هل تكون الحرب الإيرانية الإسرائيلية بداية النهاية لاستباحة المنطقة؟

هل تكون الحرب الإيرانية الإسرائيلية بداية النهاية لاستباحة المنطقة؟
هل تكون الحرب الإيرانية الإسرائيلية بداية النهاية لاستباحة المنطقة؟

بقلم:الدكتور عبدالرحمن المؤلف
الأحد15يونيو2025_
في قلب اشتعال الجبهات بين إيران والاحتلال الصهيوني، تبرز الأسئلة الكبرى: من يدعم من؟ وهل نشهد ولادة اصطفافات جديدة تشبه تلك التي عرفها العالم في محطات تاريخية سابقة؟
المشهد اليوم ليس معزولاً عن التاريخ، بل يُشبه – بوجه من الوجوه – حروبًا سابقة خيضت على أرض الشرق الأوسط، حيث امتزجت الحسابات المحلية بالصراعات الدولية.
إيران وحلفاؤها: إرث الحرب الباردة يعود؟
تبدو إيران اليوم، في خضم الرد العسكري الصاروخي الواسع على الاحتلال، وكأنها تقود معسكرًا غير رسمي من الدول الرافضة للهيمنة الأمريكية والصهيونية، وهو ما يُعيد إلى الأذهان معسكر “دول عدم الانحياز” أو حتى المعسكر السوفييتي خلال الحرب الباردة، عندما دعمت موسكو قوى التحرر في مصر وسوريا وفلسطين والجزائر.
روسيا اليوم، رغم أنها لا ترفع راية طهران علنًا، إلا أنها تقف على ضفاف المعركة، تتقاطع مصالحها مع إيران في مواجهة الحضور الأمريكي.
كوريا الشمالية، مثل كوبا في ستينيات القرن الماضي، تمثل حليفًا رمزيًا في معركة التحدي مع الغرب.
الصين، تشبه إلى حد بعيد مواقفها في حرب فيتنام: دعم اقتصادي ودبلوماسي حذر، وتوظيف الحرب لتقوية موقعها التفاوضي عالميًا.
محور المقاومة، من اليمن إلى لبنان، يذكرنا بموجات حركات التحرر الوطني التي قاتلت الاحتلالات المباشرة والاستعمار الجديد في الستينيات والسبعينيات.
لكن إيران اليوم تواجه عدوًا لا يُقارن بإسرائيل وحدها، بل بمنظومة دولية كاملة.
الاحتلال الصهيوني ومحور الهيمنة: نسخة محدثة من حلف الناتو؟
على الضفة الأخرى، يصطف خلف الاحتلال تحالف غير مُعلن، شبيه بتحالف 1991 ضد العراق أو حتى تحالف العدوان الثلاثي على مصر في 1956:
الولايات المتحدة تلعب الدور الذي لعبته سابقًا ضد عبد الناصر، أو صدام حسين، عبر دعم كامل وتفويض بالضرب.
بريطانيا والدول الأوروبية تُعيد إنتاج موقفها التقليدي: دعم غير مشروط للاحتلال، تحت عنوان “حق الدفاع عن النفس”.
الدول العربية المتحالفة مع الغرب تمارس دور “الدول اللوجستية”، كما حدث في حرب الخليج، بتقديم القواعد والمجال الجوي والتنسيق الاستخباراتي.
دول مثل أذربيجان تُشبه، في موقعها ووظيفتها، باكستان خلال الحرب الباردة: ساحة للتسهيلات والتجسس المتبادل.
الاحتلال الصهيوني لم يكن ليخوض هذه الحرب منفردًا لولا هذه الشبكة، التي تُعيد إلينا صورة نظام الهيمنة الدولية على منطقتنا منذ قرن.
دروس من الماضي: هل يتكرر المصير؟
السوابق التاريخية تُعلّمنا أن الحروب المفتوحة في الشرق الأوسط نادراً ما تبقى محدودة:
في حرب 2006، دعم الاحتلال الأميركي الأوروبي لم يُفلح في حماية “إسرائيل” من هزيمة إستراتيجية أمام حزب الله.
في حرب تموز 1982، اجتاحت إسرائيل لبنان بدعم غربي كامل، لكنها غُرِست في المستنقع اللبناني حتى خرجت مهزومة.
في غزو العراق 2003، كانت واشنطن مدعومة بتحالف واسع، لكنها لم تفلح في بناء شرق أوسط جديد كما خططت.
اليوم، تتكرر القصة مع إيران، التي رغم العقوبات والعزلة، أثبتت قدرة غير مسبوقة على تغيير قواعد الاشتباك وفرض الردع.
خاتمة: تحوّل في معادلات القوة؟
ربما نعيش لحظة شبيهة بـنهاية عام 1956، عندما فشل العدوان الثلاثي على مصر، وبدأت الإمبراطوريات التقليدية في الانحدار.
وربما نشهد سيناريو شبيهًا بحرب فيتنام، حيث الدعم الدولي لا ينقذ الاحتلال من السقوط في مستنقع المواجهة المباشرة مع قوة شعبية وعسكرية مصممة على الصمود والرد.
في كل الأحوال، ما بعد الرد الإيراني لن يكون كما قبله، لا في موازين المنطقة ولا في نظرة العالم إلى الاحتلال.
لقد سقطت هالة التفوق، وتهاوت حصانة العدوان… ويبقى السؤال:
هل تكون هذه الحرب بداية النهاية لاستباحة المنطقة باسم “إسرائيل”؟
اقرأ أيضا للكاتب:هل حان زمن كسر الاستباحة الصهيونية للدول العربية والإسلامية؟
الصورة لدمار كبير في تل أبيب جراء الصواريخ الإيرانية
