منى صفوان:هل نحن أمام إعلان وخارطة طريق للسلام في اليمن
منى صفوان:هل نحن أمام إعلان وخارطة طريق للسلام في اليمن
منى صفوان
كان من المهم زيارة الرياض والاستماع، لمسؤولي الملف اليمني ، ملف الاعمار وملف التفاوض ، تحديداً السفير السعودي لدى اليمن، محمد ال جابر، وفريق عمله.
بلا شك اليمن هي المستفيد الأكبر من السلام ، وسأقول لك لماذا، لكن ماهو دور الرياض؟
في الرياض، من خلال زيارة عمل قصيرة ، لمست حرصهم على استفادة اليمن من المشاريع الإنمائية السعودية ، وإستراتيجيتها للمرحلة المقبلة، بعد وصول الأطراف لاتفاق سلام .
هل تضيع الفرصة
يعرف الجميع ان السعودية بدأت منذ سنوات التحرك باتجاه تحقيق رؤيتها 2030، التي أرادتها خارطة نهوض لكل المنطقة ، وبدأت بتصفير مشاكلها ، وتنفيذ سلسلة إجراءات لتبريد المنطقة ، احدها كان قرار إنهاء حرب اليمن، لذا رأينا السفير السعودي في صنعاء.
إنهاء الحرب بالنسبة لليمن ، هو أهم منه بالنسبة للسعودية، دون أن نكذب على أنفسنا نحن من نحتاج ان نغلق هذا الملف بأسرع وقت، لذلك قد نرى جماعة انصار الله في الرياض قريباً.
لحد الآن الأمور تدعو للتفاؤل، والجانب السعودي يعمل وفق أفكار مستقبلية، لما بعد الاتفاق، وخلال زيارة صحفية قصيرة لمست هذا بشكل عملي، من خلال فرق عمل ، وخطط مدروسة، وأفكار مستقبلية.
دعنا نقول أن السعودية ستعمل مع اليمن ، لشراكة اقتصادية إستراتيجية ، تبدأ بالاعمار والتنمية، لكن ماهو دورنا نحن في اليمن (الطرف الآخر من الشراكة)
إذاً هل نستغل فرصة التحول السعودي ، وهذا الحراك في المنطقة ، ودعنا نرى مالذي يحدث في العراق مثلاً، من خلال حسن توظيف الدعم السعودي، وقدرتهم هناك على تهيئة المناخ العام لتنمية ونهضة العراق.
اليمن الجار الأقرب للسعودية، وقدرنا الجغرافي يحتم علينا التخطيط للمستقبل برؤية تناسب المتغيرات الحالية
أنصار الله في الرياض
حالياً يتحرك ملف التفاوض، الذي قد تكون محطته القادمة الرياض، بما يعني قرب إعلان خارطة طريق، حتى وان ظهرت بعض العراقيل، الا ان الشارع اليمني ينتظر بفارغ الصبر إعلان من هذا القبيل
ومما لا شك فيه ان مسؤولي الملف اليمني المباشرين ، يدركون هذه الحقيقية
المهم ان تؤسس اللحظة الحالية، لعلاقة طويلة المدى، وقدرة على تجاوز الاختلاف، ومناقشتها، دون العودة للطرق القديمة، وهذا سيكون اهم من أي اتفاقيات بين الجانبين، ان يؤسس الطرفان لشراكة حقيقة تقوم على المصالح.
فالتركيز على العقلية الاقتصادية ، سيحدث ثورة في كل المجالات، وسيتم النظر للعلاقة مع السعودية والجوار الخليجي من زاوية أخرى ، غير الزاوية الحالية، فلا تابعين ولا أعداء.
وهذا يبدو واضحاً ، لدى الجانب السعودي، ليس فقط فيما يقال، بل فيما يقومون بفعله لحد الآن، من خلال الحرص على الحوار ، وأحياء مسار التفاوض، ومواصلة ملف الاعمار والتنمية، ووضع أفكار مستقبلية بهذا الشأن.
إذاً، كيف نضمن أن لا يُفجر خلاف جديد في المستقبل، وإلا تُهدد العلاقات بين الجارين مجدداً؟
الآمر يعني حُزمة قرارات، ونوايا صادقة، وسلسلة إجراءات ، تبدأ من الوقت الراهن، وكلها تبنى على الثقة، والتطلع لتطوير العلاقة، وربط المصالح ببعضها.
لماذا اليمن الرابح الأكبر من السلام؟
أننا في اليمن ، بأمس الحاجة للاستقرار، لنعوض عقوداً من التأخر، وتوقف قطار التنمية، ولابد أن خير السلام، سيتدفق على بلد يخرج من الحرب، بكل هذا الإنهاك، والارتباك، ليروي الأرض العطشى.
ومن الجيد أن يكون في الطرف الآخر من يقدر هذه المرحلة ويساعدك على تجاوزها
ويمكن لطبيعة وطباع اليمنيين والسعوديين، خاصة أنهم يتشاركون الكثير من الخصال ، أن ينتقلوا سريعاً من خانة الخصوم لخانة الشركاء، لكن السرعة ستحتاج أيضاً للخبرة، والعمق، وتعميق العلاقات وربطها بعدد من المصالح المتشابكة، حتى لا يبدو انتقالاً سريعاً وسطحياً.
ليس لدينا الكثير من الوقت للتأخر ، وان نكون جزء من رؤية المنطقة والسعودية 2030، وكوننا عالقين حالياً في بعض التفاصيل الإجرائية، فهذا أفضل من أن نكون عالقين في الحرب.
وان كنا سنبدأ بتأسيس علاقة شراكة إستراتيجية مع السعودية ، يبقى أن نقبل بعضنا، ونشكل معاً دولة لها شخصية واحدة أمام المجتمع الدولي.
فلن ندخل إلى المرحلة القادمة منفردين متحاربين، لان هذا سيقوض كل فرص الاستثمار والاقتصاد ، وينسف مفهوم الشراكة مع دولة كبيرة كالسعودية، من الطبيعي أن تطلب الشراكة مع دولة ذات كتلة واحدة وشكل موحد، لا مع جماعات متفرقة، متصارعة، فهل تدرك الأطراف اليمنية ابتعاد هذه الخطوة.
أن المستقبل هو للمنطقة بأكملها، ولدينا مقعد محجوز ، علينا الاتفاق كيف نستفيد من هذه الفرصة.
فالسلام الذي لا يترجم إلى فرص عمل وتنمية ، ليس أكثر من مسكن مؤقت، ونحن لا نريد أن يتعامل أي طرف مع السلام كأنه مرحلة مؤقتة ليستعد ، لمعركة تالية.
إن إنهاء الحرب عليه أن يكون قراراً يمنياً جاداً ، فالسعودية ماضية في طريقها، حتى وان اختارت الأطراف اليمنية مواصلة صراعها! ، حتى وان اتفقت مع السعودية، وهذا سيكون الخيار الأسوأ، حيث يبقى اليمن في الصراع ، وهذا سيقضي على مستقبل اليمن تماماً.
الأزمة الحقيقية
وبمصارحة اكبر وبدون مواربة الأزمة لم تعد بين اليمنيين والسعوديين ، بل هي من اليمنيين أنفسهم، وهذه هي الأزمة التي علينا حلها وبسرعة .
منى صفوان صحافية وكاتبة- رئيسة تحرير عربية فيلكسAF
أقرأ أيضا:الوساطة العُمانية لإحياء العملية التفاوضية إنعاش السلام؟