ما هي البجعة البيضاء” التي وضعتها روسيا على أهبة الاستعداد!!
بأقصى أراضي الشمال الغربي لروسيا وعلى مرمى حجر من حدود ثلاثي البلدان الإسكندنافية شمال القارة العجوز هناك قرب هذه النقطة الجغرافية الفاصلة بين معسكرين وضعت موسكو أكبر قاذفة نووية في العالم على أهبة الاستعداد تنتظر أي أمر بالإقلاع.
القصة بدأت قبل أيام مع رصد مشغل الأقمار الصناعية الأميركي “بلانت لاب” حضورا لافتا للقاذفة الروسية الخارقة “توبوليف-160″، وتحديدا في قاعدة “أولينيا” التي لا تبعد عن حدود النرويج سوى 20 ميلا.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “ذا صن” البريطانية، أظهرت صور الأقمار الصناعية التي التقطت في 7 أكتوبرالجاري 7 قاذفات إستراتيجية من هذا الطراز -إحداها جاهزة للإقلاع- على مدرج القاعدة الجوية الواقعة في شبه جزيرة كولسكي.
“تي يو-160” أو “البجعة البيضاء” كما يحلو للروس تسميتها كنية قد توحي لأول وهلة بأنك أمام مجرد طائرة حربية عملاقة حاملة لبعض الصواريخ، لكن الحقيقة تتجاوز كل ما يتصل باللون الأبيض من دلالات، لأن الأمر يتعلق بأخطر قاذفة إستراتيجية منذ العهد السوفياتي إلى اليوم.
تصنف أكبر وأثقل طائرة حربية على الإطلاق، وهي قادرة على حمل 40 طنا من الذخيرة على متنها والطيران لمسافة 7500 ميل دون التوقف أو الحاجة إلى التزود بالوقود، لكنها تتمتع بنظام التموين بالوقود أثناء الطيران، وتبلغ سعة خزانها 130 طنا، ويضم طاقمها 4 أشخاص: طيار، مساعد طيار، فني أسلحة، وفني أنظمة دفاعية.
يبلغ طول القاذفة التي صممها مكتب “توبوليف” خلال الحقبة السوفياتية 54 مترا ووزنها الفارغ 110 أطنان، كما يصل أقصى وزن لإقلاعها 275 طنا، وتبلغ قوتها النارية 12 صاروخا نوويا قصير المدى، بمعدل يضاهي 3500 كلم.
“وحش نووي طائر” قرب أجواء الناتو
أقلع الطراز الأول من هذا “الوحش النووي الطائر” في ديسمبر/كانون الأول 1981، وانطلق الإنتاج الفعلي عام 1984 ليتم تصنيع نحو 35 قطعة منها إلى حدود عام 2000، قبل أن تقرر موسكو إعادة إنتاجها في عام 2015 في شكلها الجديد.
ولهذه القاذفة الإستراتيجية ذات السرعة فوق الصوتية القدرة أيضا على تحديد انحناء الجناحين -البالغة مساحتهما 400 متر مربع- من 20 حتى 65 درجة، وهي مجهزة بمحركات من طراز “كوزنتسوف”.
وفي يوليو أجرت روسيا تجارب لقاذفتها الإستراتيجية الجبارة فوق القطب الشمالي، وحلقت وقتها في الأجواء لمدة 7 ساعات ورافقتها مقاتلات من نوع “ميغ 31”.
تسببت في أزمات كادت تتطور إلى حروب
وفي أكثر من مناسبة تسببت هذه الطائرات -التي يطلق عليها الغرب تسمية “بلاك جاك” (Black Jack)- في أزمات كادت أن تتطور إلى مواجهات عسكرية مع بعض دول من حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO).
وعلى سبيل الذكر لا الحصر اعترضت القوات الجوية الفرنسية طائرتين من هذا النوع في فبراير/شباط 2017 لدى تحليقهما على مقربة من السواحل الفرنسية.
وفي يوليو 2021 أيضا اقتربت طائرتان روسيتان من النوع ذاته من الأجواء البريطانية، قبل أن تبعدهما مقاتلات من سلاح الجو البريطاني.
وتعليقا على هذه الحوادث، قال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ وقتها إن “الروس -بكل بساطة- يختبرون جاهزيتنا، لكن أيضا هناك نوايا لاستعراض القوة والاستفزاز”، مؤكدا أن رسالتهم “هي أننا لا نهاب الناتو، وبإمكاننا أن نضربكم في العمق، وأن نوجعكم بهذه القاذفات النووية”.
وتصاعدت الهواجس مؤخرا من تنفيذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعيده المتكرر بشن حرب نووية ضد المعسكر الغربي وتحديدا حلف الناتو الذي تتهمه موسكو بإذكاء شرارة الحرب الروسية الأوكرانية عبر تقديم دعم عسكري غير محدود كمّا ونوعا لحليفته كييف.
نظيرتها الأميركية.. من الأقوى؟
ورغم أن الأفضلية القتالية ترجح كفة “البجعة البيضاء” حسب خبراء الطيران العسكري فإن القاذفة الأقرب للمقارنة مع “تي يو-160” هي نظيرتها الأميركية “بي-1 لانسر” (B1 Lancer) القاذفة الإستراتيجية بعيدة المدى متعددة المهام.
تناهز سرعتها 1.2 ماخ، وهي قادرة على التحليق على ارتفاع يزيد على 9 آلاف متر، وبإمكانها أن تقوم برحلة متواصلة حول الكرة الأرضية دون توقف، إذا يتم تزويدها بالوقود في الجو، بحسب موقع شركة “بوينغ” (Boeing) الأميركية المشاركة في تصنيع الـ”بي-1 لانسر”.
يصل وزن حمولة الطائرة إلى 33.3 طنا، ويمكنها أن تحمل 24 صاروخا مجنحا، ويبلغ طولها نحو 44.5 مترا وارتفاعها 10.4 أمتار، والمسافة بين طرفي جناحيها 41.8 مترا، فيما يزيد وزنها على 86 طنا، وتصل سعة خزانات الوقود الخاصة بالطائرة إلى 120.3 طنا، ويتكون طاقمها من 4 أشخاص هم الطيار ومساعده وضابطا تسليح.
وقد بدأ تصميمها أولا لتكون قاذفة نووية، لكن تم تحويلها إلى قاذفة غير نووية منذ تسعينيات القرن الماضي، وتخطط واشنطن لاستخدامها حتى بعد عام 2040، وأشارت بعض الإحصائيات إلى أنها شاركت في تنفيذ أكثر من 12 ألف طلعة جوية منذ عام 2001.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية