كيف عالجت السينما الكوارث الطبيعية؟
كيف عالجت السينما الكوارث الطبيعية؟
ليس ثمّة جمال في الكوارث الطبيعية التي تهدد وجود الإنسان وتحتّم فنائه، غير أنّ صُنّاع السينما كثيراً ما وجدوا فيها مادةً تصلح لصناعة فيلم درامي مشوّق، ضَمِن لصنّاعه قدراً كبيراً من النجاح، لا سيّما أنّه، وبالنظر إلى العناصر المكونة لمشاهد الكوارث الطبيعية، نجد ألواناً زاهية تدفع مخرجي السينما إلى محاكاتها.
عرفت السينما العالمية الكثير من الأفلام التي اتّخذت من الكوارث الطبيعية موضوعاً لها، فكان من بينها ما تناول الزلازل وما تُحدثه من تصدّع وانهيار للبنايات والطرقات، وما تخلّفه من ضحايا ومصابين، وأيضاً البراكين وما تقذفه من حمم، وكذلك الأعاصير المدمرة والعواصف العاتية.
حاول صُنّاع تلك الأعمال السينمائية تتبّع أبعاد إنسانية قد لا تظهرها نشرات الأخبار وقنوات التلفزيون، والتي دائماً ما تختصر الكارثة في تعداد أرقام الضحايا والجرحى، أو إحصاء الخسائر المادية الجسيمة. وجاء بعض قصص تلك الأفلام مستمدَّاً من وقائع حقيقية، وبعضها متخيَّل، والتي نستعرض لكم بضها في هذا التقرير.
“تسونامي” الذي قتل 230 ألفاً
شهد القرن الـ21 العديد من الكوارث الطبيعية، لعلَّ أقربها إلينا زمنياً، وأكثرها عنفاً، كان “تسونامي” المحيط الهندي، الذي ضرب عدة دول في جنوبي غربي آسيا، صباح الــ26 من كانون الأول/ديسمبر من العام 2004. يومها أعلنت الصحف والقنوات الإخبارية وقوع زلزال بلغت قوته 9 درجات على مقياس ريختر، واستمر مدة 8 دقائق، متسبِّباً في إحداث عدة زلازل ارتدادية في أماكن أخرى غير البلدان التي ضربها، وعلى إثره أعلنت حالات الطوارئ في تايلاند وسريلانكا وإندونيسيا والمالديف.
خلّفت الكارثة ما يقرب من 230 ألف قتيل، وآخرين بإصابات خطيرة، بينهم عائلة إسبانية نجت بمعجزة من ذلك الدمار، لتؤكّد أنّ المأساة ربما تحتاج إلى ناجٍ واحدٍ ليروي تفاصيلها، فكانت القصة التي تلقّفها المخرج الإسباني أنطونيو خوان، فصنع منها فيلمه الأشهر The impossible، الذي لعبت دور بطولته نعومي واتس وإيوان مكريغور، وقد رُشِّحت عنه واتس إلى عدد من الجوائز، أهمها “أوسكار” و”غولدن غلوب”.
أُنتِج “المستحيل” عام 2012، وفيه تتبع أنطونيو خوان مأساة الدكتورة ماريا بينيت، وزوجها هنري بينيت وأبناؤهما الـ3، لوكاس وتوماس وسيمون، حين ذهبوا في عطلة عيد الميلاد عام 2004 إلى خاو بلك في تايلاند، للاستمتاع في منتجع “Orchid Beach” الجديد، ليغمرهم تسونامي بعد وصولهم بيومين. ولم يحدد خوان في فيلمه جنسيات الشخصيات الرئيسية، لسعيه إلى إنتاج فيلم عالمي تكون فيه الجنسيات غير ذات صلة بالحبكة.
قد تدفع خسارة البعض لذويهم في الكوارث الطبيعية إلى جعلهم يحاربون هذه الظواهر، وذلك بتتبعها ودراستها ومحاولة التنبؤ بها إنقاذاً لحياة الآخرين. من بين هؤلاء خبيرة الأرصاد الجوية جو هاردينغ، التي قدّمت شخصيتها هيلين هنت في فيلم “إعصار” (Twister)، الذي أنتج عام 1996، وأخرجه جان دي بونت.
يحكي الفيلم الأميركي قصة جو هاردينغ، التي فقدت والدها وهي في سن الـ5 جراء إعصار مدمر اجتاح ولايتهما، لتقرر بعدها أن تعمل خبيرة في الأرصاد الجوية، حيث تطارد العواصف في ولاية أوكلاهوما، علّها تشارك في منع الآثار التي تخلّفها تلك الكوارث الطبيعية.
تبدأ الأحداث بزيارة زوج جو هاردينغ لها في موقع العمل، لتوقّع على أوراق الطلاق، لكنّ الأحداث سرعان ما تتبدّل بينهما، لا سيّما بعدما وقع إعصار جديد، يعملان مع الفريق على مواجهته، ليعدلا أثناء ذلك عن قرار الانفصال، بعدما اكتشفا أنّهما لا يزالان يحملان مشاعر الحب تجاه بعضهما البعض.
يسير الفيلم في خطين متوازيين، ما بين أزمات الأعاصير والجوانب الإنسانية، وقد حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، حتى أنّه احتلّ المركز الثاني من حيث الإيرادات بين أفلام سنة 1996.
في “سان أندرياس”.. رحلة خطرة إلى سان فرانسيسكو
ما الذي يدفع شخصاً آمناً إلى الذهاب بنفسه إلى مركز وقوع الزلازل؟.. ربما ثمة إجابة على هذا السؤال في الفيلم الأميركي “سان أندرياس” (San Andreas)، للمخرج براد بايتون، والذي حقق به المركز الـ14 عالمياً من حيث الإيرادات، بـ 474 مليون دولار.
أنتج (San Andreas) عام 2015، وهو من بطولة دوين جونسون وكارلا جوجينو وألكسندرا داداريو وبول جياماتي، والذي تبدأ أحداثه بوقوع زلزال في منطقة سان أندرياس بقوة 7.1 درجات على مقياس ريختر، أدّى إلى انهيار سدٍّ كان مسيّداً في المكان، مع توقع حدوث سلسلة من الزلازل الكبرى، ليقرر البطل “راي” بعدها، وهو طيار إنقاذ مروحية في إدارة الإطفاء في لوس أنجلوس، وزوجته إيما، قيادة طائرة مروحية، في رحلة لإنقاذ ابنتهما المحاصرة في سان فرانسيسكو، داخل مكتب أحد أصدقائها.
خلال الرحلة الخطرة، يحاول الأبوان الوصول إلى سان فرانسيسكو مستعينين بمروحية “راي”، إلى أن تتعطّل علبة التروس، فيضطران إلى الهبوط في مركز تسوق في بيكرسفيلد، ليسرق راي، وسط فوضى النهب، سيارة فورد F-150 لمواصلة الرحلة، ثم يستبدلانها بقارب، ليتمكّنا به من عبور موجة كبيرة قبل أن تصل إلى ذروتها وتتولى الأحداث، حتى يتمكنا من إنقاذ ابنتهما، بعد رحلة محفوفة بالمخاطر.
“بومبي”.. فيلم يصور ثوران بركان جبل فيزوف
ثوران البراكين من أقدم الكوارث الطبيعية التي تهدد البشرية، ولعل ثوران جبل فيزوف سنة 79 ميلادية كان واحداً من أكثر الثورات البركانية كارثية وتدميراً في العالم، حيث دمّر مدينة بومبي في الإمبراطورية الرومانية، وعُرِف به من رواية شاهد العيان بليني الصغير، الذي كان مسؤولاً رومانياً وشاعراً.
تناولت السينما قصة ثوران بركان فيزوف ضمن أحداث الفيلم الألماني الكندي الأميركي “بومبي”، الذي صدر في العام 2014، من إخراج بول أندرسون، وقد كلّف إنتاجه حوالى 80 مليون دولار. تدور أحداث هذا الفيلم حول عبد يتحول إلى محارب، يخوض صراعاً عنيفاً ضد الزمن وأحد قادة الرومان لإنقاذ حبيبته، وخلال الأحداث ينجو الاثنين من بركان يوشك على الثوران، وابتلاع المدينة بأكملها.
صدر الفيلم في نسخة 3D، وقد تعلّق المشاهدون بقصته الرومانسية، التي تدور في إطار كارثي تاريخي، وجو من المغامرة والإثارة، حتى أنّ إيراداته بلغت حوالى 117 مليون دولار.
“The day after tomorrow”.. الاحتباس الحراري كارثة تهدد البشرية
ثمة رحلة أخرى يقطعها أب لإنقاذ ابنه المحاصر جراء كارثة طبيعية، لكن هذه المرة ضمن أحداث فيلم “The day after tomorrow”، الذي صدر يوم 24 أيار/مايو سنة 2004، من إخراج رولان إيميريش ومارك جوردن، وكتابة رولان إيميريش وجيفري ناشمانوف، حيث يحاول البطل خلال الأحداث العثور على ابنه سام، الذي وقع في منطقة الخطر، ومن ثم يتعيّن عليه السفر وطاقمه سيراً على الأقدام من فيلادلفيا، ليواجهوا خلال رحلتهم إعصاراً قاتلاً.
يتناول فيلم “The day after tomorrow”، من خلال رحلة جاك هال (دينيس كويد)، وهو عالم مُتخصص في المناخ القديم، ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيراتها الخطيرة على البشر والكوكب، التي لطالما حذّر منها بطل الفيلم الأمم المتحدة، لكنّها لم تهتم بدراساته وما توصلت إليه أبحاثه العلمية، كما تدور الأحداث أيضاً حول نهاية العالم كما نعرفه، وبداية عصر جليدي يهدد البشرية.
“Armageddon”.. عن الخطر القادم من الفضاء
تُعَدّ نهاية كوكب الأرض عن طريق اصطدام نيزك به، أحد السيناريوهات المطروحة، والتي يتخوّف منها بعض العلماء، ومن ثم يسعون إلى دراسة الاستعداد لمثل هذا السيناريو قبل حدوثه. وقد عالجت السينما أيضاً هذه الكارثة، حيث كان فيلم “Armageddon”، للمخرج مايكل باي وإنتاج جيري بروكهايمر، أحد أهم الأفلام التي تناولت هذه الفكرة.
صدر الفيلم في 1 تموز/يوليو من العام 1998، وهو من بطولة بروس ويليس وبن أفليك وليف تايلر وبيلي بوب ثورنتون ومايكل كلارك دنكان وويليام فيكتنر واوين ويلسون. تدور قصته حول تعرض كوكب الأرض لنيزك ضخم يدمر أجزاء متفرقة منه، بالإضافة إلى خطر مذنّب يتّجه نحو الأرض، الأمر الذي يهدِّد بفناء الإنسانية. تتجه الحكومة بعد ذلك إلى إرسال مجموعة من عمال الحفر إلى الفضاء من قبل ناسا، لإيقاف الكويكب العملاق ومنعه من الاصطدام بالأرض.
“Into the storm”.. عن الأعاصير المدمرة
في العام 2014، قدّم المخرج الأميركي ستيفن كوالي فيلم “Into the storm”، الذي يتناول من خلاله كارثة مناخية، بعدما ضربت الأعاصير مدينة Silverton الخيالية، فطالت كل شيء تقريباً، إذ تهدّمت المباني، وتطايرت السيارات والأشجار، وأصبح كل سكان المدينة في خطر شديد.
الفيلم الذي كتبه جون سويتنام، ولعب بطولته ريتشارد أرميتاج وسارة واين كاليز، وقعت أحداثه بينما يستعد طلاب الصف الأول في المدرسة الثانوية المحلية للتخرّج، في حين كان أحد مطاردي العواصف يحاول اعتراض الأعاصير، لكنّه اكتشف أنّ الخلية التي كان يطاردها قد تبدَّدت، وتدهور الطقس فجأة في المدرسة الثانوية.
يصوّر فيلم “في العاصفة” غضب الطبيعة في أبشع صوره، وقد حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، حتى بلغ إجمالي إراداته 46.4 مليون دولار في الولايات المتحدة، و100.4 ملايين دولار خارجها، ليصبح المجموع 146.8 مليون دولار، مقابل ميزانية إنتاج قدرها 50 مليون دولار.
أقرا أيضا:إقبال كبير على تطبيق هاتفي لرصد الزلازل
خلف جابر
صحفي من مصر