كتابات فكرية

هذا ما يدمر الوطن

هذا ما يدمر الوطن  

بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب

الاثنين 6 أكتوبر 2025-

نزاعات الأراضي في اليمن لغم يدمر الوطن والاقتصاد والاستثمار

معظم النزاعات في اليمن سببها قضايا أراضي حيث أن أكثر من 80% من القضايا المنظورة لدى القضاء نزاعات أراضي أو سببها نزاع أراضي.

وأصبحت اليمن طاردة للاستثمار المحلي والدولي بسبب نزاعات الأراضي وعدم إمكانية تنفيذ أي مشاريع الا بوجود أراضي مضمونه لا مشاكل فيها ولا مخاطرة فمن غير المعقول بناء مباني وعمارات عملاقة وفي الأخير يتضح ان إجراءات شراء الأرض المقام عليها ذلك المشروع غير صحيحه، او قيام اشخاص آخرين أو عصابات الأراضي بإقحامه في نزاع لا ناقة فيها ولا جمل ليدخل في نزاع طويل لانهاية له وتضيع أمواله وآماله.

ولا يتوقف الضرر في المستثمر المحلي او العالمي بل حتى المواطن البسيط يصبح ضحية نزاع على أراضي مملوكة له ولكن بسبب ضعفه يستغل البعض ذلك الضعف للنهب والاستيلاء على الأراضي، أو يقوم البعض بالاستيلاء على وثائق ملكية الأرض لتضييعها وحرمان ملاكها منها، وما كان ذلك ليتم لو تم قيد وتسجيل الأراضي في نظام الكتروني واسقاطها بخارطة وطنية لا تحتاج الى أصول وثائق بل رقم وطني لقطعة الأرض ولا يستطيع احد التصرف فيها او الاستيلاء عليها ولن تكون اثبات الملكية للأرض مرتبطة بأصل الوثائق بل بالخارطة الوطنية وبرقم وطني يضمن للجميع أراضيهم ويمنع  أي تلاعب او استيلاء او بلطجة على ملاكها.

ورغم وضوح المشكلة ولكن هناك ضعف في التجاوب لمعالجة هذه المشكلة رغم وضوحها وخطورتها على المجتمع والدولة، وبالإمكان معالجة تلك المشكلة بإجراءات بسيطة وواضحة اذا وجدت الإرادة، وخلال الاسطر القادمة سنحاول تسليط الضوء على المشكلة والمعالجات المقترحة وهي كالتالي :

1-. غياب قيد وتسجيل الأراضي الشامل في السجل العقاري وغياب خارطة التسجيل العقاري

فمعظم الأراضي في اليمن دون قيد ولا تسجيل في السجل العقاري لذلك يتم العبث بها والاستيلاء عليها بسبب هذا القصور الخطير وكل يوم مشكلة ونزاع أراضي بسبب ذلك حتى وان كان هناك قيد وتسجيل للأرضي فيتركز فقط في المدن وعواصم المحافظات

ولمعالجة ذلك نقترح:

قيد وتسجيل جميع الأراضي في اليمن عبر جهود إيجابية مثمرة ومستمرة دون كلل ولا ملل ولا توقف وعدم حصر قيد وتسجيل الأراضي في المدن وعواصم المحافظات بل يشمل جميع الأراضي في عموم اليمن في المدن والريف وصولا الى خارطة شاملة لليمن تكون كل ارض فيها مسجلة في الريف والمدن وهنا سيتم تصفير مشاكل الأراضي لأنها مقيدة ومسجلة ومسقطة في خارطة وطنية واضحة وشفافة ومتاحة للجميع ولا مجال للتلاعب فيها او البسط والاستيلاء عليها.

2-. تطويل إجراءات قيد الأراضي وتعقيد إجراءاتها

يتحاشى الكثير من المواطنين في اليمن عن تسجيل أراضيهم وعقاراتهم بسبب تطويل إجراءات القيد والتوثيق لها ومتطلبات ذلك.

ولمعالجة ذلك نقترح:

تبسيط وتسهيل إجراءات قيد وتسجيل الأراضي والتعامل بحسن نيه مع أي طلب قيد وتسجيل مع فتح أي تظلم من أي اجراء يتبين انه مخالف واحالة أي وثائق اثبات الملكية والبت السريع فيها دون تباطؤ ولا تهاون .

3-. رسوم باهضة للقيد وتسجيل الأراضي

رغم الخسائر الباهضة الناتجة من نزاعات الأراضي سواء من المواطنين أو من مؤسسات الدولة والذي إذا تم معالجتها سيكون هناك مردود إيجابي للمواطنين ولمؤسسات الدولة لتتفرغ لمعالجة مواضيع أخرى وعدم الانشغال بشكل كبير بنزاعات الأراضي، الا ان الدولة مازالت تنظر الى قيد وتسجيل الأراضي كمورد عام من إيرادات الدولة وهذا مفهوم خاطئ يستلزم معالجته وتخفيف رسوم تسجيل وقيد الأراضي بشكل كبير لتشجيع المواطنين على قيد وتسجيل أراضيهم وان يتم تحديد فترة زمنية محددة كفرصة للجميع لقيد وتسجيل أراضيهم وبتكلفة بسيطة لأن تسجيل الأراضي وقيدها في السجل العقاري سينهي نزاعات الأراضي وسيفتح الأبواب واسعة للاستثمار المحلي والدولي وسيعزز الأمان المجتمعي .

4-. خلل ربط ملكية الأراضي بأصول وثائق الملكية

كثير من نزاعات الأراضي هو بسبب وثائق الملكية حيث يقوم أحد الأشخاص بالاستيلاء على وثائق ملكية آخرين على أرض او تتلف وتأكلها الفئران ليضيع الحق وتضيع الأراضي كونها مرتبطة بأوراق الملكية وهذا خطأ جسيم يستلزم معالجته وحله وفك ارتباط ملكية الأراضي بأصول الوثائق والأوراق.

ولمعالجة ذلك نقترح:

انشاء سجل ورقي والكتروني في السجل العقاري لإثبات ملكية الأراضي واسقاطها مباشرة في الخارطة الوطنية للأراضي ونشرها بحيث لا يستطيع أي شخص التلاعب فيها والتصرف بها كونها مسقطة في الخارطة ومنشوره وبحيث لا يكون هناك أي حجية لأي وثائق ملكية وان وجدت أي وثائق تودع في السجل العقاري ويمنح المالك رقم وطني لأرضه مرتبطة باسم المالك.

5-. السجل العقاري العيني

من اهم أسباب مشاكل ونزاعات الأراضي في اليمن هو بسبب اعتماد التسجيل العقاري على الية التسجيل الشخصي بمعنى ربط الأرض بالمالك مباشرة وبشخصه وعدم اعتماد التسجيل العقاري العيني المرتبط بالأرض نفسها، بالرغم من ان معظم دول العالم تعتمد السجل العقاري العيني، كونه مرتبط بالأرض فالشخص يموت ويمرض ويبيع ويتصرف ولكن الأرض لا تموت فوفقا للسجل العقاري العيني يتم تسجيل الأراضي وفق خارطة واضحة وترقم بأرقام ورموز محددة لا تتغير بتغير المالك فالأرض مستمرة على حالتها وقد يتغير مالكها ولكن لا تتغير الأرض فمثلا ارض 33 يحدها شرقا ارض 34 وغربا 35 وشمال 36 وجنوب 37 فهذه الحدود لا تتغير مهما حصل وحتى لو مات مالكها فتستمر الأرض دون تعديل حتى ان تم التعديل في الأرض بقسمتها بين الورثة فيتم تقسيم القطعة فتكون قطعة ارض 33 أ والثانية أرض 33 ب و الثالثة 33 ج وهكذا يتم الحفاظ على نفس الرقم ولكن برموز متسلسلة وتفرعات تؤكد ان القطعة هي نفسها ولكن تفرعت.

6-. اغراق القضاء بقضايا أراضي لا مبرر لها

يغرق القضاء والمحاكم بقضايا نزاعات أراضي لا مبرر، لها فنزاعات الأراضي تحتاج الى إجراءات واضحة وعاجلة ومعالجة فنية هندسية وليس قانونية لذلك يتم اقحام الكثير من الأشخاص في نزاع طويل مطول نزاع أراضي لا أساس له والبعض يلجأ للقضاء لشرعنه اعتداءه على ممتلكات الاخرين بمبرر الحيازة وغيرها وغالبا القضاء يحيل نزاعات الأراضي الى مهندسين للمسح والفصل فيها براي هندسي ويخضع ذلك الراي الهندسي للطعن وتطويل في الإجراءات وتصبح قضايا الأراضي حلقة مفرغة يدور فيها النزاع لسنوات وعقود بلا نهاية وقد تحدث جرائم الاعتداء والقتل بسبب هذا التطويل والإجراءات الخاطئة.

ولمعالجة ذلك نقترح:

احاله جميع القضايا المنظورة لدى القضاء الى لجنة قضائية هندسية للفصل في النزاع بقرار غير قابل للطعن خلال شهر واحد فقط وتنفيذها على ارض الواقع لتجفيف نزاعات الأراضي وتخفيف العبء عن كاهل القضاء بلا مبرر.

7-. قضايا مواريث الأراضي والعقارات أيضا نزاع لا مبرر له

من اهم قضايا نزاع الأراضي امام القضاء هي قضايا المواريث الذي يتعثر الورثة في نزاعات طويله على أراضي سكنية وعمارات ومزارع لا مبرر لنظرها امام القضاء فالملكية في تلك الأراضي واضحة ولكل وارث نصيبه الشرعي ويمكن حصر النزاع في مساحات محددة وعدم تعطيل الأراضي والمزارع بمبرر قضايا المواريث

ولمعالجة ذلك نقترح:

تشكيل لجنة في هيئة رفع المظالم في مكتب رئاسة الجمهورية لنظر وحل نزاعات المواريث وقسمة التركات خلال ثلاثة اشهر مع اشراك مهندسين من هيئة الأراضي ضمن اللجان لمعالجة قضايا التركات فيما يخص الأراضي، ويتم اصدار قرارات غير قابلة للطعن وتنفيذها ونشرها فور صدورها مع الرقابة والتدقيق على عمل تلك اللجان لعدم تجاوز الحقوق او الانتقاص منها واحالة قرارات اللجان للسجل العقاري لقيدها وتوثيقها وحفظ أصولها وانزالها في الخارطة الوطنية الشاملة.

8-. إجراءات الانتفاع بأراضي الدولة والاوقاف ونقل عقود الانتفاع

من ضمن مشاكل الأراضي في اليمن أراضي الدولة وأراضي الأوقاف الذي تسبب تعقيد إجراءات عقود الانتفاع بها في انكار الكثير من المساحات وكذلك مضاعفة ايجاراتها وتعقيد إجراءات العقود ونقلها من منتفع الى اخر، وهذا تسبب في ضياع الكثير من أراضي الأوقاف والدولة وخالفت بذلك القاعدة التي تقول الحفاظ على الرقبة أولى من رفع ومضاعفة الايجار .

ولمعالجة ذلك نقترح:

تخفيف القيود والإجراءات المطولة وإعادة النظر في رفع ايجارات الأراضي والاوقاف وفي رسوم عقود نقل الايجار لها بحيث تكون إجراءات سهله ومبسطة ورسوم مخفضة جدا ومناسبة لإعادة ثقة المجتمع في أراضي الأوقاف والدولة للاعتراف بها ومعاملتها معاملة افضل من الأراضي الحر وتحفيز المجتمع على استئجار أراضي الدولة والاوقاف، ومنحهم امتيازات وهذا سيحافظ على أراضي الأوقاف والدولة وسيتم استعادة الكثير من الأراضي بشكل طوعي حيث ان هناك مساحات كبيرة في جميع المحافظات أراضي دولة واوقاف تم انكارها وضياع وثائقها بسبب رفع ايجاراتها وتشديد إجراءات نقل عقود الانتفاع ويستلزم ان يتم تسهيلها وتخفيض ايجارات اراضي الأوقاف والدولة بشكل مناسب ليتم رفع مساحات أراضي الدولة والاوقاف المعترف بها طوعا دون اجبار ولا اكراه وتسهيل إجراءات نقل عقود المنفعة ،وادخالها ضمن خارطة الاراضي الشاملة ووفق التسلسل الرقمي والرموز المميزة للحفاظ على أراضي الدولة والاوقاف بالتشجيع والتحفيز وليس بالإكراه والاجبار لتكون جاذبه بحيث يتهافت الناس على استئجار أراضي الأوقاف والدولة دون شروط وقيود وشروط مجحفة لأن أي إجراءات جبرية تضيع أراضي الدولة والاوقاف وكلما كان الايجار بسيط جدا كلما ارتفعت مساحات الأراضي المعترف بها كأراضي دولة واوقاف لما سيحصل عليه المستأجر من مميزات له ولورثته من بعد وفاته وأيضا لمن يرغب المستأجر في نقل عقد الانتفاع له كونها عقود ايجار مميزة وليست مثل عقود الايجار الأخرى لان الهدف الحفاظ على الأرض من الضياع وليس رفع ايجارها وضياعها.

وفي الأخير:

نؤكد على أهمية معالجة مشاكل الأراضي في اليمن وسرعة تنفيذ خارطة الأراضي الوطنية الشاملة وربط كل قطعة ارض برقم وطني مميز لها ويمنع أي تصرف فيها الا عبر السجل العقاري وبإجراءات إيجابية بسجل عقاري عيني يجعل الأرض محور التسجيل والتوثيق والتمييز وتسجيل وحصر جميع الأراضي في عموم المحافظات في المدن والريف وبما يصفر نزاعات الأراضي ويجعلها تاريخ ماضي لا وجود له في حاضر الوطن ومستقبله.

اجتثاث نزاعات الأراضي سيؤسس لبيئة استثمارية إيجابية تحرك الاقتصاد والتنمية وتشجع الاستثمار في بيئة آمنة واهمها الأمن العقاري الذي يعتبر حجر الأساس ونقطة ارتكاز هامه في أي نهضة اقتصادية قادمة في اليمن ويستلزم ان تكون أولوية وطنية يسعى الجميع لتطبيقها وتصفير نزاعات الأراضي وضبطها وتسجيلها واطلاق خارطة وطنية شاملة للأراضي في عموم اليمن تحد من النزاعات وتجعلها آمنة لملاكها ومستأجريها ومتاحة للجميع لمعرفة كل قطعة ارض بسهوله ويسر وبضغطة زر ومن مالكها وتسهيل إجراءات بيع وشراء الأراضي والعقارات وتخفيض رسوم التسجيل والتوثيق لعقود البيع والشراء وكذلك عقود الايجار والمنفعة وفق أسس واضحة وقيد وتوثيق شفاف يمنع أي استيلاء او استحواذ على أراضي الاخرين وتوثيق كل ذلك في سجلات ورقية والكترونية واسقاطها في خرائط وطنية شفافة ومتاحة ووفقا للسجل العقاري العيني يستحيل التلاعب فيها مهما طالت بها السنوات وفك ربط ملكية الأراضي بأصول وثائق الملكية وتوثيقها بسجلات السجل العقاري ووفقا لخارطة وطنية شاملة وشفافة ونؤكد بأن نزاعات الأراضي في اليمن لغم يدمر الوطن و الاقتصاد والاستثمار.

  • عبدالرحمن علي علي الزبيب

صحفي مستقل ومستشار قانوني

law711177723@yahoo.com

اقرأ أيضا:تبنى الدولة المدنية الحديثة باحترام سيادة القانون وليس بالفتاوى الشرعية!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى