محمديون في وجه الاستكبار: في ذكرى المولد النبوي الشريف دروس التاريخ وإسقاطات الحاضر

محمديون في وجه الاستكبار: في ذكرى المولد النبوي الشريف دروس التاريخ وإسقاطات الحاضر
إعداد الدكتور: عبدالرحمن المؤلف
مقدمة
في ذكرى المولد النبوي الشريف، تستحضر الأمة الإسلامية التجربة التاريخية التي قادها رسول الله صَلِّ عَلیه وَآلِه ، لا كحدث ديني فحسب، بل كمشروع تحرري عالمي. وبينما يزداد المشهد الإقليمي تعقيدًا بتسارع خطوات التطبيع مع العدو الصهيوني، تبدو دروس مكة والمدينة معاشة وأكثر واقعية، لتكشف أن خيار الأمة لا يزال محصورًا بين نصرة الحق أو الارتهان للباطل.
مكة القديمة ومكة المعاصرة
واجه النبي في مكة مجتمعًا يربط مصالحه بالطغاة، مبررًا رفضه للرسالة بالخوف على النفوذ والاقتصاد: «وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا» (القصص: 57). اليوم، نجد مشهدًا مشابهًا في بعض العواصم العربية التي ترى في التحالف مع واشنطن وتل أبيب “حماية” من الانهيار. غير أن التجربة أثبتت أن الارتهان للمستكبرين لا يجلب أمنًا ولا ازدهارًا، بل يُفقد الشعوب استقلالها وكرامتها.
المدينة المنورة (يثرب): أنموذج النصرة والتحرر
على النقيض، قدّمت المدينة المنورة (يثرب) نموذجًا مختلفًا حين فتحت أبوابها للرسالة، لتصبح مركز الدولة الإسلامية الأولى. كان ذلك شاهدًا على أن شرف نصرة الحق ينتقل من قومٍ إلى آخر وفق استعدادهم للتضحية، وهي قاعدة قرآنية خالدة: «فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ» (الأنعام: 89).
التطبيع: قريش جديدة
الأنظمة المهرولة نحو التطبيع اليوم، من الخليج إلى المغرب والسودان، تعيد إنتاج مأساة قريش حين استسلمت لسطوة المصالح. لكنها تغفل أن التاريخ حكم بالفعل على تلك الخيارات بالزوال. فالمستقبل لا يُصنع بالتحالف مع المستكبرين، بل بالانحياز لمشروع التحرر الذي حمله الرسول قبل أربعة عشر قرنًا.
دروس الحاضر
إن التمسك بخط الهداية ليس ترفًا دينيًا، بل هو أساس الاستقلال والكرامة.
التبعية السياسية تحت عنوان “الذكاء الواقعي” ليست سوى استسلام مغلف.
الشعوب هي التي تُحسم بها معركة النصرة، لا الأنظمة، وهو ما يفسر استمرار حضور “محمديين” جدد في جبهات المقاومة من اليمن إلى فلسطين.
خاتمة
إن ذكرى المولد النبوي الشريف تضع الأمة أمام سؤال مصيري: هل تستسلم لقدر “مكة المعاصرة” حيث تُباع المواقف بثمن بخس، أم تستلهم روح “يثرب” التي جعلت من الهداية مشروع حياة؟ بين هذين الخيارين، يتحدد مستقبل المنطقة وشرف انتمائها لرسولها الخاتم، صَلِّ عَلی مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد.
المراجع:
1. القرآن الكريم.
2. ابن هشام، السيرة النبوية.
3. الطبري، تاريخ الأمم والملوك.
4. حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن.
5. عبد الملك بدر الدين الحوثي، خطابات ذكرى المولد النبوي الشريف.
6. مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، تقارير التطبيع العربي–الإسرائيلي (2024).
7. تقارير الأمم المتحدة حول أوضاع المنطقة (2023–2024).
اقرأ أيضا:اتحاد القوى الشعبية يهنئ قائد الثورة والشعب اليمني بذكرى المولد النبوي الشريف
