13يونيو .. ثورة تصحيح وتنمية

13يونيو .. ثورة تصحيح وتنمية
13يونيو .. ثورة تصحيح وتنمية

- علي أحمد مثنى
السبت14يونيو2025_
تتجدد ذكرى حركة ال 13 من يونيو 1974م وبنجاحها تم تصحيح مسار ثورة ال26من سبتمبر 1962م الخالدة التي جددت ميلاد شعب كادح ومكافح من أجل البقاء ليتمكن من مواصلة تاريخه الحضاري وتحرره من أغلال مثلث التخلف (الفقر والجهل والمرض) ليرى شيء مما وصلت إلية البشرية من حياة ورفاهية القرن ال20
يقول علماء التاريخ والفكر السياسي بأن نخبة الأمة هُم من يصنع حضارتها فلا ترتقي إلاَ بهم ، وإذا فقدتهم أصابها الفقر والفوضى وهذا يتفق مع نخبة حركة ال 13من يونيو 1974م تلك الرموز الوطنية الشريفة التي كان لها إرادة صادقة للحفاظ على استقلال البلد وثورته وجمهوريته بقيادة العقيد/ إبراهيم محمد الحمدي في ليلة بهيجة وتغيّر أبيض لم تسيل فيه نقطة دم ولم تنتقص سيادة أرض ولم تمس كرامة عرض ولم تفرض أحكام عرفية أو إيديولوجية بأجندات خارجية ووسائل قمعية.. الخ
جاءت حركة التصحيح في الظرف الزمني المناسب لتنقذ البلد وثورته وجمهوريته من الوقوع في هاوية اضطراب الفوضى وخطر جبروت التبعية الكاملة لدول لها أطماع إقليمية ودولية تنفذ بأيدي محلية..
الدولة العميقة
كان لتردي الأوضاع السياسية-الاقتصادية وغيرها من مخالب الفساد قد تجاوز السقف، بتغول نفوذ مراكز القوى التي كانت الحاكم الفعلي والقوة المهيمنة (الدولة العميقة دولة داخل الدولة) فتعطلت عمل المؤسسات والقانون بهيمنة قانون قوى المصالح الاجتماعية والسياسية وحراس الحديقة الخلفية للشقيقة الكبرى ولجنتها الخاصة وضابط إيقاعات مخابراتها المحلق العسكري آنذاك المدعو صالح الهديان الحاكم بأمره مما أعاق مؤسسات النظام الجمهوري الفتي من مواجهة تحالف القوى المعارضة لدولة الجمهورية ووقفت حجر عثرة أمام بناء دولة تقوم بوظائفها وتملك قرارها السياسي والسيادي وكانت الثورة والجمهورية وأهدافها مجرد شعارات إعلامية للمزايدة السياسية..
وعطفاً على ما سبق فأن الشقيقة الكبرى وأتباعها من بأيديهم المفتاح يتحرك حسب بوصلة مصالح السعودية أولاً وكانت اللاعب والكابتن والمدرب والخصم والحكم منذ قيامها كسلطنة ثم مملكة وكان بدايتها جريمة مذبحة الحجاج في تنومة عام 1922م ثم عرقلة خطوات محاولات التغير والإصلاح وأولها إفشال ثورة الدستور عام 1948م مرورا بانقلاب 1955م والمحاولات التالية حتى قيام ثورة سبتمبر1962م وما واجهته هذه الثورة من تحديات نتج عنها خسائر مادية وبشرية فادحة (حصار السبعين وفتنة أغسطس 1968م وعدم استقرار اقتصادي ومعيشي، فظلت خطوات البناء بطيئة مع صكوك الغفران والحرمان، والمن والسلوى السعودي وإخضاع قوى وشخصيات اجتماعية وسياسية وعسكرية…الخ لإرادتها بالرشوة والهبات الدورية وأطماع التوسع الجغرافي وتعطيل مقدرات البلد المادية والبشرية وإفشال البناء والتنمية فشلت أيدي الشرفاء لخدمة وطنهم مع الأسف ليظل اليمن كسيح مشطر لا يقوى على النهوض (لاحياً فيرجى ولا ميتاً فينعى) . والمثال المعاصر استمرار هذا البغي بعدوان مارس 2015م عاصفة الهدم، بتحالف مصلحي عربي وأجنبي مازالت تداعياته حاضرة حتى الآن، فأهلك الحرث والنسل ليظل اليمن وشعبه حديقة خلفية ملونة بالدم والرماد منحني الرأس لا ترتفع له هامة ولا تكتمل له سيادة مثقل بالأزمات والمشاكل المتتابعة
مواقف الرئيس الارياني
كان على الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني يرحمه الله أن لا يسلم ويرفع الراية البيضاء أمام مراكز القوى ومع من يوجهها ويمولها، ونتيجة لتردي الأوضاع ( -سياسية -أمنية- اقتصادية- إدارية ومالية..الخ) حتى بدأت مؤشرات تهدد النظام الجمهوري والوحدة الوطنية وما يشكل ذلك من خطر.. وبتجربة الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني السياسية العريقة ورؤيته الثاقبة والتحديات التي اعترضت عمله منذ توليه رئاسة المجلس الجمهوري وما كان يأمل إنجازه وتمهيداً لتقديم وقناعته الراسخة بالاستقالة وحتى لا تتجه الأمور إلى منحدر خطير رأى في شخص العقيد / إبراهيم محمد الحمدي قدرة وكفاءة قيادية وإدارية وعسكرية وانتماء وطني صادق جعله المرشح والرجل الصالح المناسب في الوقت المناسب ليتسلم راية المهمة الوطنية في ظرف دقيق وباعتباره نائب القائد العام للقوات المسلحة ونائب رئيس الوزراء ويمتلك تجربة وخبرة متميزة في إدارة الدولة والجيش وعملاً بقوله تعالى..(وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون).. صدق الله العظيم، والقول المأثور أن الله ينزع بالسلطان ما لا ينزع بالقرآن… والقائد الصادق قد يحمي الله به أمة ووطن وتتحقق على يديه آمال يتطلع إليها الشعب ويسعى بكل أخلاص لتحقيقها من خلال مشروع وطني جامع وهذا ما حدث مع حركة التصحيح وقائدها الرئيس إبراهيم الحمدي.
يقول الشاعر العربي:
وأقبل الصبح بالآمال مبتسما
وبث من روعة الآمال ألوانا
—لذا تعتبر حركة ال13من يونيو بقيادة الرئيس الحمدي ثورة مشرقة بهيّة ونور لنهاية النفق المظلم لليمن في تلك الفترة ، ونظرة متجهة إلى الأفق البعيد لعهد جديد ومشروع سديد لبناء بلد تنموي سعيد بدولة نظام وقانون متحررة من أغلال القوى التقليدية بمختلف اتجاهاتها ونفوذها ، دولة يتساوى في ظلها الجميع وتعيد الطمأنينة والأمن والأمل للجميع
تسلمت القوات المسلحة استقالة الرئيس عبدالرحمن الإرياني رئيس المجلس الجمهوري مع استقالة الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رئيس مجلس الشورى وتحملت بشجاعة المسؤولية الوطنية لتبدأ بعملية تصحيح مكامن الفساد بمختلف جوانبه وتشكلت اللجنة العليا للإصلاح الإداري والمالي وفروعها بعد أن كان الفساد عادة من يعارض يتعرض للخصومة والعقوبة..الخ
ومنذ يوم 13يونيو 1974م تأكدت وقائع التغير وإجراءاته ومنها تشكيل مجلس القيادة وقيام الرئيس إبراهيم الحمدي بتوديع الرئيس عبدالرحمن الإرياني رسمياً وبالسلام والعلم الوطني واستعراض حرس الشرف عبر مطار تعز الدولي الى سوريا المنفى الذي اختاره
منجزات حركة 13وقائدها الحمدي
خلال فترة قصيرة من الزمن (أربع سنوات وأربعة أشهر من 13يونيو حتى 11أكتوبر 1977م) كانت إنجازات تسابق الزمن تنقل البلد إلى مشارف القرن العشرين.
يمكن تلخيص أهم الإنجازات فيما يلي
_ تثبيت مسار الثورة والجمهورية من خلال كبح مراكز القوى المحلية والتحرر التدريجي من التبعية الإقليمية والدولية.
_ بناء دولة مركزية قوية يحميها جيش قوي ترجمة للهدف الثاني من ثورة 26سبتمبر 62.
_ عملت حركة 13يونيو على ترجمة عملية للهدف الثالث من أهداف الثورة الذي يقول رفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً فتم وضع خطط لمشاريع الإسكان الحضري وتنفيذ مراحل مهمة وناجحة منها وإنشاء بنك التسليف للإسكان لتقديم قروض ميسرة وإنشاء مؤسسات عامة وفرت الغذاء والكساء والتجيزات المنزلية بجودة عالية وأسعار مناسبة وبنك للتسليف الزراعي والتعاوني لتقديم تمويلات ميسرة للمزارعين والصيادين لتوفير المستلزمات والمعدات الزراعية والصيد البحري… الخ، ووضع خطة بناء وتجهيز مراكز ثقافية في مختلف المحافظات
_ تطوير وتوسيع المشاركة المحلية في التمنية من خلال الاهتمام بهيئات التعاوني الأهلي للتطوير في جميع المديريات والمحافظات الجمهورية وتوسيع صلاحياته وتخصيص الموارده المالية مركزيا ومحلياً أنجزت الكثير من مشاريع البنية التحتية وكانت من أنجح التجارب تنفيذا للهدف الرابع (إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف.
_ التركيز تنفيذ مشاريع تنموية على أساس البرمجة والتخطيط *(البرنامج الإنمائي الثلاثي والخطة الخمسية ) وإعطاء أهمية قصوى بالتعليم المجاني والإلزامي على مختلف مستوياته وتخصصاته والابعتاث للخارج والتوسع في إنشاء المدارس والمعاهد المتخصصة والبدء بتوسيع الكليات المتخصصة لجامعة صنعاء…الخ والاهتمام بالرعاية الصحية وبناء عدد من المستشفيات والمراكز الصحية… الخ
_ شق وتعبيد شبكة واسعة من الطرق تربط بين مدن المحافظات شملت الريف وكان لها أولوية باعتبارها أساس تنفيذ بقية المشاريع والخدمات وسهولة نقل المعدات والتجهيزات والمواد اللازمة (التعليمية والصحية ماء الشرب النقي والكهرباء والاتصالات… الخ)
_ رعاية المغترب اليمني والجاليات اليمنية في الخارج وعقدت لهذا الغرض مؤتمرات وانتخاب قيادات فروع للاتحاد ترعى مصالح المغترب وتعالج مشاكله بالتعاون مع البعثات الدبلوماسية… الخ
_ حضور متميز وراقي لليمن بإقامة علاقاته سياسية واقتصادية مع كثير من دول العالم والمنظمات الدولية تقوم على الاحترام المتبادل وكان لليمن نشاط متميز في منظومة دول عدم الانحياز ومؤتمراته تنفيذ للهدف السادس من أهداف الثورة..
_ وضع البنية الأساسية للوحدة اليمنية تنفيذاً للهدف الخامس للثورة وكان الإعلان عن زيارة مدينة عدن لحضور الحفل بمناسبة عيد ال14من أكتوبر واتخاذ خطوات تتعلق بالوحدة من الأسباب الرئيسية لتنفيذ خطة اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي ورفاقه ولنفس السبب تم اغتيال شريكه الرئيس سالم ربيع علي بعد أشهر قليلة يرحمهما الله جميعاً يقول الشاعر العربي.
أن الخلود لمن يموت مجاهداً
ليس الخلود لمن يموت جبانا
_ ختاماً يقول الشاعر العربي وكأنه يخاطب الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي
من نور وجهك وجه العيد يتشحُ
كأنك العيد أو للعيد أنت أخُ
ما أنت من كل أعياد الحياة سوى
أصل لها وهي منك الرسم والنسخُ
وسيبقى الأمل ويتواصل الدرب ويصحح المسار إن شاء الله تعالى، وسيبقى نبض قلبي يمنيا لن ترى الدنيا على أرضي وصيا.
