سقوط الأقنعة: كيف كشفت السياسات الإماراتية حقيقة الصراع

سقوط الأقنعة: كيف كشفت السياسات الإماراتية حقيقة الصراع
بقلم: أحمد سليم الوزير
الاثنين 29 ديسمبر 2025-
الإمارات المتحدة، من حيث لا تحتسب، تسهم في تراكم الأحقاد وترميم صفوف المقاومة. فعند دراسة ما يجري في المنطقة—في السودان وليبيا والعراق ولبنان وسوريا والصومال ومصر وفلسطين، وخصوصًا في اليمن—يتضح للمتابع حجم الدور التخريبي الإماراتي وتشعب خيوطه ضمن مشهد إقليمي معقد.
يتوهم البعض أن ما تقوم به الإمارات نابع من قرار سيادي مستقل، وأن حلمها يتمثل في بناء إمبراطورية إقليمية كبرى، غير أن الحقيقة تشير إلى أن الإمارات ليست سوى كيان وظيفي يؤدي دورًا مرسومًا بعناية، يخدم المشروع الصهيوني ويتحرك ضمن حدوده المرسومة.
وعندما جاء دونالد ترامب في زيارته إلى الشرق الأوسط، تسابق حكام السعودية والإمارات وقطر للتقرب منه، وقدموا له فروض الطاعة، ودفعوا الجزية السياسية والاقتصادية عن يدٍ وهم صاغرون. في تلك اللحظة، لم تدرك السعودية وقطر أنهما—هما أيضًا—أهداف ضمن المشروع الصهيوني، لا مجرد أدوات مرحلية.
فقطر ما زالت تعبّر عن مشروع الإخوان المسلمين، ذلك المشروع الذي—رغم ما خلّفه من كوارث على الأمة الإسلامية—استُخدم كأداة مرحلية عبر المداهنة لليهود والنصارى، وصولًا إلى التحالف معهم في بعض المراحل، تحت وهم تحقيق مكاسب للأمة الإسلامية. وهو وهم يصطدم صراحة بالحقائق القرآنية التي أكدت أن اليهود والنصارى لن يرضوا عن المسلمين حتى يتبعوا ملتهم. واليوم، أصبحت الحرب على الإخوان المسلمين واضحة المعالم، ولن تكون قطر استثناءً؛ فالمنطقة، من وجهة النظر الصهيونية، لا تقبل سوى الأيديولوجيا الصهيونية، ولا مكان فيها لأي فكر آخر، سواء كان إسلاميًا، أو قوميًا، أو غير ذلك من المشاريع.
أما السعودية، فقد تخلت عن أي أيديولوجيا إسلامية، وألقت بما يُعرف بـ«علماء الصحوة» في السجون، بعد أن استُغلوا في مراحل سابقة لإشعال الفتن الطائفية وتشويه صورة الإسلام. ثم تخلّت عنهم وعن ذلك الفكر الذي حُسب ظلمًا على الإسلام، لتتحول إلى كيانٍ فارغٍ من أي مشروع فكري، متبنية الصهيونية فكرًا وعقيدةً بصورة شبه معلنة. ومع ذلك، فإن هذا التحول لن يشفع لها؛ فالسعودية دولة كبيرة، تمتلك موارد هائلة، لكن جزءًا مهمًا من جغرافيتها—لسوء حظها—يقع ضمن ما يُسمّى بمشروع «إسرائيل الكبرى»، ما يجعلها مجرد ورقة مؤقتة سيتم التخلص منها عند انتهاء دورها.
وفي خضم هذا المشهد المضطرب، جاءت الإمارات لتلعب الدور الأخطر: دور التخريب المباشر، وتمزيق المجتمعات، وإشعال الصراعات، من اليمن إلى ليبيا، ومن القرن الأفريقي إلى المشرق العربي، خدمةً لأجندة لا تمتّ للعروبة ولا للإسلام بصلة.
غير أن المفارقة الكبرى تكمن في أن هذا السلوك—على خطورته—يسهم في كشف الحقائق وتعجيل سقوط الأقنعة، ويدفع الشعوب، عاجلًا أم آجلًا، إلى إعادة تموضعها الطبيعي في صف المقاومة، بعد أن أدركت أن معركة الأمة ليست داخلية كما صُوّرت، بل مع مشروع استعماري واحد، تتعدد أدواته وتختلف وجوهه.
اقرأ أيضا: سلاسل التوريد على مسرح العمليات في الجنوب اليمني المحتل.. من يقود الآخر؟



