السعودية : حراك شعبي يوشك أن يقتلع جذور النظام المتهالك ويقلب الطاولة عليه
بدأت السعودية تتلمس خطر الحراك الشعبي وما يمكن أن يتمخض عنه من نتائج قد تهز عرش بن سلمان قبيل تنصيبه ملكا للسعودية، وكون بن سلمان يحرص على عدم ظهور معارضة داخلية تقلب عليه الطاولة، أقدم ولي العهد على حملة اعتقالات داخل المملكة استهدف فيها أبرز دعاة الدين الذين لا يخدمون مصالح بن سلمان أو من الممكن أن يكون لهم دور في عرقلة خططه وطموحاته إن كان يملك خطط أو طموحات.
حملة الاعتقالات التي شنتها قوات الأمن السعودية شملت أبرز دعاة المملكة، نذكر منهم “سلمان العودة” و”عوض القرني”، بالإضافة إلى “يوسف الأحمد”، والشيخ “إبراهيم الفارس”، والدكتور “إبراهيم الناصر”، والشيخ “محمد الهبدان”، والشيخ “غرم البيشي”، والدكتور “محمد بن عبد العزيز الخضيري”، ومن اللافت أن هؤلاء الدعاة يرفضون مهاجمة قطر، على خليفة الحصار المفروض عليها من السعودية والإمارات والبحرين ومصر منذ 5 يونيو/حزيران الماضي، حملة الاعتقالات هذه ليست بالغريبة على المملكة التي لا تفوت فرصة لكم أفواه كل من لا يمشي بركبها أو يخدم سياستها سرا وعلانية.
قلق المملكة
من المعروف أن السعودية منغلقة على ذاتها وتمارس ما تريد في الظل دون رقيب أو حسيب، وكون العائلة الحاكمة هي الآمر الناهي داخل المملكة، لذلك لا يستطيع الساسة أو دعاة الدين وغيرهم من الشخصيات البارزة القيام بأي فعل يغضب آل سعود وبهذا يصبحون موظفون لخدمة هذه العائلة ويصدرون قرارات وأحكام ولو كانت على حساب الشعب السعودي الذي ضاق ذرعا بقادة مملكته، وكان هذا الأمر واضحا في الحراك الشعبي الأخير الذي أقلق حكام السعودية وجعلهم ينتفضون ويكبتون هذا الحراك قبل انتشاره وتوسعه على كامل أراضي المملكة.
وكعادتها قامت السلطات السعودية بمحاربة هذا الحراك ومواجهته مستعينة بكبار المشايخ ومشاهير الدعاة لمواجهة الدعوات التي أطلقها ناشطون سعوديون للتظاهر السلمي في البلاد. وبدا أن مشاركة هؤلاء الدعاة والمشايخ متزامنة، فقد بدأت مساء الأربعاء الفائت وتواصلت حتى يوم الخميس وسط حرب وسوم “هاشتاغات” بين المغردين السعوديين، حيث تصدر وسم #حراك_15_سبتمبر الترند في العالم وفي السعودية حتى ساعات فجر الخميس قبل أن يصعد مكانه وسم #خراط_15_سبتمبر الذي يهاجم الدعوات للتظاهر ويسخر من المشاركين فيه.
هذا الأمر ألهب مواقع التواصل الاجتماعي ومنها موقع تويتر حيث احتل هاشتاغ #اعتقال الشيخ سلمان العودة المرتبة الأولى سعوديا، وأتت التعليقات ساخطة على العهد السعودي الجديد الذي وصفوه بالعهد السلماني، واصفين هذا العهد بأنه الأسوأ في تاريخ السعودية ومعبرين عن غضبهم بسبب ما سموه الفشل الخارجي وحالة البطش والاعتقالات والنهب المجنون لجيوب المواطنين.
أبواق المملكة
كان لافتا جدا صمت بقيّة الدعاة في السعودية على اعتقال السلطات الأمنية لزملائهم رغم مطالبة الكثير من الدعاة في الخارج لإطلاق سراحهم، وهذا دليل واضح لا يدع مجالا للشك حول آلية تعامل المملكة مع رجال المؤسسة الدينية لديها وكيف تستغلهم لمصالحها الشخصية، وأي رجل دين يعارض فكر المملكة وسياستها تقوم بعزله وإخفاءه عن الواجهة بطرقها المعتادة، ويقابل هذا الأمر انحياز تام من دعاة الدين إلى النظام السعودي، دون الأخذ بالحقّ معياراً، والكثير من السعوديين يرون في هؤلاء الدعاة أبواق إعلاميّة للنظام السعودي، مقابل تامينات يقدّمها النظام السعودي لهؤلاء.
ولا أحد يدري كيف يقتنع الشباب السعودي بهؤلاء الدعاة ومحاضراتهم في الوقت الذي يدافعون فيه عن النظام حتى لو وصل المس إلى أصدقاء الدعوة. يحاضرون بالتضحية وينصحون الشعب السعودي بها فداءً لآل سعود إلا انّهم لا ينفّذونها ويعيش الكثير منهم حالة الترف، كلّما كان قريب من النظام أكثر.
صمت المملكة
وحول الاعتقالات الأخيرة لم تصدر السلطات السعودية، أي تعليق يؤكد أو ينفي نبأ اعتقال هؤلاء الدعاة والعلماء، وفي هذا الإطار قال الناشط الحقوقي السعودي المقيم بلندن “يحيى عسيري” إن السلطات السعودية لا تصدر في العادة بيانات رسمية بشأن مثل هذه الاعتقالات. وكان قد قال في مقابلة سابقة مع الجزيرة إن سلطات الرياض أصبحت لا تطلب من الناس فقط أن يصمتوا وألا يقولوا ما هم مقتنعون به، بل أصبحت تطالبهم بأن يقولوا ما ينسجم مع رغبات السلطات، ولتأكيد ذلك فقد أبدت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، تأييدها للقرارات الأخيرة التي شهدتها المملكة، وشملت اعتقال عدد من أبرز دعاة المملكة الرافضين لمهاجمة قطر، على خليفة الحصار المفروض عليها من السعودية والإمارات والبحرين ومصر منذ 5 يونيو/حزيران الماضي.
وأصبح الجميع على علم بأن دعاة النظام السعودي لا يتبنون المطالبات الشعبية، بل يحاولون وأد أي تحرّك عفوي، ويصدرون الفتاوى بتحريمه، ويحاولون تبرير اعتقال الابرياء أمام الشعب بسلطة الدين، هؤلاء الدعاة في الحقيقة ليسوا سوى غطاء سياسي لنظام مل شعبه منه ومن أساليبه القمعية، هذه الأمور وغيرها دفعت بالكثير من الشباب السعودي الطامح للعيش كبقيّة شباب العالم، بالابتعاد عن هؤلاء نظراً لقربهم الأعمى من آل سعود.