كتابات فكرية

الأسطوانات المشروخة ومآلات الصراع العربي الإسرائيلي

 الأسطوانات المشروخة ومآلات الصراع العربي الإسرائيلي    

بقلم / لطف لطف قشاشة  ..

تنشب الصراعات لأسباب متنوعة وخاصة الصراعات المسلحة بعضها منطقي والآخر يفتقد للمصداقية والحقيقة  ..

في الصراع العربي الإسرائيلي وإن امتلك العرب الحق فيه إلا أن تطورات الأحداث مع مرور الوقت انحرفت كثيرا عن السبب الرئيس لهذا الصراع حيث اغفل كثير من المعنيين بالتدخل المباشر أو غير المباشر، حالة الاحتلال الجاثم على فلسطين دون أي حق أو مسوغ تاريخي أو قانوني وتعاطى الجميع مع هذه الحالة بطريقة الأمر الواقع ،بعدما قدم العرب والفلسطينيون الكثير من التنازلات معتمدين على واقع  النظام العالمي الذي كرس الأمر الواقع عبر مقررات الأمم المتحدة والدول العظمى التي اعترفت بالكيان الغاصب كدولة كاملة العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة وما تبعها من هزائم الأنظمة العربية التي دخلت مجتمعة في حروب مع إسرائيل وما أعقبها من تغيرات الواقع الدولي، وصولا لأكذوبة عملية السلام والتي حشرت في نهاية المطاف القضية الفلسطينية في زاوية ضيقة جعلت منها قضية صراع فلسطيني صهيوني دون أن يكون للعرب والمسلمين أي حق في التدخل في هذا الصراع ..

متغيرات الأحداث التي مرت في هذا الصراع حملت عناوين متعددة حتى أوصلت الصراع إلى ما أوضحتاه ودفعت بالأنظمة العربية والإسلامية إلى تغيير أماكن تموضعها في خارطة هذا الصراع بعدما انقسمت تلك الأنظمة إلى محورين معتدل وممانع عقب مؤتمر السلام في مدريد عام 1990 والتي أوصلت دول ما يسمى الاعتدال العربي إلى تبني خيار التآمر العملي على القضية الفلسطينية والوقوف المعلن صفا إلى صف مع هذا الكيان الغاصب وهو ما ظهر جليا عقب أحداث طوفان الأقصى المبارك  ..

ظهرت أثناء هذه التحولات في المواقف العربية عناوين متعددة تمسك بها محور ما يسمى الاعتدال العربي بل واستماتوا في تثبيتها في عقلية شعوبهم بانها عناوين تخدم القضية الفلسطينية وتعيد الحق الفلسطيني عبرها وابتدأت الحكاية بخديعة السلام مقابل الأرض والتي تطورت إلى تقزيم الحق الفلسطيني بسلطة رام الله مسلوبة الإرادة والقرار والسيادة في مقابل الاعتراف بالكيان الغاصب كدولة ذات سيادة كاملة والاندفاع في مسارات التسوية والتطبيع الشامل معها  ..

وخلال مجريات هذه الأكذوبة حدثت انتكاسات جمة طالت عناوين توجيه بوصلة العداء وانحرفت عبرها حتى أصبح العدو الغاصب حليفا ولا يمثل خطرا على الأمتين وإنما العدو المفترض مواجهته هي الجمهورية الإسلامية في إيران ومن يقف معها في محور الجهاد والمقاومة  وعزز هذا الانحراف النشاط المكثف في توسيع الصراع المذهبي والطائفي كورقة من أوراق الصراع المصطنع الذي شجعته ودعمته الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي استثمرت أكذوبة الصراع في أفغانستان وأنشئت التطرف الوهابي كصنيعة لتدمير الأمة  الإسلامية الواحدة  وبالتأكيد أن الجميع يعرف تفاصيل هذه الخديعة وتأثيراتها  ..

عناوين كثيرة استخدمت في الصراع العربي الإسرائيلي بعضها تبناه الصهاينة والغرب أنفسهم وبعضها تبنته دول الاعتدال العربي المدجن ،، منها الشرعية الأممية ومنها الصراع الطائفي ومنها تقزيم الصراع ليصبح فلسطيني صهيوني فقط دون أن يكون للأمتين العربية والإسلامية شأن فيه إلا أن جميعها تفتقد إلى للمصداقية والواقعية والحقيقة  ..

العناوين المتلاحقة والتي حملت أكثر من اتجاه وإثارتها أكثر من جهة لتغيير واقع الصراع العربي الإسرائيلي الذي يعتبره الكثير من الشعوب انه الصراع الأول وان استمات صانعوها في الترويج لها كمسلمات واستغلت حالة التشظى والضعف لدى الأنظمة العربية وهيمنة القرار الأمريكي والغربي عليها دفعا لجعل الغدة السرطانية أقوى دولة في المنطقة إلا أنها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق هذه العناوين على ارض الواقع بدليل ما تشهده المنطقة من متغيرات بعد طوفان الأقصى  تتجه حتما إلى زوال إسرائيل من الوجود طال الزمان أو قصر وتثبت أن الحق هو المنتصر حتما في نهاية  المطاف طالما بقي هناك أصوات تحمل مشاعل هذا الحق باعتباره حقا وجوديا يستحيل التخلي عنه  ..

العناوين المنحرفة أصبحت اليوم اسطوانات مشروخة لم تعد تنطلي على أحرار الأمة الذين يقودون معركتهم بتنسيق عال وبفاعلية تظهر نتائجها يوما بعد يوم على خط الصراع والمواجهة مع الكيان الغاصب ومن يسانده من دول الاستكبار العالمي وأقزام النفاق العربي لان هذه القوى الحرة استعادت زمام المبادرة وتركت اسطوانة المنظومة الأممية وخديعة عملية السلام الوهمي وترهات الصراعات الطائفية والمذهبية ولم تعد تبالي بمن لازال يعيش وهم هذه الاسطوانات المشروخة من شعوب وأنظمة كحالة متبلدة في جسم الأمة الواحدة التي عما قريب ستلفظهم كونهم أوهام سرطانية يستحيل أن تترك لتهلك الجسم الحي الذي جعله الله جسم ( خير امة أخرجت للناس ) فهل بعد الحق إلا الضلال  ..

والعاقبة للمتقين

اقرأ أيضا للكاتب:ما بعد يافا ابشروا بالفتح المبين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى