ماذا يحدث في سوريا ؟

ماذا يحدث في سوريا ؟
بقلم / لطف لطف قشاشة
الجمعة18يوليو2025_
ما يحدث في سوريا كعنوان عام وباختصار شديد هو حلقة من حلقات مخطط بناء الشرق الأوسط الجديد، والذي أعلنت عنه وزيرة خارجية الولايات المتحدة الامريكية كونداليزا رايس في العام 2006 تقريبا، هذا الإعلان يعتبر التدشين العملي لهذا المشروع الذي صاحبه ما أطلق عليه بالفوضى الخلاقة ،وهذا المشروع ( الخطة ) هو حلقة مترابطة من حلقات مشاريع الصهيونية العالمية التي تستهدف منطقتنا العربية والإسلامية، والتي تسعى الصهيونية من خلالها لطمس الهوية وتغيير الواقع والحضور العربي والإسلامي بواقع تسيطر عليه إسرائيل ومن خلفها الدول الداعمة لها ..
إن وصول الجماعات المسلحة إلى السلطة وسقوط نظام البعث العربي الاشتراكي هذه الجماعات التي كانت تقع تحت التصنيف الإرهابي عند أمريكا والغرب ليمثل واحدة من الحقائق التي ظهرت للعالم بأن الجماعات المتشددة ما هي إلا صناعة وأداة من أدوات الغرب منذ إعلان الجهاد الأمريكي في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، بل أصبحت هذا الحقيقة من المسلمات لدى اغلب شعوب المنطقة ما عدا تلك العقول المستلبة والتي تحركها العصبية والمصالح وبالتأكيد الإدارة الصانعة لهذا الجماعات المسلحة ( أمريكا والغرب ) ، ..
ما يحدث أو ما حدث مباشرة في أعقاب وصول ( الجولاني ) احمد الشرع إلى داخل الساحة الأموية بقلب العاصمة السورية دمشق والتطورات المتلاحقة التي مورست على الأرض من قبل سلطة الأمر الواقع في الساحل ضد العلويين ومع رجالات النظام السابق وصولا إلى استهداف الطائفة الدرزية في محافظة السويداء ما هو إلا برنامج معد مسبقا وما على الشرع وجماعته إلا القيام به وكذا ما أعلنه الشرع من مواقف وتوجهات نظام الأمر الواقع حول العلاقة مع محور المقاومة والتي كانت سوريا احد أعمدت المحور وانحيازه إلى مشاريع التطبيع وقيامه بتضييق مساحة الوجود للقيادات المقاومة الفلسطينية داخل سوريا،والتقائه المعلن في عداوته لإيران وحزب الله وفصائل محور المقاومة مع عداوة الكيان الغاصب ووصفه لذلك بان لديه مع إسرائيل عدوا مشتركا كل هذا الأحداث والمواقف كانت محاولة مستميته لإرسال رسائل التطمين إلى العدو الإسرائيلي بأنه سيكون حليفا ناجحا ومناسبا لهم في مساعيهم لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى، وما يحمله هذا الحلم من مشاريع التطبيع ونسف الهوية والسيادة والاستقرار لجميع دول منطقة الشرق الأوسط رغم انه يعلم أن وجوده وتمكنه من سوريا ما كان ليحدث إلا لأنه جزء من أدوات أمريكا وإسرائيل لكن عبثا حاول أن يقنع الكيان بمساعيه وبرامجه والدليل انه في الوقت الذي يسوق نفسه ليكون أكثر خدمة وانبطاحا لهذا الكيان إلا أن الكيان استأسد وكشر عن أنيابه وشن اعتداءات جوية وبرية متواصلة، انتهك فيها سيادة سوريا ودمر مقدراته العسكرية واحتل ما تبقى من الجولان وغيرها من مناطق في درعا وصولا إلى جبل الشيخ وريف دمشق، في منهج لا يعني فيه انه تعبير عن استخفاف بنظام الأمر الواقع السوري الجديد وإنما لأنه يعلم أن هذا النظام الجديد الذي جاء بدعم أمريكي له دور آخر لا علاقة له ببناء اتفاقيات سلام وتطبيع مع إسرائيل وتغيير واقع وعقيدة الشعب السوري في عداوته المطلقة لإسرائيل وتحت إدارة متكاملة تديرها سلطة الأمر الواقع للدولة السورية في جميع خارطتها الجيوسياسية بالكامل ..
الجولاني ( عفوا ) احمد الشرع بالغ في رفع سقف أحلامه وحدث نفسه بأنه وإن كان يوقن انه مجرد أداة من أدوات المشروع الصهيوني إلا أن محاولاته لتسويق نفسه ليكون حاكما كامل الصلاحية لكل سوريا حتى ولو بالشروط التي تفرضها عليه أمريكا والغرب وإسرائيل إلا انه لم يتعظ من حركة وعبر التاريخ التي سبقته والدليل ان الكيان اليوم يتعامل مع سوريا كساحة مستباحة دون أن ينظر إلى وجود هذا الطارئ الجديد داخل العاصمة السورية بل ويتعامل معه حينما تدعو إليه الحاجة عند الكيان لاستخدامه في موضوع ما هنا أو هناك داخل سوريا لان الكيان يعلم أن الدور الوظيفي لهذا الطارئ الجديد بيد أمريكا التي تحركه في عناوين بعيدة عن الأولويات الراهنة الملحة لإسرائيل كأن يضعف معنويات شعوب المنطقة التي تقف مع محور الجهاد والمقاومة وتعزيز أنظمة الانبطاح والتطبيع في المنطقة خاصة فيما تحمله سوريا من مكانة داخل المحور ومدى تأثير انتقالها لمحور الاعتدال والتطبيع العربي إضافة إلى ضرب الوجود الروسي والإيراني داخل المنطقة ..
تصرفات الكيان الغاصب داخل سوريا والتي كان آخرها ضرب القصر وقيادة الأركان داخل العاصمة ما هو إلا دليل واضح أن الكيان يحمل نفسية من لا يثق في أي شيء مهما بالغ الآخرون في تقديم قرابين الولاء والانصياع لذلك سيظل يتعامل مع احمد الشرع بأنه ذلك الإرهابي المتشدد، وكأنه يقول أننا لا نثق به فربما انه يتعامل بالتقية حتى تلوح له الفرصة ويعيد عداوته ومهاجمته للكيان رغم أن تاريخ هذه الجماعات لم،يشهد لها موقفا قامت فيه باستهداف إسرائيل أو داعميه ولكنها الطبيعة الصهيونية ..
من هنا يتضح أن ما يحدث في سوريا يجب أن ينظر إليه من زاوية مساعي أمريكا لبناء شرق أوسط جديد ومن يأسف على ما وصل إليه حال نظام الشرع فعليه إلا يأسف لان الجماعات المسلحة هذه لها دور وظيفي تمضي في تحقيقه مثلها مثل الدور الوظيفي الذي لعبته وتلعبه إسرائيل اللقيطة في المنطقة منذ أكثر من ثمانية عقود لخدمة مشاريع الهيمنة الغربية الصهيونية وهذا هو واقع الحال للكيانين ..
وأخيرا فان مآلات الأحداث تتجه إلى وصول حالة الاشتباك بين مشروعين يتصارعان وأننا بالفعل سنشهد معركة فاصلة يبرز الإيمان كله فيها للشرك والنفاق كله …
والعاقبة للمتقين ..

الصورة لاثار العدوان الإسرائيلي على القصر الرئاسي بدمشق