كتابات فكرية

المرأة اليمنية… الجوهرة التي هزمت الحرب الناعمة وأربكت رواية العالم

المرأة اليمنية… الجوهرة التي هزمت الحرب الناعمة وأربكت رواية العالم

بقلم الدكتور: عبدالرحمن المؤلف 

الأربعاء 10 ديسمبر 2025-

في زمنٍ مضطرب، تذوب فيه هوية الشعوب تحت ضغط العولمة القسرية والحرب الناعمة، تبرز المرأة اليمنية بوصفها “الجوهرة” التي استعصت على الكسر، والرمز الذي تحدّى أدوات التفكيك القيمي التي اجتاحت العالم العربي خلال العقدين الأخيرين. هذا الظهور ليس طارئًا ولا انفعالًا ظرفيًا؛ بل هو تراكم تاريخي وثقافي وهوياتي يتغذّى من مدرسةٍ روحية عميقة تمتد إلى سيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء عليها السلام، التي رغم تغييب سيرتها في المنظومات التعليمية، ظلت حاضرةً في الوعي الشعبي اليمني كقدوة أخلاقية ونموذج للتحصين القيمي.

فاطمة الزهراء والمرأة اليمنية: علاقة الوعي والهوية

لقد فرضت مدرسة الزهراء عبر التاريخ نموذجًا مُلهمًا للمرأة، يقوم على الكرامة، الوعي، النزاهة الأخلاقية، والموقف الرسالي. وبرغم أن تيارات فكرية – مثل المنظومة الوهابية – أسهمت في تهميش حضورها المعرفي، إلا أن الثقافة القرآنية الحديثة في اليمن أعادت إحياء هذا النموذج بوصفه درعًا تواجه به النساء الهجمة العالمية على هوية المرأة تحت عناوين براقة مثل “التمكين” و”حقوق المرأة” التي توظّف في كثير من السياقات لتفكيك البنى الأسرية والاجتماعية.  

إن الهوية الفاطمية ليست مجرد إطار ديني، بل منظومة دفاع معرفية ضد الحرب الناعمة التي وصفها الإعلام الغربي نفسه – مثل تقارير RAND وCIA حول “Winning Hearts and Minds” – بوصفها أكثر أدوات السيطرة فاعلية، لأنها تستهدف أنماط التفكير والقيم قبل السلوك والسلاح.

الحرب الناعمة ومحاولة إعادة تصنيع المرأة

لقد حاولت القوى الغربية، منذ بداية ما بعد 11 سبتمبر، إعادة إنتاج المرأة في الشرق الأوسط كجسرٍ لتمرير مشاريع التغيير الثقافي، بما يتجاوز أي إطار محلي. يعتمد هذا المشروع على أدوات:

التضليل الإعلامي

تحويل القيم الأسرية إلى وصم

تسويق الفردانية المتطرفة

ربط “التحرر” بنموذج الاستهلاك

وخلق فجوة صدامية بين المرأة وهويتها الدينية

غير أن المرأة اليمنية ظلّت عصيّة على هذه الأدوات لسبب جوهري:

استمرار المرجعية القرآنية والفاطمية كحاضنة قيمية غير قابلة للاختراق.

المرأة اليمنية في سياق العدوان: تحوّل دور لا ينكره العالم

منذ العام 2015، وجد العالم نفسه أمام ظاهرة لم تكن متوقعة: المرأة اليمنية تتحول من “صورة الضحية” في الإعلام الدولي إلى فاعلٍ مركزي في الصمود المجتمعي والحشد الشعبي.

وهناك تقارير وثّقت دهشة المراقبين من هذا التحوّل، مؤكدة أن

النساء شاركن في صناعة القرار الاجتماع

أسهمن في رفد الجبهات ماديًا ومعنويًا

قُدن مبادرات الإغاثة والتعليم الأهلي

حافظن على نسيج الأسرة تحت ضغط الحرب والحصار

قدّمن خطابًا تعبويًا تفوق قوته الخطاب السياسي نفسه

إن هذا التحوّل لم يكن مجرد حراك اجتماعي؛ بل تجسيد لمدرسة الزهراء في الصبر، الوعي، والتضحية. لقد رأى العالم المرأة اليمنية وهي:

تودّع أبناءها الشهداء بوقارٍ مهيب

تقف في ساحات الاحتجاج بصلابة

تذيب ذهبها لدعم الجبهات

تُعلّم جيلاً قرآنيًا لا يخضع للهيمنة الثقافية

وتعيد تعريف معنى القوة الأنثوية بوصفه قوة أخلاقية ورسالية

لذلك وصفتها صحف أوروبية – مثل Le Monde وThe Independent – بأنها

“امرأة لا تُقهر” و*”نموذج فريد على مقاومة الحرب الناعمة”*.

لماذا فشل المشروع الغربي في اليمن؟

الإجابة تكمن في المعادلة التالية:

امرأة واعية + هوية دينية صلبة + بيئة اجتماعية محافظة + قيادة ثقافية قرآنية = حصانة ضد الاختراق

وهذه المعادلة تفسّر – وفق تحليل Chatham House 2022 – لماذا لم تستطع مشاريع الغرب تغيير البنية الاجتماعية اليمنية رغم استخدام:

السلاح، الإعلام، المساعدات المشروطة، المنظمات الدولية، والحرب الاقتصادية.

لقد أخطأ الغرب حين افترض أن المرأة اليمنية الحلقة الأضعف، بينما كانت العنصر الأكثر مناعة، والأكثر قدرة على تحويل العدوان إلى فرصة لتعزيز الانتماء والمقاومة.

المرأة اليمنية في عيون العالم: من الضحية إلى القدوة

اليوم، لا تُقدّم المرأة اليمنية نفسها للعالم كمتحدثة في مؤتمرات الفنادق، بل تُقدَّم كـ:

نموذج في التربية الهادفة

نموذج في الوعي السياسي

نموذج في الصلابة الروحية

نموذج في الموقف الرسالي

ونموذج في العطاء غير المشروط

إن صورتها التي أصبحت تنتشر عالميًا ليست صورة “امرأة مسحوقة” بل صورة امرأة رسالية تحمل طفلها بيد، وراية الحق باليد الأخرى.

الخلاصة

لم تهزم المرأة اليمنية الحرب الناعمة فحسب؛ بل قدّمت للعالم تعريفًا جديدًا للمرأة المقاومة.

إنها الجوهرة التي استعصت على الاستلاب، والقدوة التي أعادت بناء الوعي في زمن الانحدار، والنموذج الذي يعيد وصل الأرض بالسماء عبر مدرسة الزهراء عليها السلام.

في عالمٍ يذوب فيه كل شيء…

كانت المرأة اليمنية النور الذي لا يخبو، والصوت الذي لا ينكسر، واليقين الذي لا يساوم.

المراجع والمصادر

  •  جميعها مصادر تحليلية أو تقارير دولية تناولت دور المرأة اليمنية، الحرب الناعمة، أو التحولات الاجتماعية خلال الحرب:

 اقرأ أيضا: لماذا تلعب الإمارات دورًا تخريبيًا في المنطقة العربية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى