كتابات فكرية

حين تتحول العادات إلى مقدسات

حين تتحول العادات إلى مقدسات

أمين الجبر

الجمعة 12 ديسمبر 2025-

جذور التمسك بالعادات: من التقاليد إلى الأيديولوجيا المتكلسة..

عندما تُطرح سؤالاً بديهياً يمس عادة اجتماعية تقليدية في وعي مجتمع محافظ، غالباً ما تكون هذه العادة منفصلة جذرياً عن الدين أو المذهب؛ إنها مجرد تراكم تاريخي أصبح اعتقاداً متأصلاً في نفوس العوام، ثقافة متراكمة يصعب فكاكها من تبعاتها.

الهدف من السؤال هنا ليس الجدل، بل قياس مستوى التفكير الجمعي: هل يملك المجتمع قابلية للتطور؟ هل يصل إلى أدنى حدود التفكير العلمي، ناهيك عن التأمل الفلسفي؟

إذا كانت الإجابات السائدة جدلاً عقيماً، غلواً في التبرير، أو تحويلاً للموضوع إلى اتهام بالمساس بالدين أو الهوية، فهذا دليل قاطع على عدم استعداد المجتمع للتنازل عن عاداته المتقادمة – حتى لو كانت خرافية بحتة. مثل هذا المجتمع لا يستسيغ قيماً تنويرية تخالف معتقداته، مهما كانت خارج دائرة الدين. فالذي يرفض مناقشة عادة بسيطة كأنها جزء من الشريعة، كيف له أن يقبل نقاش قضايا وجودية كبرى؟ كيف لمن يرى في ثقب إناء أو حمل الخنجر مقياساً للرجولة – دون اعتبار الفكر أو القيم أو الثقافة – أن يستوعب قوانين الفيزياء النووية أو علوم الذرة؟

في هذه الحالة السفسطائية، يصبح مشروع التنوير والتثقيف نوعاً من العبث اللاجدوى. إذا فشلت في إقناع بتغيير عادة بسيطة، فكيف تحاول عبثاً فرض ما هو أكبر من الوعي وفوق مستوى الإدراك؟

 الإيديولوجيا المتعصبة تنشأ هكذا: من تراكم العادات في الوعي الجمعي لـ”القطيع”، حتى تتحول إلى براديغم متكلس عصيّ على التغيير.

في السياق اليمني، تراكمت عادات اجتماعية على الوعي الجمعي، فتحولت بالتقادم إلى “دين” موازٍ يصعب فصله عن جوهر الإسلام الحنيف، مما يعيق أي محاولة للانتقال نحو عقلانية حديثة.

اقرأ أيضا: يوميات البحث عن الحرية للأستاذ عبدالعزيز البغدادي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى