ازدواجية المعايير .. الإرهاب أداة في صراع النفوذ الاقليمي والدولي

ازدواجية المعايير .. الإرهاب أداة في صراع النفوذ الاقليمي والدولي
بقلم /إبراهيم الحبيشي
الأربعاء 26 نوفمبر 2025-
تمر المنطقة العربية في مرحلة مفصلية من تاريخها، حيث تحولت ظاهرة الإرهاب من مجرد تهديد أمني إلى أداة خطيرة في يد قوى إقليمية ودولية لتسوية صراعات النفوذ وإعادة رسم الخرائط السياسية. وفي خضم هذه العاصفة، تظهر ازدواجية المعايير الغربية، وخاصة الأمريكية والأوروبية، كقاعدة راسخة في التعامل مع ملف الإرهاب، مما يفقد الحملات الدولية لمكافحته مصداقيتها ويجعلها مجرد شعارات جوفاء. فجبهة النصرة، المصنفة إرهابياً من الأمم المتحدة ذاتها، تلقى دعماً مقنعاً وتعاملاً يتناقض مع الخطاب الرسمي، حيث يتم توظيفها كورقة ضغط في الصراع السوري، كما تتعامل نفس هذه الدول الاستكبارية بود وثيق مع الكيان الصهيوني الذي يرتكب أبشع جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني تحت سمع العالم وبصره.
هذه الازدواجية لا تقف عند هذا الحد، بل تمتد إلى تجريم وتصنيف حركات المقاومة المشروعة، من فلسطين إلى لبنان واليمن والعراق، على أنها تنظيمات إرهابية. فهذه الجبهات التي ترفع سلاحها دفاعاً عن سيادة أوطانها ومواجهة الاحتلال والتوسع، تتعرض لحملة شرسة تشنها الآلة الدعائية الغربية، يرافقها دعم استخباري ولوجستي وعسكري غير مسبوق للقضاء عليها. السبب الرئيسي يكمن في أن هذه المقاومة تمثل العقبة الحقيقية أمام المشاريع الاستعمارية الجديدة، وهي القوة الوحيدة التي استطاعت كسر هيبة التفوق العسكري الغربي والمشاريع التفتيتية للمنطقة. إنها قوة نابعة من إرادة الشعوب، لا تخضع لشروط القوى العظمى ولا تهادن في قضايا السيادة والكرامة، مما يجعلها التهديد الاستراتيجي الأكبر للنفوذ الأمريكي في المنطقة.
لذلك، فإن الحرب الحقيقية ليست على الإرهاب، بل على مقدرات الأمة وإرادتها. فالدعم الأمريكي المفتوح للكيان الصهيوني، والتساهل مع جماعات مسلحة مصنفة إرهابياً مثل جبهة النصرة، يأتي في إطار استراتيجية “الفوضى الخلاقة” التي تهدف إلى إضعاف الدول المستقلة وتفكيك جبهات المقاومة التي تشكل خط الدفاع الأخير للأمة. إنها معادلة قديمة متجددة: من يخدم المصالح الغربية يصبح “معتدلاً” أو “شريكاً” بغض النظر عن سجل دمائه، ومن يقف في وجهها يصبح “إرهابياً” حتى لو كان يدافع عن أرضه وعرضه. في النهاية، الإرهاب الحقيقي هو ذلك المتربع على كراسي السلطة في الغرب، الذي يوزع صكوك الشرعية والإرهاب وفق هواه، ويثبت أن المعيار الوحيد في العلاقات الدولية هو المصلحة وليس المبدأ.
اقرأ أيضا: ماذا بعد الاغتيالات الأخيرة في بيروت وغزة؟




