نهاية حلم العرادة الذي بدأ في مأرب.. على يد الانتقالي

نهاية حلم العرادة الذي بدأ في مأرب.. على يد الانتقالي
الخميس 25 ديسمبر 2025- صوت الشورى – خاص
كانت الشمس الحارقة على رمال محافظة مأرب تشهد بداية رحلة رجل اعتقد أنه يستطيع أن يلعب بورقة الوطن ويخرج منها منتصراً.
بدأ سلطان العرادة رحلة ارتزاقه من تلك المدينة القديمة، التي تحمل في طياتها تاريخاً يمتد لآلاف السنين، لكنه رأى فيها مجرد نقطة انطلاق نحو عالم أوسع، نحو سلطة أكبر، نحو ثروة لم يحلم بها يوماً.
فتح الطريق، ذلك الطريق الذي أصبح ممهداً لكل من يريد المرور، بغض النظر عن هويته أو غاياته. مرّ الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون، وعلى رأس الجميع جاء السعوديون والإماراتيون. كان “العرادة” يفتح الأبواب واحدة تلو الأخرى، معتقداً أنه يستطيع أن يرتدي كل الأقنعة في وقت واحد، أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب لكل الأطراف المتنافسة.
حاول أن يتوازن على حبل مشدود بين مصالح متعارضة، لكنه في النهاية لم يكن أكثر من كلب حراسة لكل من يدفع أكثر، بوابة تدور على مفصلات المصالح الشخصية.
كان يحلم بأن يكون رأس الحربة، المنفذ الأول لكل الأجندات الخارجية، الوسيط الذي لا يمكن الاستغناء عنه في معادلة الصراع المعقدة. جمع الأموال، كون الشبكات، بنى لنفسه إمبراطورية صغيرة ظن أنها ستكون نواة لمشروع أكبر. لكن أحلامه تلك اصطدمت بصخرة الواقع التي جاءت على شكل “المجلس الانتقالي”.
جاء الانتقالي ليطوي صفحة أحلام “العرادة” الطموحة، ليعيده إلى مربعه الأول في مأرب، ليقول له إن اللعبة الكبيرة ليست له، وإنه مجرد قطعة على رقعة يتحكم فيها آخرون. طُرد هو وحزبه، وتحطمت أحلامه الانتهازية على صخرة التحالفات المتغيرة. حاول أن يبحث عن طريقة أخرى، أسلوب جديد للعودة إلى الواجهة، لكن الأبواب أغلقت في وجهه واحدة تلو الأخرى.
باع كل شيء.. الوطن، المبادئ، الوطنية. ظن أنه يشتري المستقبل، لكنه في النهاية وجد نفسه عائداً إلى نقطة البداية، محاصراً في مأرب، بين كماشتين: أموال نهبها وسرقها عبر سنوات، يحاول إخراجها إلى الخارج بينما قرارات العقوبات على الاخوان المسلمين يمكن ان تنال منه، أو يحتفظ بها في الداخل ليكون مصيرها نهباً من قبل أطراف عدوان في تحالف كان يظن نفسه جزءاً منه.
أصبح “صندوق الكنز” الذي جمعه على مدى عشر سنوات نقمة عليه، وهدفاً لكل من يريد أن يمد يده إلى ثروة سهلة. لقد جمع الكنز لكنه نسى أن الحراس سيتقاتلون عليه، وأن اللصوص سيتنافسون لسرقته. نهاية مأساوية لرجل باع وطناً في سوق المساومات، ظن أن حلمه قريب التحقيق، لكنه تحول بين لحظة وأخرى إلى سراب اختفى مع أول خطوة جادة نحو السلطة الحقيقية.
ها هو الآن، يعود إلى مأرب حيث بدأ، لكنه يعود محملاً بأخطاء الماضي، مرهقاً بخيانات الحاضر، خائفاً من مستقبل يتربص به كل من خانهم واستخدمهم. العرادة الذي حاول أن يكون كل شيء للجميع، انتهى إلى لا شيء لأحد، حتى لنفسه. قصة تنتهي حيث بدأت، لكن بندوب لا تندمل، وذكريات خيانة لن تُنسى، وثروة قد تكون سبب هلاكه النهائي.
