كتابات فكرية

هدنة غزة المؤقتة .. صفقة محدودة بوعود كبيرة وثغرات أوسع

 هدنة غزة المؤقتة .. صفقة محدودة بوعود كبيرة وثغرات أوسع

بقلم الدكتور :عبدالرحمن المؤلف 

الأثنين7يوليو2025_

المقدمة: اتفاق مؤقت في ظل شكوك دائمة

بعد أشهر من الحرب المدمرة على قطاع غزة، ظهرت إلى العلن ملامح صفقة جزئية جديدة لوقف إطلاق النار، تمتد لـ60 يومًا، وتتم برعاية أمريكية مباشرة، عبر إعلان رسمي من دونالد ترامب، في محاولة لإعادة توجيه المسار الميداني والسياسي للصراع.

لكن الاتفاق، رغم ما يتضمنه من بنود إنسانية، لا يرقى إلى مستوى وقف شامل للحرب، ويترك الكثير من الثغرات القانونية والسياسية، ما يجعله أقرب إلى “هدنة مشروطة” منه إلى تسوية.

تفاصيل الاتفاق المبدئي: بنود محددة، غموض كبير

مدة الهدنة: 60 يومًا قابلة للتمديد.

الإفراج عن الأسرى: إطلاق 8 أسرى إسرائيليين في اليوم الأول، و2 في اليوم الخمسين.

جثامين الجنود: تسليم 15 جثة خلال فترة الهدنة، مقسّمة على مراحل.

المساعدات الإنسانية: وعود بدخول كميات كافية من الوقود والمساعدات، توزع بواسطة جماعات محلية مسلحة يُشتبه بعلاقتها بالاحتلال الإسرائيلي.

التعهدات الأمنية: الاحتلال يتعهد بعدم القيام بـ”عمليات هجومية”، مع احتفاظه بحق تنفيذ ما يصفه بـ”العمليات الدفاعية”.

الوسيط الأمريكي: دونالد ترامب يتولى إعلان الاتفاق أمام الإعلام، بما يُعد نوعًا من الضمان السياسي وليس القانوني.

ثغرات رئيسية تُضعف الاتفاق

1. غياب ضمانات دولية ملزمة: لا يتضمن الاتفاق أي التزام قانوني مكتوب بإنهاء الحرب أو احترام نتائج الهدنة.

2. تعريف فضفاض لـ”المفاوضات الجدية”: يُترك تقييم مدى “جدّية” المحادثات خلال فترة الهدنة للولايات المتحدة، مما يمنحها (وإسرائيل) هامشًا واسعًا لتعليق أو إنهاء التفاهمات دون مساءلة.

3. غياب رقابة محايدة على إيصال المساعدات، ووجود مؤشرات على أن توزيعها سيتم عبر جماعات محلية مدعومة من الجيش الإسرائيلي، مثل المجموعات المرتبطة بـ”رامي حلس” و”ياسر حنيدق”، وهو ما وثقته يديعوت أحرونوت في تقاريرها الصادرة في 2 يوليو 2025.

4. إصرار الاحتلال على شروطه الأمنية: أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفضه “الكامل” لتعديلات حماس على الاتفاق، مؤكدًا تمسك إسرائيل بأهدافها العسكرية الكاملة.

الموقف الأمريكي: إعلان سياسي دون التزام فعلي

اختار ترامب أن يُعلن الاتفاق بنفسه، في محاولة لتعزيز صورته كصانع للسلام، وهو تكتيك معروف في سياقاته الانتخابية. لكنه لم يقدم أي التزام أمريكي مكتوب يضمن وقف الحرب أو فرض آليات مراقبة ميدانية، مما يجعل الاتفاق أقرب إلى “بيان نوايا” منه إلى وثيقة ملزمة.

بحسب تحليل Axios (1 يوليو 2025)، فإن واشنطن ترى الهدنة فرصة لخفض التصعيد دون الدخول في تسوية نهائية قد تغضب الحكومة الإسرائيلية أو قواعد ترامب الانتخابية.

احتمالات التصعيد: بين التعليق والانهيار

رغم قبول حركة حماس بالمقترح مع تعديلات طفيفة، فإن موقف حكومة نتنياهو المتشدد، واحتفاظ الجيش الإسرائيلي بحق تنفيذ “عمليات دفاعية”، يشيران إلى إمكانية انهيار الاتفاق مبكرًا.

كما أن الوساطة التي تعتمد على المواقف الإعلامية بدلًا من آليات تنفيذية واضحة، تجعل من السهل تحميل الطرف الفلسطيني مسؤولية أي خرق محتمل، كما حدث في هدَن سابقة انتهت دون نتائج.

خلاصة: فرصة إنسانية قصيرة الأجل في ظل واقع سياسي معقّد

بين الارتياح الشعبي في غزة لاحتمال دخول مساعدات، والشكوك العميقة حول نوايا الاحتلال، تقف صفقة هدنة الستين يومًا على أرضية هشّة.

غياب الضمانات، وتعدد التعريفات الفضفاضة، ووجود أطراف غير محايدة في التنفيذ، كل ذلك يجعل من الاتفاق خطوة قصيرة الأجل، قد تُنهي جولة قتال، لكنها لا تُنهي الحرب.

اقرأ أيضا:الإعلام الإسرائيلي .. تدمير إيران لمهد وايزمان أضاع سنوات من العمل

الصورة ارشيفية لكتائب القسام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى