كتابات فكرية

اغتيال سياسي وتصعيد عسكري: استهداف حكومة صنعاء يفضح فشل الردع الأمريكي والصهيوني

اغتيال سياسي وتصعيد عسكري: استهداف حكومة صنعاء يفضح فشل الردع الأمريكي والصهيوني

بقلم الدكتور: عبدالرحمن المؤلف

الأربعاء 3 سبتمبر 2025-

في تطور خطير يعكس حجم التداخل بين العمل العسكري والاستخباري، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء يوم الخميس الماضي غارة جوية نفذتها طائرات تابعة للاحتلال الصهيوني، استهدفت اجتماعًا لرئيس الوزراء أحمد غالب الرهوي وعدد من وزرائه أثناء حضورهم ورشة عمل حكومية. العملية – خلّفت عددا من  الشهداء بينهم وزراء ومسؤولون محليون، على رأسهم رئيس مجلس الوزراء الأستاذ أحمد غالب الرهوي ، وفتحت الباب أمام أسئلة جوهرية حول فشل منظومات الردع الأمريكية والصهيونية في احتواء الميدان اليمني.

ضربة موجعة للقيادة اليمنية

الغارة أسفرت عن استشهاد رئيس الوزراء، ومعه وزراء الإعلام، الخارجية، العدل، الاقتصاد، الزراعة، الكهرباء، الثقافة، والشباب والعمل، . لكن هذا النزيف القيادي الكبير لم يُضعف موقف صنعاء، بل سرّع من توجهها لتوسيع عملياتها العسكرية ضد الاحتلال.

رئيس المجلس السياسي الأعلى، الرئيس مهدي المشاط، وصف العملية بأنها “ضربة حظ عابرة للعدو”، مؤكدًا أن اليمن سيثأر لقياداته ويستمر في الدفاع عن فلسطين وغزة حتى رفع الحصار ووقف العدوان.

الأمم المتحدة في دائرة الاتهام

اللافت أن الغارة جاءت في وقت كان فيه بعض الوسطاء السياسيين والأمميين يحضرون الاجتماع ذاته، وهو ما أثار شبهات قوية في صنعاء حول توظيف الاحتلال الصهيوني للأمم المتحدة كغطاء استخباراتي. تصريحات المبعوث الأممي هانس غروندبرغ التي أشار فيها إلى “مقتل وسطاء” عززت هذه الشبهات، ما جعل السلطات اليمنية تتحدث بوضوح عن محاكمات محتملة لأي موظف أممي يثبت تورطه.

الرد اليمني: من العمق البري إلى البحر الأحمر

لم تتأخر القوات المسلحة اليمنية في الرد. فقد أطلقت صواريخ ومسيّرات استهدفت مواقع استراتيجية في الداخل الفلسطيني المحتل، بينها مبنى هيئة الأركان في يافا، محطة كهرباء الخضيرة، ميناء أسدود، ومطار اللد. كما نفذت عمليات نوعية في البحر الأحمر، كان أبرزها استهداف السفينة الإسرائيلية سكارليت راي بصاروخ فرط صوتي – في سابقة عسكرية وصفتها صحيفة يديعوت أحرونوت بأنها “مفاجأة صادمة” فشلت الدفاعات الصهيونية في اعتراضها.

إلى جانب ذلك، استهدفت القوات اليمنية ناقلة (MSC ABY) في البحر الأحمر، مؤكدة قدرتها على توسيع ساحة المواجهة ونقلها إلى الممرات البحرية الاستراتيجية.

ملامح فشل استخباراتي وعجز ردعي

المكتب السياسي لأنصار الله أكد أن تمادي الاحتلال الصهيوني في استهداف الأعيان المدنية يعكس فشله الاستخباراتي وعجزه عن الردع. أما حركة حماس فوصفت الغارة على صنعاء بأنها “انتهاك سافر لسيادة الدول العربية” وتهدف إلى ثني اليمن عن دعم الشعب الفلسطيني. ودعت الحركة الدول العربية والإسلامية إلى “الالتحاق بالمواقف المشرفة التي يقودها اليمن في مواجهة المشروع الصهيو–أمريكي”.

قراءة استراتيجية: سقوط أسطورة الحماية الأمريكية

1. تآكل الردع الصهيوني: فشل ثلاث محاولات لاعتراض الصاروخ الانشطاري اليمني – بحسب يديعوت أحرونوت – يؤكد أن الاحتلال فقد القدرة على الحماية الدفاعية.

2. انكشاف الغطاء الأممي: استخدام الأمم المتحدة كأداة تجسس يهدد شرعية وجودها في صنعاء ويُفقدها دورها كوسيط محايد.

3. تنامي محور المقاومة: من غزة إلى صنعاء، تتشكل معادلة جديدة تربط بين الساحات وتفرض واقعًا عسكريًا وسياسيًا مختلفًا على المنطقة.

خاتمة

العدوان على صنعاء لم يكن مجرد ضربة عابرة، بل زلزال استراتيجي كشف هشاشة المشروع الأمريكي–الصهيوني، وأثبت أن اليمن بات لاعبًا مركزيًا في معادلات الردع الإقليمي. العمليات النوعية، سواء عبر الصواريخ الانشطارية أو الصواريخ الفرط صوتية، أكدت أن القوات المسلحة اليمنية قادرة على فرض معادلة “الأمن مقابل الأمن”، وأن الهيمنة الأمريكية–الصهيونية دخلت مرحلة أفولها الحتمي.

📚 المصادر والمراجع:

قناة المسيرة (2025/8/21).

وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول في سلاح جو العدو.

صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية.

تصريحات المكتب السياسي لأنصار الله، 2025/8/21.

بيان وزارة الخارجية الإيرانية، 2025/8/21.

بيانات حركة حماس، 2025/8/21.

مواقع ملاحية دولية (MarineTraffic, 2025/8).

اقرأ أيضا للكاتب:كيف استخدم الموساد بصمة الصوت والذكاء الاصطناعي في اغتيال العلماء والقادة الإيرانيين؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى