اخبار محليةكتابات فكرية

يوميات البحث عن الحرية

 يوميات البحث عن الحرية

         (5) – بحثاً عن الثورة والجمهورية بين مخالب التابعين وأنياب المتبوعين؟!

*عبد العزيز البغدادي

الثلاثاء18مارس2025_

بعض القوى السياسية والتي تجند الدين للسياسة تجمدت عقولهم وتكلست رؤاهم أو تحجرت عند محطة من محطات الماضي الذي ما نزال نجتر مآسيه وويلات عصبياته المريضة لنبقى حبيسي ألاعيب وأوهام الصراع على السلطة والحقد والخداع المؤسس على أكاذيب ادعاء الحق الإلهي في توارث الحكم والتأويلات المتهافتة لنصوص ومرويات دعاة الخلافة والولاية عديم اللياقة والقبول في عصرنا الذي يوجب إخضاع كل النصوص والأحكام المتوارثة للعلم والعقل المستنير والمصلحة المشروعة وليس لأي اعتبارات خرافية!.

أساس المصلحة المشروعة دائماً وفي كل عصر قيامها على العدالة والحرية في الاختيار ، واعتبار من عاشوا وماتوا قبل 1400عام بالفعل: (أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون) سورة البقرة آية (134).

النصوص كل النصوص ملك الأحياء لا العكس لأن المفترض أن العقل مناط التكليف.

حينما وضعنا عقولنا جانباً أتحنا المجال لمن يملؤون الفراغ القاتل، وفتحنا الأبواب كل الأبواب على مصاريعها لكل من هب ودب في هذا العالم، بل ورهنا ووهبنا أو سلمنا ما تبقى منها ومن إرادتنا وكرامتنا إن بقي منها شيء ودون أي مقابل لهذه القوى الدولية الجامحة التي لا تعير مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني أي اعتبار.

والحقيقة أنه لا ينبغي أن نلوم غيرنا وإنما علينا لوم أنفسنا التي لم تعد لوامة بأي قدر!.

بيننا من يبيح لنفسه لمصالح شخصية تافهة حق الإستقواء على خصومه السياسيين بالخارج ولو كان الشيطان الرجيم ، وبيننا كذلك من يستثير الثور الخارجي الهائج أيضاً وهو يعلم أن إمكانياته لا تؤهل لمقاومته مقاومة فاعلة ومؤثرة .

وما يقوم به الطرفان يتنافى مع المسؤولية الوطنية والإنسانية وتسيره مصالح شخصية أنانية تعرض سيادة الوطن للإنتهاك وحياة المواطنين للخطر!.

هذا الفراغ الذي يعكس حال الذات المتورمة بات عبئاً ثقيلاً على الإنسانية التي تعاني من إحساسها بوجودها وواقعها ، وبحجمها الطبيعي في المجتمع الدولي المحكوم بالتوحش وخطره على الأمن والسلام الدوليين !.

ومع ذلك هناك من يدرك خطورة هذا الوضع ويعمل قدر ما يستطيع من اجل التفتيش عن أي فرصة للتحرر من قبضة هذه الإرادة المتوحشة للانتقال إلى وضع أفضل فيه قدر من الأخذ والعطاء يحقق قدر من الحرية والعدالة، وما العدالة سوى تحقيق القدر الممكن من التوازن بين المصالح المشروعة؟!.

من خلال هذه النظرة الفلسفية القانونية الحقوقية أتساءل:

هل من المعقول أو المقبول أو المتاح أن ننتظر الحرية والعدالة على يد دولة أو قوة قامت على أرض الغير بإبادة سكانها الأصليين أو أجزاء كبيرة منها، وتدعم مادياً وعسكرياً وسياسياً ومعنوياً وبكل وسائل دعم اصطناع دولة من العدم على أرض شعب فلسطين وجندت كل طاقاتها المادية والمعنوية في سبيل تحقيق هذا الهدف على مدى أكثر من سبعة وسبعين عاماً أي منذ العام 1948م.

هل يعقل أن ننتظر من هذه الدولة التحول في لمح البصر من شيطان إلى جمعية خيرية تحررنا ممن نظنهم إخوتنا، ونتوهم أن بيننا وبينهم روابط قد تذكرهم بأهمية البحث عن القواسم المشتركة الضرورية للعيش معاً بقدر من التفاهم والود يحمي العيش المشترك على هذه الأرض الطيبة كأناس يقدرون أهمية التعايش والتسامح ونبذ التعصب والعنصرية رأس كل مصائب اليمن والعالم !.

الحرية والعدالة أيها الإخوة أو الذين يفترض أنهم كذلك: لا يمكن أن تستجلب من خارج الوطن ناهيك عن أن توهب من مصاصي الدماء!.

ينبغي رفض أوهام التطلع إلى الاستئثار بالحكم والسلطة سواء باسم الخلافة أو الولاية أو أي إيديولوجية أصبح من الضروريات الحاسمة لمن أراد العيش بسلام في ظل دولة حرة ديمقراطية (دولة المواطنة المتساوية).

والنفاق السياسي لا يتماشى بأي حال مع الثورة ولا مع بناء الدولة العادلة، ولا يوجد مثقف يبرر للسياسي ارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان كما حدث من جماعات الجولاني (الشرع) حالياً ضد العلويين في مناطقهم تحت عنوان ملاحقة الفلول!.

هذا أمر ينبغي أن يدان والتذرع بأنها ممارسات فردية أكذوبة ينبغي دحضها بإجراء تحقيق قضائي شفاف بعيد عن أي تأثير سياسي.

مثل هذه الممارسات يجب أن تدان سواءً قام بها السنة ضد الشيعة أو الشيعة ضد السنة ولكي تتحقق شروط إصدار قانون العدالة الانتقالية لابد من توفر شروطه وأولها صدوره عن سلطة منتخبة انتخاباً حراً ديمقراطيا نزيها وبإشراف دولي محايد ليس ممن شارك في دعم الجماعات الإرهابية وفرخها وسماها قوى الثورة أيا كان انتماءها الديني والعرقي والمذهبي!.

المثقف الحقيقي لا يمكن أن يكون منافقاً ينتقد نظاماً ويبرر لآخر، ومن باب أولى ينطبق هذا على سلطات الأمر الواقع التي قسمت البلاد بعيداً عن أي شرعية أو مشروعية، قد يصمت المرء مؤقتا درءأً لخطر محقق، ولكن لا يتلون ولا يتاجر بالرأي والموقف أو يبرر ارتكاب الجرائم باسم الثورة أو بحجة وجود عدوان !.

الخارج نافذة يمكن للوطنيين فتحها للتفاهم حول المصلحة المشتركة بين من يمثل الشعب صاحب الحق في السلطة والثروة والمصلحة الوطنية المشروعة هي الباب الذي ينبغي أن يسع الجميع، وبين من يمثل النافذة الخارجية، ومن غير المقبول أن تتغلب النافذة على الباب ومن يغلبها ويعطيها الحق في التحكم في وطنه لا ينتظر سوى الخسران المبين!.

الديمقراطية على أهميتها لن يكتب لها النجاح والاستمرار والاستقرار إذا ما كانت مستوردة أو مورَّدة بالقوة الخارجية!.

واستدعاء التدخل الخارجي أو القبول به أو استثارته دون قدرة حقيقية على الدفاع عن الوطن يتنافى مع المسؤولية الوطنية والإنسانية لأن التوجه المهيمن على السياسة الدولية تسيره المصالح المتوحشة وتجرده من اعتبارات الإنسانية مع الأسف الشديد!.

يسألني البحر عني

يفتش عن روح ساقية

تستقي من مرابع أحلامنا

وانتكاسات أعلامنا

عن ربوة في الفضاء

وعن نشوة في الكؤوس

عن نخوة في الرؤوس

عن كل ما لا يُرى أو يذاع

وعن كلما يُرتجى في الخفاء

 اقرأ أيضا للكاتب:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن الثورة التي لم تكتمل

اقرأ أيضا:الأستاذ عبد العزيز البغدادي يكتب لصوت الشورى عن الثورة وجامعة الخيبات العربية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى