الشهيد المنسي ..
في خضم الصراع القائم اليوم على الأرض اليمنية والذي بدأ في صورته الدموية بإعلان السعودية إنشاء تحالف العدوان على اليمن بقيادتها لتحقيق جمله من الأهداف المعلنة حينها نهاية مارس 2015 م بإعادة الشرعية ممثلة في الرئيس المنهية ولايته هادي تحت مبرر حدوث انقلاب وقع عليه وعلى حكومته آنذاك من قبل جماعة الحوثيين وقوات صالح حسب المتداول في حينه ..
اليوم وقد شارف العدوان على عامه الرابع وهو يراوح مكانه وتتساقط كل يوم أوراقه المشبوهة والتي لم تكن الشرعية إلا غطاء و ذريعة يبتغى من ورائها تحقيق أهداف خاصة بتحالف العدوان وعلى رأسه المملكة السعودية ودولية الإمارات ومن فوقهم حليفهم الاستراتيجي المعلن والواضح أمريكا والدول الغربية وكل هذه المصالح تجتمع في ضرورة إبقاء اليمن في دائرة الخضوع والخنوع لمجموع تلك الدول بتفاوت في الأدوار بحسب ما يرسم من قبل غرف إدارة عمليات القوى المستكبرة والمهيمنة على النظام الدولي كون منطقتنا تعد ساحة صراع ونفوذ وهيمنة لتلك الدول ومن غير المقبول أن تخرج من هذه الدائرة ..
المهم فبعد قرابة الأربعة أعوام لم تتمكن الدول المعادية من تحقيق أي من أهدافها التي رسمتها لها إلا هدفا واحدا هو الإيغال في الحقد الممنهج لحصد المزيد والمزيد من الضحايا وتدمير البنى التحتية لليمن في منهجية خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين وأغلبهم من المدنيين الأبرياء جراء استهداف الأماكن المدنية في الألف الغارات طيلة فترة هذا العدوان ..
منهجية وأهداف تركيع الشعب اليمني وعبر هذا الكم من الإجرام تركت جروحا بالغه الأثر لدى اليمنيين الذي لم تسلم معظم الأسر فيه من الاستهداف ،هذه الجروح هي التي عززت من فاعلية وثبات الشعب في التصدي والمواجهة بل أصبحت تلك الجرائم المتكررة يوما بعد يوم دافعا للمزيد من التذمر حتى ممن كانوا لا يزالون ينظرون للعدوان بأنه مصلحة وخلاصا لليمن من مشاكلها العميقة الناتجة عن الصراعات الداخلية التي ما تكاد تهدأ حتى تبرز من جديد ولكنهم وجدوا ذلك حلما لا يمكن تصور تحققه بهذه الوسائل المتوحشة وعلى يد تلك الدول المجرمة والغبية في ذات الوقت ..
لقد خلقت تلك الأشلاء والجراحات مأساة إنسانية فظيعة لا يمكن تصور مرارتها إلا في قلوب من طالته نيرانها كون الضحايا يمثلون جميع شرائح واتجاهات المجتمع برمته حتى تلك التي وقفت وقاتلت جنبا إلى جنب مع دول التحالف بل أن هذه الشريحة ذاتها وفي مواقع المواجهات الميدانية تلقت ضربات مؤلمة من طيران العدوان نتج عنها ضحايا بالآلاف منهم في ظاهرة ليست غريبة على دول لم يكن ليردعها لا دين ولا ضمير ولا قانون لتتوقف أو تحجم عن ارتكاب مثل تلك الجرائم حتى مع من هم في صفها ويحمي حدودها من هجمات الجيش واللجان الشعبية في عمق الحدود السعودية ..
صحيح أن آلامنا عميقة ومؤلمة إلا أن آمالنا لا تقل عمقا وسعة عن حجم آلامنا لذلك فمن المستبعد أن تكون تلك التضحيات عامل إحباط وهزيمة لدى الشعب اليمني برمته بل على العكس من ذلك فنحن نشاهد إيغال التحالف في جريمته تتعاظم ليس في حصد المزيد من الأرواح بل أيضا عبر الإرجاف والتثبيط خاصة في استهداف أسر الشهداء عبر منهجية إبليس حين قال لآدم وزوجه إني لكما لمن الناصحين ومن زوايا نفسية ومادية وتصوير ما هم فيه على أنه إهمال وتناسب متعمد ومقصود وكذا وكذا ..
هذه الجزئية مثلا في هذا الصراع وإن اعتبرها العدوان ورقة جوكر مؤثرة إلا أنها في الواقع غير ذلك ليس لاعتبارات مادية أو لأن هناك تصدا ميدانيا يدحض افتراءات العدوان ويلجمه لا بالعكس فوسائل العدوان وإمكانيات مهولة وعظيمة إلا أن عامل الإيمان بالقضية والمظلومية والنوايا الصادقة التي انطلق منها المدافعون عن البلاد خاصة إذا استثنينا الشهداء المدنيين فإن المقاتلين الذين يسقطون شهداء تظل روحهم وبركة تضحيتهم تؤثر في محيطهم الاجتماعي وتخلق ثقافات راسخة بصوابية منهج التضحية وجدواه وفاعليته في إفشال أدوات وأساليب المعتدي بل وأنها تنعكس سلبا عليه وإيجابا على الشعب اليمني ..
لذلك فمحاولة يائسة يبذلها العدو لتصوير مشهد التضحية والاستشهاد بأنه خسارة لما يتبعها من مزاعم الإهمال والنسيان ليست إلا سرابا بقيعة للأسباب التي ذكرناها إلا أن ذلك لا يعني أن هناك سلبيات تحدث في هذا الشأن إلا أنها لا توازي خطورة وهمجية العدوان بلا شك لذلك فمن الواجب الانتباه لعوامل القصور والتقصير في متابعة هذه الشريحة ورعايتها كون ذلك يعد واحدا من سبل نجاح المواجهات مع العدو إذا ما لاحظنا النفسيات المؤمنة التي تتملك تلك الأسر ورغبتها في بذل المزيد والمزيد من التضحيات في سبيل الله والوطن وانتصارا لدم الشهيد وحتى لا يكون مستقبلا ذلك الشهيد المنسي ..
والله الموفق