يوميات البحث عن الحرية .. في أهم متطلبات الوحدة الوطنية في الحرب والسلم!
يوميات البحث عن الحرية .. في أهم متطلبات الوحدة الوطنية في الحرب والسلم!
- عبد العزيز البغدادي
مفهوم الوحدة الوطنية تستوجب أول ما تستوجب ببساطة شديدة ضرورة التسليم بوجود التعددية السياسية إذ لا معنى للبحث عن الوحدة إذا لم يكن هناك تعددية محمية مجتمعياً.
هذا يعني على سبيل المثال أن لبنان وفلسطين واليمن، وكل بلد هو كل الأحزاب وكل المنظمات والفصائل وجميع الأديان والمذاهب والطوائف والفرق التي تؤمن بالمقاومة المسلحة أو حتى السلمية ولكل منها طرقه وفنونه وإذا لم يوجد أياً من هذا فعلى الأقل يوجد آراء مختلفة!. ولبنان كمثال خاص هو كل هذا التعدد المفعم بالحياة بتناقضاتها وتوافقاتها وما فيها من خير وشر، قبول ورفض حب وكراهية بعد وقرب واستعداد للحرب والسلام.
هذا اللبنان العجيب تكمن قوته ليس في ضعفه كما يرى البعض وإنما في أهمية وعيه بهذا التعدد المخالف لما يرى الإيديولوجيون الاقصائيون بمختلف توجهاتهم الدينية والفكرية وبالطبع الفرق واضح بين الانقسام المدمر وبين التعددية المحمية مجتمعياً التي تشكل مادة بناء الدول القوية !.
التعدد والقبول به سر القوة سواءٌ أدرك مستثمرو السياسة والدين والمتاجرون بالأوطان والدماء أم لا،والذين ينظرون لحجم القتل والدمار على أنه معيار الشجاعة وعلامة النصر والبطولة كما يمارس الكيان الصهيوني واهمون .
الجبان إذا امتلك القوة يفتك بعدوه فتك الخائف معتقدا أن قوة الفتك تمكنه من سحقه وإلغاء وجوده، مع أن عمق فلسفة السلام الحقيقي والشجاعة تكمن في احترام التعدد والاستفادة منه، وإلا فعليك أن تتخيل كيف سيكون العالم إذا خلى من الألوان.
الألوان مادة جمال الكون والكائنات ومن لا يرى هذه الحقيقة ويحبها فمرضه يصعب علاجه إن لم يستحيل!.
وثقافة إلغاء الآخر ثقافة معادية للسلام ، والمحزن أنها تحكم العالم ، وتغذي كل هذا الجبروت الذي يمارسه الكيان الصهيوني تحت عنوان مخادع كاذب يطلق عليه أمن إسرائيل تشهد ذلك كل العيون والقلوب والمشاعر وتنظر له بعض السياسات، وبعض القوى التي تعجز عن العيش خارج هذا الوباء الحاكم .
لقد أثبتت الأيام والأحداث أن من السذاجة تجاهل الارتباط العضوي بين الكيان والولايات المتحدة الأمريكية المتحالفة استراتيجياً مع المملكة المتحدة (بريطانيا).
أليس المسمى بالمجتمع الدولي مسؤول أيضاً عن أمن الفلسطينيين واليمنيين واللبنانيين ووو….؟
وهل يعقل أن يبلغ الحقد ببعض الأحزاب والقوى حد التشفي بخصومهم السياسيين أو حتى العسكريين لما يجري على وطنهم جميعاً من التنكيل والخراب والتدمير أيا كان ما بينهم من ثارات مريضة؟!.
أين سمو أخلاق الإنسان ؟!، عذرا أعلم أن السياسة كما يرى البعض لا علاقة لها بالأخلاق أو القيم ، والصداقة والعداوة إنما هي مصالح، ومصالح متوحشة دائمة فقط!!.
هل يمكن أن يكون العالم المسمى بالحر حرا وهو يرعى هذا الجبروت والطغيان في غزة ولبنان واليمن والعراق وسوريا وفي كل بقاع العالم، وما نشاهده من مآس في هذه البلدان برعاية زعيمة الحرية المحروسة الكريمة وسياساتها الحكيمة جدا دون الشعور بالقرف والحزن.
.أما من يسمون أنفسهم عربا فعليهم أن يسألوا أنفسهم: هل قضية فلسطين قضية وطنية فلسطينية عربية إسلامية ، وهي في كل الأحوال قضية إنسانية فلماذا إذاً ينسوا مسؤوليات كل الأطراف وينشغلوا فقط بمسؤولية إيران أيا كانت الملاحظات حول أدائها.
النقد لكل الأدوار ضروري، ولكن لابد أن يكون علميا وموضوعيا ومتجردا ويبدأ بالنقد الذاتي؟؟لابد أن نعي خطورة هذا الشحن الطائفي الذي أنسى من يسمون أنفسهم أهل السنَّة أن واجبهم في نصرة القضية الفلسطينية ليس فقط غائبا بل ومشبوها أكثر من غيرهم!
وما يزيد الأمر غرابة أن الكيان الصهيوني يتصرف معهم وكأنه يقود السنة في مواجهة الشيعة!!.
أما إخوتنا في خندق النضال والمقاومة حقيقة أو ادعاءً فلا بد أيضا أن يتواضعوا قليلا فيستمعون لمن يسأل : أليس من أبجديات النضال والمقاومة إدراك حجم قوة العدو والاستفادة من التجارب المريرة لتقييم الموقف وإعادة ترتيب الخيارات وكيف ينبغي مواجهة تكتيكات العدو وأساليبه العدوانية المتجددة باستمرار وضرورة التفريق بين المقاومة والانتحار ، وبين مستلزمات الحرب ومتطلبات المقاومة ومراجعة الاستراتيجيات والتكتيكات كلما قاموا بعمل غير ناجح ، وأن يعوا بأنه ليس من العيب الاعتراف بالأخطاء إنما العيب كل العيب في الإصرار على استمرارها ؟؟
لا يمكن للمحارب والمقاوم الحقيقي أن يبدأ حربا أو عملية من عمليات المقاومة ، وظهره مكشوف وجبهته الداخلية ضعيفة ومفككة ومخترقة .
والإعلام المعتمد على التظليل والكذب وتقديس الأفراد والقادة إعلام فاشل سرعان ما ينقلب مع الطرف الآخر فور أي هزيمة تلحق بمن يطبل له !.
الإعلام الصادق يحترم عقل المستمع والمشاهد ويحرص على امتلاك مهارة نقل الحقائق إليهم ، ويدرك أهمية الفرق بين فن الممكن والتفنن في الأكاذيب والدعايات..انتهت نظرية جوبلز (اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الآخرون) ببساطة لأن مصادر الوصول إلى الحقيقة تعددت ولم يعد في إمكان الطغاة والفاشيين السيطرة عليها وحجبها عن الناس بعد ثورة المعلومات والانترنت التي نشهدها.
صحيح أن أجهزة المخابرات غيرت أيضا أساليبها المعتمدة على الكذب وتفننت في صياغة الأخبار لكن أنجح فنون الإعلام هو الحفاظ على المصداقية والبعد عن التضليل خاصة لمن يدافع عن المظلومين ضد الظلمة أما الظلمة فسلاحهم بالتأكيد هو الكذب لأنهم لا يمتلكون سواه!.
أشرب كأس الحياة مريراً
كما يشتهون
الربيع يشوش عشب الربيع
يقول :
لصنعاء جمر دمي
وانبلاج مصابيح عشقي
وأغصان قلبي .
من صفحة الكاتب بالفيسبوك