الشاعر الإنسان
الشاعر الإنسان
بقلم الأستاذ: زيد بن علي الوزير
رحل الأديب وبقي أدبه..ومضى الشخص وبقي أثره.
والشاعر الأديب والمجاهد “محمد بن يحيى المداني” وإن رحل عنا وغاب طيفه خلف الأفق فإن ذكره سيظل حياً، بين محبيه وهو قد ترك وراءه ذكراً طيباً، وهو قد ترك خلفه ذكراً حسناً، ومن عمل صالحاً فلنفسه وأمته. فقد رفع لنفسه ذكرًا، كما قال الشاعر الكبير أحمد شوقي:
فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها فالذكر للإنسان عمر ثان
لم يعرف عنه إلا الخلق الكريم والسلوك الرصين لم يسئ إلى أحد ولم يسئ إليه أحد، كان كالزهر يعجب به كل من شاهده وكالنغم الحلو لكل من استمع إليه، فمضى إلى ربه طاهر الثوب، نقي القلب صافي الضمير.
لم التق به شخصياً لكني عرفته من شعره ومن مقالاته ومن مراسلاته ومن خلال كل ذلك عرفت فيه الإنسان الثابت على مبدئه، الحامل هموم الناس في قلبه، المشارك لهم في بلواهم وأفراحهم، القريب من المظلومين البعيد عن الظالمين ممثلاً لحزبه خير تمثيل.
كان صورة أخرى من أخيه النبيل الأديب المناضل المرحوم أحمد بن يحيى المداني فكلاهما يملكان قلمين نضاخين بالكلمة الراشدة، والعبارة الرشيدة، وكلاهما أخلص لوطنه وسالت أقلامهما في محبته ومواقفهما بما ينفع الناس فأحبهما الناس على اختلاف ميولهم واتجاهاتهم “لما تحليان به من صدق الكلمة، وصادق التوجيه، وكان غيابهما خسارة لاتحاد القوى الشعبية ولليمن كل اليمن فرحمهما الله ورضي عنهما.
وقد مضى الرفاق الأوائل، وأنا شاهد رحيلهم واحداً بعد واحد، وكأن شأني مع هؤلاء الرفاق كما قال شوقي:
مالَ أَحبابُهُ خَليلاً خَليــــــــلا وَتَوَلّى اللِداتُ إِلّا قَليــــــــلا
نَصَلوا أَمسِ مِن غُبارِ اللَيالي وَمَضى وَحدَهُ يَحُثُّ الرَحيلا
ولقد كان صعباً على قلمي أن يشاهد رحيلهم واحداً بعد واحد دامع العين، حزين القلب، وكان يؤثر أن يرثيه أحد أولئك الرفاق الأفذاذ كما تمنى شوقي وهو يرثي الشاعر “حافظ إبراهيم”:
قد كنت أؤثر أن تقول رثائي يا منصف الموتى من الأحياء
ولست أدري لم أكثرت من الاستشهاد بشوقي العظيم إلا أنه ربما كان يعكس شوقي على الرفاق وآخرهم محمد بن يحيى المداني.
رحم الله من مضى وحفظ من بقي.
اقرأ أيضا:عن كتاب : غيوم حول الثورة الدستورية “حوار مع أساتذتي” للمفكر الكبير زيد بن علي الوزير