سوريا علي مُفترق طُرق..!
سوريا علي مُفترق طُرق..!
- عبدالرحمن الشيباني
- الأحد22 ديسمبر2024_
تمر المنطقة العربية اليوم بمنُعطف خطير، وما حدث في سوريا لن يكون العرب بمنأى عنه ، فتداعيات ذلك ستكون كبيرة مستقبلاً، في كل المعارك المصيرية لا يمكن اللعب علي التوازنات أو إبرام الصفقات، ولا لتقديم التبريرات فمنة ينحدر ويسيل الدم أكثر ويعبر الحدود، فالقارب المتعدد المجاديف والأهداف فيه غالباً لا يصل.
خلال الأيام التي أعقبت سُقوط النظام السوري بتلك الصورة الدراماتيكية ، يمكننا قراءة المشهد السوري ، بأن هُناك بلد عربي يجري تشكيلة بحسب رؤية أخري مُغايرة تتوافق مع المصالح الإقليمية والدولية ، وهو ما بدأ واضحا من خلال التحركات الأخيرة التركية و الأمريكية والأوربية، لا سيما التركية
حيث يستعد الجيش التركي لاحتلال مناطق واسعة في شمال سوريا ،وإحداث تغيير ديموجرافي فيه كان قد بدأه في وقت سابق ، وكذا تفكيكه للجدار الحدودي والتقدم لاستهداف المناطق الكردية ،وقبل كل ذلك جيش الكيان الصهيوني الإسرائيلي الذي باغت الجميع لنيل نصيبه من الكعكة السورية ،من خلال قيامها بقظم أجزاء واسعة من الأراضي السورية ،من خلال توغلها داخل الأراضي السورية في محافظات درعا والقُنيطرة وريف دمشق وجبل الشيخ الإستراتيجي ،وموازاة لذلك شنها لضربات عسكرية علي مقدرات الجيش السوري حتى لا تكون سوريا مستقبلا مصدر قلق وخطر على الكيان الصهيوني الغاصب، نعم لا يمكن طرد وطن من التاريخ لكن أيضا بالإمكان تفتيته وإضعافه، لتبقي الأماني مشروعة في جدوى استعادته وحتى تحين اللحظة الحاسمة يتطلب الأمر وقت طويل .
لقد ظلت سوريا لعقود طويلة كجبهة ممانعة في الشرايين القومية وقلب عروبي نابض كما أنها الموقع الجيو سياسي لسوريا وتشابكها مع جيرانها والمنطقة العربية ككل يجعل من الأمن لتلك الدول واستقرارها مرهون بالوضع فيها ، لذلك الجميع اليوم يترقب كيف سيكون الوضع فيها خلال الأيام والأسابيع والشهور المقبلة، فهل يمكن أن تكون سورية الجديدة مُختلفة ؟ مبنية علي قيم المواطنة ودولة المؤسسات والنظام والقانون ومراعاة التنوع في المجتمع السوري؟ ، هذه أسئلة مُلحة لا يعلم احد كيف سيتعامل الحُكام الجُدد في دمشق معها، فلا يُمكن لأحد التكهن بما سيحدث في المستقبل ، لكن التصريحات الضبابية التي تأتي من هناك، وإن بدت مُطمئنة لكنها تحتمل أكثر من تأويل فالشيطان يكمن في التفاصيل، وفي هذا الأثناء لا نرى معادل عربي قوي إزاء ما يجري من ترتيبات إقليمية ودولية لسوريا، إلا من دافع رد فعل سياسي وانتقامي على موقفها السياسي من حركات المقاومة ، مثّلت فرصة لارتواء من ثأر وتصفيه حسابات قديمة ،يفكر بها العقل السياسي العربي الرسمي خصوصا الخليجي منه ،هذه العقليات التآمرية التي تتفنن في ممارستة ،لم تكن محصورة علي سوريا فقط ، بل هي سياسة مُتبعه في أكثر من قُطر عربي، السودان اليمن ليبيا، وقد تكون هناك دول مرشحة لهذا الاستهداف طالما وأمريكا تريد ذلك ، تبقي الأماني مُشرعة هنا في أن يتعافي هذا البلد العربي المهم ، والذي دائما ما يُوصف بأنه قلب العروبة النابض ،فهل سيبقى للعرب نبضاً فيه؟ أم أن هناك تيار آخر سيجرفه كما جرف بُلدان أخُري ما تزال تئن تحت وطأته ؟