كتابات فكرية

مصير التهدئة بين صنعاء والرياض: سلام مؤجل أم تصعيد قادم؟

مصير التهدئة بين صنعاء والرياض: سلام مؤجل أم تصعيد قادم؟

بقلم الدكتور: عبدالرحمن المؤلف

الاثنين 3 نوفمبر 2025-

المقدمة

منذ توقيع اتفاق التهدئة بين صنعاء والرياض في أبريل 2022، دخل اليمن مرحلة “لا حرب ولا سلام”، إذ توقفت العمليات العسكرية الواسعة لكن دون انتقال فعلي إلى مسار سياسي شامل. ومع تطورات الحرب على غزة وتصاعد المواجهة اليمنية–الإسرائيلية في البحر الأحمر، عاد السؤال مجدداً: إلى أين تتجه التهدئة؟ وهل يمكن أن تتحول إلى سلام دائم، أم أنها مجرد هدنة هشة ستنهار عند أول اختبار؟

خلفية مختصرة للتهدئة

أبريل 2022: بداية الهدنة بوساطة أممية.

لم تتضمن الهدنة تسوية نهائية، بل جُمّدت الحرب دون حلول لملفات رئيسية مثل الرواتب والمطار والموانئ والانسحاب العسكري.

الأمم المتحدة (ديسمبر 2023) أكدت أن الوضع هش، وأن الالتزام لا يعني سلاماً دائماً.

اندلاع حرب غزة (7 أكتوبر 2023) غيّر مسار التهدئة، إذ تحولت صنعاء إلى لاعب مباشر في معادلات البحر الأحمر وتهديد الملاحة المرتبطة بإسرائيل.

 الوضع الحالي للتهدئة

1. دوافع استمرار التهدئة

الرياض تسعى للإبقاء على حالة التجميد لتقليل الكلفة العسكرية والسياسية، مع الاحتفاظ بالحرب كورقة ضغط إقليمية.

صنعاء تستفيد من التهدئة لتثبيت سلطتها وتحسين وضعها الداخلي، دون التخلي عن قدراتها العسكرية أو معادلة الردع البحري.

عُمان، إيران، والأمم المتحدة تضغط نحو انتقال التهدئة إلى عملية سياسية حقيقية.

2. نقاط القصور

غياب خارطة طريق واضحة.

استمرار الحصار الجزئي، وتأخر صرف الرواتب، وإغلاق مطار صنعاء بشكل متقطع.

تصاعد التنافس الأمريكي–الإسرائيلي–السعودي في البحر الأحمر والممرات الدولية.

3. الواقع العسكري

انخفاض شامل في العمليات مقارنة بما قبل 2022، لكن الهجمات البحرية اليمنية مستمرة.

كل طرف يحتفظ بخيارات التصعيد، مما يجعل السلام الكامل مستبعداً في المدى القريب.

السيناريوهات المتوقعة

hلسيناريو الأول: استمرار الوضع الراهن (لا سلام، لا حرب)

هدنة مفتوحة دون حلول نهائية.

تفاوض بطيء وملفات عالقة (الرواتب، المطار، النفط).

 واستمرار الضغوط الاقتصادية.

 الاحتمال: مرتفع

 السيناريو الثاني: مسار سلام مشروط ومراقَب دولياً

التوصل إلى اتفاق سياسي جديد برعاية عُمانية–أممية.

فتح مطار صنعاء بالكامل، ودفع الرواتب لكل الموظفين، وإعادة تشغيل الموانئ.

جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية، وبدء إعادة الإعمار.

الاحتمال: متوسط

 السيناريو الثالث: انهيار التهدئة وتصعيد عسكري واسع

فشل التفاوض واستئناف الضربات الجوية و البحرية و البرية

تدخل أمريكي أو إسرائيلي مباشر تحت ذريعة “أمن الملاحة”.

فتح جبهات في مأرب أو الساحل الغربي أو الحدود مع السعودية.

 الاحتمال: منخفض إلى متوسط

🔹 توصيات استراتيجية

1. الضغط العسكري و السياسي و الاعلامي بشكل قوي و مكثف على السعودية وصولا الى ضربات محدودة و مدروسة توصل الرسالة دون بلوغ الحرب المفتوحة

2. ربط ملفات الرواتب والمطار بالحل السياسي وليس بالمساومات العسكرية.

3. تعزيز الدفاعات الساحلية والأمن السيبراني ضد محاولات الاختراق الداخلي.

4. تنويع الوسطاء الدوليين (جنوب افريقيا، البرازيل، قطر، الصين، روسيا) لتقليل الاحتكار الأمريكي للملف.

5. الحفاظ على معادلة الردع الجوي و البري و البحري دون تجاوزها إلى حرب شاملة و مفتوحة.

 الخاتمة

التهدئة بين صنعاء والرياض تقف عند مفترق طرق. لا الحرب عادت، ولا السلام تحقق. فما يجري اليوم هو “إدارة للأزمة” أكثر منه حلاً لها. ومع تحولات البحر الأحمر، ومستقبل غزة، وتنافس القوى الدولية، ستظل اليمن لاعباً لا يمكن تجاوزه.

السؤال الحقيقي ليس: هل ستصمد التهدئة؟ بل: من سيحوّلها أولاً إلى سلام، أو يعصف بها نحو حرب جديدة؟

اقرأ أيضا: في وداع الشهيد القائد الغماري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى