قراءة في المشهد اليمني منذ 2011وحتى سبتمبر2023
قراءة في المشهد اليمني منذ 2011وحتى سبتمبر2023
الاثنين18سبتمبر2023 قدم الدبلوماسي والأكاديمي اليمني عبد السلام العوضي: قراءة في انهيار النظام العربي العميق وانعكاساته على الواقع اليمني يناير 2011 سبتمبر 2023م
قائلا منذ أ :— انهيار الأنظمة العربية العميقة بثورات شبابية بدءا من ثورة الياسمين في تونس (ديسمبر 2010م حتى ثورة الجزائر فبراير 2019 م) .شاءت الأقدار أن تنهار الأنظمة العربية العميقة بثورات شبابية عارمة بداية من تونس (ديسمبر 2010م) تلاها مباشرة (مصر 25 يناير 2010 م) ثم اليمن، وليبيا، وسوريا (فبراير2011م) ، وأخيراً لا آخراً :- السودان (ديسمبر 2018 م) والجزائر (فبراير 2019م) ،، ثورات شبابية طليعية متجددة بعد أن ذاقت البلدان العربية مرارة الويلات من أنظمتها التوليتارية المستبدة.
قائلا: أنها ثورات دكت الأبراج العالية لمضاجع تلك الأنظمة، و مايزال العمل الثوري قائما ومتجددا حتى يحقق أهدافه.. وعلى الرغم من إنه كان بالإمكان معالجة مشاكل الشباب لبساطتها والتي تمثلت بمطالب إنسانية محقة ، في مقدمتها توظيفهم، وتحسين أحوالهم المعيشية، وهذا كان كفيلا بإنهاء معاناتهم، إلا إنه بدلا من معالجة أسباب ثورات الربيع العربي، جوبهت بتعال، وغطرسة، وصلف، وعناد، وشيطنة هذه الثورات، قادت هذه الأسباب في النهاية، إلى سقوط تلك الأنظمة العميقة.
وتابع :الغريب في الأمر ، إن كل رئيس عربي كان يقف مخاطبا الشباب كأنه “عنترة زمانه”، مع الفارق الشاسع بينه وبين (عنترة بن شداد) حامي مضارب بني عبس والعرب، والمشهود له بالفروسية (البوشيدو باليابانية) بأسمى معانيها .
في واقع الأمر، لازم الشباب تواجدهم في ساحات التظاهر يستمعون إلى خطابات رؤساء الأنظمة غير مبالين بالتهديد والوعيد حتى تساقط الواحد تلو الآخر كأوراق الخريف.
وضاف الدكتور العواضي:إن العامل النفسي لكل واحد منهم جعله لا يصدق ما يحدث أمامه بأن شبابا طيبين، بائسين تجرعوا الثالوث الرهيب :- الجوع، والفقر، والمرض، يثورون عليه، وقد زاده كبرياء وعناد بما يسمع عنهم من قبل بطانته، وحواريه، وحاملي المباخر بأن الأمور تحت السيطرة ، وإنه يسهل التصرف مع هؤلاء الغوغائين، وإنهاء أي تجمع لهم في الساحات بشتى الوسائل الممكنة :-
قنصا، وحرقا، ورشا بالمياه العكرة.
وقال بأن رؤساء الأنظمة أخذتهم العزة بالإثم، فلم يدرك منهم هذا الرئيس أو ذاك، “إن معظم النار من مستصغر الشرر” ، وماهي إلا أيام حتى توسعت دائرة هذه الثورات الشبابية لتشمل شبابا من مختلف مكونات المجتمع المدني بما فيهم شباب الأحزاب التي اعتلت المشهد بكل قوة، وكانت رافدا قويا وداعما لثورات الربيع العربي. وهناك من استغل الفرصة من الأحزاب الأكثر تنظيما ليكون بديلا عن النظم العميقة .
لا يخفى على أحد إن شباب الأحزاب كانوا من العوامل الرئيسة لتعزيز “ثورة الصدور العارية”، و”البطون الخاوية “مما جعل من سقوط هذه الأنظمة أمرا لا محالة منه..
وقال :في واقع الحال، إن هذه الثورات قامت في وقت رفع فيه الحكام العرب شعارات: “أنا الدولة، والدولة هي أنا ،” أنا و من بعدي الطوفان”.. وقد تزامنت هذه الشعارات مع رغبتهم الملحة في توريث الحكم” او ما اصطلح على تسميته حينئذ “بالجمهوريات الملكية”.
وهنــــــــــــا توقفت هنيهة، استحضرت خلالها بعض ابــــــــــــيات من الشـــــعر، للشاعر/ محمود سامي البارودي باشا — قائد” الثورة العرابية” في مصر عام 1881م، ورئيس وزراء مصر 1882م، و الملقب” برب السيف والقلم” ،والمنفي من قبل الإستعمار البريطاني الىجزيرة (سرند يب – سيرلانكا) — على النحو الآتي :-
لا تحسبن العيش دام لمترفٍ
هيهات ليس على الزمان دوامُ
تأتي الشهور، وتنتهي ساعاتها
لمع السراب، وتنقضي الأعوام
والناس فيما بين ذلك وارد
او صـــــادر، تجـــــــري بـــه الايــــــــــــام
لا طائر ينجو ولا ذو مخلب
يبقــى، وعاقبة الحياة حِمَـــــــامُ
ب :— العامل الخارجي والنفسي لسقوط النظام العربي
وتابع :ما يجب على القارئ هو التعرف في هذا الصدد على”المخرج الأجنبي ” المساند لهذه الثورات، أو من كان يقف وراءها، واخذ علما بسيكولوجية الحكام العرب، وهم صنيعته وعملاؤه، الأمر الذي ساهم أيضا في إغراقهم، وتشجيعهم على الفساد خلال أربعة عقود، حتى تحين له الفرصة للإطاحة بهم ، وقد حانت لتنفيذ مخططه الاستعماري – الصهيوني في صياغة المنطقة.
باليقين، إن هذا المخرج قد ركز على العامل النفسي لهؤلاء الحكام مدركا بأنهم لن يقبلوا بالتنازل لأي مطالب كانت، بعد فترة حكم عبثية طويلة سادها الظلم، والقهر، والفساد.-
ومن هذا المنطلق، نستشف إن هذا” المخرج الإمبريالي” تمكن من استخدام الحرب النفسية كعامل رئيس لإسقاط هؤلاء الحكام، وكان عامل التواصل الاجتماعي السريع الانتشار أيضا بين الشباب احد ركائزه،فضلا عن التحذير للأنظمة من محاولة قمع المظاهرات ، أو قتل المتظاهرين الشباب، وكذا الحث على تلبية مطالبهم وإعطائهم حقهم في حرية التعبير، تلك الأمور جميعها قد أسهمت إلى حد بعيد بتعزيز العمل الثوري في مختلف ساحات التظاهر وإسقاط رؤوس الأنظمة العميقة.
وما كان ليتأتى لهذه الثورات وبكل غليانها أن تؤتي أكلها لولا تضحيات الشباب ذوي الصدور العارية، ورافعي اليافطات وأرواحهم على اكفهم (ارحلوا، ارحلوا، هرمنا، هرمنا).
حال اليمن
وتحدث الدكتور العواضي عن حال اليمن قائلا: كان حال اليمن مختلفا نوعا ما عن بقية الدول العربية، تمثل ذلك بتدخل “مجلس التعاون الخليجي” مما أفضى الى مبادرة خليجية، أفقدت ثورة الربيع العربي في اليمن بريقها لمخاوف جيو – سياسية وسيسيولوجية من هبوب رياح الثورة إلى عقر دار البلدان الخليجية الملكية .
على كل حال، وقع على المبادرة جميع الأحزاب والمكونات السياسية،وبموجبه، تم انتخاب رئيس توافقي”هو عبد ربه منصور هادي” باستفتاء شعبي كما نصت المبادرة على مرحلة انتقالية مزمنة بعامين فقط، كان المستفيد منها حزبي المؤتمر، والإصلاح، اللذين عادا لتقاسم السلطة من جديد (وكأنك يا بو زيد ما غزيت) أمام خيبة أمل شبابية، وبالتالي، استمر حكم الحزبين وشركاءهما لمدة سنتين وبضع أشهر عجاف، سادتها الفوضى، وعدم الاستقرار، وتخللتها مكايدات ومناكفات سياسية، وعدم تمكين رئيس الوزراء ( أ.محمد سالم باسندوه) من تسيير شؤون دفة الحكم، أضف إليه أن جميع الوزراء، والقادة العسكريين والأمنيين ظلوا منقادين لأوامر قيادة رؤساء أحزابهم كما كان الحال قبل قيام ثورة الشباب، ولم يبق لـ”رئيس الجمهورية” المشير عبد ربه منصور هادي”، سوى حراسته الخاصة التي تم القضاء عليها في وقت لاحق خلال اقتحام منزله..
ج :— اهم حدث خلال الفترة 2012 —2014 م تمثل بدخول جماعة “أنصار الله “( صنعاء) في 21 سبتمبر 2014م.وفي هذا الصدد، تعددت الأسباب، وكيل الاتهامات، في جدل عقيم بين الحزبين الحاكمين وشركاءهما، تمحور حول:-
أيهما كان السبب بدخول (أنصار الله) وتمكينهم من اقتحام صنعاء ؟
وجاء الرد على جدلهما بشفافية، بأن عامل الفساد المالي، والإداري، والمناكفات السياسية بين الحزبين اللدودين الحاكمين، وكذا عامل الضعف الذي دب في أروقتهما التنظيمية، والمشاكل التي عمت تلك المرحلة بين الحزبين العميقين الحاكمين معا منذ عام 1993م حتى صراعهما على رئاسة السلطة في العقد الأول من الألفية الثالثة ، قد أسهمت بامتياز بدخول “أنصار الله”، الذي شكل شبابه احد روافد الثورة الشبابية في الساحات – وكانت النتيجة أن سلم الخصمان الحاكمان طوعا للوافد الجديد القادم من”صعدة” كأمر واقع، ولعله جاء حكما ليقضي بين الطرفين.
وبعد وقت قصير، أعلن رئيس المؤتمر”علي عبد الله صالح” الاتفاق معهم رغم الحروب الستة التي خاضها ضدهم خلال الفترة (يونيو 2004—يناير 2010م) ،”وله في هذا الشأن مآرب”.
إن هذا الاتفاق من الناحية المنطقية —حسب مراقبين —لم يكن وليد الساعة، وإنما يعود إلى وقت سابق قبل أن ينطلق الأنصار من (صعدة) إلى (صنعاء)، وفي خطة رامية للتخلص من “جماعة الوادعي السلفية – “، ثم “الفرقة العسكرية الأولى مدرع”الجناح العسكري لـ”التجمع اليمني للإصلاح” المنافس العنيد للمؤتمر الشعبي العام على “السلطة والثروة”، وكان ذلك الشغل الشاغل للرئيس السابق علي عبد الله صالح، ثم يأتي الدور في النهاية على “أنصار الله” ، ليتمكن من العودة إلى الحكم من جديد في محاولة منه في إدارة عقارب الساعة إلى الوراء عكسا لطبيعة الأشياء ،وسنن الكون، كما كان لا يساوره ادني شك من أن “أنصار الله” قد أصبحوا في قبضته —ضانا إن الأمر بتلك البساطة وهو يملك القوة العسكرية الضاربة – ولن يكلفه أدنى مشقة، على الأقل، إما احتواؤهم تحت سلطته، وإما التصرف معهم من موقف الحازم،كما كان يعتقد ، والأهم هو إنهاء غريمه، “التجمع اليمني للإصلاح، والفرقة العسكرية الأولى مدرع بقيادة الفريق الركن /علي محسن الأحمر تحت غطاء القاعدة والدوا عش ،يلي هذه الخطوة إجهاض مخرجات “مؤتمر الحوار الوطني “التي كانت تؤرقه” ليل نهار”خاصة في الجانب المتعلق بشكل الدولة الجديدة” جمهورية اليمن الاتحادية”ومسائل أخرى يضيق الحديث عنها في هذه العجالة، في مقدمتها “توريث الحكم”، ولكي يكتمل هذا السيناريو عمد” زعيم المؤتمر “علي عبد الله صالح ” ، إلى إن يدفع بـ”أنصار الله” في المقدمة بغطاء عسكري وامني شمل جميع المناطق للقضاء على تواجد “التجمع اليمني للاصلاح” .
وقد تمكن (أنصار الله) في آخر المطاف، من حسم الموقف لصالحهم، وإحراز قصب السبق في التخطيط الممنهج والذكي للاعب الشطرنج، لإزاحة علي عبدالله صالح بنهاية سريعة (كش ملك) في سلطة لا تقبل القسمة على اثنين. وبالتالي، لم يتم الرقص على رؤوس الثعابين التي كان يرددها الرئيس السابق علي عبدالله صالح- حول الكيفية التي كان يتعامل بها في إدارة حكمه لليمن).. وبناء عليه، “انقلب السحر على الساحر”.
ويضيف الدكتور العواضي : شهدت الفترة 2012 – 2023 م أيضا تطورات محلية بأبعاد إقليمية ودولية ، شملت مايلي:-
—”مخرجات مؤتمر الحوار الوطني” والتوقيع عليها من قبل المكونات السياسية، والشباب، والمرأة، وإعداد وتقديم مسودة الدستور الجديد المتفق عليها للتوقيع، ولم يتم تنفيذه.
—توقيع اتفاق (السلم والشراكة الوطنية)، بين الحكومة، و”أنصار الله” في 27 سبتمبر 2014م، ولم لم يتم تنفيذه. أيضا.
— مغادرة الرئيس/عبد ربه منصور هادي بعد اقتحام منزله في (صنعاء) إلى (عدن) ثم توجهه مساء 25 مارس 2015م إلى (الرياض) بعد قصف طيران (صنعاء) قصر المعاشيق في (عدن) – حسب مصادر عليمة – وفي فجر 26 مارس 2015م بدأ التحالف بقصف (صنعاء) قبل أن يصل عبدربه للرياض حيث وصل بعد القصف بأيام.
وفي السياق نفسه، صدر قرار مجلس الأمن 2216 عن (اليمن) يوم 14 ابريل 2015م تحت (البند السابع) اقر بالحفاظ على سيادة الجمهورية اليمنية واستقرارها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية.
الجدير بالذكر، انه بعد مغادرة هادي (صنعاء) لحق به غالبية نواب التجمع اليمني للإصلاح، وأعضاؤه في الحكومة، وكذا نواب وأعضاء أحزاب أخرى، وقرابة ربع نواب حزب (المؤتمر الشعبي العام) طالبين نجدة التحالف بقيادة السعودية بإعادة الحكومة الشرعية إلى صنعاء.
وفي السياق نفسه، إن ماتبقى من أعضاء التجمع اليمني للإصلاح تفرقوا ما بين مأرب، وقطر، والرياض، وتركيا والقاهرة ، كما بقي قرابة نصف نواب حزب المؤتمر الشعبي العام بما فيهم أعضاء الحكومة من الحزب في (صنعاء)، وما يقرب من ربع حزب و أعضاء المؤتمر المتبقي تفرقوا – شذر مذر- ما بين ابوظبي، والقاهرة” وعواصم أخرى.
—في واقع الأمر، تم تشكيل التحالف العربي من 10 دول عربية بقيادة المملكة العربية السعودية بعاصفتيه الحزم، والأمل (الحزم : 26 مارس 2015م ثم (الأمل بداية من 22 ابريل 2015م على أساس تقديم المساعدات الإنسانية). وبهدف إعادة الحكومة الشرعية إلى اليمن .
و— تشكلت ثلاث حكومات خلال الفترة (2014-2018م) على النحو الآتي : –
الأولى :- بـــــرئــاســة د.خـــالــــــد محفــوظ بحـــــاح 6 نوفمبر 2014م -ابريل2016م، وشغل أيضا منصب نائب رئيس الجمهورية — تمت إقالته من قبل رئيس الجمهورية / عبد ربه منصور هادي لتجاوزه صلاحيته الدستورية بخصوص عقد اتفاق مع دولة (الإمارات) يتعلق بجزيرة (سقطرى)، وبما لا يجوز له قانونيا وشرعيا في عقد بيع او إيجار لأراضي الشعب اليمني. وقد صدر قرار جمهـــــــــــوري بإقالته، كما صــــــــدر قــــــــرار آخر بتعيــين الفريــــــق الركن /علي محسن الأحمر كنائب لرئيس الجمهورية —.
الثانية :- بــــــــرئاسة /د. احـــــــمد عبيــــــد بن دغر (4 ابريل 2016 – أكتوبر 2018 م)
الثالثة :- بــــــرئــــاســـــــــــة م. معـــــــين عبد الملك سعيد (18 اكتوبر 2018 م – ؟).
— كما شهدت تلك الفترة حضور أربعة مبعوثين للأمم المتحدة كوسطاء لإنهاء النزاع في اليمن ، على النحو الآتي :-
1 – الديبلوماسي المغربي د. جمال بن عمر 2011 -ابريل 2015م.
2-الديبلوماسي الموريتاني د. اسماعيل ولد الشيخ احمد 25 ابريل 2015 – 16 فبراير 2018م.
3-الديبلوماسي البريطاني مارتن غريفتس 25 فبراير 2018 – 25 مايو2021 م.
4- الديـــبلوماسي السويدي هانز غوندبرغ ( 6 اغسطس 2021 ؟)
ويشار إلى إن هؤلاء المبعوثين الاممين يمثلون جهة اعتبارية هي الأمم المتحدة التي تخضع لقرارات مجلس الأمن ومصالح الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس والتي مايزال موقفها غير واضح تجاه الحل في اليمن.
من ناحية أخرى، عينت الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة / جو بايدن في 4 فبراير 2021م الديبلوماسي( تيموثي ليندركينغ) مبعوثاً خاصاً إلى اليمن لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.
—وجاء أيضا خلال الفترة انعقاد اجتماعات بين الحكومة الشرعية الموالية للتحالف ، وسلطة (أنصار الله)، بحضور المبعوثين الدوليين وفقا لمدد تعيين كل واحد منهم- وذلك في (جنيف، وييل، والكويت، ثم اتفاق”استكهولم”) لكنه لم تتحقق نتائج ملموسة أو ملحوظة للخروج من النفق المظلم.. واستمرت الحرب بقصف طيران التحالف العسكري السعودي – الإماراتي بلا هوادة المدن اليمنية خاصة الشمالية ،وما كان ليتوقف في القصف لولا استخدام (أنصار الله) طائرات مسيرة متطورة يصل مداها إلى المنطقة الشرقية في السعودية ،و أبوظبي ودبي في ساحل عمان الشمالي على الخليج .
—من ناحية أخرى، استمر التحالف العسكري السعودي – الإماراتي التموضع في السواحل والجزر، والموانئ ، كما استمرت الحرب الداخلية بين الفرقاء اليمنيين في جبهات متعددة .
و الأدهى والأمر، إن الحكومة الموالية للتحالف لم تتمكن من العودة إلى (عدن) بسبب “مليشيات الانتقالي التابعة للإمارات”، الأمر الذي أدى إلى فرض “اتفاق مزمن في الرياض” بين الحكومة الموالية للتحالف والمعترف بها دوليا، والمجلس الانتقالي المليشياوي التابع للإمارات (للمرة الثانية) وبصورة غير معهودة في العالم أن يعقد اتفاق بين شرعية، ومليشيات خارجة عن القانون، والغريب إن المجلس الانتقالي لم يلتزم بتنفيذ “الاتفاق” من نوفمبر 2019 م، وبكل جـــــــــــــــرأة أعلن رئيـــــــس المجلس الانتقالي عيدروس قاسم الزبيدي من(ابو ظبي) في26 ابريل 2020م قيام ،”الإدارة الذاتية لحكم جنوب اليمن”، وبصورة متناقضة للاتفاق، كما استأنف الانتقالي ومليشياته مظاهر العبث من جديد في المناطق الجنوبية ومضايقة الجيش الوطني المعترف به رغم تواجد التحالف العسكري السعودي – إلاماراتي في المناطق الجنوبية المختلفة.
وخلال الحرب تعرض الجيش التابع للحكومة المعترف بها دوليا ، لعمليات قصف من قبل التحالف مرات عديدة ، بالإضافة إلى شيطنته بالقاعدية ، والدعشنة، كما شمل القصف أيضا أماكن مدنية كثيرة ، قس عليه، انتهاك السيادة اليمنية بزيارات إماراتيين وغير إماراتيين على متن طائرات إماراتية الى ارخبيل سقطرى دون ترخيص من الحكومة اليمنية، فضلا عن تدفق شحنات الأسلحة إلى الجزر والموانئ اليمنية، واستحداثات عسكرية دون موافقة الحكومة اليمنية، إضافة إلى تجريف جغرافية، وتاريخ، وثروات اليمن في المحافظات الجنوبية وبما يعد انتهاكا صارخا لسيادة اليمن كدولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها وكذا عضو في جميع المنظمات الدولية والإقليمية، ناهيك عن مخالفة القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن ، والقرارات السياديه لدول العالم.
ويواصل الدكتور العواضي حديثه قائلا: صدر(بيان الرياض الثاني) في يونيو 2020م بعد فشل الاتفاق الأول وذلك بتشكيل حكومة مشتركة بين (الحكومة الشرعية) و(المجلس الانتقالي المليشياوي الجنوبي) التابع للإمارات، وتضمن البيان شروطاً بتنفيذ الشق العسكري والأمني، وتعهدت السعودية هذه المرة بالإشراف علي التنفيذ، ورغم عودة الحكومة إلى العاصمة المؤقتة (عدن) في يناير2021 م إلا إن الوضع الأمني لم يستقر . وبالتالي، لم ينفذ الشق الأمني والعسكري للأسف الشديد، ولم تف السعودية بما تعهدت به. كما لم تتمكن الحكومة من تلبية خدمات المواطنين نظرا لعبث المليشيات التابعة للانتقالي والمدعومة من أبوظبي . وعليه، اضطر دولة د. معين عبد الملك ومن معه من أعضاء الحكومة مغادرة (عدن) إلى (الرياض) “مكره أخوك لا بطل”، وقد سبق وان منع الرئيس/ عبدربه منصور هادي، وطاقمه من هبوط طائرته في مطار عدن من قبل المليشيات وعاد توا إلى (الرياض) في ظاهرة معيبة يتحمل مسؤوليتها التحالف ، الأمر الذي ينبئ عن مستقبل ضبابي للمحافظات الجنوبية خاصة بتواجد وعبث مليشيات الانتقالي وغيرها من المليشيات التابعة للإمارات .
—فوجئ اليمنيون بصدور القرار الكارثي للملكة العربية السعودية في شهر أغسطس 2021م بطرد عشرات الآلاف من اليمنيين من إعمالهم، وبما لايتفق مع مجريات الأحداث ووضع اليمن العصيب ، كما لا يخدم مثل هذا التصرف الجائر علاقات الجيرة والتعاون بين البلدين الشقيقين خاصة في ظروف صعبة يعاني منها اليمنيون، علماً إن مثل هذا التصرف قد خضع لتفسيرات ورؤى مراقبين بأنه عمل غير مبرر وغير مسؤول، ووصفوه أيضا بأنه عمل غير أنساني ، وله دوافعه في مثل هذا التوقيت.
—يقينا، إن ما نشهده بعد مضي ثمان سنوات من الحرب المستعره سوى فوضى، ودمار، إلى جانب قيام فرق مليشياوية تابعة للإمارات مدعومة ماديا ولوجستيا، على النحو الآتي :—
—المجلس الانتقالي الجنوبي ومليشياته بقيادة اللواء/ عيدروس الزبيدي.
— فرقة العمالقة الجنوبية التي أسسها العقيد الركن/ “عبد الرحمن صالح المحرمي، المكنى ابو زرعة المحرمي”.
—فرقة عسكرية أطلق عليها (حراس الجمهورية – “المقاومة الوطنية اليمنية-) “.
بقيادة/ العميد الركن” طارق محمد عبد الله صالح.
— فرقة مليشياوية بمحافظة تعز بقيادة/ ابو العباس.
كلها فرق مليشياوية محلية تابعة للإمارات تحت مسميات عدة، حددت مواقعها في الشطآن اليمنية و في الموانئ، والجزر، والمدن اليمنية من جنوب الحديدة حتى حضرموت، ناهيك عن تواجد عسكري للإمارات في جزيرتي سقطرى وميون، ومينائي عدن، وبلحاف.. الخ.
يقابل ذلك، تواجد عسكري سعودي في حضرموت والمهرة وموانئهما لأطماع في منافذ على بحر العرب، بغية تصدير النفط والغاز دون إتباع الإجراءات القانونية المتعارف عليها وفقا لقانون الاستثمار اليمني إضافة إلى محاولة السيطرة على الأراضي المحيطة بمناطق مرور الأنابيب من حدودها حتى بحر العرب، وبما يخالف القوانين الدولية واحترام سيادة الدول على أراضيها، علاوة على استخدام ضغوطات لتثبيت أو فرض أمر واقع على أراض يمنية شاسعة غنية بالنفط والغاز والمعادن على امتداد شمال الجمهورية اليمنية..
وقال الدكتور العواضي :ما أود أن أؤكده، هو إن اليمن في وضع مأساوي حقيقي وبحاجة إلى ضمائر حية لإنقاذه.
— دارت منذ مايو / يونيو 2021م محادثات تقودها سلطنة عمان بين (أنصار الله- بصنعاء السلطة الشرعية المعترف بها ومثلها التحالف التي تقوده السعودية كشريك في الحرب ضد (أنصار الله) وذلك برعاية (سلطنة عمان) لوقف إطلاق النار نهائي بمباركة إقليمية ودولية، ولم تتوقف المساعي العمانية الحميدة حتى سبتمبر الجاري 2023م لإيجاد انفراج لحلحلة مسائل الخلاف وإنهاء الحرب . وعلينا أن ننتظر ونترقب ما سيستجد من نتائج على ارض الواقع .
—في سياق آخر وللتذكير كان قد صدر (إعلان) او(بيان) في 7 ابريل 2022م مفاده تنازل( الرئيس هادي) عن كامل صلاحيته الرئاسية، وإعفاءه نائب الرئيس الفريق الركن/ علي محسن الأحمر من منصبه، وهو المنصب الذي تولاه بدلا من د. بحاح المقال في ابريل 2016 م.
وتم ذلك بعد مسرحية مأساوية شارك فيها 600 مسؤول يمني في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض للتشاور..
وقد جرى التنازل لصالح مجلس قيادة رئاسي انتقالي يتكون من رئيس وسبعة أعضاء نوابا للرئيس، على النحو الآتي:-
-اللواء د.رشاد محمد العليمي رئيسا – مستشار لرئيس الجمهورية سابقا –
وعضوية نواب الرئيس التالية أسماؤهم :- اللواء عيدروس قاسم الزبيدي- رئيس المجلس الانتقالي التابع للإمارات (لم يتنازل عن منصبه).
اللواء الركن / سلطان علي العرادة – محافظ محافظة مأرب سابقا–.
– العميد الركن/طارق محمد عبد الله صالح – قائد عسكري سابق.
– العميد الركن/عبد الرحمن صالح المحرمي (ابي زرعة) – سلفي.
– اللواء الركن /فرج سالمين البحسني-محافظ محافظة حضرموت سابقا – مستقل .
– الشيخ/ عثمان حسين مجلي – برلماني سابق، مؤتمر
– الاستاذ/ عبد الله عبد الله العليمي باوزير- عضوية المجلس الرئاسي – اصلاح .
ومن الملاحظ، إن تنازل الرئيس/ عبد ربه منصور هادي عن صلاحيته كرئيس شرعي بنقل السلطة تمت تحت ضغوط إلى مجلس قيادة رئاسي انتقالي غير شرعي ،قد خضع لتحليلات مراقبين سياسيين وديبلوماسيين، وقانونيين – وصفوا المشاورات اليمنية – اليمنية التي عقدت تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية – الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي – خلال الفترة 29 مارس الى 7 ابريل 2022م، في الرياض، عبارة عن “انقلاب متكامل الأركان”، ومخالفة لكل الأسس و المرجعيات التي بنيت عليها العملية الانتقالية في اليمن ومنها قرارات مجلس الأمن تحت الفصل السابع، ومخرجات الحوار الوطني المتفق عليها من قبل جميع المكونات السياسية والشباب والمرأة، والذي تمخض عنها مشروع الدستور.
من جهة أخرى، عدم دستورية مجلس القيادة الرئاسي الانتقالي وفقا لخبراء قانونيين ،إلى جانب عدم حضور “أنصار الله” كطرف رئيس في المشاورات اليمنية – اليمنية.
وعلى الرغم من أن تلك الآراء حول المشاورات – حسب قانونيين) تؤكد بعدم قانونية نتائجها ، إلا إن رعاة المشاورات ،اقروا نتائجها، وباركتها الجامعة العربية ومجلس الأمن ،كيفما اتفق .
حقيقة، لايوجد انسجام واضح بين أعضاء المجلس، و كل ما في الأمر، إنهم لن ينفذوا في المرحلة الانتقالية سوى تعليمات الأوصياء عليهم. والسؤال الذي يطرح نفسه ، اليمن إلى أين؟
—وقد تزامنت تلك الفعاليات بزيارة الرئيس الأميركي/ جو بايدن والوفد المرافق له للمنطقة في منتصف شهر يوليو 2022م بدءا بإسرائيل وأخيرا بمدينة (جدة) ولقاء مسؤولي دول مجلس التعاون الخليجية على مستوى القمة بالإضافة إلى دعوة الدول الآتية :- مصر (رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي)، و الأردن (الملك عبد الله ابن الحسين)، والعراق (رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي) لحضور الاجتماعات حول تطورات الأحداث العالمية والإقليمية، ولم تقدم لليمن دعوة للحضور للأسف الشديد، رغم أهمية هذه الاجتماعات ، وإنما اكتفى الوفد اليمني برئاسة د. رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي بلقاء وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية “انتوني بلينكن” .
-في واقع الحال، لم تتوقف المساعي الإقليمية والدولية للوصول إلى حل خاصة بين طرفي النزاع في اليمن :- (السلطة الشرعية) ممثلة بالسعودية كجزء من المشكلة و(سلطة الأمر الواقع – أنصار الله ) في (صنعاء)
— جوهر القول ، يطيب لي أن أسجل مناشدتي كمواطن منحاز إلى “حزب الوطن”، بأن تمام اليمنيين حاليا من (صعدة) و(ميدي) و(الحديدة) الى سوقطرة و(المهرة حتى الحدود اليمنية- العمانية)، مسؤولية تاريخية لإنهاء الاقتتال الداخلي والتدخلات العسكرية الخارجية في شؤون البلاد، والعودة إلى طاولة المفاوضات، وحكم اليمن سوياً وفقا لما تم الاتفاق عليه في مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية أو أي حل وسطي يوافق عليه جميع الاطراف لتفادي تمزيق اليمن، والإجهاز على ما تبقى من اطلسها، فحجم التآمر على اليمن، في الواقع، مهول وكارثي .
وليس أمامنا من سبيل سوى أن ندرك، ونتدارك هذا الخطر المتربص باليمن من كل صوب قبل فوات الأوان، وبعبارة أدق بقى أن نقول: “إما أن نكون أو لا نكون”.
اقرأ أيضا:علي ناصر محمد يرحب بمفاوضات صنعاء مع الرياض
اقرأ أيضا:أمريكا تفرج عن الأموال الإيرانية المجمدة والإفراج عن سجناء من الطرفين