الأطماع الصهيونية وتصدّي جبهات المقاومة.. معركة الوجود والمصير

الأطماع الصهيونية وتصدّي جبهات المقاومة.. معركة الوجود والمصير
بقلم /إبراهيم الحبيشي
الخميس 27 نوفمبر 2025-
تمتد جذور المشروع الصهيوني في المنطقة العربية والإسلامية بعيداً في عمق التاريخ، محمولة على وعود أسطورية وادعاءات دينية تستميت لتحويلها إلى واقع ملموس. لم تكن النكبة عام 1948 مجرد تشريد لشعب وسرقة لأرض، بل كانت لحظة تأسيسية لمشروع استيطاني استعماري مغلف بخطاب أيديولوجي، يطمع ليس فقط في فلسطين، بل في رسم خريطة جديدة للمنطقة كلها، خريطة تخدم مصالحه وتوسعه وتفكيك كياناتها. عبر العقود، تحولت هذه الأطماع من حلم متطرف إلى سياسات دولة منهجية، تدعمها قوى عظمى، تسعى لفرض هيمنتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، من خلال اختراق الأنظمة، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وإشعال نيران الفتن الطائفية، وتحويل المنطقة إلى ساحة مفتوحة لنفوذها.
في مواجهة هذا الزحف، لم يكن الصمت خياراً للشعوب. من رحم المعاناة والظلم، ولدت إرادة المقاومة، ليس كخيار تكتيكي عابر، بل كضرورة وجودية. لم تعد المقاومة حكراً على سلاح أو فصيل واحد، بل تحولت إلى حالة شاملة، تجسدت في جبهات متعددة، كل منها يشكل رأس حربة في معركة المصير المشترك. في غزة، كتبت كتائب القسام والسرايا وغيرها من الفصائل ملحمة الصمود بدماء أبنائها، محولة القطاع المحاصر إلى قلعة منيعة وُجهت منها ضربات موجعة لآلة الحرب الصهيونية، محطمة أسطورة الجيش الذي لا يقهر، ومثبتة أن زمن الردع الأحادي قد ولى.
وعلى الحدود الجنوبية للبنان، يقف حزب الله كحاجز صلب، يردع أي عدوان محتمل، ويوازن الرعب بترسانة صاروخية متطورة جعلت العمق الصهيوني عرضة للضرب. هذه الجبهة لم تعد مجرد نقطة دفاع، بل أصبحت رقماً صعباً في معادلة القوى الإقليمية، تفرض قواعد اشتباك جديدة. وفي اليمن، دخل أنصار الله على خط المواجهة المباشرة، مستخدمة موقعها الاستراتيجي للضغط على مصالح العدو وحلفائه عبر استهداف الملاحة البحرية، في خطوة غيرت جغرافيا الصراع وأثبتت أن حلقات المواجهة متصلة لا منفصلة. أما في العراق، فقد شكلت الفصائل العراقية قوة ردع مهمة، مستهدفة القواعد العسكرية الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني، مؤكدة أن أي تطبيع مع العدو لن يمر بسلام.
هذه الجبهات، وإن اختلفت جغرافيا وأساليب قتال، إلا أنها تشكل نسيجاً واحداً في مواجهة المشروع نفسه. إنها معركة تراكمية، تثبت يوماً بعد يوم أن المنطقة لم تعد ذلك الحقل المغلق للعدو، وأن إرادة الشعوب أقوى من كل آلات القتل والتدمير. إنها قصة لم تكتمل فصولها بعد، ولكن دماء الشهداء على كل الجبهات ترسم ملامح النهاية الحتمية لأطماع مشروع بائد، وتؤسس لمرحلة جديدة يكتب فيها أبناء المنطقة مصيرهم بأيديهم، بعيداً عن وصاية المستعمر وأحلامه.
اقرأ أيضا: ازدواجية المعايير .. الإرهاب أداة في صراع النفوذ الإقليمي والدولي




