ملامح سياسة إدارة ترامب تجاه العدوان على غزة ولبنان
ملامح سياسة إدارة ترامب تجاه العدوان على غزة ولبنان
الأربعاء 13نوفمبر2024_ تقرير : عبدالرحمن مطهر
تشير المعطيات عن تصعيد كبير للإدارة الأمريكية ضد حركة المقاومة الفلسطينية بشكل خاص ،ومحور المقاومة بشكل عام ، خاصة مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة .
فمن خلال الفترة الرئاسية لترامب الأولى من 2016 وحتى 2020 اتضح بشكل كبير انحياز الإدارة الأمريكية إلى جانب الكيان الصهيوني بشكل غير محدود ، حيث تم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ، والدفع الكبير لعجلة التطبيع العربية مع الكيان الصهيوني ، وفرضت عقوبات على إيران ، بعد أن كانت قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني مع إدارة أوباما بل وتم توقيع الاتفاق وانسحبت منه الولايات المتحدة بعد صعود ترامب لرئاسة أمريكا في فترة الرئاسية الأولى.
لذا من الملاحظ أن سياسة إدارة ترامب تجاه العدوان الصهيوني على قطاع غزة ولبنان تتسم بعدد من الملامح العدائية نحو القضية الفلسطينية ، والتي تعكس التوجهات العامة لإدارة ترامب في الشرق الأوسط، مع التركيز على المصالح الأمريكية والإسرائيلية، ويمكن تلخيص أبرز هذه الملامح من خلال ترشيح الشخصيات العنصرية والمتشددة ضد العرب وضد حركات المقاومة بشكل خاصة ، منها ترشيح السيناتور ماركو روبيو لمنصب وزير الخارجية في إدارة ترامب ،وهو السيناتور المعروف عنه بتشدده ضد حماس ومحور المقاومة ، وقد تداول العديد من النشطاء خلال الأيام الماضية مقاطع فيديو له وهو يقول: “أريدهم أن يدمروا كل عنصر من حماس يمكنهم الوصول إليه”، وعندما سألته إحدى الناشطات عن المدنيين الذين يقتلون كل يوم؟ فأجاب: “أنا ألوم حماس”، وطالب حماس بأن تتوقف عن الاختباء خلف المدنيين، على حد قوله، مع أن هذا المبرر الغبي والسخيف قد دحضه استشهاد القائد الكبير يحيى إبراهيم السنوار رئيس حركة حماس ، والذي استشهد في الميدان مشتبكا مع كتيبة من جيش العدو من المسافة صفر، وهكذا هم قادة المقاومة.
وسألته المحاورة مرة أخرى قائلة: “ألا تهتم للأطفال الذين يقتلون كل يوم؟”، فأجاب بأنه يعتقد بأن هذا الأمر فظيع، ولكنه حمل المسؤولية لحماس مرة أخرى عما يتعرض له أطفال غزة في تبرير مفضوح وقبيح وانحياز فاضح مع القاتل ضد الضحية .
كذلك رشح ترامب المحارب الأمريكي السابق المذيع بيت هيغسيت لمنصب وزير الدفاع ، ونقل موقع “سي إن إن” الأميركي أن العديد من المسؤولين داخل فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بمن فيهم بعض مسؤولي وزارة الدفاع، فوجئوا كثيرا باختياره بيت هيغسيث Pete Hegseth لمنصب وزير الدفاع في إدارته المقبلة، ووصف أحدهم الأجواء بأنها “مملوءة بالصدمة والمفاجأة”، لاختيار ترامب هيغسيث ليشغل منصب وزير الدفاع في إدارته المقبلة، وهيغسيث مذيع قناة فوكس نيوز ومحارب قديم في الجيش الأميركي. وقد أثار هذا القرار دهشة كبيرة لدى العديد من المسؤولين في فريق ترامب، خاصة أن اسم هيغسيث لم يكن ضمن الأسماء البارزة المطروحة للمنصب، ولم يأت ذكره في مناقشات الترشيح الأولية، غير انه داعم كبير للكيان الصهيوني ولحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني والذي يعتبرهم حيوانات حد تعبيره.
كذلك التصعيد الدبلوماسي ضد إيران وحلفائها: كانت إدارة ترامب تضع إيران وحلفاءها، مثل حزب الله، في صلب استراتيجية مواجهة أوسع في الشرق الأوسط. ورأت الإدارة أن حزب الله يشكل امتداداً لنفوذ إيران الإقليمي وتهديداً للكيان الصهيوني ، وبالتالي سعت لفرض عقوبات اقتصادية صارمة على الحزب وداعميه من أجل تقليص قوته وقدراته ،كما عملت إدارة ترامب الأولى على تصفية القضية الفلسطينية ، وركزت على اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية بما تسمى (اتفاقيات “أبراهام”). هذا النهج الذي أدى إلى إضعاف التواصل مع الأطراف الفلسطينية ومعالجة قضايا قطاع غزة أو ملف اللاجئين الفلسطينيين، مما زاد من التوتر في المنطقة بمساعدة كبيرة وغير محدودة من دولة الإمارات التي وسعت من تعاونها الاقتصادي والعسكري مع الكيان الصهيوني، على حساب القضية الفلسطينية.
أيضا قامت إدارة ترامب الأولى بفرض عقوبات صارمة على حزب الله وشبكاته المالية، إلى جانب الضغط على الحكومة اللبنانية لتقليص نفوذ الحزب، فكانت واشنطن تعتبر حزب الله جزءاً من تهديد أكبر مصدره إيران حسب زعمها، وسعت إلى عزل الحزب دولياً ومحلياً، مع محاولة إضعاف تأثيره داخل لبنان.
العالم العربي والإسلامي
بشكل عام، خلاصة القول إن سياسة إدارة ترامب المقبلة حسب المعطيات الموجودة تشير إلى دعم بشكل واضح وكبير للكيان الصهيوني، واستكمال الخطوات التي لم ينته منها ترامب في فترته الأولى ، الأمر الذي يضع زعماء العالم العربي والإسلامي في موقف لا يحسدون عليه ـ خاصة أن مخرجات قمتهم الأخيرة في الرياض كانت باهته وهزيلة ومخزية في الوقت ذاته.
إذ طالبت قمة الرياض الإسلامية بحضور أكثر من 50 زعيما وممثلا في القمة العربية الإسلامية غير العادية مساء الاثنين الماضي بالعاصمة السعودية الرياض، وقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، والعدوان الذي تشنه على لبنان، في توسل ليس له أذان لسماعه من قبل الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني العاقد العزم على مواصلة حرب الإبادة حتى يستكمل ضم الضفة الغربية إلى جانب غزة ، وهو ما لا يمكن أن ترضى به المقاومة في فلسطين ومحور المقاومة بشكل عام ، وسيكون الرد العملي في الميدان وليس عبر التنديد والبيانات المخيبة للآمال.
محور المقاومة
بعد أن خيب زعماء العالم العربي والإسلامي الآمال كالعادة في إصدار قرار قوي عن قممهم المتتابعة ، وإعلان الكيان الصهيوني كيانا إرهابيا على سبيل المثال، وذلك كوسيلة للضغط عليه للانصياع للقرارات الدولية ووقف نزيف الدم وحرب الإبادة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، تتجه أبصار أكثر من 2 مليار مسلم من أبناء الأمة العربية والإسلامية نحو محور المقاومة والذي يعول عليه بعد الله سبحانه وتعالى في إفشال كل المخططات الأمريكية والصهيوني في شرق أوسط جديد خال من المقاومة ومن الشعب الفلسطيني المطالب بحقوقه المشروعة في نيل استقلاله وسيادته على أرضه .
فجاء الرد من اليمن عمليا وفي الميدان ، حيث خرج الشعب اليمني الجمعة الماضية في مسيرات غير مسبوقة ، مؤكدين أن عودة ترامب الثانية لرئاسة الولايات المتحدة لن يزحزح موقف محور المقاومة ، وفي ترجمة عملية لهذا الموقف النبيل والشجاع الداعم والمساندة لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة استهدفت القوات المسلحة اليمنية القواعد العسكرية الصهيونية داخل العمق الصهيوني في فلسطين المحتلة، بالصواريخ الفرط صوتيه ، وبالمسيرات ، بل واستهداف حاملة الطائرات الأمريكية أبراهام لينكولن” وهو الاستهداف الذي لم يكن الأول ولن يكون الأخير في سلسلة العمليات اليمنية المساندة لغزة.
كذلك كثفت المقاومة اللبنانية حزب الله ، من هجماتها الصاروخية على المواقع العسكرية الصهيونية خاصة في حيفا التي تزورها صواريخ المقاومة بشكل يومي تقريبا ، وكذلك القواعد العسكرية في تل أبيب وغيرها من المستوطنات الصهيونية .
أما المقاومة الفلسطينية فهي مستمرة منذ أكثر من عام في تسطير أروع الملاحم البطولية مع جيش الاحتلال في أكثر من محور في قطاع غزة ، بل والاشتباك معه من المسافة صفر، الأمر الذي يكبد جيش العدو الكثير من الخسائر في العدد والعتاد .
اقرأ أيضا:زعماء القمة العربية والإسلامية يتوسلون وإسرائيل تنظر لخطابهم باستخفاف