إبراهيم بن على الوزير

أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (13)

 أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (13)

بقلم:عزيز بن طارش سعدان

سلبيات هذا القرن…!

إذا كانت الديمقراطية البرلمانية فيها من دون شك البريق المتألق للحرية الإسلامية و« الشورى الإسلامية» يحجبه في الدول المتقدمة «الفلسفة الذرائعية » * (Pragmatism ) والوصولية المجردة لفرد أو جماعة فإن هذا البريق ذاته تحجبه في الدول المتخلفة « الشكلية الميتة» وحب المظاهر الفارغة والادعاء الكاذب وليس برلمان الأمة» أكثر من ناد للكلام» ، إذا كان ذلك حصيلة التجربة البرلمانية على الرغم من استفادتها من تألق الحرية وعدل الشورى ولو عن طريق التسمية والإدعاء أو تحقيق بعض المكاسب للأمة ، فإن «التجربة الثورية ( المصطنعة استطاعت كذلك أن تستفيد من معنى الثورة في ضمير الإنسان … ذلك المعنى الأصيل القائم على الجهاد والتحول نحو الأحسن ، ثم لتقتل هذا المحتوى النبيل بعمايتها وزورها وزيفها وسقوطها في الفتنة ، ولقد كان أهم هدف استهدفته مخططات التآمر الدولي من التجربة الثورية » أو ظاهرة « الانقلابات العسكرية » بتعبير أدق ، هو الحيلولة بين قوى التحويل والتبديل والبناء الحق من أن يجد طريقه إلى دنيا واقع الناس ، ولقد كان أبرز سمات تلك التجربة هو سلبية في الخير » ، وإيجابية نحو الأسوأ ، إذ هي هدم» لا بناء معه .. «تقويض» لأشكال سياسية تقليدية قائمة» لا خلق لمضامين (بناءة»، «تفكيك» العلاقات و «مؤسسات موروثة»، لا تصحيح لانحرافات طارئة ومفاسد يجب أن تقتلع من جذورها فكراً وواقعاً، «هدم لبناء متداع».. لا إقامة «بنيان اجتماعي» يقوم على أساس من العقل والعلم والفقه – الفهم – مناخ فكري تسوده : الشعارات التمردية العامة » و « الأشواق الغامضة» والمواعيد الزاهية ومغازلة الأحلام السحرية لا مناهج للتنظيم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والرسالي القائم على الدراسة والبحث والعلم والمرتبط بعقيدة تضم شتات ذلك كله وتكون بمثابة مركز الجذب الذي يؤدي إلى توازن لا اختلال معه ولن يكون ذلك كذلك أبداً ومطلقاً إلا بالعقيدة » وهذا قانون «سنّة» لن تجد لها تبديلاً ولا تحويلا أي العملية التي ركزت على أهمية (الفعل) وعمليته بصرف النظر عن أخلاقيته إلا في حدود الواقع العملي الذي تكونه ظروف عدة ، وهكذا ساد هذا المعنى الفكر العام لا المتخصص للفلسفة الذرائعية (Pragmatism)(انتهى).

العالم اليوم يقف على حافَة الهاوية، حيث يواجه تهديدًا مطلقًا في الوجود. لا يتعلق الأمر بالتمنيات الفكرية فحسب، بل إن هذا الوضع هو نتيجة ما تكسبه أيدي هذا العالم، إذ إن معظم سكانه لا يجدون لقمة العيش، بينما يعيش الباقي في تُخَمَة من الأكلات المغرية. إن ذلك سيكون نقمة بين المجتمعات؛ فالعالم المتقدم يعيش من ثروات العالم الثالث وينعم بديمقراطية الشورى وسيلة للخلاص، كما قال مفكرنا الكريم. إذا كانت ستؤدي إلى تطبيق العدالة والشورى على أكمل وجه، وخاصة النظام البرلماني، فإننا ننظر إلى العالم الثالث ونشعر بقلوبنا محصورة لأن أمواله وثرواته تُنهب من قبل الطغاة.

إن القيم الأخلاقية التي يمكن أن تعيش بها الحياة في هذا الكون لا يمكن أن تدوم، فالعالم المتحضر لا يمكن أن يستمر في هيمنته على القرارات الدولية، بما يسمى الأمم المتحدة، التي تعاني الآن من الشيخوخة في قوانينها، وفي دول الاستعباد الذي حولتها إلى منظمة شخصية بأيديهم. نجد هذه المنظمة تتوقف مع الظالم ضد الضحية عندما يكون الظالم تحت أمر أحدهم لأنه يودي واجباته تجاه من وضعته.السياسة اليوم لا يوجد فيها رحمة، لأنها تعمل على المصالح الخاصة بالعالمين في الأرض. إن المنهجية الإسلامية كفيلة بتكوين نظام علمي يسوده الحب والخير في الأرض، والشورى والعدل في كلمًا يحتاجه الإنسان، الذي هو المحور الإنساني في هذا الكون. إن الله أرسل رسوله للهداية وإقامة أوامر الخير وترك الشر، الذي هو عامل أساسي للطغاة والعالمين في هذا الكون. نحن في أمسِ الحاجة إلى العودة إلى الصحوة الإسلامية التي توحد الشعوب وتوحد بينهم لتحقيق شريعة الله.

إن النظم العالمية التي تحكم وفقها الدول في عالم اليوم هي أنظمة فاسدة، لا تحتوي على أدنى احتياجات بلادهم، وتشوّه أخلاقيات المجتمعات عبر تحرر المرأة والرجل؛ يتم تصدير ذلك إلينا. يريدون منا أن نتخلى عن لباس الإسلام ونلبس قذارتهم التي تحول شبابنا وشاباتنا إلى قطعان بشرية بدون أخلاق، وتخرج المسلمين عن الإسلام إلى العَلمانية، التي لا وجه لها إلا الانحلال في الأخلاق. الاختلاط هو بداية مسخ الأمة، ويؤدي إلى ممارسة الجنس، ويتحقق هدف من أهدافهم التدميرية لشباب وشابات الأمتين العربية والإسلامية.

إن تسميم العلاقات بين الرجل والمرأة، وبين الآباء والأبناء، يأتي من أولئك الذين يعيشون بيننا ويحملون الهُوِيَّة العربية والإسلامية، حيث يطالبون بأن تكون الفتيات لهن نفس الحق في المعرفة الجنسية كالفتيان. وينطوي تحت تلك الدعوة للتعليم المختلط منذ الصغر بحجة التعرف على نفسية الجنس الآخر، وإزالة الشكوك بينهما بسبب الاعتياد على مشاهدة بعضهم لبعض، فيشعر الولد، بزعمهم، كأنه يعيش مع أخته، والفتاة مع أخيها. ومن التطبيقات العملية التي ينفذها القوم في واقعنا المعاش مثل تشجيع الفتيات والفتيان على التقرب بصفة أخت أو صديقة أو زميلة. كل هذا يجري اليوم في الواقع وبمباركة الآباء والأمهات، وهذا خطر يجب على الجهات التعليمية أن يتداركوا الأمر ويعاد النظر فيه عاجلًا.

أن الاحتفالات المختلطة التي نشاهدها بين آنية وأخرى، وإذا وقف المصلحون أمام دعوتهم هذه، يجلبون عليهم بكل ما لديهم من وسائل السب والإقصاء ويزعمون أنهم يريدون الرجوع بنا عن مجالات التقدم. وأنكم تنظرون بمنظار الريبة والشك، وإلا فالاختلاط أمر طبيعي، فانظروا مثلاً إلى الحرم المكي والطواف فيه.

إن إظهار الألبسة العارية على أنها رقي وتقدم، المتابع لذلك يجد أن هذه الألبسة العارية ابتدأت في الصحف والمجلات العربية عام 1925م، أي بعد سقوط دولة العثمانيين بسنة واحدة فقط، وقد ظهرت بشكل كثيف في تلك الحِقْبَة وكان ظهورها جريئًا، في وقت كانت المرأة المسلمة متمسكة بحجابها الكامل، لكن الضغط الإعلامي وتزيين ذلك والدعوة إلى الموضة وإتباعها أجبر النساء على التخلي عن الحشمة، ثم الانجراف قليلاً قليلاً نحو السفور والجري خلف الموضات. ولا يزال هذا السيل الجرار من العري يزداد يومًا بعد يوم، ولعل محلات الأزياء والمجلات النسائية العربية، ومسابقات ملكات الجمال التي تُعرض في القنوات الفضائية هي أصدق تعبير على ذلك.

ومن طرق الضغط ما يُمارس بامتلاء الأسواق بأنواع الألبسة الغربية المنافية للدين والحشمة والعفاف، لإجبار النساء على ارتدائها لعدم وجود البديل الساتر العفيف. وأبرزهم أهل الفن من ممثلين وممثلات، مغنين ومغنيات، ولاعبي كرة القدم الذين يُعتبرون قدوات، فتظهر تفاصيل حياتهم التي لا يقبلها عقل. فلابد من أن تكون الشورى والديمقراطية العامل الرئيسي في نفس كل مسلم لأنهاِ ضد الاستبداد بالرأي

ولنا لقاء في الحلقة القادمة.

 اقرأ أيضا:أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (12)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى