إيران بين التهديد النووي والدبلوماسية المُضللة: قراءة في أفق التصعيد القادم

إيران بين التهديد النووي والدبلوماسية المُضللة: قراءة في أفق التصعيد القادم
إيران بين التهديد النووي والدبلوماسية المُضللة: قراءة في أفق التصعيد القادم

بقلم الدكتور :عبدالرحمن المؤلف
الاثنين30يونيو2025_
في الوقت الذي تُصعِّد فيه الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي لهجتهما العدائية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يبدو أن إيران تدرك تماماً أن المعركة تجاوزت الأبعاد العسكرية التقليدية إلى حرب معقدة ومتعددة الأذرع، تسعى فيها واشنطن وتل أبيب إلى تفكيك عناصر القوة الإيرانية ليس عبر الضربات الصاروخية وحدها، بل من خلال الوكالات الدولية، وأدوات الضغط الناعمة، والجماعات المسلحة العابرة للحدود.
ما لم يتحقق عسكرياً… لن يتحقق دبلوماسياً
العدوان العسكري الأخير على الأراضي الإيرانية، الذي لم يحقق أهدافه المعلنة، لم يكن إلا مقدمة لمخططات أكثر خبثاً تستهدف القدرات النووية والعلمية الإيرانية عبر بوابة “الدبلوماسية النووية” والوكالة الدولية للطاقة الذرية. إن مطالبة الوكالة الدولية بإجراء عمليات تفتيش جديدة، بذريعة التحقق من “مخاطر التسرب النووي”، تُمثل في جوهرها محاولة لاختراق السيادة الإيرانية وتأمين معلومات حيوية حول المنشآت، قد تُستغل لاحقاً في تنفيذ عمليات تصفية للعلماء أو تفجيرات ممنهجة للمرافق الحيوية.
لقد بات من الواضح أن القوى الغربية، التي صمتت على القصف الإسرائيلي لمنشآت نطنز وفوردو وأصفهان، ليست معنية بسلامة الشعب الإيراني، بقدر ما هي حريصة على تحجيم قدراته الدفاعية وحرمانه من امتلاك التكنولوجيا النووية.
سيادة القرار الإيراني في خطر
على إيران، في هذه المرحلة الحساسة، أن تتخذ موقفاً سيادياً وحاسماً، يتمثل في إعادة تقييم تعاملها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووقف أي تعاون فني أو لوجستي قد يمكّن الخصوم من جمع معلومات حساسة. لقد أثبتت التجربة أن الوكالة تخضع في قراراتها لتأثير القوى الكبرى، وأنها لا تتعامل بمهنية وندية أو موضوعية مع الدول الإسلامية الطامحة لامتلاك التقنية النووية، في مقابل تغاضيها الكامل عن البرنامج النووي الإسرائيلي.
رسائل الردع الصاروخي: حين تتكلم القوة
إيران لم تكتفِ بالتصريحات، بل رفعت الجهوزية العسكرية إلى أقصى درجاتها، وأعلنت عن تجهيز صواريخ “هرمز-1″ و”هرمز-2” المضادة للرادارات وحاملات الطائرات، في خطوة تؤكد أن أي اعتداء جديد سيكون مكلفاً. الرسالة التي حملها السيد علي لاريجاني إلى واشنطن كانت واضحة: “ما حدث لن يتكرر”، فالجولة القادمة لن تُدار بمنطق الحسابات السابقة، بل بمنطق الردع الموجع.
الهدف الحقيقي: تفكيك محور المقاومة
المعركة القادمة، بحسب المعطيات، تتجاوز حدود إيران، إذ يخطط الحلف الأمريكي-الصهيوني لهجوم منسق يستهدف حزب الله في لبنان عبر ثلاثية: الإرهاب الممول والمسلح (الإيغور، الشيشان، وداعش)، والقصف الجوي المكثف، والضغط السياسي والإعلامي. وبالتوازي، سيتم تحريك خلايا داعش من البادية السورية إلى العمق العراقي، بهدف إشغال الحشد الشعبي ومنعه من تقديم أي دعم لحزب الله في حال اندلاع المواجهة.
الغاية الإستراتيجية من هذا السيناريو ليست فقط إضعاف حزب الله، بل ضرب كامل بنية محور المقاومة: من الحشد في العراق، إلى أنصار الله في اليمن، وصولاً إلى الحرس الثوري في إيران.
الخاتمة: المواجهة الشاملة على الأبواب
المعلومات الاستخباراتية، والتصريحات السياسية، والتحركات العسكرية، كلها تشير إلى أن الشرق الأوسط يقترب من لحظة اشتعال شاملة. المخطط الأميركي-الصهيوني الجديد يقوم على تفكيك الجبهات واحدة تلو الأخرى، مع بدء الحرب في لبنان ثم الانتقال إلى الداخل الإيراني تحت غطاء الوكالة الدولية أو بدعوى “منع التسلح النووي”.
لكن الرهان هذه المرة يبدو خاسراً؛ فإيران، بقدراتها السيادية، وبما تملكه من أوراق إقليمية وداخلية، ليست الطرف الأضعف. وإذا كانت الحروب السابقة قد استُدرجت إيران إليها، فإن المعركة القادمة ستكون بمبادرة منها، وبتكتيك مختلف، يتجاوز الحسابات العسكرية المباشرة ليشمل الرد الاستخباري والاقتصادي والدولي، وهو ما قد يقلب الطاولة على الجميع.
المصادر :
وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء
قناة Press TV
مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS)
تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية 2023–2024
تحليل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى
تقارير RT وAl Mayadeen حول التصعيد الإقليمي
اقرأ أيضا للكاتب:معركة العِزّة: حين قلبت إيران الطاولة على أمريكا وإسرائيل
