بوتين: الصراع في أوكرانيا صورة من صور المعركة ضد الهيمنة الغربية التي بدأت تتلاشى
أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، أنّه لا يوجد استقرار في العلاقات بالدول الغربية على الإطلاق الآن، “لأنها توقّع الاتفاقات، ثمّ ترفضها بسهولة”.
ودعا بوتين، خلال كلمة في منتدى فالداي، إلى تغيير تركيبة الأمم المتحدة “بحيث تعكس تنوع العالم على نحو أكبر”، ورأى أنّ “مرحلة الهيمنة الغربية تتلاشى، وأمامنا عقد من العقود المهمة، بحيث لا يستطيع الغرب الاستفراد بقراره”.
كما حذَّر من أنّ العالم يدخل عقداً “هو الأكثر خطورة” منذ الحرب العالمية الثانية، معتبراً أن الصراع في أوكرانيا صورة من صور المعركة ضد الهيمنة الغربية.
وقال بوتين: “نحن عند لحظة تاريخية. نحن بلا شك نواجه العقد الأكثر خطورة، الأكثر أهمية، العقد الذي لا يمكن التنبؤ به” منذ 1945.
وأضاف أنّ “الغرب غير المتحد بشكل واضح، ليس في وضع يسمح له بقيادة العالم، ولكنه يسعى يائساً، ومعظم شعوب العالم لا تستطيع القبول بذلك”، معتبراً أنّ الكوكب “في وضع ثوري”.
وأشار بوتين إلى أنّ الهجوم على أوكرانيا جزء من هذا “التغيير للنظام العالمي بأسره”، متابعاً: “روسيا لن تحتمل أبداً إملاءات الغرب العنيف والاستعماري” متحدثاً عن تغييرات “لا مفر منها” في “النظام العالمي”.
وأكد أن موسكو “اقترحت مراراً على الغربيين بناء نظام الأمن المشترك، لكن الدول الغربية رفضت ذلك. وبالتالي، مَن يزرعْ ريحاً يَجْنِ عاصفة”، مضيفاً أن “أحداث اليوم أزاحت إلى الخلف مشاكل تغير المناخ، لكن هذه التحديات لم تختفِ”.
ورأى الرئيس الروسي أن “الغرب يُعاني عمى الفوقية، ويتصور أنّ جميع المناطق يجب أن تتطور حتى تصل إلى مستواه”، لافتاً إلى أنّ “الليبرالية في الغرب تزعم أنّ للمجتمع الليبرالي أعداءً، وحرية هؤلاء الأعداء يجب تقييدها”.
وشدّد بوتين على أنّ “التاريخ لن يُلغي العباقرة الروس، بل سيلغي أولئك الذين يمارسون ثقافة الإلغاء”، مضيفاً أنّ “الغرب يعدّ سعي مليارات الناس نحو الحرية تقويضاً للنظام الليبرالي، فيطبّق الحصارات ويقوم بانقلابات”.
قتلوا (الأميركيون) الجنرال سليماني على رغم أنّه ممثل للحكومة الإيرانية في بغداد، واعترفوا بذلك، ويفاخرون بفعلهم
وتابع: “قتلوا (الأميركيون) الجنرال سليماني على رغم أنّه ممثل للحكومة الإيرانية في بغداد، واعترفوا بذلك، ويفاخرون بفعلهم”، متسائلاً: “ما هذا؟ أين نعيش؟”، ثم عقَّب بالقول إن “الغرب يرى أن أي وجهة نظر بديلة دعايةٌ تخريبية وتهديدٌ للديمقراطية”.
وأشار إلى وجوب “احترام القيم التقليدية الخاصة بكل شعب، لأنّ في ذلك مصلحة للجميع، بما في ذلك الغرب”.
وبشأن أوروبا، أكد الرئيس الروسي أنّها “باتت محرومة من سيادتها”، مشيراً إلى أنّ “واشنطن لا تزال تحاول فرض إرادتها وهيمنتها، لكن شعوب العالم لن توافق على هذه السياسة”.
وأوضح بوتين أنّ حوار بلاده مع الغرب التقليدي سيكون “مساهمة في عالم متعدد الأقطاب، وهذه هي الفرصة الوحيدة لاستعادة التعددية”، مؤكداً سعيه لتعزيز السلام، “لكن الغرب لم يؤيد هذه الجهود، بل تعرّضنا لضغط متزايد علينا”.
وكشف بوتين رفض الغرب مبادرات روسيا للأمن الجماعي، في أيلول/ديسمبر من العام الماضي.
وأشار إلى أنّ موسكو “لا تعدّ نفسها عدوةً للغرب”، مؤكداً أنّها “لا تسعى للهيمنة، ولا تريد أن يعتمد العالم على قطبين أو 3 أقطاب”، مؤكداً أنّ بلاده “لا تتحدى النخبة الغربية، لكنها تدافع عن حقها في الوجود”.
ورأى بوتين أن مشكلة سلاح كوريا الشمالية النووي تكمن في عدم الرغبة في الحديث مع بيونغ يانغ، والتعامل مع مصالحها بفظاظة، بما في ذلك في مجال الأمن.
ويشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، في الجلسة العامة لمنتدى “فالداي”، بحيث سيتطرق إلى القضايا السياسية والاقتصادية الملحّة، والتي يواجهها العالم.
وينعقد منتدى “فالداي”، في نسخته الـ19 في ضواحي العاصمة موسكو، في الفترة من 24 إلى 27 أكتوبر الجاري. وكانت جلسة اليوم تحت عنوان “العالم بعد الهيمنة: العدالة والأمان للجميع”.
ويشارك في الحدث خبراء من البرازيل وألمانيا ومصر والصين والهند وإندونيسيا وإيران وأفغانستان وكازاخستان والولايات المتحدة وتركيا وفرنسا وأوزبكستان وجنوب أفريقيا.
وستُتاح الفرصة للضيوف الأجانب في الاستماع إلى شرح بوتين فيما يتعلق بتطور الأوضاع في العالم، وأسباب إطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا، إلى جانب القضايا الدولية الملحة.
وتأسس منتدى “فالداي” في عام 2004، وسُمي باسم بحيرة فالداي، الواقعة في منتصف الطريق تقريباً بين موسكو وسان بطرسبورغ، حيث عُقد أول اجتماع للمنتدى.
ويهدف المنتدى إلى تعزيز الحوار بين مختلف النخب الفكرية، وتقديم تحليل علمي موضوعي مستقل للتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في روسيا والعالم.
ومن الجهات المؤسِّسة لمنتدى “فالداي” عددٌ من المؤسسات غير الحكومية والتعليمية الروسية، منها معهد موسكو للعلاقات الدولية، التابع لوزارة الخارجية الروسية.
أقرأ أيضا: ما هي الـ”قنبلة القذرة” وما سيناريوهات استخدامها؟