إبراهيم بن على الوزير

أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (25)

أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (25)

سلبيات الحركة الإسلامية المعاصرة

بقلم :عزيز بن طارش سعدان

الثلاثاء8أبريل2025_

{قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ} (سورة آل عمران – آية ١٦٥)

 أين المدرسة، الموجودة في كل بلد فيه جماعة إسلامية، والتي أعدت لتربية أولاد المسلمين – بنين وبنات – تربية الإسلام الصحيحة … – أين هو المسجد الجامع، ولِمَ لم تعد المساجد كما كانت منطلقات للعمل ومراكز للتوجيه والتنظيم والتعبئة …؟

وكيف يسوغ لمسلم أن يرسل أبناءه وبناته إلى مدارس يخرج منها هؤلاء وقد صبغتهم اليهودية أو النصرانية أو الشيوعية بلونها أو بلا لون، باسم العلمانية المدعاة وسواها من الافتراءات الضالة والادعاءات الباطلة …؟ وليست كل هذه المدارس بعائدة إلى أجانب وأعداء للإسلام فقط بل هنالك أيضاً مدارس يدعون ويزعمون أنها إسلامية …!! والحقيقة أنها ليس لها من الإسلام غير التسمية!! فمناهجها ومنشوراتها وجميع دراستها مستوردة من غرب أو شرق،وبعضها: طرق دراستها وأساليبها يسودها الجهل، فلا ترتفع إلى مستوى عصرها روحاً وإخراجاً وجوهراً ومظهراً،وهي بأوضاعها حجة إفلاس لا إشعاع فيه ولا جذب إلا ما رحم الله وكذلك فإن أصابع الماسونية اليهودية المتآمرة من وراء التسلل إلى قيادات وزارات المعارف التي تشرف على هذه المدارس هي من وراء كثير ممن أطلق عليه لقب «مسؤول تربية وتعليم»، إن كثيرين من العملاء المأجورين أو المغفلين النافعين – على طريقة ذلك النقد الذكي عند علمائنا حين ترجموا لأمثالهم،فقالوا: «وكان رضي الله عنه مغفلاً» – من أولئك العاملين في أجهزة النشر والإعلام، المقروء والمسموع والمرئي، وأقسام البرمجة التعليمية والتربوية والإعلامية والثقافية.. أو معظمهم في بعض البلدان – ينفذون

 (*) وليس معنى ذلك دعوة إلى التوقف عن الدراسة بل هي دعوة إلى البدائل الإسلامية في مرحلة التأسيس التربوي والتعليمي للشبيبة المسلمة ورفع الإرهاق عن المؤمنين الذين يحاولون إبقاء روح الشعلة الإسلامية حية في نفوس أبنائهم عن طريق ما يبذلونه من جهد تربوي وتعليمي في البيت لا يغني عن وجوب تحقيق ما أشرنا إليه. ومن الإنصاف للحقيقة التاريخية أن نذكر التجربة المضيئة للأستاذ يوسف العظم في «مدارس الأقصى» وبدايات هنا وهناك في ديار الإسلام المترامية الأطراف. ا(انتهى)عصر الحديث، يجب علينا أن نوجد مناهج تعليمية، وهي ضرورة حتى تكون شاهدة على التاريخ، ولا تسري إلا على مجتمعها وحده. أما المجتمعات الأخرى التي لم تمر بظروف مماثلة لظروفنا، فليست ملزمةً على الإطلاق باعتناق الإسلام. إنما الهدف هو إيجاد مدارس في الوطن العربي والإسلامي لكي نتمكن من إخراج جيل متعلم يعمل لإخراج الأمة من الظلمات إلى النور، وهذا ما كان يقول به مفكرنا الكريم رحمه الله، ويسعى إلى تحقيقه في حياته. لو كانت الدول العربية والإسلامية نهجت نهج مفكرنا لكنا في مقدمة الشعوب التي لها وزنها في الصفوف الأولى في الحضارة المعاصرة. ولما كانت قيادة الدول العربية والإسلامية تعمل وفق نهج ببغائي يعكس انعدام الشخصية واختفاء الإحساس بالكرامة، الذي هو جزء لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي. وعندما نرتبط ارتباطًا عضويًا بالظروف الخاصة التي مر بها المجتمع وما عانى منه، نجد الخطأ الفادح في اقتلاعها من تربتها الأصلية وزرعها في تربة أخرى لم تكن في أي وقت مهيأة لاستقبالها، أو مضطرة إلى الأخذ بها.

عندما ننظر إلى أوروبا عند ظهور العلمانية في عصر النهضة وظروف العالم الإسلامي المعاصر، يرتكز ذلك على تحليل تاريخي لأوضاع المجتمعين في هذين العصرين. ففي فترة الجمود الفكري والعلمي في عصر النهضة، كانت أوروبا تكافح من أجل التخلي عن حياتها في العصور الوسطى، وهي أطول فترات التاريخ الأوروبي. وكانت العقبة الكبرى التي تحول دون انتقال أوروبا إلى صميم العصر الحديث هي الكنيسة؛ فقد كانت الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا هيئةً قائمة بذاتها، ذات نفوذ واسع وسلطة طاغية، وكان لها كيانها الرسمي وترتيبها الهرمي الخاص، وكانت تتدخل في أمور الدنيا إلى جانب أمور الدين. وهكذا فإن الفلاسفة والأدباء الجدد اضطروا إلى مواجهة سلطة الكنيسة بوصفها العقبة الكأداء في وجه التقدم.

أما نحن في العالمين العربي والإسلامي، فقد كنا منارة للعلم ولدينا من العلماء في ميدان العلم ونظرياته الجديدة، ولكننا تراجعنا في التعليم، وأصبح هم من يصل إلى الكرسي هو أن يكون الشعب معتنقًا لمذهب معين ويعمل على طمس الأفكار التي تسعى لتثبيت نظرياتها، حتى وقع الشعب في تيه من أمره تحت مظلة الاستبداد لخدمة الأوروبيين والأمريكيين. إننا اليوم في طمس حقائق التاريخ الإسلامي، ولإحياء الأمة لابد من وجود مدارس ذات منهج واسع في المواد الإسلامية وغيرها من العلوم الحديثة، حتى نخرج جيلًا متعلمًا يبني الأمة، ويعزز ما قد بناه العلماء في التاريخ الماضي والمعاصر، وتكون كتب مفكرينا في المناهج التعليمية لتجديدها.

لا تبنى الشعوب إلا بأيدي رجالهم، وهو شرط أساسي لنهضة الفكر والعلم والفن في الأمة، ولانطلاق المجتمع الإسلامي، خلال عدد من القرون يقل عن أصابع اليد الواحدة، إلى آفاق رحبة جعلت الحضارة الغربية تحتل بسرعة مكانة الصدارة بين مجتمعات العالم الحديث. وتمضي الحاجة، بهذا المجتمع، من ضرورات التقدم في المجتمع الإسلامي. إن العالم الإسلامي لديه ضرورةً أساسيةً يشهد شيئًا من تلك الأوضاع التي جعلت العلمانية ضرورةً محتومةً في أوروبا، وقد نجحوا في بناء أنفسهم. إن الإسلام ضرورة حضارية، والمقام هنا لشرحها، اكتسح هذا التيار الإسلامي بقية التيارات واختطف منها قاعدتها الضيقة، التي كانت السلطات الرسمية تعتقد أنها جماهيرية. وسرعان ما تجاوز الأُطر التي حصرته فيها، وتجاوزت طموحاته بمراحل ذلك المستوى المحدود، الذي أرادته له تلك السلطات والتي فتحت له الأبواب وأمدته بالعون المادي والمعنوي. فلم يعد هدفه، كما كان في مبدأ الأمر، إسكات الأصوات التي تنادي بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهي أصوات تنتمي إلى تيارات سياسية متعددة، وإنما أصبح له مشروعه الخاص، وأصبح يتطلع إلى بناء دولته الخاصة، واكتسبت دعوته طابعًا شديد الإيجابية.

اقرأ أيضا:أضواء من كتاب “على مشارف القرن الخامس عشر للمفكر إبراهيم الوزير” الحلقة (24)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى