كتابات فكرية

معركة العِزّة: حين قلبت إيران الطاولة على أمريكا وإسرائيل

معركة العِزّة: حين قلبت إيران الطاولة على أمريكا و”إسرائيل

معركة العِزّة: حين قلبت إيران الطاولة على أمريكا و”إسرائيل

بقلم الدكتور : عبدالرحمن المؤلف 

الأربعاء25يونيو2025_

في لحظة فارقة من تاريخ الصراع في المنطقة، وجّهت إيران ردّها “المنضبط والمحسوب” على الهجوم الأمريكي-الإسرائيلي الذي استهدف منشآتها النووية الحساسة، وعلى رأسها “فوردو”، القلعة النووية العميقة التي أرّقت مراكز القرار في واشنطن وتل أبيب لسنوات.

الرد الإيراني بدأ من قاعدة العديد الأمريكية في قطر، التي تعرّضت لعشرة صواريخ إيرانية في أول ضربة مباشرة تطال واحدة من أهم قواعد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط. الرد جاء بعد تنسيق مع قطر، التي أُبلغت بأن الاستهداف لا يشكل تهديدًا على أراضيها وسكانها. كما كانت القوات الأمريكية قد أخلت القاعدة مسبقًا، وهو ما يشير إلى علم مسبق وتنسيق ضمني يحفظ ماء وجه الجميع ويمنع التصعيد المباشر.

في المقابل، اعتبر الرد الإيراني متوازنًا من حيث الحجم والمكان والرسالة. طهران أرادت إيصال رسالة مزدوجة: أنها قادرة على الوصول إلى عمق المصالح الأمريكية، لكنها في الوقت ذاته لا ترغب في جرّ المنطقة إلى مواجهة شاملة. والنتيجة: لا قتلى أمريكيين، وترامب يمتلك الآن فرصة سياسية لـ”ضبط النفس” وعدم الرد.

وبذلك، تكون إيران قد استعادت زمام المبادرة الميدانية والسياسية، وأكدت أن يدها ليست مرتجفة، بل مدروسة ومتماسكة. والأهم من ذلك، أن بقاء المواجهة في إطارها الإيراني-الإسرائيلي، دون تدخل أمريكي مباشر، يُمنح طهران حرية استنزاف “إسرائيل” في حرب لا تجيدها: حرب النفس الطويل.

في الوقت ذاته، لم يعد سرًا أن لدى “إسرائيل” رغبة واضحة في إقحام أمريكا في قيادة الحرب، لتخفيف الضغط عن سلاحها الجوي الذي يواجه صواريخ دقيقة وطائرات مسيّرة تتخطى قدرة “القبة الحديدية” على المواجهة. غير أن تقارير صهيونية كثيرة تؤكد أن هذه الحرب، إذا طال أمدها، ستقلب العقيدة الأمنية الإسرائيلية رأسًا على عقب، وتُنهي وهم التفوق الجوي الدائم.

من جهة أخرى، تجلّت بصمات النصر الإيراني في لاءات عشرة عبّرت عنها طهران بعد الرد، وهي:

لا تفاوض منفردًا مع واشنطن

لا وقف للتخصيب

لا تراجع عن دعم محور المقاومة

لا تهاون في الردع الصاروخي

لا تخلّي عن القيادة السياسية

لا استسلام تحت الحصار

لا تراجع عن العقيدة الإسلامية

لا تردد في التحالف مع الدول المناهضة لأمريكا

لا مجال لعودة السيطرة الغربية

لا تخلي عن القضية الفلسطينية.

وهكذا، تحطّمت أهداف العدوان على صخرة الواقع الإيراني. لم تُغيَّر القيادة، ولم يُضرب البرنامج النووي بالكامل، ولم تُكسر إرادة الشعب أو جيشه أو قيادته. بالعكس، زادت التماسك، وارتفعت المعنويات، وتكرّست معادلة الردع الجديدة التي لا خطوط حمراء فيها.

اليوم، ونحن أمام واقع متغير، يتضح أن ما كان يُراد به إذلال إيران قد تحوّل إلى نصر سياسي واستراتيجي لصالحها، وهزيمة صامتة لمحور العدوان. معركة العزة لم تنتهِ، لكنها دخلت فصلًا جديدًا… عنوانه: من يملك الإرادة يصنع النصر.

اقرأ أيضا:كيف استخدم الموساد بصمة الصوت والذكاء الاصطناعي في اغتيال العلماء والقادة الإيرانيين؟

الصورة للدمار الذي احدثته الصواريخ الإيرانية في تل أبيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى