نفحات من كتاب لكي لا نمضي في الظلام (الحلقة الـ 10)
نفحات من كتاب لكي لا نمضي في الظلام (الحلقة الـ 10)
إن إحساس الشباب في تلك الحقبة الماضية بعد ثورة 1948م حينما أدركوا الفراغ اتجهوا للعلم لأنه نور الحياة ونور التغيير، ولأن على عاتقهم إشاعة النور لهذا الشعب المعطاء والمشرق بنور الحرية فمهما تعالى العاليين في الأرض لابد من صحوة تطيح بكل الطغاة، ومفكرنا المجاهد قد أوضح في كتابه ( لكي لا نمضي في الظلام ) نوراً نبصر به في حياتنا وتحدث عن الماضي والحاضر والمستقبل، ونقتبس من ذلك ما بدأناه في الحلقة السابقة ” ثالثاً: إحساس الشعب بقيود التجهيل الإلزامي والمفروض عليه، وكان من أثره نزوح عشرات من الشبيبة اليمنية من البلاد إلى الخارج والاتجاه الرئيسي لطلاب المعرفة كان نحو مصر خاصة بعد ثورة يوليو عام 1952م لقد جعل الشباب شعاره ” أطلبوا العلم في مصر” متحملين الغربة والمأساة والجوع وحرب الاستبداد ضدهم بكل وسيلة غير شريفة.” انتهى الاقتباس.
عندما اتجه الشباب إلى طلب العلم نضراً لحرمانهم العلم في وطنهم الذي أصبحوا فيه كأنهم مغتربين اتجهوا إلى منارة العلم في ذلك العصر مصر الكنانة، وفتحت لهم الأبواب ولكن كانت المأساة تطاردهم بكل وسائل التنكيل الذي لا حول لهم ولا قوة إلا بالله وليس بيدهم إلا مواجهتها بالعلم لأنه نور الخلاص لشعبنا، فكان الجوع يطاردهم ليلاً نهاراً وكان النظام يتابعهم في خطواتهم بالإضافة إلى مضايقة أسرهم في الداخل وهذه هي المأساة. إن الشباب يجب أن يعرف ما يواجهه الأن من وسائل التنكيل المعرفي حيث لا يزال حليبه هولندي وقلمه صيني وثوبه ياباني … الخ, يجب أن يتعرف الشباب على ما يواجهون في مسيرتهم ومعرفة الضغوط السياسية والاقتصادية التي بالتأكيد سوف يواجهونها في مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة، يجب أن يعدّوا لهم العدة والخطط لمستقبلهم حتى يكونوا قدوة لباقي الشعوب العربية والإسلامية. إن مفكرنا المجاهد قد أنار بفكره كل الطرق التي تؤدي إلى بر الأمان في جميع المجالات ونحن الأن نقتبس من أفكاره ونوضح شيئاً من ذلك للشباب لعلها تكون عبرة ويقظة ولا تكون مأساة كما سبق. إن الحكم الفردي لا يمكن نجاحه لأنه يتجه إلى الألوهية والاستبداد ويكّون مأساة في الشعوب فعلى الشباب أن ينضر إلى مأسي الشعوب من حولنا نتيجة الحكم الفردي وعينا الاتجاه للارتباط بالعالم من أجل مصلحة الشعوب وليس من أجل مصلحة الاستعمار وعملاءه وقد قال مفكرنا في هذا الاقتباس الآتي ذكره ” رابعاً: الارتباط بالعالم مهم مهما كان ضئيلاً عن طريق البريد والطيران وتبادل التمثيل السياسي مهما كان محدوداً” انتهى الاقتباس.
هذه الكلمات توحي إلى نور، نورٌ للحياة من أجل معرفة الحضارة العالمية إلى أين وصلت، وإلى أين اتجهت، بواسطة تلك الوسائل التي اقتبسناها من كتاب مفكرنا لعلها تكون انطلاقة نحو البناء والتقدم والازدهار وبناء حضارة (وتطور) في الإنتاج الصناعي والاكتفاء الذاتي في جميع المجالات. إن الاضطهاد شيئاً لابد منه الان مع وجود الطغاة وذلك من أجل أن تظهر طبيعة العلاقة الفوقية-الدونية التي تربط المواطن بالحاكم، وتذكره دوماً أن هناك من يحكم ويتحكم بجميع حركاته وأفعاله وأقواله، فتترسخ لدى المواطن المسكين الصورة الفوقية للسلطة، بحيث يصبح خاضعاً بشكل لا إرادي لها.
أما حين يرصد الحاكم ونظامه أية بوادر تذمر من المواطنين، أو حين يريد تمرير قانون لا يقبله الناس، فيلجأ إلى إغراق الشعب في قضايا هامشية جانبية، يقوم النظام في افتعالها لإشغال الناس عن مطالبهم الأساسية. إذ يتعمد النظام الحاكم افتعال خلافات بين مكونات المجتمع، وينشر العداوة والفرقة فيما بينهم، عبر إثارة المشاحنات والتناحر المذهبي والفقهي والطائفي والعرقي والطبقي والمناطقي. ويتعمد الحاكم ونظامه بخلق نوع من الفوضى ليثير ردود فعل معينة عن بعض الأطراف أو المذاهب في المجتمع من جهة، وحتى يتمكن من تبرير القمع والملاحقات الأمنية لاحقاً للمعارضين من جهة أخرى.
الحاكم مبدع في إشعال الحرائق وافتعال الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في المجتمع لإحكام سيطرته على البشر، حيث يقوم نظام الحاكم باختلاق أزمة معينة ويتولى إعلامه ضخ الشائعات المفبركة والمضللة حولها، ثم يتقدم الحاكم الحاذق الرصين حاملاً الحلول للمواطنين، يتم بموجبها تنازل الناس عن بعض حرياتهم وحقوقهم لتبديد غضب الجميع ولينتصر الوطن بانتصار الحاكم.وهذه هي منجزات الطغاة في البلدان العربية والإسلامية.
shababunity@gmail.com
بقلم الشيخ عزيز بن طارش سعدان شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد