كتابات فكرية

الكتابة.. ذلك الهاجس الرجيم

الكتابة.. ذلك الهاجس الرجيم

الكتابة.. ذلك الهاجس الرجيم

  • أمين الجبر

الأربعاء30يوليو2025_  

حين تخوض غمار الكتابة، فإنك أمام عالَم مترامٍ من القرّاء، متنوعي التوجهات ومستويات الفهم، منهم السطحي، والمتوسط، والعميق، ومنهم المؤدلج، والتقليدي، والليبرالي، والمتمرد. وكذلك في فضاء النشر والاتصال الاجتماعي، لا تُحصى الثقافات والأمزجة، بين مفكر وأكاديمي وباحث وإعلامي، وبين هاوٍ وفضولي، وربما حاسد وأناني.

من خلال تجربتي المتواضعة في الكتابة والبحث، أدركت أن المتلقين يتوزعون بين قطبين: قلوب معلقة ومحفزة، وأخرى مستنكرة ومثبطة. القارئ الأول يحمل الموضوعية والحياد، يصغي لما أكتب بنية تقييم نقدي بَنَّاء، وهو ما أرحب به بشغف، لا فقط لتطوير موهبتي، بل لما يتركه من أثر معنوي يعزز الحافز ويشحذ الهمم. أما القارئ الثاني، فغالباً ما ينطلق من ذاتية مفرطة، يرفض حتى الاقتناع بمجرد إمكانية الإعجاب، وينقب عن زلل يُبرر نزعاته السلبية تجاه الكتابة وصاحبها.

إن هذا التباين ليس سوى انعكاس لاختلاف القدرات الذهنية ومستوى الفهم، إذ إن النصوص البسيطة، مثل التعازي أو أخبار المناسبات، تجد قبولاً واسعاً حتى بين أضيق المستويات. أما الكتابة المتعمقة، فتتطلب قدرة استيعاب أعظم.

وأثناء القراءة المتعمقة،  على سبيل المثال لا الحصر،  لأعمال الجابري وبلقزيز وغيرهما من عمالقة الفكر، أجد نفسي مُندمجاً وحاملاً فكرهم ولغة مصطلحاتهم بسلاسة، متناسياً اختلاف الجمهور، حتى تفرض ذاتية التفكير نفسها، وكأن الحوار مع القارئ ينحصر في الخطاب معهم وحدهم، فتأتي الكتابة بمثابة تأمل ذاتي أسبق عليه مناقشة الجمهور.

في هذا السياق، آمنت بضرورة الالتزام بمجموعة من المبادئ، كي لا أغرق في وهدة هذا الهاجس الذي يلازمني أثناء الكتابة:

– اكتب حرّاً بما يرتئيه فكرك، لا تباعاً للتيار أو الجمهور.

– اصنع من كتاباتك انعكاساً حقيقياً لفلسفتك وأفكارك.

– عبر عن مشاعرك بلا تزييف أو تصنع.

– تمسك بأسلوبك الخاص، بلغتك الشخصية، متجنباً التقليد والانتحال.

– لكل كاتب فلسفته وشاعريته، ولكل قارئ أذواقه وميوله.

– تجاهل الإحباطات والمثبطين، وامضِ بثبات وثقة.

والله ولي التوفيق..

أقرأ أيضا:بين الحماسة والانفعال: توضيح ما التبس على لطف قشاشة في تأملاته

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى