صابر الحيدري شهيد الحقيقة
صابر الحيدري شهيد الحقيقة
خلود روحه يؤسس لمدرسة القيم والمبادئ الإعلامية القائمة على العدالة والإنسانية والمعلومة الحقة
(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةَ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً)
استشهد الصحفي صابر الحيدي في تفجير إرهابي العام الماضي استهدفه رحمه الله هو وزوجته في البريقة بمدينة عدن المحتلة من مرتزقة تحالف العدوان على اليمن.
صوت الشورى بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاده ،ينشر مقتطفات مما قال محبي صابر عنه بعد وفاته ..
حسبي الله ونعم الوكيل
• حسبي الله بمن شار، ومن دبر، ومن خطط، ومن نفذ…حسبي الله يا ولدي وفلذة كبدي …حسبي الله ونعم الوكيل…..
أمك: فاطمة محمد احمد البحري.
مهما طال الزمن لن أنسى حبك الكبير
• أبي صابر نعمان محمد محمد علي يحيى الحيدري، اتذكرك بكل شيء يمر بخاطري، أنت معي أتذكرك وأتذكر عقلك الذكي والمبدع لحلحلة أي مشكلة كانت تواجهني. أحبك أبي الغالي الحنون مهما طال الزمن لن أنسى حبك الكبير لي.
صفيه صابر الحيدري
عند العمل المهم لا يمزح
• أبي العزيز كان يعتبرني ابنه وصديقه وأخاه، وأنا كنت اعتبره أبي وصديقي وأخي، مرح لكن عند الجد جد، وعند العمل المهم لا يمزح، وقد كان أبي رحمه الله ذكي سريع البديهة يجتهد في عمله، أبي أنت شخصية مهمة في عالم الإعلام.
فراس صابر الحيدري
بابا عند ربنا.
غسان صابر الحيدري
بابا في الجنة.
سيف صابر الحيدري
لا نامت أعين الجبناء
• نبيهة نعمان الحيدري
مهما حاولت أن أخط سطورا أو كلمات أو حتى أحرف عن شخص أعرفه أو لم أعرفه، توارى جثمانه لأي سبب من الأسباب، أجدني عاجزة، فما بالك عندما يكون هذا الشخص صابر الحيدري؛ فهو ليس أخي الأصغر فحسب هو ابني أيضا، ترعرع وكبر وعيناي تحرسه، وقلبي ينبض مع كل يوم يكبر فيه، هو وأولاده من بعد.
لن تتسع أمامي كتب أو مجلدات أتحدث بها عنه فهو كبير كبير، بحجم اليمن جباله وسهوله، بحره وأنهاره. كبير بحبه لكل الخير الموجود على أرض اليمن، باعتزازه بتراثه وحضارته، بفخره لانتمائه وشموخه بأصله ونسله، كبير بأخلاقه وقيمه ومبادئه، كبير بحرصه وصدقه ووفائه لتراب بلده، الذي أفنى كل ثانية من عمره عشقاً وولعاً به.
وليس لأنه أخي؛ فقليل هم الرجال الذين ينضجون من طفولتهم.
فهو من رضع حب اليمن بكل تفاصيلها، لقد كان يتنفس هواء الحديدة، ويستلذ بماء إب، ويتباهى بتعز، ويعشق تفاصيل صنعاء، ويتغزل بأروقة صعدة وحجة، ويتنهد على مأرب وسقطرى، ويتبسم لأشعار القمندان في حضرموت، ويصفق لشرح عدن، ويتوجع لإنات أبين. كل مدينة أو قرية يمنية زارها، لها في قلبه وعقله محطة يسمو بها بفخر لوطنه الذي وهب حياته رخيصة لأجله.
صابر طفل وشاب ورجل في آن واحد، عيناه تبرقان لتضيء الطريق في عتمة سواد المؤامرة، وقلبه يعزف موسيقى الحب وسط طبول الحرب، وعقله يشع بحكمة الأتقياء بين الشتات، الأمر الذي أوجع من يستلذ بطعم أوجاع اليمنيين، ويستمتع برائحة الدماء بين البشر.
مهما كتبت ومهما قلت فهو الروح الطاهرة التي سمت إلى ربها راضية مرضية، التي تعكس ملامح الصادقين، ممن عاهدوا ووفوا، فطوبى لهم. أما الجبناء فلا نامت أعينهم، ولا استقرت سرائرهم، ولا استكانت ضمائرهم، خابوا وباءوا بالخسران المبين.
بيان صادر من آل الحيدري بخصوص المطالبة بالوصول للعدالة في عملية اغتيال ابنها الشهيد صابر الحيدري
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:
﴿مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)﴾ المائدة
اليوم؛ وبعد أن تم مواراة جثمان الشهيد المغدور الصحفي صابر نعمان الحيدري الثرى، فإننا كأسرة للفقيد، نستذكر مناقب الشهيد الذي اغتيل وهو يمارس عمله بكل مهنية واحترافية، ساعيا للحق والحقيقة، مؤمنا أن العمل الإعلامي هو رسالة سامية لخدمة الناس، والتعبير عن أوجاعهم، وكشف الحقائق لهم، من غير تزييف أو تجميل.
لقد عمل لأجل هذه الأهداف النبيلة، بمحبة الابن البار لأسرته، والمخلص لوطنه، والتواق لمستقبل أفضل لكل أبناء بلده.
كما أننا ولأجل كل تلك القيم التي آمن بها وسعى لها، نجدد مطالبتنا كافة الجهات المعنية أن تسعى جاهدة لئلا تدفن الحقيقة مع ابننا الشهيد، وأن تتحقق العدالة بكشف كافة ملابسات اغتياله والتوصل للجناة ومحاسبتهم بما يكفل إنصافا لدمائه الطاهرة، ورسالة قوية لكل يد جبانة تسول لها نفسها الاستمرار في أعمالها الإجرامية الغادرة بحق الأرواح الآمنة البريئة.
وفي سياق ذلك؛ فإننا نحمل كافة السلطات المعنية في صنعاء وعدن، مسؤولياتها في ضمان أمن وسلامة أي فرد من أفراد عائلته وصون كرامته، تجاه أي تجاوزات أو مخاطر قد يتعرض لها أسرته، خصوصا مع المضايقات التي طالت ابنتنا شقيقة المغدور الصحافية نبيهة الحيدري والتي تزامنت مع الإعلان عن موعد دفن الشهيد.
في الختام؛ إننا نناشد كل الضمائر الحية والنفوس الصادقة المحبة لليمن على اختلاف توجهاتهم وميولهم وانتماءاتهم، التواقة لسلامه وأمنه وخيره، أن تتعاون فيما بينها وأن تتظافر جهودها، لكشف وفضح كل من يتلاعب بمصائر أبنائه، ولقد آن الأوان لكي تحقن الدماء وتلملم الجروح بعد كل سنوات الحرب الموجعة تلك.
صادر عن آل الحيدري
السبت ٢٥ يونيو ٢٠٢٢، الموافق ٢٦ ذو القعدة ١٤٤٣ هجرية
شهادات
كانت رشة المطر الخفيفة التي زارتنا ليلة البارحة15 يوينو2022م هي روح زميلنا صابر الحيدري في آخر زيارة وداع لأهله وأصدقاءه بصنعاء 😢
• منصور الجرادي
صابر إذا صادق أخلص
• أمين الحيدري
ابني الغالي صابر نعمان محمد الحيدر ي رحمة الله تغشاه، كان الولد المثالي بأخلاقه العالية، كان شجاعا، شهما، كريما مع جميع الناس، مع أسرته أو مع زملائه، كان إذا صادق أخلص بصداقته للجميع بدون تمييز، ويبذل كل ما بوسعه لهم. كما كان يحترم جميع أهله وجميع قبيلته، يرحمك الله يا ابن أخي.
نسأل المولى عز وجل أن يسكنه الفردوس الأعلى في الجنة، إنا لله وإنا إليه راجعون.
صابر الحيدري الطيبون تقتلهم العقول والأيادي الباغية
• فيصل جلول باحث في أكاديمية باريس للجيوبوليتيك
كانت الرحلة بين مطار باريس ومطار صنعاء تستغرق حوالي سبع ساعات تبدو بالنسبة للمسافر أطول من ذلك بكثير، حتى إذا ما هبطت الطائرة على الأرض تشعر وكأن الحياة الطبيعية قد عادت إليك وكان الشخص الأول الذي تلتقي به هو الأحب لقلبك.
كان صابر الحيدري موظفا في وزارة الإعلام، وشاءت الصدف كما شاء الحظ أن يكون الوجه الأول الذي أراه على أرض المطار في كل مرة أزور فيها العاصمة اليمنية، كان مرافقي الودود الوجه الأول الذي تنبعث منه ملامح الطاقة الإيجابية، حب الضيافة ومشاعر الاستقبال الصادقة وغير الوظيفية الباردة.
كان لا بد ان تفوز بثقة صابر الحيدري، وأن يثق بك حتى تستوي العلاقة بين يمني يحب بلده وضيف يحب اليمن. الإعلام مهمة صعبة وحاسمة في نقل صورة اليمن إلى الخارج لذا كان ينبغي أن يكون الحيدري واثقا من أنك لا تريد شرا ببلده، ومن أنك أمين على ما يقوله لك، فلا يحرف ولا يستخدم للطعن ولا يخالطه ضرر، بعد ذلك يروي لك ما يتيح تفسير ظواهر ومواقف وأحداث قد تحتاج إلى سنين طويلة حتى ترى أو تدرك معانيها.
لكل سؤال جواب لدى صابر الحيدري، يجيبك بما يعرف ويشير إليك بمرجع إن كان لا يعرف. يدرك رغم حداثة سنه تعقيدات المجتمع اليمني وخصائصه، وتدفعه حشريته إلى معرفة ما يدور في البلد الذي تأتي منه.
كان صابر الحيدري رفيقي في صنعاء ولم يكن مرافقي، تعرفت من خلاله على أجمل مقطوعات الغناء اليمني، وتعرفت من خلاله الى مكونات المطعم اليمني، وزودني من خلال أسرته بطريقة تحضير “بنت الصحن” وأطباق يمنية أخرى، وكان يسألني عن السبب الذي يحول دون انتشار هذا الطبق في العالم العربي، ويمكنني القول أنه كان يطمح أن يعرف العالم كل شيء جميل عن اليمن. كان الحيدري عاشقا لبلاده وحريصا على حسن سمعتها وانتشار تأثيرها في دنيا العرب والعالم.
كان صابر الى جانب نزار ووليد (قبيلتي الصغيرة في اليمن)، وكنت قد صممت على أن يكون الجزء الثاني من كتابي الجديد عن التاريخ السياسي لليمن مهدى إلى هؤلاء الرفاق الثلاثة. لقد صعقني خبر اغتيال الحيدري. من يجرؤ على اغتيال شاب صوفي السلوك قلبه عامر بالمحبة لوطنه؟!، الطيبون تقتلهم الأيادي والعقول الباغية في شريعة الغاب. ألف رحمة على روح الحيدري والصبر والسلوان لأسرته ومحبيه.
آل الحيدري، جميعهم، فخورون بك
• عبد الله الحيدري البخاري
بردا وسلاما على فقيدي.. عن ماذا أتحدث؟! عن أيام جمعتنا؟!، أو أيام مراهقتنا؟!، أو أيام دراستنا في جامعة واحدة؟!، أو عن عمل ربطنا ببعضنا؟!، أو عن وعن وعن ………؟
عن ماذا أتحدث؟! أو عن ماذا أعبر؟!!.
كان لي صديقا وأخا لم تلده أمي، كان شابا خلوقا يحب عمله، شابا بارا بأمه ومخلصا لعائلته.
أخي صابر رحمك الله، وأوسع قبرك، أنت فخر لعائلتك، لأنك لم تمت موتة عهدناها دائما!!. موتك فاااااااجعة لنا ولأهلك وجميع من حولك من محبين، كل هذا بسبب تفانيك وإخلاصك لعملك حتى آخر ثانية في حياتك. تغربت عن والدتك وأختك وجميع محبيك، لتقدم ما يرضيك لعملك وإتمامه على أكمل وجه. رحمة الله تغشاك يا أخي، سلاماً على روحك التي أصبحت بجوار ربها، ولكنك في القلب، ومكانك مازال بين أهلك وأصدقائك.
أخي صابر رزقك الله بدار أفضل من دارك.
آل الحيدري، جميعهم، فخورون بك، موتك لا يناله إلا الأبطال، بطل فتك به الغدر من قاع سيارته، وستظل بطلا شهيدا بإذن الله.
أخي صابر، لعل لك من اسمك نصيب، وترزق بالجنة صبراً.
أخي وإن رحلت عن هذه الدنيا، فسأظل أحاورك بالدعاء لأرسم ابتسامتك في السماء، رحمك الله يا فقيد قلبي، وجعلك في جنات النعيم، لن أنساك ما حييت.
رحمةً تغشاك، وبرداً وسلاماً على روحك.
الله يا صابر استعجلت الرحيل
• أحمد حمران
ليلة سوداء، ليلة كئيبة حزينة، ليلة ملطخة بالدم، ليلة كلها دموع وآهات.. الصديق العزيز الصحفي الانسان الطيب صابر الحيدري شهيداً إثر عبوة ناسفة تم زرعها في سيارته بمدينة عدن15 يوينو2022م، الله يا صابر استعجلت الرحيل، وانت الذي وعدت ان نلتقي قريباً عند اخر تواصل بيننا.
الرحمة والخلود على روحك،
واللعنة على قاتليك
صابر لا يمكن ان يضر مثقال ذرة
• خديجة السلامي فرنسا
كان خبر وفاة صابر صدمة كبيره بالنسبة لي، والطريقة الإجرامية البشعة التي استخدمت ضد صابر الشاب الخلوق الذي لا يمكن أن يضر مثقال ذرة، أو أي شخص مهما كان لؤمه ضده. دائما بشوش متفان لعمله وفي خدمة من يطلب منه المساعدة أو المعونة في أي شيء، محب للجميع دون استثناء. فقدت أخا عزيزا وشخصا بذل كل ما بوسعه لخدمة بلده، رغم الصعوبات التي كان يوجهها، ورغم صغر سنه. لروحك النقية يا صابر ألف سلام.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
هل يستطيع رختر أن يقيس حجم هذه الهزات التي تضرب جزر أرواحنا
• فاروق الكمالي
بينما كنا في صنعاء نلصق أذاننا في شبابيك الليل لعلنا نسمع وقع قطرات المطر … كان صوت الانفجار الجبان ينتزع من بيننا زميلا صحفيا أخر في عدن – صابر الحيدري.
هل يستطيع رختر أن يقيس حجم هذه الهزات التي تضرب جزر أرواحنا بين حين وأخر.
نحن فقط من يبتلع الصدمة تلو الأخرى والهزة تلو أخرى والفجيعة تلو الأخرى.
ثم نحفظ الصورة الأخيرة لبقايا مركبة محترقة ومكومة في ركن ماء وسط شارع الفوضى وهذه المركبة كانت حتى قبل لحظات من الانفجار تحمل زميل كله حيوية ونشاط وتفانٍ.
رحمك الله ياصابر والعزاء لأسرتك وشقيقتك الأستاذة الكبيرة نبيهة الحيدري بهذه الفاجعة.
أخي صابر. كان متألمًا على أوضاع اليمن الأخيرة كنتيجة لتداعيات الصراع السياسي
• د. بتول السيد البحرين
ليس سهلًا أن ترثي عزيزًا.. كما أنه ليس سهلًا أن تُصدق خبر رحيله!
لم يكن الشهيد صابر الحيدري رحمه الله مجرد إعلامي يمني، بل كان أخًا وصديقًا عزيزًا بكل ما تحمله الكلمتان من معنى.
التقيتُ صابر منذ زيارتي الأولى إلى اليمن في نهاية العام 2003 والزيارات الأخرى كلها، إذ كان موظفًا في العلاقات العامة بوزارة الإعلام اليمنية ومن المرافقين لنا دومًا كوفود إعلامية من مختلف الدول، فقد كان يبذل وبقية الموظفين جهدًا جبارًا معنا، وكان لهم دورٌ كبير في التنسيق لأغلب الرحلات واللقاءات الرسمية وغير الرسمية.
آنذاك، كل الموظفين اعتبرتهم أخوة أعزاء، ولكن صابر كان الأخ الأقرب والأعز، ربما بُحكم أني تعرفتُ على كامل عائلته وزرتها وشقيقته في منزلهما. فقد تعرفتُ لاحقًا على العزيزة نبيهة شقيقة صابر التي كانت تعمل في وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، وهي صديقة مميزة حتى الآن، إذ استمر تواصلنا رغم مرور كل تلك السنوات معها ومع أخيها العزيز.
ولم أكن أعلم برحيله، لولا أني كنتُ أطالع إحدى المجموعات الإخبارية على هاتفي في مساء الخميس 30 يونيو/حزيران، ولمحتُ اسمه أمام صورة حادث مروري وشريط أسود واسم “الشهيد”، صابر؟ من؟ هل هو صابر نفسه؟ صابر الحيدري الذي أعرفه؟! كان قد تواصل معي في جمعة فائتة برسالة “جمعة مباركة” كعادته في أغلب أيام الجُمع، ولم يكن تواصلنا أساسًا قد انقطع طوال تلك السنين، فالوفاء صفة ملازمة لليمنيين من وجهة نظري، وهذا ما لمسته من خلال علاقاتي بالكثير منهم.
راسلتُ حينها وعلى الفور شقيقته نبيهة: (نبيهة.. ماذا حدث؟ للتو أقرأ خبر صابر، لستُ أستوعب، كلميني)، لترد على بعد دقيقتين بالـ “آه” التي خرجت من الهاتف واستقرت في قلبي، إنا لله وإنا إليه راجعون! بعدها اتصلتُ على هاتفها مُعزية إياها وأمها التي أعرف كم كان يحبها صابر ويحترمها وتكاد تكون “دنياه” فهو بلا شك ابنها الحنون، مكالمة هاتفية تخللتها دموع محبة صادقة من البحرين إلى اليمن التي أحب وأعشق ترابها وأهلها الطيبين.
كان صابر يحملُ خصالاً طيبة، متعاونًا، طيبًا، خلوقًا، شهمًا، روحه مرحة وطموحة تتوقُ إلى مستقبل أفضل، وهو لي في اليمن أخٌ عزيز لا ينساني مهما مرت السنون، ويعرف مقدار محبتي لبلده حتى أنه في خضم الأوضاع غير المستقرة كان يسألني دومًا عن شوقي إلى اليمن وما إذا كنتُ أرغب في زيارتها لعله يجد طريقًا لمساعدتي في ذلك أو الترتيب له.
المؤلم أكثر أني أتذكر أنه كم كان متألمًا على أوضاع اليمن الأخيرة كنتيجة لتداعيات الصراع السياسي فيها، فضلاً عن أن آخر تواصل لي معه كان على إثر كتاب أنوي فيه سرد ذكرياتي عن اليمن، وتخنقني العبرة حينما أتخيل صدوره من دون أن يشهد ذلك أو يكون موجودًا ليقرأه، فاسمه موجود في أكثر من موضع وصفحة! ولصابر تحديدًا دورٌ في إنعاش ذاكرتي في بعض المواضع الخاصة بتلك الزيارات السبع التي كان آخرها في العام 2010، على الرغم من أنه لم يكن سهلًا على الطرفين تذكر موضوعات مضى عليها أعوام عدة، إذ أنه كان في بعض الأحيان يستعين بزملاء آخرين لتذكر بعض الأمور، ومن ثم إبلاغي بها لتدوينها.
ما جرى على اليمن أثر على الذاكرة والتذكر، إذ كان يقول ضاحكًا:” كلنا فقدنا الذاكرة، لأن الحرب خبصت كل شيء”. وكنتُ أعتذر له عن إزعاجه في كل مرة أسأله فيها عن أمر خذلتني الذاكرة فيه، ولكنه كان على العكس يبتهج لأنني أعيده إلى “زمن جميل”، وفق تعبيره. هذا الزمن الذي كان يود أن يُعيدني إليه يومًا ما في اليمن، ولكن الموت وعبر أيادٍ غادرة آثمة اختطفه على نحو مفاجئ، ليُخلد في قلوب محبيه أينما كانوا في اليمن وخارجها.
عزيزي: رحمك الله وغفر لك وتقبلك شهيدًا في جنات النعيم.
أوجعوا قلوبنا بك يا أخي يا صابر
• محمد الاحمدي
صديقي يا صابر الحيدري.. كيف سخوا يقتلوك؟!
هل فعلا أبعدوك عنا للأبد، يا أنبل وأصدق وأنقى الأصدقاء الصحافيين..
أوجعوا قلوبنا بك يا أخي يا صابر..
رحمة الله تغشاك.. قاتل الله قاتليك.. سينتقم الله منهم.
“إنا لله وإنا إليه راجعون”
ولنا في القصاص حياة يا أولي الألباب
• روزا نعمان الحيدري
كان صابر الحيدري الأكثر نشاطًا وهمة وخلقا
• محمد القاضي
تعرفت على الزميل صابر الحيدري سنوات طويلة ما قبل الحرب؛ حيث كان يعمل في قسم العلاقات العامة بوزارة الإعلام وانا بالإضافة إلى عملي الصحفي والأكاديمي، كنت أيضا أعمل منسقًا ومنتجًا مستقلًا لعدد من وسائل الإعلام الدولية. كانت بوابة دخول الصحفيين والصحفيات الاجانب تتم بموافقة وزارة الإعلام، فهي من تمنح الموافقة وتتابع التصريحات الأمنية لهؤلاء الصحفيين عبر قسم العلاقات. كان صابر الحيدري الأكثر نشاطًا وهمة وخلقًا. كنت بمجرد أن التقى طلبًا من أي مؤسسة إعلامية، أقوم بالاتصال بالأخ صابر طيب الله ثراه وهو يتولى بقية التنسيقات. توطدت علاقتي به كثيرا مع مرور الزمن؛ فقد كان الأكثر مهنية وسرعة في إنجاز المهمات، لذا كنت أتواصل مع مدير العلاقات احمد اللهبي رحمه الله، وأطلب منه أن يكون صابر مرافقنا، إذا كان غير مشغول مع أي فريق إعلامي آخر يزور اليمن. لم يكن صابر مهنيًا فقط ويحب شغله، بل كان في قمة الأدب والاستعداد لتقديم الدعم في كل شيء. بعدها بفترة بدأ يفكر في فتح مكتب تنسيق وخدمات إعلامية، عندها كنت أنا قد توفقت عن العمل كمنسق ومنتج، نظرًا لانشغالي بالعمل التلفزيوني الميداني والتدريس في الجامعة، لكن ظلت علاقتي بصابر، وكان كلما يتواصل معي صحفيون يرغبون في زيارة اليمن، حتى في أوقات الحرب، أطلب منهم التواصل مع صابر.
لم ألتق صابر منذ ما قبل الحرب، لكن ظل تواصلنا وكان آخره في أبريل الماضي، عندما قال لي: “علمت أنك كنت في عدن، وكان بودي أن ألتقيك.”
رحل صابر، وترك في قلوب كل من عرفوه غصة وموعدًا مفتوحًا للقاء.
أنه الفراق الأصعب والأكثر ألما بحياتي
• انس عبد المؤمن
لم أستطع بعد أن استوعب أنني لن أراك أو أتكلم معك بعد اليوم أخي صابر الحيدري
صابر أنت لم تكن مجرد جار أو صديق، بل كنت نعم الأخ والسند، بدأ من تسجيلي في كلية الإعلام ومرورا بمعركة الحصول على وظيفة وانتهاء بخروجي من صنعاء وسفري للعيش بالقاهرة كنت أنت الأخ والرفيق المخلص حين تخلى عني الكثير من الأصدقاء
لست أدري ماذا أقول، وكيف أنعى، وبماذا أواسي نفسي لهذا الفقد
فالليلة لم تصلني رسالة الجمعة التي لم تقطعها أبدا، ولم تجب على رسائلي
أيعقل أننا لن نحش مرة أخرى، ولن نتبادل الضحك والهموم والأحلام بعد اليوم
وأنا أقرأ كل ما اكتب عنك، وكيف يتم تداول خبر اغتيالك، وكيف يتم تجييره من جميع الأطراف التي لا يشغلها سوى استغلاله لصالحهم، لكنني لم أجد شيء لك ولأسرة التي لا شيء سيعوضهم عن هذا الفقد الكبير، أو يجبر مصابهم، أو يخفف من حزنهم وألمهم عليك أعتقد أنه الفراق الأصعب والأكثر ألما بحياتي. السلام والرحمة لروحك أخي وصديقي صابر الحيدري.
ولا نامت أعين الجبناء
خالي الشهيد صابر الحيدري: لا أؤمن بذهابك لأنك موجود فينا
• خلود خالد الحيدري
إلى رفيق دربي كنا صغارا وكبرنا. عشنا صعوبات الحياة في حلوها ومُرها.
اعلم أنك لم تكن تراني بنت أخت فحسب وأنما ابنتك الأولى. وأنت دائما وأبدا أبي الروحي الذي كنت أرفرف فرحا عند سماع صوتهُ.
تفهمني دون أن أتحدث، وكنت أول من كان يفرح لي بشيْ يسعدني وأنت الذي كنت تدعو لي وتبتسم. مازلت أتذكر تلك الابتسامة، وضحكاتك ومزاحك معي.
وجودك في حياتي له معنى كبير، لا أؤمن بذهابك لأنك موجود فينا بأخلاقك ومبادئك وحبك الكبير ، وطيبة قلبك وحنانك وضحكتك التي لم تغب عن مسامعي.
غبت عني فترة وفي لحظة عودتك كان الله يريد في هذا العودة الوداع الجميل لذكرياتنا الجميلة. لكنا لم نفهم ذلك، هذا لطف الله بنا، اعلم أنك بيننا وتعلم أخبارنا.
أنت شهيد الوطن وأنا أفتخر ، والوطن أيضا يفتخر بك، وأعلم أنك في مكان أفضل بكثير مما كنت فيه، هذا هو الإيمان الذي كنت تؤمن به.
رحمة الله تغشاك
عن صابر الحيدري وإليه، نسمة هواء باردة في كل شيء
• محمد الغباري
لا أعرف سببا يجعلني عاجزًا عن رثاء الأصدقاء، إذ غالبا ما أجد نفسي فاقد القدرة على البوح بكل ما أحمله من مشاعر، أو استحضار المواقف والأحاديث الخاصة مع الأعزاء بعد رحيلهم تحديدا، ومن هؤلاء الصديق والزميل العزيز صابر الحيدري الذي استهدفه الإرهاب، وهو في ذروة نشاطه وفي ظرف أحوج ما نكون فيه لمثل تلك المعادن من الناس.
منذ عقدين من الزمن بدأت علاقتي المباشرة مع وزارة الإعلام في صنعاء، حين التحقت بالعمل كمراسل لإحدى الصحف العربية، ومن بعدها وكالة أنباء رويترز. وكان ذلك مع بداية الألفية الجديدة، ولا زلت أتذكر حينها كيف كان أول لقاء تعارفي مع الزميل صابر الذي كان أحد منتسبي إدارة العلاقات العامة، وكيف أدهشني بنبل أخلاقه وتواضعه، والود الذي أظهره خلافا لكثيرين من العاملين في هذه الإدارة التي تتولى تسهيل عمل المراسلين المحليين أو الأجانب، وبدونها يكون من المستحيل فعل شيء.
عقب ذلك اللقاء وتبادل أرقام الهواتف، توثقت علاقتنا أكثر فأكثر، وعملنا مع بعض وبروحه الجميلة وأخلاقه، أنجزت الكثير من الأعمال الصحافية، ولا أتذكر أنني في مرة من المرات قد واجهت صعوبات فعلية في أي عمل مرتبط بوزارة الإعلام. لا من حيث أنها الجهة التي تمنح تراخيص مزاولة المهنة، ولا في أنها تمتلك صلاحيات استصدار تأشيرات دخول للصحافيين الأجانب.
كانت تلك الفترة مليئة بالأحداث بعد أن أصبحت اليمن تحت أنظار العالم بفعل الوجود النشط لتنظيم القاعدة، ودخول البلد كطرف في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب، وما ترتب على ذلك من عمليات عسكرية وأمنية أمريكية في الأراضي اليمنية، وزيادة هجمات القاعدة وتنوع أهدافه. ولهذا شددت السلطات من القيود على دخول الصحافيين الأجانب وتحركاتهم، كما ضاعفت من مراقبة المواد الصحافية التي تنشر خارجيا، وزادت جلسات محاكمات المتهمين بالانتماء للتنظيم.
ووسط هذه الأجواء والتعقيدات كان صابر حاضرا لتذليل كل الصعاب، وقدم نموذجا فريدا في التعاون والأداء المسؤول أيضا، بعيدا عن العقد و التعقيدات، فهو ابن مدرسة الإعلام، يعي ما ينبغي فعله وما هي حاجة الصحافي، وكنت دائم الحرص على أن يكون مرافقي في أي مهمة صحافية، وبفضل هذه العلاقة والروح المتفردة، تجاوزت كثيرا من الصعوبات، بما فيها أحداث عام 2011 ، حين تسبب الانقسام في قمة السلطة في إحداث شرخ كبير في الجسم الصحافي بشكل كامل، حيث اصطف الغالبية مع أحد الأطراف، وبقي عدد محدود يحافظ على قدر من الموضوعية التي يتطلبها عمله.
مع دخول اليمن في مرحلة التيه منذ العام 2012، تراجع الاهتمام الدولي بسبب بروز الصراعات في سوريا وليبيا وما شهدته مصر عقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد حسني مبارك، ولم ينفع تواصلنا ،توجت بالحرب ومغادرة معظم الصحافيين، إن لم يكن جميعهم عدى استثناءات محدودة صنعاء والانتقال إلى مناطق سيطرة الحكومة أو الإقامة في الخارج. حتى اتت المصادفة مرة أخرى، حين التقينا في عدن قبل نهاية العام 2019.م.
كان لقاء جدد الحنين لتلك السنوات التي كان لنا نحن اليمنيين دولة ومؤسسات، وكان لنا نحن الصحافيين تجربة نعتز بها، حيث شهدت البلاد خلال تلك السنوات ازدهار وتنامي العمل الصحافي، استنادا إلى هامش الحرية الذي تميزت به البلاد عن دول عربية أخرى. صحيح كان هناك شد وجذب بين المشتغلين على حرية الرأي والتعبير والسلطات التي كانت تضيق بهامش النقد، إلا أنه في المقابل، كان هناك تضامن صحافي وعمل نقابي جدير بالاعتزاز، كما أن وجود حركة حقوقية متميزة شكل حائط دفاع قوي أمام الانتهاكات التي كنا نراها كبيرة في تلك الأيام، وتبدو اليوم بسيطة أمام ما حدث ويحدث.
وفجأة، حدث الطوفان واندلعت الحرب فتفرق الصحافيون اليمنيون في بلدان العالم، وفي المحافظات التي كانت تحت سيطرة الحكومة، ولذلك لم يكن تواصلنا – صابر وأنا – خلال تلك الفترة بمثل ما كان عليه سابقا، قبل أن تجمعنا الأقدار مرة أخرى في عدن، كنت قد انقطعت عن كثير من الأصدقاء والزملاء ولا أعرف أين استقر بهم المقام وسط القتل والدمار الذي امتد إلى كل شيء، كما أن الحرب غيرت الكثيرين وأخرجت أسوء ما في الناس. إلا أن صابر ظل كما هو نقي الروح ودود وفي.
وخلال زياراتي المتعددة إلى عدن كنا على تواصل، حتى أنا خارج اليمن لم ينقطع التواصل. فقد كان صابر نسمة هواء باردة في كل شيء، محب للجميع، وشكل اغتياله فاجعة كبيرة، أظهرت حجم الإجرام الذي يستهدف الصحافيين والعاملين في قطاع الإعلام، لمنعهم من إيصال الحقيقة إلى الرأي العام في الداخل والخارج.
إليك في جنة الخلد نفتقدك يا صديقي، ونؤكد ان عدالة السماء ستطال القتلة اليوم أو غدا.
صابر الحيدري يتألق في سماء الرجال المضحين بأرواحهم لكشف حقائق الواقع
• الأسيف: أحمد حسين العنابي
صابر الحيدري يتألق في سماء الرجال المضحين بأرواحهم لكشف حقائق الواقع الذي تعيشه اليمن. إن الأيادي الآثمة التي امتدت لصابر، هي نفسها التي كادت لمن سبقوه في موكب شهداء الكلمة والحقيقة.
فهي نفسها التي امتدت للحرازي وهي أيضا التي امتدت لشيرين أبو عاقلة في فلسطين.. إنه نفس المنبع الإرهابي ضد حرية الكلمة.. لك أخت الشهيد وكل الأسرة تعازينا من أعماق قلوبنا. هول الفاجعة أسكت الأفواه وأخرس الألسن.
ولك الله يا يمن…
صابر مؤمن بإصرار بأحقية الناس في حصولهم على المعلومة دون مغالطات ودفع حياته ثمن لها
• سعاد الصلاحي
ودعناك يا زميلي العزيز وبالحلق غصة وبالعين دمعة، يعتبر هذا العام بالنسبة لي عاما من أثقل الأعوام التي مررنا بها في سنوات الحرب، تأكد يا زميلي الغالي أن روحك ستظل موجودة معنا..
صابر كان من أنبل الصحفيين والزملاء الذي عملنا معه، متعاون، صادق ويقوم بواجباته بكل روح وطنية، كم غرس في عقولنا روحه للعطاء والتعاون، أستطيع القول بأنك شهيد التضحية من أجل البلد.
كان صابر مؤمنا بإصرار شديد بأحقية الناس في حصولهم على المعلومة بدون أي مغالطات، ونقل معاناتهم وآمالهم لكل العالم رغم أن الإيمان المهني هذا سيعرضه للمخاطر، حقيقة كان يواجه تحديات كبيرة لأجل نقل الخبر والمعلومات والصورة بكل شجاعة ومثابرة، وأستطيع القول بأنه دفع حياته ثمنا لأجلها.
سليل مدرسة المبادئ والقيم النبيلة التي ستنتصر عاجلا أم آجلا
• محمد الحوراني سوريا
قذرة هي الحروب والصراعات المسلحة لأنها سبب في فقدان الأخيار وأصحاب المواقف والنخب، ذلك أن بعض هؤلاء هم صوت الحق وهم المدافعون عن القيم والأخلاق والمثل الإنسانية النبيلة. وعندما نتحدث عن القيم النبيلة وعن الأخلاق الإنسانية الرفيعة، نتذكر بكثير من الألم والفخر والأمل الصديق والأخ الإعلامي صابر الحيدري، هذا الإنسان والأخ والصديق والإعلامي المهني المتفاني في خدمة قضيته وأمته، والمدافع عن عدالة القضايا العادلة، الذي عرفته عن قرب عام ٢٠٠٥ عندما زرنا اليمن للاحتفال بأعياد الوحدة اليمنية. كان صابر متفانيا في خدمة جميع أعضاء الوفد، وكان دائم السهر على خدمة ضيوف اليمن، وكان من خيرة الإعلاميين اليمنيين الذين عرفوا بنزاهتهم ومهنيتهم العالية، إنه سليل مدرسة المبادئ والقيم النبيلة هذه القيم التي ستنتصر عاجلا أم آجلا.
صابر الحيدري لقد كان الألم كبيرا باستشهادك، ولكن الأمل كبير بأن تنتصر القيم النبيلة التي حملتها، وكلنا فخر بمثلك التي أبيت إلا أن تبقى متمسكا بها حتى استشهادك..
الخلود لروحك أيها الصابر على البلوى، الخلود لروحك وأنت تؤسس لمدرسة القيم والمبادئ الإعلامية الأصيلة القائمة على العدالة وقيم الإنسانية.
كان صابر كالنسمة الباردة يحبه كل من يعرفه
• منير طلال
يوم كئيب ومحزن، توفي صديقي الشاعر والروائي مهدي الحيدري.
لم أستطع أن أكتب شيء؛ فغصة في حلقي جعلتني أقفل الإنترنت بعد أن قرات الخبر، وأنا أتذكر مرضه الطويل وتشرده ما بين الرياض ومأرب وعدن، رحلة محملة بالأوجاع في وطن مثخن بالجراح. كان آخر عهد لي به عندما التقيته بالصدفة في عدن قبل خمس أو ست سنوات لتأتي الأخبار بمرضه.
ولم أكد أفتح النت في هذا الوقت المتأخر من الليل إلا وأفاجئ بخبر استشهاد الزميل صابر الحيدري، الشاب المهذب والطيب مراسل قناة الصين، والذي كان يعمل بالعلاقات العامة بوزارة الإعلام، والمحزن أنه استهدف في عدن بعبوة ناسفة كما توضح صورة بقايا سيارته.
تعرفت عليه في ٢٠١١م، عندما جاء مع وفد سينمائي مصري زار اليمن، وكنا في فعاليات يوم المسرح العالمي وكنت أشرف على البروفات لمسرحية التغريبة السبئية، حيث وقع اختيارهم على مسرحيتي، وطلبوا مني أن يصوروها، وقد فرحت، فهي فرصة لتصويرها بشكل احترافي، وبأجهزة وأدوات سينمائية، وكان صابر كالنسمة الباردة يحبه كل من يعرفه.
رحمة الله عليهم إنا لله وإنا إليه راجعون…
صابر كان من أفضل واشطر الصحفيين
• سالي نبيل: مصر
خبر مفجع جدا، وفاة الزميل العزيز جدا صابر الحيدري في تفجير استهدف سيارته بمدينة عدن في اليمن، على حد ما عرفت من زملاء له في المدينة!!!. صابر كان من أفضل وأشطر الصحفيين اللي اشتغلت معاهم في كل الدول اللي سافرتها. إنسان رائع وعظيم وصحفي هايل!
مش قادرة أصدق ولا أستوعب. ربنا يصبر أهله.
ولعن الله الحرب في كل زمان ومكان…
كان مثالا لرجل الإعلام الذي قلما تجد مثله
• أحمد ناصر الحماطي مستشار وزارة الإعلام
لقد فقدنا زميلا عزيزا هو صابر نعمان الحيدري، كان مثالا لرجل الإعلام الذي قلما تجد مثله، وفيا لعمله، مخلصا لوطنه، كريما في عطائه، سنفتقد صابر، الاسم على مسمى، الطيب القلب، الكريم العطاء، والصبور في المحن.
نسأل الله أن يتولاه برحمته، وينزله منازل الصديقين المؤمنين، وأن يلهم أهله وأحباءه، وزملاءه الصبر والسلوان.
ليرحمك الله ياصابر وستبقي ذكراك العطرة في قلوب زملائك الذين أحبوك وزاملوك في العمل، بصبر وعناء ووفاء في السراء والضراء.
فنم هنيئا في رحمة أرحم الراحمين، في جنة الخلد عند رب العالمين.
بحاجة لمن يعزيني!
• أختك إلهام الكبسي
كان في الصف السادس حين التقيته أول مرة برفقة صديقتي، أخته. كان طفل أسمرا بعيون صافية ولامعة، يبدو مريحا في التعامل معه والهدوء في كلماته وحركاته.
أظن أن هذه السمات رافقته في شبابه وحتى آخر نفس في حياته، كان هادئا واثقا، مع مسحة من خجل تعكس طيب الأصل والتربية الحسنة.
كبر صابر وكبرت أحلامه وطموحاته، وعمل في مجال قريب من مهنة المتاعب في مجال العلاقات العامة، وهذا المجال ما ظننت انه مازال يعمل به، حتى صدمت كما صدم كل من يعرفه ومن لا يعرفه بفاجعة استشهاده بتلك الصورة البشعة، التي عكست بشاعة المشهد الذي تمر به بلادنا، وبشاعة من خطط ونفذ الجريمة.
يوم الفاجعة، لم أصدق الخبر حين وصلني، لم أتخيل أبدا أنه صابر الذي أعرفه. صورة والدته التي أحبها كوالدتي، وأخته التي كأختي لم تفارقني، لا زلت حين أتخيل حالهما، وحالة أطفاله وزوجته، أشعر بنفس وجع أول لحظة وصلني فيها الخبر، لم أستطع أن أقدم التعازي لفترة ليست قليلة، كنت بحاجة لمن يعزيني!، بل إني في حداد من يومها، حداد على أخ استشهد بأيدي الغدر، وحداد على وطن يموت ويجوع فيه الشرفاء، ويستعلي فيه العملاء وتجار الحروب والخونة.
ليرحمك الله ويكتبك من الشهداء، ويجمعنا الله بك في عليين.
صابر الوجع والحزن لا ينفك
• مازن يحي الشلال
استشهد الأخ العزيز / صابر الحيدري الإعلامي والصحفي النبيل، إثر زرع قنبلة ناسفة في سيارته بمدينة عدن كما علمنا من الأصدقاء، وما وردت إلينا من أخبار، وبهذا المصاب الجلل أعزي أهله وأصحابه ونفسي، وأسأل الله العظيم أن يتقبله مع الشهداء والأنبياء والصديقين.
كما نطالب الأجهزة الأمنية القيام بدورها في ملاحقة الجناة القتلة والقبض عليهم وتوضيح من المخطط والمنفذ وراء هذا العمل الإجرامي الممنهج. أوجعتمونا الله يوجعكم.
إنا لله وإنا إليه راجعون
أخي الذي لم تلده أمي والحمدالله
• يحيى عبد الملك هاشم
الإهداء:
إلى أسرة أخي وصديقي ورفيق دربي في عملي، شهيد الغدر والخيانة الشهيد المرحوم/ صابر نعمان الحيدري
▪︎ في يوم الأربعاء الموافق 15من شهر يونيو 2022 كانت الصدمة.
▪︎ رحل عنا الصابر. ▪︎ إلى الفردوس كان الرحيل.
رحل صديق وأخ ورفيق درب جمعتنا الصدف بوزارة الإعلام، حيث عملنا سويا وعلى مدار ما يقارب العقدين واكثر ،كانت بداية التعرف على المرحوم صابر نعمان الحيدري عندما تم إنشاء مركز إعلامي والنادي الخاص بالإعلاميين، خلال فترة الإعداد والتجهيز للافتتاح، حيث كان من ضمن طاقم العاملين بالمركز والنادي حينها، وأثناء ترددنا على المركز لإنجاز بعض الأعمال لدى قيادة الوزارة التي كانت تشرف على سير العمل والتجهيزات، كنا نذهب لصالة تنس الطاولة لنلعب سويا، أو صالة البلياردو، ومع الأيام، ولتقارب الطباع، كان الانسجام، ومشاعر الإخاء ملء الكيان، والعلاقة بيننا استثنائية. كانت صداقتنا، مميزة، خاصة، وعالية، حافلة بأعلى مستويات المحبة، والمودة بمستوى ليس له مثال، تشابكت عقولنا، وتحابت قلوبنا، وتمازجت مشاعرنا، وأصبحنا كأخوة، وصرت أقرب إليه من بعض أفراد أسرته وهو كذلك، والقرب هنا ليس بالدم، بل بما هو أكثر قربا من الدم، قرب للروح من الروح، والوجدان وكل الكيان، لقد كان بمثابة أخي الذي لم تلده أمي والحمدالله.
وبسبب ظروف الحرب والعدوان شاءت الأقدار، ثم فرقتنا الأيام، لأنه انتقل للعمل كمراسل وصحفي لدى مكتب أحد وسائل الإعلام الخارجية بمحافظة عدن، وبرغم بعد المسافات بيننا لكن ذلك لم يؤثر في تواصلنا أبدا، صحيح أن كل واحد منا سار في طريق، لكن ظل التواصل بيننا مستمر، إما بالهاتف، أو عندما يأتي لزيارة أهله في صنعاء، كنا نجلس مع بعضنا من الصباح إلى المساء، وهكذا دائما حتى قبل أن يرحل بأسبوع، ثم كانت الفاجعة، وصعقت بتداول خبر استشهاده، إثر استهداف غادر وجبان بعبوة ناسفة، زرعت في سيارته، لاحول ولاقوه إلا بالله، ولكن ظل الكيان مرتبط بالكيان، وظل الحضور موجود في كل المكنون، في النفوس والعقول، والوجدان.
*_ لم يغادر الذاكرة، ولم يخلو منه البال، وفي أعلى المنازل سكناه في الفؤاد والقلوب، يرحل معي، ويسافر معي وفيي، لأنه في داخلي، فكيف ينفصل داخلي عني؟!!، ويظل ذلك مستحيل سواء شرقت أو غربت، أو سكنت، ومعي حيث وأين ما مكثت، وهكذا طالما نحن في عالم واحد.
الآن هو غادر إلى عالم غير العالم، وترك هذه الدنيا ورحل إلى الأخرى، ومعه بعضي، والكثير من كلي، ولا غنى لي عن بعضي، وأنا في شوق لذلك البعض مني، فما هو الحل؟، هل سيعود أم أني به لاحق عما قريب.
فأنا إلى الآن لازلت غير مستوعب خبر ذلك الرحيل، وما ظننت أن يكون رحيله في لحظة وبهذه السرعة.
ففي الدنيا حزن واكتئاب، لشدة الآم الفراق، وفي الجنة أفراح واحتفالات وابتهاج لاستقبال أعز الأحباب، أما أنا والكثير مثلي، فالفؤاد مجروح، والآلام تملأ النفس والروح، والدموع من العيون سفوح.
أحبه الجميع، وأبكى الجميع، وحزن لفراقه الجميع، له منازل عُليا في قلوب الجميع، لأنه أحب الجميع، وكان كريما وفيا مع الجميع.
يصدق فيه قول الشاعر:
كأنك من كل النفوس مكون.. فأنت لكل النفوس حبيب.
يشهد البعيد والقريب، أنه كان للجميع حبيب، نافعا محبا للبعيد والقريب، وكان إنسانا يحمل كل قيم الإنسان، ومحبا لكل إنسان، إطاره الإنسانية وهمه الإنسان.
*_كان العزيز صابر، شهما كريما، يحمل خصائص النبلاء، ويحمل صفات الانقياء، وكان طموحا يتميز بقوة الإرادة، وشدة العزيمة، يقف مواقف الرجال الأوفياء والكرماء، كريما في أخلاقه ووده، لطيفا جدا في معاملته، محبا ووفيا مع زملائه وأصحابه، خيّرا للجميع، وخدوما لكل الناس، تواضعه جم، وكرمه عم، لا يبخل أبدا بنصيحة، ولا يظن على أحد بمشورة، وللفطنة في عقله منزل، يميل للطرفة، خفيف على النفس، قريب للقلب، وسريعا ما يأسرك، ويحتل أعلى المنازل في وعيك وقلبك، له حضور كبير عند عامة الناس، يحترمه الكبير والصغير، دائما تشرق من وجهه ابتسامة تفيض بالود واللطف، تشعرك بأنك أثير في قلبه، حميم إلى فؤاده، قريب من نفسه، تجده سباقا للقيام بالواجبات في كل المناسبات ورحيما مع الضعفاء والمساكين يحب الخير لكل من حوله.
*_كنت انا من أشد المعجبين جدا بحسن أخلاقه وأناقة مظهره، وجمال أسلوبه في الطرح والمناقشة لا يحاول أن يفرض رأيه بل على العكس كان يحترم آراء الآخرين، ويتعامل مع كل شخص بحسب عقليته، من منطلق قول النبي صلوات الله عليه وآلة ((خاطبوا الناس على قدر عقولهم)).
أيضا في اللقاءات أو الاجتماعات كان شعاره ((تعلم كيف تستمع واستمع لكي تتعلم)).
يعشق النظام والترتيب، ويكره العشوائية والفوضى، سواء في منزله أو في الخارج، أيضا كان دقيقا في اختياراته، وحريصا جداً في مواعيده، وعند اتخاذه لقرارته، فلا يتخذ أي قرار إلا بعد دراسته من جميع أبعاده، والاستشارة لمن لهم تجارب وخبرة.
*_صابر أيها الحبيب
عندما كنت أراه يتجول في أروقة ومرافق العمل، في مكاتب زملائه، أو خارج محيط العمل، في الشارع والسوق والحارة، وأينما كان يذهب، تجده دائم الابتسام. كعادته يبتسم للجميع، ويوزع القُبل للجميع،
والسعادة بقدومه تملأ قلوب الجميع.
فسلام الله عليك وعلى روحك الطاهرة يا أبا فراس، فعندما اغتالتك أيادي الغدر والخيانة ظلما وعدوانا، تلك الأيادي الأثمة والجبانة، التي تجرأت على فعلها الإجرامي الغادر، أثبتت بفعلها المشين ذاك أنك إنسان متميز وشخص مؤثر يعمل في المسار الصحيح، وبأن كل ما ذكرته من صفات كنت تحملها هي الحقيقة الناتجة لملازمتي لك عن قرب لسنوات عشناها معا، ولقناعتي بأن ما ذكرته أو كتبته لم يكن مبالغا فيه أو كان من باب المجاملة مطلقا.
وفعلا؛ تلك هي الحقيقة التي ليست بخفية، فمن عرفه سيؤكد، ومن لم يعرف فليبحث ويسأل.
لقد اغتالوا فيه البراءة، وحسن المعاملة، والصدق، وكل معاني الوفاء والإخلاص وصدق المشاعر والأخوة الصادقة، التي افتقدتها أنا وغيري من الذين عرفوك عن قرب، لكن ذكراك الجميلة ستظل حية في قلوبنا فلن ننساها ولن تفارقنا ذكرى مُحياك إلى أن نلقاك.
قال تعالى ((وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون))
وأولئك المجرمون لن يفلتوا من العقاب الإلهي، فعدالة الله لا تغيب، وستفضحهم عما قريب، مهما حاولوا وتعمدوا أن يغيبوها، أولئك المجرمون والمفسدون في الأرض، فهي قائمة وستظل إلى أن تقوم الساعة، فليس الله بغافل عما يعمل الظالمون،
كان خروجك جهادا عندما خرجت لطلب رزقك ورزق أولادك، ولم تعد بعدها، أصبحت في ذمة الله أيها الصابر ((والله غالب على أمره)).
لقد صبرت وفزت بالرضوان، فهنيئا لك ولكافة أفراد أسرتك ذلك المقام العظيم، قال تعالى (وبشر الصابرين)، ستحظى بما وعدك الله أيها الشهيد الحي عند الله، فأنت شهيد الحق، شاء من شاء وأبى من أبى، فسلام الله عليك وعلى كل الشهداء الأبرار.
*_ أيا صابر الجنان، دنيانا لفراقك آلام وأحزان، فنرجو الله الكريم أن يمدنا من جميل الصبر أفنان.
*_ أختم بالقول:
إن غبت عنا جسدا، فأنت في قلوبنا ووعينا ووجداننا حاضرا، ومنجزاتك وذكرياتك ومحبتك في بالنا وخيالنا واقعا، وستظل تعيش معنا وفينا على مدى الزمان.
وستظل حيا في قلوبنا جميعا أيها الراحل الصابر..
الرحمة والغفران والخلود للشهداء الأبرار ولا نامت أعين الجبناء وكل خائن وغدار.
صابر إنسان رائع وعظيم وصاحب خلق رفيع
• عمر الفقيه
خبر مفجع جدا، وفاة الزميل والأستاذ الفاضل صابر الحيدري في تفجير استهدف سيارته بمدينة عدن في اليمن.
كان من الأشخاص الذي تعرفت عليهم بوزارة الإعلام قسم العلاقات العامة، جمعتني به أعمال لعدة قنوات خارجية وافدين إلى اليمن لعمل تقارير.. إنسان رائع وعظيم وصاحب خلق رفيع.
وداعاً صابر ولا نامت أعين الجبناء.
الويل كل الويل للقتلة المجرمين يقتلون الكلمة الحرة
• م. عبد الرحمن العلفي
الويل كل الويل للقتلة المجرمين، يقتلون الكلمة الحرة، يقتلون حرمة التنمية، يقتلون ابتسامات الأطفال، يقتلون الحب في كل مكان، يقتلون الناس كافة.
دعوات أمك تصليهم بعذابات الخزي والعار، ستلاحقهم، وتكشف سوءات من يقف وراءهم، أو يسكت عن كراهيتهم للحياة، وعشقهم للدمار والخراب.
لعنة الله عليهم، ورحمة الله تغشاك يا صابر، أيها الحيدري العظيم الأخ الشقيق والرفيق الصدوق ولكريمتك الحيدرية الشامخة الصابرة المحتسبة.
صابر جميل القلب وصافي الذهن ونقي السريرة
• صلاح علي صلاح
جرح آخر وفاجعة مؤلمة، اللعنة يا صديقي صابر الحيدري على الأيادي الآثمة التي قتلتك.
من هو الوحش الذي قد يفكر فعليا في اغتيالك ياصابر، هل فعلا وصلت الأمور إلى هذا الحد المرعب واللا عقلاني!. شيء فعلا لا أصدقه ولا أستطيع أن أستوعبه.
صابر من أجمل الناس الذي عرفتهم خلال فترة وجودي الأخيرة في عدن، جميل القلب وصافي الذهن ونقي السريرة.
أغلب حديثه كان عن حاضر ومستقبل اليمن ولا يخلو كلامه من الحماسة وعبرات الانفعال.
الرحمة لروحك ياصابر واللعنات على قاتليك…
وجع.
تميز الشهيد بالإخلاص والوفاء في علاقاته مع الجميع
• عبد العظيم لطف البرطي
يمتاز عن غيره بالمهنية واحترامه لزملائه ومرؤوسيه وأسلوبه الساحر الصادق
عندما نكتب أو نتحدث عن هذا الإنسان الصابر المكافح، نحاول قدر الإمكان أن نستجمع قوانا، ونسترجع ذكرياتنا، لرحلة عمل وصداقة طويلة امتدت على مدى عقدين ونيف من الزمن مع شخص كان يتمتع بحسن الخلق ورجولة المواقف ومصداقية الخطى.
مسيرة طويلة عشتها مع هذا الإنسان النبيل لن أتمكن من بلورتها في أسطر لأنها تحتاج إلى مجلدات ووقت وجهد، ستحتم على الوقوف طويلا أمام ما سيصدر من كلام أو كتابات بحق هذا الانسان المتميز خوفا من عدم إيفائه حقه، والذي سنمر مرور الكرام على بعض من السيرة العطرة لأخينا وزميلنا وصديقنا الشهيد/ صابر نعمان الحيدري.
عموما؛ منذ بداية معرفتي به وجدت العديد من الصفات والمثل الحميدة التي امتاز بها عن غيره من زملاء العمل والمهنة في تعامله واحترامه لزملائه ومرؤوسيه، وأسلوبه الساحر والصادق في تعامله مع الجميع دون تمييز، فقد كان تعامله مع الجميع بنفس القدر والاحترام في مجال العمل. وكان ينظر إلى الجميع بعين واحدة ولا يقدم أحدا على الآخر، لأنه أستمد هذا الأسلوب والنمط في تعامله مع الآخرين من التربية الحسنة التي نشأ وترعرع فيها.
تميز الشهيد بالإخلاص والوفاء في علاقاته مع الجميع ممن كان حوله، فلم نلمس منه أي غدر أو خيانة أو حتى خبث في تعامله مع زملائه وأصدقائه، لقد كان صادقا صدوقا في كل تعاملاته وأعماله مع من هم حوله في إطار العمل أو خارجه.
كما اتصف بالحرص والدقة على إنجاز كافة المهام والأعمال الموكلة إليه، وكان يمتاز بخلق انطباع متميز في تعاملاته ومواقفه مع زملائه ومع الفرق الإعلامية والصحفية التي كان يرافقها بحكم طبيعة عمله في مجال العلاقات العامة، في العديد من المناسبات الاعلامية التي كانت تقيمها وزارة الإعلام بمناسبة احتفالات بلادنا بأعياد الوحدة اليمنية، حيث يتم دعوة واستضافة العديد من الإعلاميين والصحفيين والكتاب العرب والأجانب ليشاركوا في هذه الفعاليات، وكان صابر من ضمن فريق العلاقات العامة الذين كانوا يعملون في استقبال ومرافقة الوفود الإعلامية والصحفية منذ وصولهم أرض المطار حتى مغادرتهم، وكنت أتابع عمل فريق العلاقات العامة بحكم طبيعة عملي وأراقب أسلوب هذا الفريق في التعامل مع الإعلاميين والصحفيين، ومن ضمنهم الشهيد صابر الذي كان لا يألو جهدا في تقديم كل ما لديه من إمكانيات وخدمات للفرق الإعلامية والصحفية، بل كان يغوص في أدق التفاصيل ويعمل لها ألف حساب، في سبيل خلق انطباع متميز عن بلادنا وإعلامنا لدى الوفود الإعلامية والصحفية. وحقيقة لا غبار عليها؛ لقد فرض صابر الحيدري احترامه وتقديره على الكثير من الصحفيين والإعلاميين المتمرسين في هذا المجال، ولم يكتفِ بهذا، بل استمرت علاقاته وتواصله مع العديد منهم بعد الانتهاء من المناسبات، وربطته بهم علاقات صداقة حميمة وتواصل مستمر فيما بينهم وهذا نابع من حبه وإخلاصه لعمله ولبلاده.
ننتقل إلى جانب آخر من شخصية الشهيد رحمة الله تغشاه وعلاقته مع زملاء المهنة، لقد اتسم بالغيرة والحمية على زملائه؛ فقد كان يتصدر العديد من المواقف مع زملائه الذين كانوا يمرون بمشاكل مختلفة، أو يحصل لهم الضيم من مرؤوسيهم، ويقف شامخا للدفاع عنهم وعن قضاياهم دون خوف أو تردد مهما كانت عواقب ونتائج هذه المواقف على شخصه ومسيرته العملية.
تميز الشهيد أيضا بالثقافة في تناوله للعديد من القضايا والمواضيع المرتبطة بالعمل وغير العمل، وكان يمتلك القدرة والأسلوب في تناوله لأبعاد وحيثيات هذه القضايا والمواضيع من مختلف الجوانب بجدارة ووعي واهتمام.
كما امتلك الشهيد الإصرار والعزيمة والمثابرة للوصول إلى الغايات والأهداف في تحقيق أعلى درجات النجاح في مجال عمله المهني والشخصي، لقد كانت لديه روح عالية وعزيمة قوية لإنجاز كافة ما يوكل إليه من أعمال مهنية أو إدارية، ولا يدخر جهدا في سبيل الوصول إلى ذلك.
لقد كان الشهيد الراحل رحمة الله تعالى تغشاه اجتماعيا من الدرجة الأولى، خدوما لزملائه وأصدقائه، مبادرا في تقديم العون والمشورة، لم تمر أي مناسبة اجتماعية لزملائه وأصدقائه، إلا وكان الأول الداعم قدر المستطاع والحاضر فيها، مشاركا زملاءه أفراحهم، ومواسيا لهم في أحزانهم.
كان الشهيد أخا وصديقا وزميلا، وكانت علاقتنا وطيدة، سادها الصدق والوفاء والإخلاص والثقة والتعاون والتكاتف والاحترام المتبادل.
ولقد كان له نصيب كبير من اسمه؛ إذ واجهته العديد من المشاكل والمهاترات في السنوات الأخيرة من حياته، فوجدناه صابرا محتسبا لله عز وجل ومتوكلا عليه.
إن سيرة الشهيد كانت عطرة وستظل كذلك، كما أن مسيرته المهنية والعملية كانت مسيرة كفاح ونضال، لم يقبل على نفسه الإهانة، ولم يرضخ لأي ضغوط أو مغريات تخالف مبادئه وأخلاقه، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على قوة إيمانه وثقته وتوكله على الله سبحانه وتعالى.
لقد زلزل خبر استشهاده كياننا جميعا وفاجعة تقشعر لها الابدان.
رحم الله شهيدنا الصابر رحمة الأبرار.
صابر كان عونا لكل زملائه المقربين وغيرهم
• مطهر عبد المغني
لقد كان يوما مشؤوما عندما علمت بالحادث الإرهابي الذي تعرض له الأخ والصديق المرحوم صابر نعمان محمد الحيدري.
حيث كان المرحوم ممن عرفتهم في حياتي المهنية، وجمعتنا صداقة عفوية بعيدة عن المصالح. لقد كان المرحوم من أكثر أصدقائي الذين يحبون مساعدة الآخرين، ويمد يد العون لكل زملائه المقربين وغيرهم، ولم يألو جهدا في تقديم ما يستطيع من أجل سعادتهم.
كان دائم الابتسام، لا يحمل الحقد، يسامح بمجرد انتهاء المشكلة إن وجدت.
لقد فقدت الوزارة أحد كوادرها المجتهدين في أعمالهم وفي أخلاقهم.. وتعاملهم مع كافة الأعمال الموكلة إليهم.
إن القلب ليحزن على فراق أخ كريم، كنا دائما نتشارك معه الأفراح والأحزان وحل المشكلات.
ولا نقول إلا رحمة الله عليه،
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الشهيد صابر:قصة صبر جديدة بطلاها أم ووطن
• محمد الغراسي
فجأة، ودون سابق إنذار، رحل عنا الشهيد الصحفي الشاب صابر الحيدري بعد أن مزقت جسده قنبلة زرعت في سيارته، في جريمة لا يعرف حتى الآن من يقف وراءها، رحل صابر تاركا قصة صبر جديدة بطلاها أم ووطن.
أم فجعت بفقدان ابنها، الذي ظلت سنوات طويلة وهي صابرة على رعايته وتربيته وتنشئته، حتى رأته رجلا يشهد له كل من عرفه بالأخلاق العالية والأدب الجم والتواضع ونقاء السريرة، رجل لا ينقصه الذكاء ولا الطموح، ما قاده إلى العمل الإعلامي والصحفي، وكان من المؤكد أن شابا بتلك الصفات وفي هذا العمل سيكون له الكثير من الأعداء، لاسيما في الظروف التي تمر بها اليمن حاليا، وبالفعل كان أحد هؤلاء الأعداء من أصدر أمر تصفيته واغتياله.
وبعد استشهاد صابر تدخل أم صابر مشوارا جديد من الصبر المؤلم؛ فهي أولا صابرة على حزن فراق وفقدان ابنها، وثانيا هي صابرة على الحيرة والكثير من التساؤلات، تريد أن تعرف لماذا قتل ابنها؟!، ومن قتله؟!، وأخيرا قد تجد نفسها مجبرة على الصبر على الحسرة والقهر اللذان سيصيبها ويصيبانا جميعا، إذا عرف القاتل دون أن تكون هي أو الجميع قادرين على محاسبته والاقتصاص منه.
أما الوطن فسيظل صابرا وهو يشهد يوميا فقدان الآلاف من أبنائه، شبابا وشيوخا وأطفالا، في حرب يصر فيها عدد من أبناء هذا الوطن على تقطيع أوصاله، في حالة من اللاوعي وهستيريا يغديها الأعداء.
وحتى يحين الوقت لوضع نهاية عادلة ومشرفة لقصة الصبر هذه، لا يسعنا إلا أن نقول لأم صابر، ولهذا الوطن.
صبر جميل والله المستعان٠
مثل حالة فريدة ومتميزة بالطيبة والنبل والهدوء
• باسل عبد الرحمن أنعم
تمر الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الزميل الصحفي صابر نعمان الحيدري (رحمة الله تغشاه)، مراسل التلفزيون الياباني وقبلها مراسل القناة الصينية سابقاً. والموظف في الإدارة العامة للعلاقات العامة بديوان وزارة الإعلام. والذي أستشهد مساء 15 يونيو العام الماضي بحادث إرهابي جبان وغادر بانفجار عبوة ناسفة زرعت في سيارته وهو يقودها في محافظة عدن بمديرية المنصورة بمنطقة كابوتا قرب شارع التسعين وفي الطريق المؤدي لمدينة إنماء ومدينة الشعب بمديرية البريقة. ولازال الحزن والفقد والألم على اغتيال واستشهاد الزميل الحيدري الصابر حاضرة بشكل كثيف فينا وبين من عرفه عن قرب وعاش معه وزامله..
عرفت الزميل الأخ صابر الحيدري مطلع الألفية ومع بداية توظيفه بديوان وزارة الإعلام وتحديداً في الإدارة العامة للعلاقات العامة بصنعاء. حيث جمعنا مرفق عمل واحد (ديوان وزارة الإعلام)، وأنا مدير العلاقات العامة حينها بمركز التوثيق الإعلامي التابع لوزارة الإعلام. وهو شقيق للزميلة الأستاذة نبيهة الحيدري، الصحفية في وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، والمدير العام الأسبق لمركز البحوث والمعلومات بالوكالة والباحثة فيه، ومراسلة وكالة الأنباء الأردنية وعدة وسائل إعلامية، ومدربة في المجال الصحفي والإعلامي. وكان الشهيد صابر بعد الحرب نزح من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن واستقر فيها مع أسرته. وعمل مراسلاً تلفزيونياً، وتعد تلك بداية لمشواره الإعلامي..
وخلال السنوات الماضية أثناء الحرب كُنت في زيارتي لعدن قد التقيت به صدفة مرتين، الأولى بمدينة إنماء السكنية عندما كانت أسرتي وأهلي مستأجرين بنفس المدينة. والأخرى قرب سكننا الدائم في حي عبد العزيز عبد الولي، وتحديداً أمام بنك الكريمي الإسلامي بشارع عبد العزيز في الشيخ عثمان، حيث ناداني باسمي يا باسل والتفت لمصدر الصوت، وإذا به الزميل صابر الحيدري، وكان يقود سيارته مرسلاً لي التحية والسلام. كما كان بيننا تواصل عبر الاتصال بالتلفون والرسائل بالواتساب..
لقد شكل اغتيال واستشهاد الزميل الحيدري وهو في ريعان الشباب، إذ لم يتجاوز عمره 42 عاما، خسارة مبكرة وموجعة ومؤلمة لأسرته وأهله وأصدقائه وزملائه وللإعلام اليمني. وبتلك العملية الإرهابية الجبانة والغادرة، وعلى ذلك النحو يعد استهداف ممنهج ومخطط لاغتيال صحفيين وإعلاميين وقادة مقاومة وعسكريين وأمنيين ورجال دين وغيرهم في العاصمة المؤقتة عدن، والتي شهدت خلال الثمان السنوات الماضية والحرب القائمة أعلى معدلات الاغتيالات والتصفيات، ومعها بعض المحافظات والمدن اليمنية الأخرى، التي شهدت حالة من الفوضى وعدم الاستقرار والأمن، بسبب غياب وانعدام وجود سلطة الدولة بمؤسساتها وتسيد الميليشيات والجماعات المسلحة..
الزميل الحيدري والمولود في 23 يوليو 1980م في محافظة الحديدة مديرية الحوك، كما توثق ذلك صورة بطاقته الشخصية، والتي وجدت عقب استشهاده في مكان الحادث الإرهابي والإجرامي وتداولتها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، مثل حالة فريدة ومتميزة بالطيبة والنبل والهدوء، وكما هم أبناء الحديدة طيبون وهادئون وصابرون وبسطاء فكان صابر الحيدري إلا ذلك الإنسان الطيب والنبيل، والهادئ الطباع والصابر. والموظف المثالي والملتزم في الإدارة العامة للعلاقات العامة بديوان وزارة الإعلام بصنعاء، والذي عمل بها خلال سنوات خدمته. وظل يؤدي عمله فيها حتى نزوحه إلى عدن. وكان يعد من أبرز وأنشط كوادر وموظفي إدارة العلاقات العامة بالوزارة. وخلال فترة عمله فيها رافق أغلب الوفود الإعلامية والوسائل الإعلامية، كتّاب وصحفيين وإعلاميين ومخرجين ومصورين وقنوات فضائية عربية ودولية زائرة لبلادنا، وتنقل معها في عدة محافظات يمنية.
ومع الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الزميل صابر، نتمنى أن تكون أسرته، زوجته وأبناؤه الأربعة، تستلم الآن راتبه الشهري، مصدر الدخل الوحيد لهم بعد استشهاده، وأن يكون أيضا تم صرف جميع مرتباته المتوقفة والمنقطعة منذ العام 2017م، كونه أحد الموظفين النازحين لعدن. بناءً على توجيهات من قبل رئيس مجلس الوزراء في الحكومة الشرعية بعدن، بعد إنقطاع مرتبات موظفي الدولة خلال السبع السنوات الماضية. وكان الزميل صابر قد أخبرني ذات مرة وقبل استشهاده بثلاث سنوات، أنه حاول وبمتابعة شخصية منه ومن أحد الزملاء بوزارة الإعلام خلال السنوات الماضية منذ 2018م، ضم اسمه ضمن كشوفات مرتبات الموظفين النازحين، لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب إغلاق باب استقبال الملفات للموظفين النازحين من قبل وزارة المالية بحكومة الشرعية بعدن في منتصف مارس 2018م.
وهنا نجدها فرصة لكي نتقدم بجزيل الشكر والتقدير لمعالي نائب وزير الإعلام الأستاذ حسين عمر باسليم على تعاونه واهتمامه ومتابعته لموضوع راتب الشهيد صابر بعد تواصلي معه في أواخر فبراير الماضي وطرح الموضوع عليه، وفاءً وتقديراً للزميل الشهيد صابر حيث وافق وأبدى اهتمامه بالموضوع، وأبلغني أنه سيحرر له مذكرة لدولة رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك سعيد ورفعها له في منتصف مارس الماضي، ليستخرج منه أمرا وتوجيها صريحا لمعالي وزير المالية سالم صالح بن بريك في مطلع إبريل الماضي بصرف راتبه.
ومع الذكرى السنوية الأولى، وكل ذكرى تمر لاستشهاد الزميل والأخ العزيز صابر الحيدري، والذي سيظل باقٍ في عقولنا وقلوبنا وذاكرتنا حياً خالداً. ندعو الله العلي القدير أن يرحمه رحمة الأبرار ويغفر له مغفرة واسعة. ويسكنه فسيح جنات الفردوس. ويلهمنا ويلهم أسرته وجميع أهله وآل الحيدري وأصدقاءه وزملاءه ومحبيه الصبر والسلوان، والطمأنينة والسلام والخلود لروحه، ولا نامت أعين الجبناء والقتلة، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير، إنا لله وإنا إليه راجعون.
22 مايو 2023م
صابر كان لديه سرعة بديهة مذهلة وطموح
• نزار المحضار
إن الأخ صابر نعمان الحيدري، رحمة الله عليه، كان أخا لي عرفته في عام 2002م، عندما التحق بالعمل في الإدارة العامة للعلاقات في وزارة الإعلام، وكان يتميز بوجهه البشوش، وطيبته وحبه لمن حوله، ولا يبخل بتقديم المساعدة لزملائه في الوزارة، سواء كانت مادية بالمال، او معنوية بالنصح والمشورة، حتى وهو في عدن. لقد كان يتمتع بسرعة بديهة مذهلة، وطموح بالنجاح في كل ما يتم تكليفه به من مهام.
لقد عملنا معا مع بقية زملائنا في الإدارة أثناء التحضير لبعض الفعاليات، التي كانت تقيمها الوزارة، أو أثناء مرافقة الوفود الإعلامية العربية والأجنبية الزائرة لبلادنا، لتغطية الاحتفالات بالأعياد الوطنية للجمهورية اليمنية، أو لتغطية الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، وكنا لا نفترق في العمل أو بعد انتهاء الدوام، وأحياناً كنا نتشارك القيام برحلات لبعض المحافظات، بعد انتهائنا من العمل مع الوفود. لقد استمرت صداقتنا وتواصلنا لسنوات، حتى بعد انتقالي للعمل في مكان آخر، وانتقاله إلى عدن في العام 2018م.
لقد كان خبر اغتياله صدمة وفاجعة لي ولأسرته وأصدقائه وكل من عرفه في الوطن أو خارجه
وفي الأخير؛ أدعو المولى عز وجل أن يحقق العدالة لأسرته، وأن ينتقم من كل من خطط وشارك في اغتياله.
صابر الحيدري.. شهيدٌ نسي أن يموت!
• نبيل قاسم الضيفي
كانت الساعة تشير إلى ال 10 مساءً من يوم الأربعاء الأسود 15 حزيران/ يونيو 2022، حينما كنت أستعرض الرسائل التي وصلتني على برنامج “واتساب”، استوقفني خبر نشره أحد الزملاء في مجموعة “موظفي وزارة الإعلام”، مفاده استشهاد الصحفي صابر نعمان الحيدري في مدينة عدن بعبوة ناسفة زُرعت في سيارته!
انطلقت من أعماقي صرخة مفزوع، رافقتها ضربة كفي اليمنى على جبيني: “يا الله! يا الله! صاااااابر؟! صاااااابر؟!…”!، لا أدري ما الذي أصابني؟!، تجمَّدت أصابع يدي على شاشة الجوال، وتسمّرت مكاني، وارتعدت فرائصي من هول الفاجعة، ورحت أتسآءل: أهي مزحة ممن نشر الخبر؟! لا بد أنها كذلك!
استنكرت الخبر، واستهجنت هكذا دعابة سخيفة؛ فأنا أكره المزاح في الموت؛ لأن أرواح الناس ليست للتندر والفكاهة، فلم نعد قادرين على احتمال المزيد من الوجع في هكذا أوضاع يعيشها وطننا.
لم أنتظر تأكيد الخبر، ورحت أبحث في جهات الاتصال بجوالي عن رقم “صابر”. ضغطت أيقونة الاتصال، وأنا أتمتم مناجياً الله أن يكون بخير، وصورته أمام عيني: “يا رب يطلع الخبر كذب! يا رب لا تفجعنا بصابر أو أي عزيز، يا رب… يا رب…”.
تأخر طلب الاتصال، لترد الشبكة: “عذراً، الرقم الذي تتصلون به مغلق حالياً أو قد يكون خارج نطاق التغطية”!، أعدت الاتصال كرة أخرى، وثالثة، ورابعة… ليأتي الرد نفسه: عذراً الرقم الذي تتصـلون به قد يكـ…! اللعنة على خدمة الاتصالات في بلادنا! اللعنة على الشبكة!…
راودتني الشكوك، وكادت تفتك بي. توجهت نحو التلفاز. أخذت الريموت باحثاً عن قنوات الأخبار، وفي الوقت نفسه فتحت “الواي فاي” في الهاتف، وفتحت “الفيسبوك”؛ لأنهما المكانان الوحيدان اللذان قد أجد فيهما خبرا ما، وما أزال أتمتم مناجيا العلي القدير أن يكون الخبر كاذباً!
كانت إرادته عز وجل قد سبقت، وأصبح صابر الحيدري “شهيداً”!، خيم صمت مريب، إلا من ثرثرة مذيعة “الجزيرة” عن الحرب الروسية الأوكرانية، أخرسها في مسامعي رنين جوالي. ابن عمي، وليد الضيفي يتصل.
وليد: كيف حالك يا نبيل (بنبرة صوت حزين)؟!
أنا: الحمد لله، وأنت كيف حالك؟! (بصوت وجل)!
وليد: عظّم الله أجرنا جميعاً؛ صابر الحيدري شهيد يا نبيل!
أنا: للأسف وصلني الخبر قبل قليل ولم أصدقه؛ ولكن كيف حصل هذا؟! وأين؟! ومتى؟! وليش صابر؟!
وليد: الله لا وفقهم هولا الجبناء! مع السلامة، (ومضى في حزنه)!
عُدت أحدث نفسي:
صابر لم يكن سياسياً، ولا قائداً عسكرياً، ولا قائد فصيل مليشياوي، ولا شيخ قبلية… فلماذا قتلوه؟!، لماذا؟!.
لم يجرح أحدا، وكان كريماً، باذخاً في ابتسامته… فلماذا قتلونا به؟!
الله يسامحك يا صابر، ليش ما تسمع كلام أخوك نبيل وترجع صنعاء بين أهلك وناسك؟!، الوضع الأمني في عدن والجنوب بشكل عام مقلق وغير مستقر…
جاءني صوته من أعماقي: لا تقلق يا أخي، أنا وأولادي في يد الله!،
قتلونا فيك يا صابر. قتلوا ابتسامتك، وبشاشة وجهك التي لو علم بها القتلة المأجورون لعزفوا عن فعلهم؛ ولكنها إرادة الرحمن أن يصطفيك إلى جواره شهيداً، وضيفاً عزيزاً مكرماً في أعلى المراتب مع الشهداء والصديقين، ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ظن قاتلوك أنهم بانتزاع روحك الطاهرة انتصروا في معركتهم القذرة التي يخوضونها ضد صنّاع الحياة، فيما انتصرت أنت وارتقيت مرتقىً عظيماً، ولن يقدروا على محوك من ذاكرتنا؛ كيف لهم ذلك وقد كنت أخاً محباً وصديقاً عزيزاً للجميع؟! وثق يا صديقي، أن القصاص العادل قادم لا محالة، عاجلا أم آجلا، والله المستعان!
#صابر الحيدري # شهيد الحقيقة
صابر الأصيل كأصالة الشمس
• وليد قاسم الضيفي
كم يسعدني سماع صوت أخي وصديقي ومديري السابق، الأستاذ نزار المحضار، المبادر دائما بالاتصال للاطمئنان علي، والسؤال عن حالي، وتبادل الأحاديث الودية، واسترجاع ما علق بذاكرتينا من الأيام والسنين التي قضيناها معا في البيت الكبير، ديوان وزارة الإعلام، بحلوها ومرَّها، ولكنه هذه المرة أشار على بضرورة المشاركة في كتاب سيتناول سيرة فقيدنا وأخينا العزيز الشهيد، صابر نعمان الحيدري، رحمه الله وطيب ثراه الطاهر.
بصراحة؛ لا أخفيكم، أعزائي الزملاء والزميلات، بأني لأول مرة أشعر بالارتباك والتبلد والعجز وعدم القدرة على الكتابة أو التعبير عما يختلج في نفسي، ولا أدري ما الذي كان يحدث لي حينما بدأت في كتابة مشاركتي هذه؟
يا الله، ما الذي أصابني؟! ماذا سأقول؟! وماذا سأكتب؟!،
الكثير والكثير من الحيرة والشتات والتخبط، وكأنني تلميذ في الصفوف الدراسية الأولى، وجد نفسه في امتحان تعبير مفاجئ لم يكن مستعدا له.
حاولت أن أستعيد توازني، وأستجمع قواي، وألملم شتاتي، ما استطعت، حتى أكون قادرا على الوقوف في حضرة الشهيد صابر، لعلي أستطيع أن أفيه حقه في الأخوة والزمالة والصداقة، وأرثيه بهذه الرسالة المتواضعة:
بسم من خلقك فأبدع، وسواك فعدلك
أخي الحبيب، وصديقي الرائع، وزميلي العزيز، أنبل وألطف من عرفت، وأسمى من عاشرت، الأصيل كأصالة الشمس، الهتان على قلوب محبيه، بكرم أخلاقه ونبل صفاته.
صابر الحيدري
تحية طيبة من عند الله مباركة وبعد:
ياصابر صديقي العزيز، لن اسأل عن حالك، فأنا أعلم بأنك أحسن منا حالا؛ فأنت ضيف الرحمن، وأي ضيف، ضيف عزيز مكرم في أعلى المراتب مع الشهداء والصديقين، ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وإن سألت عنا، فلا يخفى عليك الحال يا صديقي، فنحن لم نفق بعد من هول الفاجعة التي آلمتنا برحيلك المفاجئ، وجراحنا لم تندمل بعد، حتى يقضي الله أمره فيمن غدروك، إن عاجلا أو آجلا. فنم قرير العين مطمئن القلب، والله لا يخلف وعده.
والسلام عليك يوم ولدت، ويوم اصطفاك الله إلى جواره، ويوم تُبعث حيا.
صابر كان لا يبخل في تقديم النصيحة
• محمد محمد الفقيه
الأخ صابر الحيدري كان زميلا عزيزا، وشخصا مثابرا ومتفانيا، في عمله أو أي أعمال جماعية كنا نكلف بها، و لا يبخل في تقديم النصيحة، و إبداء رأيه في أي موضوع، ولأي شخص يقابله، سواء كان زميله في العمل، أو جاء لإنجاز معاملة في الوزارة، وكان مبادرا لفعل الخير ومساعدة الآخرين، حتى بعد نزوله للعمل في عدن، كان كثيرا ما يتواصل بعدد من زملائه للاطمئنان عليهم وتفقد أحوالهم فرحمه الله رحمة واسعة.
صابر سهل ذكي متزن مترفع عن السيئات
• فواز اليوسفي
صابر الحيدري كان صديقا وفيا، عرفته طيبا سهلا ذكيا متزنا في تفكيره، تحس بطموحه الكبير. كان، رحمه الله، متعاونا مع زملائه؛ فهو لا يقصر تجاه المحتاجين لمساعدته، وأكتر ما أعجبني فيه التزامه الأخلاقي، رغم صداقته للبعض ممن كانت لديهم بعض العادات السيئة، فقد كان معروفا عند الجميع بترفعه عنها، وحتى عن الخوض في تجربتها. إن فقد صابر يعد خسارة كبيرة ليس فقط لأهله، بل أيضأ لنا نحن أصدقاؤه وكل من عرفه.
صابر مضى نقيا لديه ابتسامة طفل
• عثمان حسن الجداعي
ستبقى أنت فينا، أخي وصديقي كيف لي أن أنساك، بماذا أرثيك يا صديقي؟
بدمع قد تحجّر في المحاجر؟ أم بآهاتٍ مُتنَ في الحناجر؟ أم يا ترى أرثيك بتراب أهُيله على جثمانك الطاهر؟.
فجِعت كما فجع غيري برحيل من عرف عنه طيبة الأخلاق وسمو النفس والخلق وسر البسمة.
مضى نقيّاً كما الندى.. شفيفاً كما النسمة.. أليفاً كابتسامة طفل، ستبقى ذكراك فينا.. تجري مجرى الدم في الشرايين، وسيبقى القلب ينبض بها، بل #ستبقىأنتفينا
صابر الحيدري لروحك السلام
صابر: صادق ولا يخلف وعده
• عبد الله الجداعي
صابر الحيدري كان نعم الصديق والأخ والرفيق الذي أعتز به، لقد كان نشيطا، وذا شخصية متزنة، متواضعا لا يتكبر على أحد وصادق الكلام، لا يخلف وعده، ذلك هو صابر كما عرفناه. ويأتي الموت ليترك وجعا في القلب لا يمكن لأحد أن يشفى منه، إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع، وإنا لفراقك، أخي صابر، انا لمحزونون، وحسبنا الله ونعم الوكيل، البقاء لله الرحيم بمن فقدنا وغاب عنا.
كان سندا بمعنى الكلمة
• عبد الله الحوصلي
لم يكن مجرد زميل في العمل، بل كان أخا وصديقا وسندا بمعنى الكلمة، لا أدري ما أقول أو بالأصح كيف أشرح حياتي مع صابر، فعندما بدأت بالكتابة شعرت بالارتباك، ولم أدر من أين أبدأ؟!، أو عن ماذا أخبركم؟!، فعشرتي كانت مع أخي صابر، بحلوها ومرها، مليئة بالأشياء الجميلة والتي لا تنسى، ولا أستطيع أن أتكلم عنها في سطور بسيطة، لقد كان الشهيد صابر دائم التواصل معي للسؤال عني، ولم يكن يقصر في أي شيء معي، حتى بعد سفره لعدن، ومما يدل على كرم أخلاقه وطيب معدنه، أسرد لكم موقفا حصل معي؛ حيث أني، في أحد الأيام، كنت عائدا من العمل للمنزل سيرا على الأقدام، بعد أن نسيت أخذ المال للمواصلات من أمين الصندوق، وكنت أفكر في من قد ينقذني، وخطر صابر على بالي، وتمنيت لوكان قريبا مني فلن يساعدني سواه، غير أنه كان مسافرا، وفجأة وإذ بصابر يتصل ليطمئن علي، فعلم بمشكلتي، وقال لي: “عبدالله أنتظر شوية بعدين أتصل لك “،ولم أدر إلا برسالة تصلني على هاتفي، بوصول حوالة لي، ويتصل بعدها أخي صابر ليسألني: “هاه عبدالله وصلت؟، ولم أجد ما أقول له إلا بعض عبارات الشكر التي لن تفيه حقه. كان نعم الأخ والصديق، والآن وأنا أكتب لكم عنه أشعر بالدموع تسقط من دون إرادة مني، إن ألم فقده ليس سهلا أبدا، عند ما سافر كان التواصل من خلال الهاتف يخفف من الشوق إليه، لكن الآن وقد رحل فلا نجد سوى الدعاء له بالرحمة والمغفرة،
رحمك الله أخي الغالي..
كان الصديق والأخ وأغلاهم بكل المقاييس
• كمال العومري
صابر نعمان الحيدري أنه من أوفى الأصدقاء، وخير الناس في مشوار حياتي كاملة، كان الصديق والأخ وأغلاهم بكل المقاييس، هنا في صنعاء أو في عدن، كان جميلا في أخلاقه وأصدقهم، وكان كريما مع زملائه في العمل ولقد كانت فاجعة عند وفاته عند كل زملائه.
كان بارا مطيعا …تعلمنا منه حسن معاملتنا للآخرين
• حمير محمد الجعدي
مرت سنة منذ ذهاب صاحب الوجه البشوش، صاحب الأخلاق والسمات العالية.
لقد كان متفردا ومتميزا بتعامله مع الآخرين صغيرهم وكبيرهم، عطوفا، سموحا، ودودا، وكانت له مساحة من الحب والاحترام والتقدير في قلوب من حوله.
تعلمنا منه حسن معاملتنا للآخرين، كان كاظم الغيظ، مترفع عن الاخطاء، تعلمنا منه العفو عن المخطئ عند المقدرة..
لقد كان بارا مطيعا لوالديه، كان من حوله يثنون عليه ويمدحونه بغيابه، وإن حضر كنت تلاحظهم يصافحونه بحرارة، ويتحدثون إليه والبسمة تعلو وجوههم؛ كيف لا؟!، وهو من يبث فيهم الطمأنينة والسعادة.
حين كنا نعلم بأنه سيأتي إلينا، كانت قلوبنا ترقص فرحاً بمجيئه، وحين يأتي ونتبادل أطرف الحديث معه، آنذاك، نشعر بأن الدنيا لازالت في خير. كيف لا؟!، وهو يحثنا على الصبر والتفاؤل، لقد كان الحديث معه يذهب عنك الحزن والضيق.
حين كان يصيبني شيء من هذه الدنيا الفانية كنت أهرع إليه لأني أعلم أنه بلسم للجروح.
لم يكن يفرق بين الناس، غنيهم وفقيرهم، صغيرهم وكبيرهم.
يعطف على الصغير، يحترم الكبير، يمسح على رأس اليتيم، ويساعد الفقير. امتلأ بالحب والاحترام للجميع، لم يحمل بقلبه كرها أو حقدا أو غلاً على أحد.
ماذا عساي أن أقول عنه، فمهما قلت وتحدثت فلن اوفي بالحديث عنه.
ذهب إلى عدن يؤدي عمله كصحفي ومراسل لعدة قنوات، لكن كان يوم 15 يونيو2022م مشئوماً ,ونحن نتابع الأخبار وإذا بخبر عاجل على شاشة التلفاز، بأنه تم اغتيال الصحفي صابر نعمان الحيدري بتفخيخ سيارته، آنذاك لم أتمالك نفسي والأرض ضاقت بما رحبت، رجف جسدي، وضاقت أنفاسي، وصرخات اهلي ملئت المنزل من هول الصدمة، كان لسان حالي يقول: يا ليني مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا.
حسبنا الله ولا نامت أعين الجبناء
رحمة الله تغشاك خالي