وبإجراءات سريعة وناجزة بإنصاف المظلومين المنتهكة حقوقهم وأموالهم وأعراضهم ودماؤهم والذين يلجئون للقضاء للوصول لتلك الحقوق عبر مؤسسات العدالة وهي القضاء… والمحامون دورهم تسهيل وصول المظلومين لحقوقهم وفقا للقانون.
بعض المواطنين يطرح ويناقش بأن هناك اختلالات في واقع عمل بعض المحامين الذين يعيقون مسار العدالة ويعطلونه ويتعمدون تقديم دفوع وعرائض وإجراءات الهدف منها التطويل في إجراءات التقاضي والتدخل السلبي في بعض القضايا يتسبب ذلك في إفلات المجرمين من العقاب وإدانة الأبرياء وضياع الحقوق …
وهنا يجب أن لا نعمم ذلك على جميع المحامين وإذا وجد محامين يتسببون في تعطيل وإعاقة العدالة فالمختص بمحاسبتهم وتأديبهم هي نقابة المحامين عبر مجالس التأديب التابعة لها بإجراءات سريعة وعاجلة وصارمة دون تمييز ولا استثناء للحفاظ على مهنة المحاماة كـ عون للقضاء لتحقيق عدالة ناجزة لا معيقة لها … ونؤكد بأنه يوجد في المجتمع اليمني الكثير من النماذج الإيجابية للمحامين النزهاء الأكفاء الذي لا يغريهم المال للتلاعب بالقضايا الموكلين بها ولا ينحازوا عن طريق الحق والعدالة.
وهناك تعريفات متعددة للمحاماة ومنها :
(( مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في استظهار الحقائق لتحقيق العدل وتأكيد سيادة القانون..))
وبهذا التعريف للمحاماة وأيضا نظرة قانون السلطة القضائية للمحامي بأنهم أعوان للقضاء يؤكد أن المحاماة رسالة إنسانية حقوقية وليست فقط مهنة وأن المحامي شريك وعون للسلطة القضائية لتحقيق هدفها في تحقيق العدالة الناجزة وتمكين كل ذي حق من حقه بالقانون.
و بهذا نؤكد بأنه لا ينحصر عمل ومهام وواجبات المحامي في تمثيل موكله أمام القضاء والجهات الرسمية وغير الرسمية ولا تقديم العرائض والاستشارات القانونية فقط بل مهامه وواجباته أوسع من ذلك ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
1- تقديم العون القضائي والمساعدة القانونية المجانية للفقراء .
حيث يساهم المحامون في تقديم العون القضائي والمساعدة القانونية المجانية للفقراء وغير القادرين على دفع تكاليف المحاماة وان كان ذلك واجب ومسؤولية تكفلها الدولة وفقا لنص المــادة(49): من الدستور اليمني التي نصت على :
(( حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول في جميع مراحل التحقيق والدعوى وأمام جميع المحاكم وفقا لأحكام القانون وتكفل الدولة العون القضائي لغير القادرين وفقا للقانون .)).
ولكن هذا لا يعفي المحامين من واجبهم في تقديم العون القضائي والمساعدة القانونية المجانية للفقراء سواء بشكل فردي أو عبر مؤسسات المحاماة أو عبر نقابة المحامين.
ولا يمكن أن تتوقف جهود المحامين عن تقديم العون القضائي المجاني للفقراء بتوقف المخصصات المالية الذي كانت تخصصها الدولة في موازنتها العامة والذي توقفت بسبب ظروف الحرب الذي يمر بها وطننا الحبيب كتكاليف للعون القضائي المجاني والذي نأمل أن يتم تفعيل هذا الدور الإيجابي والهام الذي يحسن صورة المحامين في المجتمع باعتبار المحامي إنسان يقدم العون للفقراء دون الانتظار لدفع تكاليفه سواء من الدولة او من الفقراء غير القادرين على دفعها .
كون تقديم العون القضائي والمساعدة القانونية المجانية للفقراء هو هدف رئيسي من أهداف مهنة المحاماة وفقا لنص المادة (4) من القانون رقم (31) لسنة 1999م بشأن تنظيم مهنة المحاماة والتي نصت على انه من أهداف مهنة المحاماة :
(( 5- تقديم المساعدة القضائية لغير القادرين.))
وأكدت على ذلك نص المادة(83) من قانون المحاماة اليمني التي نصت على :
(( مع عدم الإخلال بحق المحاكم في انتداب وتكليف المحامين في الدفاع عن المتهمين في القضايا المتعلقة بالجرائم الجسيمة يجب على مجلس النقابة أو مجلس الفرع أن يكلف أحد المحامين في الدفاع عن المحتاجين من المعسرين والفقراء بعد موافقتهم في القضايا التي يكونوا طرفا فيها, ويحدد النظام الأساسي للنقابة تنظيم تقديم المعونة القضائية وحالاتها ونظام الانتداب فيها ))
تكرار النصوص في قانون المحاماة التي تؤكد مسؤولية المحامين ونقابة المحامين على تقديم العون القضائي والمساعدة القانونية المجانية للفقراء يؤكد على أهمية ذلك وأن المحاماة رسالة إنسانية وليست فقط مهنة ومصدر رزق.
وفي واقع المجتمع اليمني يبادر الكثير من المحامين لتقديم العون القضائي و المساعدة القانونية المجانية للفقراء غير القادرين على دفع تكاليف المحاماة ويعتبرون قضايا الفقراء أولوية لديهم عن جميع القضايا في مكاتبهم ومؤسساتهم يهتمون بها ويحضرون شخصيا لمتابعة إجراءات التحقيق والمحاكمة فيها دون إنابة محامين متدربين لديهم ولا يتوقفون في مرحلة من مراحل التقاضي بل يستمرون في تقديم العون القضائي والمساعدة القانونية المجانية حتى تنفيذ الأحكام وتسليم الحقوق المحكوم بها دون انتظار شكر أو جزاء مادي بل يرجون رضا الله وتوفيقه وكفا بالله وكيلا.
أجمل ابتسامة في الكون ابتسامة فقير استلم حقوقه بعد تقديم محامي عون قضائي مجاني له وأجمل عبارة من المحامي عندما يسلم له الفقير جزء من المحكوم له أتعاب المحاماة فيرفضها ويقول يكفينا دعواتكم هي أفضل من كنوز الأرض نحن هنا لا نتكلم عن المدينة الفاضلة لأفلاطون الخيالية بل نتكلم عن واقع النماذج الإيجابية من المحامين في اليمن الذي نأمل أن تتوسع تلك النماذج وأن يكون لوسائل الإعلام دور إيجابي لتحفيزهم وتحفيز نقابة المحامين اليمنيين للاستمرار في تقديم العون القضائي والمساعدة القانونية المجانية للفقراء ونؤكد بأن المحاماة رسالة إنسانية وليست فقط مهنة ومصدر رزق … وعون للقضاء لا معيقة له.
وان كنا نأمل أن يكون هناك تنسيق وتعاون إيجابي بين مؤسسات القضاء وبين نقابة المحامين للتعاون الإيجابي لضمان استمرارية العون القضائي والمساعدة القانونية المجانية الذي يقدمها المحامون للفقراء غير القادرين على دفع تكاليف المحاماة بأن يتم على الأقل طباعة ملفات القضايا ومحاضر جلسات المحاكمة على حساب مؤسسات القضاء في قضايا العون القضائي المجاني.
2- دراسة المحامون للقوانين من واقع عملهم ورفع مقترحات للجهات المختصة لتعديلها
حيث يساهم المحامون بشكل إيجابي وكبير في دراسة القوانين من واقع عملهم واستخلاص مقترحات تعديلات قانونية ورفعها للجهات المختصة لتضمين تلك المقترحات ضمن مشاريع تعديلات القوانين وإعداد تقارير قانونية بالأخطاء والاختلالات التي تتسبب في تطويل إجراءات التقاضي ورفعها للجهات المختصة مشفوعة بمقترحات الحلول والمعالجات لها.
وهذا يؤكد أنه بالفعل المحاماة رسالة العظماء ولكن ؟
لا ننكر أن هناك اختلالات وأخطاء يقع فيها بعض المحامين تحرف المحاماة عن مسارها كعون للعدالة الى معيق لها وتوافق أولئك المحامين مع موظفين وقضاة في مؤسسات العدالة لتعطيل عمل العدالة وتفشي تلك الظاهرة حتى أصبح هناك مثل شعبي يقول : (( ابحث عن محامي يعرف القاضي وليس محامي يعرف القانون ))
وهنا تقع مسؤولية تصحيح النظرة المجتمعية السلبية نحو مهنة المحاماة على عاتق نقابة المحامين عبر الإجراءات التالية :
1- تفعيل مجالس التأديب في النقابة العامة وفي فروعها
وفقا لما نص عليه قانون المحاماة الذي وضح مهام واختصاصات مجالس تأديب المحامين والبدء بإجراءات تأديب صارمة ضد كل محامي خالف القانون او عطل طريق العدالة بدفوع كيدية او عرائض أو إجراءات بالتجاوز او التقصير الهدف منها التطويل وأنهاك الطرف الآخر في القضية وكأن المحامي مقاول للقضية بخيرها وشرها وليس قاضي يدرس القضية ويتحقق من وقائعها ومضمونها وهل الموكل له صاحب حق أم لا وبعد دراسة الملف يرفع مقترحه للموكل بما يراه صحيحا ووفق الوثائق والأدلة في ملف القضية دون مجاملة ولا محاباة ولا ميلان فالحق واضح والباطل واضح ويجب أن يكون طريق جميع المحامين هو الحق فقط بعيدا عن الباطل فلا يبحث المحامي عن ثغرات في القانون او ملف القضية لإيصال موكله إلى الاستيلاء على حقوق الآخرين ودماؤهم وأعراضهم وإفلاتهم من العقاب وأي محامي يختار طريق الباطل يستلزم ردعه وإعادته إلى طريق الحق والعدالة بعيدا عن الظلم والباطل وأولياؤه… لأن استمرار المخالفين للقانون دون ضبط يشوه مهنه المحاماة في المجتمع ويرفع عدد الانتهاكات ضد المحامين بسبب ذلك ويحرفها عن رسالتها الإنسانية السامية وتغيب الحاضنة الشعبية للمحامين.
2-تزمين فترة عمل رؤساء و أعضاء مجالس تأديب المحامين.
لتفعيل مجالس تأديب المحامين يستلزم تزمين فترة عمل القضاة رؤساء مجالس التأديب في نقابة المحامين وكذلك أعضاء المجلس بحيث لا يزيد فترة عملهم عن عامين فقط لأن التغيير هام في كل شيء حتى الماء العذب الزلال إذا لم يتحرك ويتغير يتحول إلى مستنقع متعفن تأوي إليه الحشرات الضارة وكذلك مجالس التأديب للمحامين يستوجب تغييرهم بشكل كامل والتوافق على تزمين فترة عمل رؤساء وأعضاء مجالس التأديب في النقابة العامة للمحامين وفي فروعها بحيث لا تزيد فترتهم عن عامين فقط غير قابلة للتجديد .
وفي الأخير :
نؤكد على أن المحاماة رسالة إنسانية وليست فقط مهنة ومصدر رزق للمحامين والمحامون أعوان القضاء لا معيقين له وهذا هو الأصل في قانون المحاماة والسلطة القضائية وأيضا في واقع المحامين اليمنيين.
والذي يستوجب على نقابة المحامين سرعة المبادرة على تفعيل مجالس التأديب للمحامين وتغيير كافة مجالس التأديب في النقابة العامة والفروع وتزمين فترة عمل القضاة رؤساء مجالس التأديب وكافة أعضاء المجالس التأديبية الجدد بما لايزيد عن عامين فقط غير قابل للتجديد لتحريك دماء جديدة في تلك المجالس لتفعيلها وأحداث تغيير إيجابي في عملها والاهتمام بكافة الشكاوى المرفوعة ضد المحامين المخالفين للقانون وتحقيقها وسرعة اتخاذ إجراءات عاجلة لضبطهم كي لا يستمروا في تشويه سمعه مهنة المحاماة في المجتمع وتستعيد مهنة المحاماة صورتها الحقيقية كـ عون للعدالة لا معيق لها وتأكيد تلك الصورة بإجراءات إيجابية ومنها تفعيل خدمة العون القضائي والمساعدة القانونية المجانية للفقراء عبر نقابة المحامين او عبر المحامين شخصيا .
ونأمل أن نكون في هذا المقال والدراسة الموجزة قد أجبنا على سؤال الشعب اليمني :
المحامين اليمنيين أعوان القضاء أم معيقين له .. ووجوبية التصحيح والمعالجة
عبدالرحمن علي علي الزبيب
إعلامي مستقل ومستشار قانوني
law711177723@yahoo.com
اقرأ أيضا للكاتب:جريمة انحياز القاضي وعقوبتها وفقا للقانون