إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية لتفعيل مكافحة الفساد
إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية لتفعيل مكافحة الفساد
إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية لتفعيل مكافحة الفساد
الأحد15 ديسمبر2024_
بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب
تكتظ مخازن الأجهزة الرقابية الرسمية ونيابات الأموال العامة في اليمن بملفات جرائم فساد توقفت وتعرقلت وتباطأت إجراءاتها دون مبرر مستساغ وتسبب ذلك التباطؤ في هروب أموال الشعب الذي نهبها الفاسدين وهروب الفاسدين دون محاكمة ولا مسائلة ودون استرداد لأموال الشعب الذي أعاق الفساد التنمية في اليمن وعطلها .
كل ذلك يعود إلى اختلالات جسيمة في الأجهزة الرقابية الرسمية وتداخل وتعارض الصلاحيات والاختصاصيات وتهرب الجميع عن تحمل المسؤولية نتيجة تعدد الأجهزة الرقابية وتشتت جهود مكافحة الفساد وكل جهاز يحمل الجهاز الآخر مسؤولية الإخفاق في مكافحة الفساد والكل يتسابق لإبراز جهوده في مكافحة الفساد وكل جهاز من الأجهزة الرقابية يعمل في جزيرة منعزلة عن الجهاز الآخر وهذا صنع ثغرات كبيرة تهرب عبرها الفاسدين وضاعت أموال الشعب في تلك الثقوب السوداء .
لذلك نؤكد بأنه يستحيل تفعيل مكافحة الفساد في اليمن في ظل هذا التنازع والتداخل الكبير في جهود الأجهزة الرقابية ويستوجب لملمة تلك الجهود ووضعها في مكان واحد لتتكامل الجهود وتغلق الثغرات والثقوب السوداء الذي كان يعبر منها الفاسدين ليفلتوا من الردع والعقاب.
وعلى النقيض من ذلك النائب العام ونيابات الأموال العامة الذي تكتظ مخازنها بملفات جرائم فساد وتتحرك تلك الملفات ببطء شديد جداً بسبب عدم فصل نيابات الأموال العامة عن النيابة العامة وعن النائب العام وإنشاء جهاز مستقل بنائب عام مستقل مهتم ومتفرغ متخصص حصراً في تحريك والتحقيق القضائي ورفع الدعاوى العامة في قضايا الفساد ومتابعة إجراءاتها في محاكم الأموال العامة وصولاً إلى صدور الأحكام ومتابعة تنفيذها بإنزال العقوبات الرادعة ضد الفاسدين وحجز ومصادرة واسترداد أموال الشعب الذي ابتلعها الفساد سواء كانت مازالت داخل اليمن أو خارجها .
استمرار اندماج نيابات الأموال العامة في النيابة العامة وتركز الصلاحيات لكليهما بيد النائب العام يثقل كاهل النائب العام ويشتت جهوده في متابعة ملفات جرائم الفساد وفي نفس الوقت متابعة ملفات الجرائم الأخرى .
لذلك يستلزم أن يتم فصل نيابات الأموال العامة والنيابات الأخرى ذات العلاقة بها وبمكافحة الفساد فصلها عن جهاز النيابة العامة وإنشاء جهاز مستقل بنائب عام للنزاهة ومكافحة الفساد ومحامين عامين ومكتب فني ورؤساء ووكلاء وأعضاء نيابة مستقلين تماما عن النائب العام العادي وبعيدا عن جهاز النيابة العامة كون جرائم الأموال العامة لها خصوصية عن الجرائم الأخرى ويستلزم التحرك فيها بشكل مستعجل وبإجراءات متسارعة قبل تبديد الأموال العامة وضياعها وقبل إفلات الفاسدين من قبضة العدالة وهذا يندرج تحت إعادة هيكلة النيابة العامة بفصل نيابة الأموال العامة عن جهاز النيابة العامة.
جهود مكافحة الفساد لن تحقق ثمراتها بتوقيف والحد من الفساد واستعادة أموال الشعب الذي نهبها الفاسدين إلا بتفعيل الأجهزة الرقابية الرسمية ونيابة الأموال العامة .
ولن يتم تفعيل دورها إلا بإعادة هيكلة لها تتضمن ضم جميع الأجهزة الرقابية ضمن هيئة مكافحة الفساد وإنشاء جهاز مستقل لنيابات الأموال العامة فيكون:
1- الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة قطاع ضمن الهيئة
2- هيئة المناقصات والمزايدات ولجنتها قطاع ضمن الهيئة
3- تدمج مخازن ملفات الأجهزة الرقابية في مخزن واحد ضمن الهيئة ويتم تحريك إجراءات جميع تلك الملفات دون تمييز ولا استثناء
4- إعداد جدول زمني محدد يتم خلاله استكمال إجراءات جميع القضايا كون قضايا الفساد وفقا للقانون اليمني لا تسقط بالتقادم فتكون جميع القضايا مهما طال عمرها لعشرات السنوات محل تحريك لإجراءاتها وإحالتها ورفعها لنيابة الأموال العامة والتي بدورها تصدر قرارات اتهام فيها للفاسدين وتحيلها لمحكمة الأموال العامة لإصدار أحكام قضائية مستعجلة في وقت قصير جدا كون جرائم الفساد وفقا للقانون اليمني قضايا مستعجلة بمعنى أن لا تظل في أروقة القضاء أكثر من شهر وفقا للقانون.
5- فصل نيابات الأموال العامة والنيابات ذات العلاقة بمكافحة الفساد فصلها عن جهاز النيابة العامة وانشاء جهاز مستقل لها يترأسه نائب عام للنزاهة ومكافحة الفساد ويتبعه محامون عامون ورؤساء ووكلاء وأعضاء نيابات الأموال العامة بعيدا عن جهاز النيابة العامة والنائب العام العادي.
6- تقييم مستعجل ودقيق لكافة العاملين وقيادات الأجهزة الرقابية الرسمية ونيابات الأموال العامة وتنفيذ حركة شاملة للجميع لتفعيل تلك الأجهزة الهامة وإدخال دماء شابة وجديدة لقيادة تلك الأجهزة بقوة وسرعة وإنجاز.
7- تغطية الأجهزة الرقابية والقضائية ذات العلاقة بمكافحة الفساد بكوادر بشرية متخصصة وكفؤة ومحترفة في عملها وبعدد مناسب يغطي الاحتياج الفعلي لتفعيل دورها .
8- إصدار قرارات عاجلة بحجز جميع أموال الشعب الذي نهبها الفاسدين ومازالت داخل الوطن ومنع التصرف فيها ومسارعة إجراءاتها وصولا لمصادرتها واستردادها
9- متابعة ورصد أموال الشعب الذي نهبها الفاسدين وخرجت خارج اليمن أو التي تم غسلها ومتابعة إجراءات استعادتها بالتنسيق مع المجتمع الدولي
10- إنشاء صندوق مستقل بقانون مستقل يتم توريد كافة الأموال النقدية والعينية الذي نهبها الفاسدين إليه سواء التي مازالت داخل اليمن أو التي خرجت للخارج وتعزيز الشفافية الشاملة لإجراءات الصندوق للتوريد إليه وكذلك الصرف منه وفقا لإجراءات شفافة بحيث يتم إعادة المبالغ الذي نهبها الفاسدين من مشاريع تسبب ذلك الفساد في تعثرها ليتم إعادة تلك الأموال لما خصصت له لاستكمال انجاز تلك المشاريع المتعثرة و أموال الشعب الذي نهبها الفاسدين الأخرى يتم توريدها بشفافية وتخصيصها لتنفيذ مشاريع وطنية سيادية في جميع أنحاء الوطن وبشفافية .
11- سرعة إصدار قانون حماية المبلغين والشهود في جرائم الفساد وحمايتهم من أي اعتداء او تعسف وتخصيص نسبة 10% عشرة في المائة من المبالغ في قضايا الفساد المبلغ عنها وصرفها كحافز تشجيعي للمبلغين عن جرائم الفساد .
12- سرعة إصدار قانون الجرائم الالكترونية لردع مرتكبي تلك الجرائم والحد منها وخصوصا في جرائم الفساد الذي أصبح اليمن ملاذ آمن للجرائم الالكترونية بسبب غياب القانون وتطور الفساد ليوسع أنشطته ويطورها في المجال الالكتروني والتقني ويستلزم ان يواكب تطور جرائم الفساد تطوير إيجابي للأجهزة الرقابية في المجال الالكتروني والتقني للحد من استخدام الفضاء الرقمي من قبل الفاسدين .
13- وجوبية مواكبة جميع جهود مكافحة الفساد بتغطية إعلامية واسعة وشفافة عبر وسائل الإعلام الرسمي والإعلام الخاص ببرامج مواكبه ميدانية لتلك الجهود وفلاشات وأفلام وبرامج مختلفة ومتنوعة تنشر الوعي والوقاية من جرائم الفساد.
وفي الأخير :
نؤكد على أهمية سرعة إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية الرسمية ( الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة – هيئة الرقابة على المناقصات والمزايدات ) وضمها جميعا كقطاعات ضمن هيئة مكافحة الفساد لتنحصر الاختصاصات والصلاحيات في جهة واحدة تكون مسؤولة عن جهود مكافحة الفساد ويتم مسائلتها عن أي إخفاقات يعتري عملها .
وفي نفس الوقت يستوجب سرعة فصل نيابات الأموال العامة عن النيابة العامة وتكون مستقلة عنها بنائب عام للنزاهة ومكافحة الفساد مستقل عن النائب العام والنيابة العامة و متفرغ لمتابعة جهود نيابات الأموال العامة لتحريك جميع قضايا الفساد في مخازنها ومتابعة إجراءات الدعاوى العامة لدى المحاكم ومتابعة إجراءات تنفيذ أحكام محاكم الأموال العامة وحجز ومصادرة واسترداد أموال الشعب التي نهبها الفساد داخل اليمن وخارجه وإيداعها في صندوق مستقل وتعزيز شفافية التوريد للصندوق والصرف منه وأن يكون لجهود جميع الجهات الرقابية والقضائية ذات العلاقة بمكافحة الفساد حضور واسع ومستمر في وسائل الإعلام الرسمي والخاص وان تواكب وسائل الإعلام جميع جهود مكافحة الفساد ومناقشة القصور والاختلالات لتجاوزها ومعالجتها بسرعة ونؤكد بوجوبيه المسارعة في جهود إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية والنائب العام لتفعيل_مكافحة الفساد
- عبدالرحمن علي علي الزبيب
إعلامي مستقل ومستشار قانوني
اقرأ أيضا للكاتب:شركات الاتصالات .. غياب للشفافية وأضرار صحية واختلالات مالية