كتابات فكرية

في وداع الشهيد القائد الغماري

  في وداع الشهيد القائد الغماري

الأربعاء 22 أكتوبر 2025-

بقلم الدكتور: عبدالرحمن المؤلف 

في هذا اليوم المهيب، حين انحنت الهامات إجلالاً، وارتفعت الأرواح بالدعاء، ودّعت اليمن أحد أعمدتها الشامخة، وقائدها الجهادي الفذ، الشهيد الفريق الركن محمد عبدالكريم الغماري، الذي ترجل عن صهوة المجد إلى رحاب الخلود، تاركاً خلفه إرثاً من العزة، وسيرةً من نور، ووطناً أقوى بفضل بصيرته ودمه.

 قائد من طينة الأنقياء

لم يكن الغماري رجلاً عابراً في صفحات التاريخ، بل كان من أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكان من الذين قضوا نحبهم وما بدلوا تبديلاً. حمل قلباً مؤمناً، وروحاً متصلة بالقرآن، وسيرةً مستنيرة بهدي الرسول الأعظم ﷺ، فكان في كل خطوةٍ له أثر، وفي كل معركةٍ له بصمة، وفي كل جنديٍ ربّاه بذرةٌ من إيمانه.

 صانع القوة ومهندس الردع

منذ أن تولى رئاسة هيئة الأركان، لم يكن تطوير الجيش مجرد مهمة، بل كان مشروع حياة. بنى الإنسان قبل السلاح، وغرس العقيدة قبل التقنية، فنهضت القوات المسلحة اليمنية على يديه، لا لتكون مجرد جيش، بل لتكون عقيدةً تمشي على الأرض، ورايةً لا تنكسر.

طائراتٌ تخترق الأفق، وصواريخٌ تتجاوز المستحيل، وزوارقٌ تزرع الرعب في أعماق البحر، كلها كانت ثمرة رؤيته، ونتاج إيمانه بأن النصر يُصنع بالعلم كما يُصنع بالإيمان.

 تكتيكٌ لا يُدرّس، بل يُستلهم

ابتكر أساليب مواجهة أربكت العدو، وأدهشت الحلفاء، حتى أقرّت بها القوى الكبرى. لم يكن يكرر التاريخ، بل كان يصنعه، ويكتب فصوله بدمه، وعقله، وجرأته.

هزم الغطرسة في البحر الأحمر، وأربك الحسابات في باب المندب، وجعل من اليمن قوةً لا تُستباح، بل تُحسب لها ألف حساب.

 وداعاً أيها الحر الشريف

لم يأخذ من الدنيا شيئاً، لكنه أعطاها كل شيء. عاش زاهداً، ومات عظيماً. ربّى الرجال، وصنع القادة، وترك خلفه جيلاً يعرف كيف يحمل الراية، ويكمل المسير.

في يوم وداعه، لم تبكِ صنعاء وحدها، بل بكت الجبهات، وبكت البنادق، وبكت القلوب التي عرفت معنى الوفاء في وجهه، ومعنى العزة في صمته.

نم قرير العين يا أبا المجاهدين، فقد أتممت العهد، وبلغت الرسالة، وكتبت اسمك في سجل الخالدين.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

اقرأ أيضا: الغماري من الظل للواجهة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى