(دردشة دستورية – الحلقة 22)
الاستاذ احمد: بسم الله نبدأ درسنا لهذ اليوم.
إن الاستقامة هي الصلة الأساسية بين العبد وربه والله سبحانه هو الحامي لعبده من كل أشرار خلقه وهنا الحقيقة الربانية من الله ينزلها على خلقه المؤمنين، إنه الإيمان بالحقيقة، إنها صلة النصح والولاء لله، إنهم المؤمنون الذين قالوا ربنا الله، ثم استقاموا على طريق الإيمان والعمل الصالح إن الله يكلف بهم ملائكة يفيضون على قلوبهم الأمن والطمأنينة، ويبشرونهم بالجنة، لقوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ (32)).
إن الاستقامة على المنهج الرباني في الحكم والمعاملات شيء عظيم وإن ذلك شعور في الضمير، وسلوك في الحياة، والاستقامة عليها والصبر على تكاليفها أمر ولا شك كبير يستحق عند الله هذه النعمة الكبيرة فلماذا يستحق المؤمنين ذلك؟ لأنهم صدقوا لله ورسوله صلى الله عليه وعلى أله وسلم، فهم رُسل الله في الأرض لتبليغ الحق المبين، والتوضيح لعباده الحق والباطل، وصمودهم أمام الجبابرة ومعاونيهم ليس بقوتهم بل بقوة الحجة وسماحة قلوبهم، إن تلك السماحة تحتاج إلى قلب كبير يعطف ويسمح وهو قادر على الإساءة والرد وهذه القدرة ضرورية لتأتي السماحة أثرها حتى لا يصور الإحسان في نفس المسيء على أنه ضعفاً، لأنه لو أحس أنه ضعف فلن يحترمه، ولن تكن للحسنة أثرها إطلاقاً، وهذه السماحة كذلك قاصرة على حالات الإساءة الشخصية لا العدوان على العقيدة وفتنة المؤمنين عنها، فأما في هذا فهو الدفع والمقاومة بكل صورة أو الصبر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
إن هذه الدرجة، درجة الرفعة والشرف عند الله لا يلقاها إلا رجل عظيم دفع السيئة بالحسنة، إنها سماحة وكظم الغيظ والغضب، والتوازن وقت الغضب وهنا تكون السماحة والدفع بالحسنى، إنها والله لدرجه عظيمة لكل إنسان. وهي حظ موهوب يتفضل به الله على عباده الذين يحاولون فيستحقون لقول الله تعالى (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)) إنها درجة عالية لا توجد إلا إذا أحسن الصادقين بدعوتهم أمام الطغيان وتوضيح الحقائق الصادقة، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسوة حسنة وهو الذي لم يغضب لنفسه قط وإذا غضب لله لم يقم لغضبه أحد.
إن غضب الداعية وعدم صبره على الإساءة أو ضيق الصدر قد يفقد الداعية دعوته ويفسح المجال لأعداء الدعوة وتكون النتيجة عكسية على المسلمين، وتحدث ثغرته غير محببة، إن الطريق شاق للنفس ودروبها وأشواكها وشعابها، حتى يبلغ الداعية منها موضع التوجيه ونقطة القيادة، إن الداعية والمربي يجب أن يرسم صورة الداعية إلى الله، بوصف روحه ولفظه وحديثه وأدبه.
إن علينا أن ندرس سيرة الرسول العظيم صلى الله عليه وعلى آله وسلم كيف بدأ، وكيف وصل، وهي دروس لكل داعية في أمته، إن النهوض بواجب الدعوة إلى الله ومواجهة النفس البشرية وجهلها بعقيدتها أمر شاق وسوف يجد الدعية اعتزاز الأمة بما ألفت عليه واستكبارها إنها كانت على ضلالة، وحرصها على شهواتها وعلى مصالحها، وعلى مركزها الذي قد تهدده الدعوة إلى إله واحد الذي كل البشر أمامه سواء.
إن النهوض بواجب الدعوة في هذه الظروف أمر شاق ولكنه شأن عظيم، إن الهدوء والثقة تنقلب من الخصومة إلى الولاء، ومن الجماح إلى اللين، إن المتلقي والمستمع لكلام الداعية الى الله لابد لهم من استيعاب توضيحه عن الحكم في الإسلام وكيف يقوم بنيانه وعن العقيدة وكيفية تعامل المسلمين بينهم وبين غيرهم من الديانات الأخرى، فلابد أن تكون تلك الكلمات من رجل صادق وسوف تكون من أحسن الكلام لأنها مقدمة من رجل طيب ومع العمل الصالح الذي يصدق الكلمة ومع الاستسلام لله الذي تتوارى معه الذات فتصبح الدعوة خالصة لله ليس للداعية فيها شأن إلا التبليغ، إن الصبر في الدعوة لا يلقاها إلا العظماء من البشر والله قال ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)) إن هذ الآية الكريمة يجب أن تكون درس كامل لكل داعية فعن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية أن أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم.
أكملت الدرس اليوم ونفتح باب النقاش.
صالح: الحمدلله اليوم عرفنا معنى الصبر في الدعوة إلى الله والصبر في المعاملات وبأن الذين يصبرون سوف ينالون الأجر من الله وعلينا أن نكون ضمن هذ الدعوة حتى نُبلغ الدين الصحيح وحتى نوضح للعالين في الأرض أن هنالك ممات وسوف يحاسبوا عن أي عمل يقومون به.
احمد: إن الدعوة ليست في العبادة فقط بل شاملة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية لأن دين الإسلام دين شامل فعلينا أن نعمل بكل جهودنا من أجل نصرة الإسلام لتكون الأمة هي المرجع في كل شيء.
shababunity@gmail.com
بقلم الشيخ عزيز بن طارش سعدان شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد