صناعة الجهل والإعلام المتلاعب بالعقول!

صناعة الجهل والإعلام المتلاعب بالعقول!
صناعة الجهل والإعلام المتلاعب بالعقول!
- عبد العزيز البغدادي
الاثنين5مايو2025_
من يضبط إيقاع التناقض المعاش في ظل هذا الانفلات العالمي لقوى الفساد والجهل وهيمنتها على القرار بالمال والسلاح والجهل والتجهيل؟!
وكيف أصبحت حروب الاقتصاد والسياسة والعسكرة مشاريع استثمارية تدار عبر شبكة مصالح فيها قواعد القانون والدين والأخلاق ضمن أدوات إدارة هذه المشاريع؟!.
التكتم والتغاضي عن أهمية دراسة أسباب ذلك وحجم الأضرار الناتجة عنها على الشعوب لا يبقي الحال فقط على ما هو عليه بل ويدفع به إلى الأسوأ.
في ظل كل ذلك تتناسخ الهزائم لتحويلها في وعي الناس وبمنهج الإعلام الرسمي وغير الرسمي إلى انتصارات!
الإعلام والثقافة والتربية والتعليم تعمل بهمة ونشاط على تزوير الوعي وتزييفه وتشويهه، بحماية مؤسسات قضائية وأمنية بنفس المنهج والمستوى الأخلاقي والقيَمي!.
فكيف وصلنا إلى كل هذا المستوى من التناقض الذي نعيشه أو يعيشنا، واستخدام كلمة يعيشنا فيها مجاز يدمج بين الزمن والإنسان الذي يحياه؟!.
لا وجود للزمن بدون الحياة، والتعجب يتضاءل حين نرى حجم المتناقضات التي نعيشها!.
لقد بلغ العلم مبلغاً عظيماً في البلدان التي تتخذه منهجاً وغاية في حياة الإنسان والدولة التي وجدت من أجله وفي سبيل سعادته أو هذا هو المفترض، وفي المقابل نرى كم من الغفول في من يقاتلون من أجل الإبقاء على أسباب الجهل ومناهجه معتقدين أنهم قادرين على ذلك وعلى البقاء ممسكين بعصا الحكم كميراث، وهذا الاعتقاد خاطئ بكل اللغات والمفاهيم وعند كل العقول التي تمتلك جزء يسير من الحياة والحياء!!.
الدول العظيمة في عالم اليوم تكتسب عظمتها من مدى احترامها للعلم وبناء سياستها التعليمية على خطط وبرامج وليس على أوهام وتكهنات وتمائم!.
تتسع الرؤى والآفاق تبعا للتطور والتطوير العلمي المواكب لأحدث ما وصلت إليه العقول النابضة بالحياة والإبداع.
ما يعرف اليوم بالذكاء الصناعي آخر ما وصل إليه الإنسان في تسريع إمكاناته العلمية والعملية ونشاطه في مختلف مجالات الحياة وأتمتتها، ويتقاسم العالم مستوى الحيرة حول الاستفادة من إيجابياتها والتخوف من سلبياتها فيما يتحدثون عنه من انفلات محتمل والتضارب بين قدرات الإنسان الطبيعي الذهنية وقدرات الذكاء الصناعي كَمُنتَج للإنسان، ويحدد تفاصيله متخصصون وهم مبدعوه!.
نحن ما نزال على هامش حياة الذكاء الطبيعي وفي أحسن الأحوال في أدنى المستويات ما دمنا باقيين في زاوية من يشكك ويرفض باسم الدين حق الإنسان والمجتمع في إعمال عقله وفي موقع التساؤل: هل من حقه بناء سياسته التعليمية على العلم أم على ما يعتقده وحي من السماء خص الله به بشر مثلنا يدعون العصمة والقدرة وحدهم على تحديد ما ينفعنا وما يضرنا، وما علينا إلا السمع والطاعة!.
هل يعقل أنه مازال يوجد في زمننا هذا من يفكر على هذا النحو وأن يحكم بهذه العقلية شعب له تأريخ وموروث حضاري مشهود؟!.
إنها عقلية تتقاسمها وإن تفاوتت النسب سلطات الأمر الواقع التي بسط كل منها سيطرته بالقوة والاحتيال وبدعم خارجي على جزء من اليمن الجريح وكأن هذا الجزء نصيبه ورثه عن أبيه أو أمه أو جده أو جدته، ولهذا نجد من ينفرد برسم السياسة التعليمية في جزء من اليمن، وفي جزء آخر من يقرر ميلاد دولة جديدة يجتزئها من الكيان اليمني المسجل في المنظمة التي ولدت باسم الأمم المتحدة بعد معاناة!.
اللغة ليست سوى وسيلة للتعبير عن ثقافة وحضارة أمة من الأمم، ونقل العلوم والمعارف والهموم والأفكار والتجارب والمبتكرات والعادات.
والمجتمعات المتحضرة بلا شك هي الأقدر على إنتاج لغة تعبر عن مستوى التقدم والرقي الذي وصلت إليه.
والقدرة على بقاء لغة ما أو اندثارها لا يكون باستخدام السلاح ولا بالشعارات وإنما بإثبات الوجود من خلال العمل والإنتاج والابتكار.
صحيح أن القوى المهيمنة على العالم ليست كلها على قلب رجل واحد في رؤيتها للخير والشر وفي إتاحتها لفرص المنافسة الشريفة، ومن المؤكد أن القرار في عالم اليوم بأيدي الطغاة الأكثر قدرة وقوة وجبروت ولهذا يثور سؤال وجيه: ماذا على المستضعفين في هذا الوضع أن يصنعوا؟!.
أن يربطوا عيونهم ويجمدوا عقولهم ويرموا بأنفسهم إلى التهلكة أم أن يعدوا العدة لامتلاك أسباب الارتقاء وإتباع أنجع أساليب المقاومة بدراسة مختلف التجارب الإنسانية لأشكال المقاومة والظروف المعاشة والوعي بمكامن القوة وكيفية الوصول إليها، وأفضل مقاومة بالتأكيد المقاومة المدنية الحضارية السلمية!.
الانتحار ليس سبيل المقاومة الواعية وليس له أي معنى سوى الموت بلا ثمن والتجارب القريبة والبعيدة تؤكد هذه الحقيقة!.
ولا تقوم سياسة الدول الحرة على مبدأ :(اقفز إلى الوسط وما بدى بدينا عليه) أو كما يقول المثل القبلي: (دغمر وتحبل بربح)، بالطبع لكل مثل حيثياته وشروطه.
والفرق واضح بين الشجاعة والتهور والمقاومة والانتحار، والشعوب القادرة على امتلاك ناصية الفكر للتفريق بين الخيارات هي الشعوب التي تصنع المستقبل بثقة وتؤكد وجودها بين بقية شعوب العالم.
والسياسة التعليمية بوابة دخول إثبات الوجود في العالم، وهذه السياسة لا يصنعها فرد ولا حزب ولا جماعة، إنما تصنعها الشعوب الحرة التي تتمسك بحقها في المشاركة الجادة في صنع القرار!.
عندما استيقظت حلمت بأن:
*أكثر الناس رغبة في تعذيبي هم أحبائي
*القاتل أقل الناس معرفة بتجربة الموت
* القتيل أكثرهم راحة
* القاتل يموت ألف مرة
* لا يموت الشهيد
عدت لنومي مفزوعا من كابوس اليقظة.
17/ 9/ 1991
من قصيدة مهداة إلى روح الشهيد حسن الحريبي وإلى الأستاذ عمر الجاوي تغمدتهما رحمة الله.
اقرأ أيضا:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن الهوية اليمنية وخطورة الانقسام
