بين يدي ميلاد منقذ البشرية
بين يدي ميلاد منقذ البشرية
بقلم / لطف لطف قشاشه
لم يكن ميلاد النبي الخاتم محمد ( ص ) حدثا عابرا أو عاديا يشبه أي ميلاد لأي إنسان في هذه المعمورة ، وإنما كان تأكيدا لحقيقة الخبر الإلهي ( إني جاعل في الأرض خليفة ) فيوم أن قضت الحكمة الإلهية بخلق الإنسان وإسكانه في الأرض رغم أن من طبعه الإفساد في الأرض وسفك الدماء كما ذكر لنا الله سبحانه وتعالى في القرآن العظيم عن ذلك على لسان الملائكة رضوان الله عليهم ..
بعد الاستخلاف ومنذ عهد آدم عليه السلام والأوائل من ذريته تجلت حقيقة الإضلال والتزيين الشيطاني للبشرية وكيف أن واقعها أصبح مليء بالانحرافات النابعة من حقيقة القدرة على الاختيار والتصرف وفق ما منحها الله لهذه الخاصية المتفردة عن جميع العوالم والمخلوقات فاصحب بذلك القدر المطلق غير المقيد من الاختيار، أصبح يبتعد عن ماهية الاستخلاف لعمارة الأرض لتكون محطة للعبادة المطلقة لله ونعني بالعبادة المطلقة جميع التصرفات النافعة للإنسان للعيش بسلام بعيدا عن الكهنوت والفساد والتضليل وهي مصاديق للنوايا التي ينطلق بها الإنسان في الصلاة والنسك والحياة والممات لتكون خالصة لله وان غيرت من الإخلاص وأدخلت مقاصد الأنا وتبعية المضلين من شياطين الإنس والجن كانت كما قالت الملائكة ممن يفسد في الأرض ويسفك الدماء ..
انحرفت البشرية كثيرا عن مقاصد الإرادة الإلهية لإيجادها، وان كان الانحراف رويدا رويدا إلا أن وصلت الحالة قبل ميلاد النبي الخاتم محمد ( ص ) إلى ظلمة مطبقة سميت بالجاهلية التي انهدمت معالم الدين وتحكم الطاغوت والجبروت والجهل والوثنية على رقاب البشرية في ذلك الزمن المظلم هذا الانحراف الخطير كان لا بد له من منقذ يعيد الوجود البشري الى حقيقة وجودة فكان ميلاد النبي ( ص ) ومبعثه لكن ليس كما كان عليه الحال مع من سبقه من الأنبياء والمرسلين فجميعهم كانت بعثتهم لأقوامهم خاصة بينما بعثة النبي الخاتم محمد ( ص ) للعالمين جميعا وهذا ما يميزها ويؤكد على أنها في حضورها وديمومتها الشريعة التي ستنقذ الجنس البشري بأكمله من أباطيل الانحرافات المتوارثة عبر سنين الوجود البشري والتي انتقلت من الأمم المتعاقبة التي كان يبعث لها رسول مخصوص لا تتعدى شريعته قومه وأمته وتعالج انحراف هذه الأمة التي بعضها وثني وبعضها يرتكب الفواحش ( اللواط ) وبعضها يطفف في الميزان وبعضها يتفرعن ويدعي الإلوهية بينما شريعة ووجود النبي الخاتم محمد ( ص ) جاءت لتنقذ جميع الأمم ( العالم بأسره ) من جميع أصناف الانحرافات المتوارثة السابقة ..
يحق للعالم بصدق أن يحتفي بميلاد الرسول المنقذ لان شريعته التي حملها وبلغها وجاهد لإتمامها ونشرها وترك البشرية بعده على المحجة البيضاء ليلها كنهارها هي التي لن تتبدل حقيقة شموليتها وصلاحها لكل زمان ومكان لأنها شريعة الفطرة السوية والتي يستحيل ان تندثر او يصيبها تبديل أو تحريف لأنها محفوظة بالقرآن وبعدول القران سفن النجاة وإعلام الهدى الذي اخبر النبي الخاتم إنهما لن يفترقا حتى قيام الساعة ..
أن الله عندما خلق ادم وجعله خليفة بالتأكيد كان عنده علم ما لا نعلم وما لا تعلمه الملائكة من هذا الخلق والذي خلاصته أن ( الأرض يرثها عبادي الصالحون ) وميراث الأرض يكون للأجيال التي تلحق من قبلها وأمة النبي الخاتم محمد ( ص ) هي التي تحمل صفة العباد الصالحين وهي من سترث الأرض وسيكون لها التمكين والحاكمية وفق تعاليم سيد البشرية، لهذا فلا يؤثر علينا صولات الباطل التي ما تلبث أن تضمحل ويبقى صولة الحق إلى قيام الساعة لان المؤثر الدائم هو ذلك المؤثر الفطري السلوكي الأنموذج الذي تنساق إليه النفوس مهما كان حجم انحرافها وطغيانها فهي تقف عاجزة عن إنكار عظمة الدين والقران والرسول وهذا قد تجلى في ردات فعل صناديد قريش وزعماؤها مع تعاليم الشريعة ومع نصوص القرآن ومع عظمة وقوة وحضور الرسول بينهم وهم من قد جمعوا جميع صفات المنحرفين من الأمم السابقة ..
ميلاد النبي الخاتم محمد هو يحمل دلالات الإنقاذ الحتمي لهذا فإننا معنيون باستحضار هذه الحتمية ومعنيون كذلك بالعودة للتمسك به وبرسالته وتعاليمه وسيرته لأننا نعتقد أن ما ينقذ البشرية لا يمكن أن يتعدى هذه الشخصية فقد حاول الإنسان أن يوجد له مسارات غير مسار تولي النبي الخاتم فتقوده للانحراف فيبحث مجددا عن منقذ ، وفي الأخير لا يجد سوى خاتم المرسلين وسيد الأولين والآخرين منقذا لمطابقة منهجه للفطرة السوية للإنسان ..
أخيرا نحن معنيون أن نسعى لتجديد الولاء والانتماء لهذا النبي ولما جاء به وحث عليه من التولي لإعلام الهدى سلام الله عليهم أجمعين ..
والله من وراء القصد..
اقرأ أيضا للكاتب :الأسطوانات المشروخة ومآلات الصراع العربي الإسرائيلي