من بدر الكبرى إلى طوفان الأقصى: أنصار الأمس وأنصار العصر

من بدر الكبرى إلى طوفان الأقصى: أنصار الأمس وأنصار العصر
- بقلم الدكتور: عبدالرحمن المؤلف
السبت 6 سبتمبر 2025-
في ذكرى المولد النبوي الشريف، تعود الأمة إلى لحظة التأسيس الأولى، لحظة النور التي خرجت من مكة لتغير وجه العالم. لم يكن الإسلام مشروعًا آنياً، بل دينًا حمل في جوهره منهج المرحلية، التدرج، والوعي بسنن الله في الكون وقوانين الحياة. النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدأ دعوته سرًّا لثلاث سنوات، صبر على الحصار في الشعب، قبل بالهجرة إلى الحبشة، ثم إلى يثرب، لأنه أدرك أن التمكين لا يأتي بالتهور، بل بالوعي والمرحلية والصبر، حتى جاء الإذن الإلهي:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِي حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾.
هذه الدروس التاريخية ليست مجرد وقائع، بل خريطة عملية للمقاومة في كل زمان ومكان. واليوم، في اليمن، تتجدد هذه الروح في أنصار العصر بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، الذين يسيرون على نهج الأنصار الأوائل، متمسكين بالثبات والصبر، ويجمعون بين الإيمان بسنن الله والإعداد المادي والعسكري لمواجهة الاستكبار العالمي.
المرحلية والوعي الاستراتيجي: من مكة إلى صنعاء
حين صبر المسلمون الأوائل على الحصار الاقتصادي في مكة، وحين هاجروا إلى الحبشة ثم المدينة، لم يكن ذلك ضعفًا، بل إدراكًا لقوانين الصراع. واليوم، حين تتحمل صنعاء عدوانًا اقتصاديًا وعسكريًا شاملاً منذ أكثر من عشر سنوات، فإنها تكرر المشهد ذاته؛ مقاومة نابعة من الإيمان والوعي بأن لكل مرحلة أدواتها.
التقرير الصادر في صحيفة إسرائيل هيوم الصهيونية (أغسطس 2025) عن ضابط في سلاح الجو، يؤكد أن مهمة الطائرات الأمريكية والصهيونية في سماء اليمن معقدة، وأن “الدفاعات الجوية اليمنية المتطورة المنتشرة في أنحاء البلاد تشكل تهديدًا استراتيجيًا حقيقيًا”، وقد نجحت في إسقاط 16 طائرة متقدمة من طراز MQ-9 خلال الحرب. هذه الشهادة من العدو نفسه تكشف أن اليمن لم يعد ساحة مستباحة، بل عقدة عملياتية حقيقية تعيد تشكيل التوازنات.
أنصار الأمس وأنصار العصر: من طلع البدر علينا إلى طوفان الأقصى
الأنصار الأوائل: حينما هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، وقف الأوس والخزرج في صفه، قائلين: “طلع البدر علينا”، معلنين ولاءهم ونصرتهم بلا تردد. كانوا حجر الأساس لبناء الدولة الإسلامية.
أنصار العصر: اليوم، يقف اليمنيون على خط المواجهة مع الاحتلال الصهيوني وأمريكا، نصرة لفلسطين وغزة، متحملين الحصار والعدوان، ومؤكدين أنهم الامتداد الطبيعي لأولئك الأنصار.
كما أن الأنصار الأوائل فضحوا نفاق المنافقين وكيد المشركين، فإن أنصار العصر يفضحون اليوم زيف الغرب، وخيانة الأنظمة المطبعة، وأدوات الحرب الناعمة التي تستهدف الأمة.
الإرث النبوي في مواجهة الاستكبار
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعرف الهزيمة، بل انتقل من الصبر في مكة، إلى بناء الدولة في المدينة، إلى الانتصار في بدر وفتح مكة. واليوم، تؤكد المقاومة اليمنية أن الإسلام لا يعرف الانكسار، وأن الأمة التي تتمسك بالحق ستنتصر مهما كانت التضحيات.
العمليات البحرية للقوات المسلحة اليمنية ضد السفن الصهيونية في البحر الأحمر، التي وثقتها تقارير The Maritime Executive (2025)، ليست مجرد رد عسكري، بل امتداد عملي لرسالة الأنصار: نصرة المستضعفين والدفاع عن القدس وفلسطين.
الخاتمة:
القدس ميعاد النصر
من بدر الكبرى إلى طوفان الأقصى، ومن شعب مكة إلى حصار صنعاء، ومن أنصار الأمس إلى أنصار العصر، يستمر خط النبوة والمقاومة. الأجداد رفعوا اللواء مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واليوم يرفعه الأحفاد بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله.
المرحلية، الصبر، والإعداد هي سنن الله في التمكين. والقدس، كما كانت ميعاد الوعد الإلهي، ستظل ميعاد النصر المحتوم.
اقرأ أيضا:المولد النبوي .. من الطقس الفردي إلى الحدث الوجودي
