رياح السلام في اليمن…كلما صفت غيمت
رياح السلام في اليمن…كلما صفت غيمت
*عبدالرحمن مطهر
الجمعة2يونيو2023 أنعشت الخطوات والحراك السياسي والدبلوماسي الأخير التي شهدها الملف اليمني الأمل لدى الملايين من أبناء الشعب اليمني المنهك، في الخروج من نفق العدوان والأزمة الدامية التي دخلت عامها التاسع في البلد المعذب بصراعاته التي لا تنتهي.
ومع تدفق روافد السلام في عروق التقارب الذي تشهده المنطقة تعاظمت آمال اليمنيين ومعهم الإقليم والعالم في التوصل إلى صيغة سلام مستدام بناء على سلسلة من التطورات التي صبت في مجملها في إطار الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب، والدخول في تسوية سياسية شاملة، كانت أبرز معززاتها تنوع قنوات التفاهم ما بين الوساطة كتلك التي تقوم بها عُمان، أو الجهود الأممية بين أطراف الصراع المباشر،وهم المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ وقيادة أنصار الله في صنعاء، من جهة وبين مجلس القيادة التابع لتحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية ، وقد تعززت الآمال أكثر عقب عودة العلاقات بين القوتين الإقليميتين السعودية وإيران برعاية صينية ،واللتين كشفتا عن تفاهمات بينهما “لدعم جهود إنهاء الحرب والعدوان على اليمن ” هذه الحرب التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى والجوعى والمشردين واللاجئين، ودفعت نحو 18 مليون يمني من أصل 30 مليوناً إلى هاوية الجوع والنزوح والمرض، وصنفت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
اليونسيف تحذر من المجاعة
وفي هذا الصدد حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في اليمن، من أنّ “ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر المجاعة”، بينما لا تلوح في الأفق نهاية وشيكة للحرب في اليمن.
وحذرت المنظمة الأممية عبر تغريدة على “تويتر”، من أنّ “ما يقرب من ستة ملايين طفل في اليمن، هم على بعد خطوة واحدة فقط من المجاعة، وهم في حاجة ماسة إلى دعم عاجل”.
وأضافت أن “الوقت حان لتكثيف التزاماتنا مع الشركاء الأوروبيين لتقديم الإغاثة المنقذة للحياة والدعم”.
وكانت المنظمة أكدت في تقرير أصدرته، في أواخر مارس الماضي، أنّ “أكثر من 11 مليون طفل في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم 2.2 مليون يعانون من سوء التغذية الحاد”.
لذلك عقب ثماني سنوات من الأشلاء والدمار والخراب والدماء والدموع، يشير الأمر الواقع إلى أن جميع الأطراف تقريبا اقتنعت بخيار السلام ورفعت يدها عن زناد البنادق، كخطوة أساسية تنطلق من حقيقة جوهرية مفادها أن هذه البنادق لم تنجح في إصابة كل الأهداف المرجوة، حسب ما قال موقع “اندبندت” وحتى وإن طفت على هامش التقاربات الأخيرة بين المؤثرين في الأزمة لغة المناورة إلا أن الجميع بات يدفع نحو التهدئة.
في حين أحدثت الخلافات والإخفاقات داخل الكيان الجديد مجلس القيادة الرئاسي شروخاً عميقة هزت صفوفه وما زالت، وبالتالي قللت من حضوره في الشارع اليمني ،خاصة وان في صفوفه من يدعو للانفصال والرجوع ليس فقط إلى ما قبل 1990م بل إلى زمن السلطنات والمشيخات والتشرذم.
ورغم ذلك إلا انه جل تصريحات مسؤوليه تؤكد انه لا يسعى للحرب ـ وفي الواقع لا يستطيع أن يخوض حربا مع صنعاء ، خاصة إذا تخلى التحالف عنه.
ترحيب حذر
وفي قراءة مراقبين لنيات الطرفين تجاه الحل، فإن الجميع يرحب دائماً بمبادرات السلام، ولكن عادة ما يتبع هذا الترحيب التحذير من “نيات مختلف الأطراف تجاه استحقاقات السلام.
في هذا الصدد يقول وزير خارجية مجلس القيادة والحكومة المولية للعدوان أحمد عوض بن مبارك حسب ما نقله موقع “اندبندت“ إن موقف الحكومة مرحب وداعم لأية تفاهمات توصل إلى حل سياسي شامل ومستدام يبنى على المرجعيات الثلاث”.
بينما أنصار الله والقيادة في صنعاء تؤكد مرارا أن الحديث عن ما يسمى بالمرجعيات الثلاث عفا عليه الزمن ، ولا يستحق الرد أساسا على مثل هذا الطرح.
صوت الحوار وصوت المدفعية
الحرب اليمنية الدامية مرت بمحطات توقف بين حين وآخر، وأتاحت الفرصة لصوت الحوار أن يأخذ مداه عله يغلب أصوات مدفعية الطرفين التي لم يطلق أي منهما القذيفة الأخيرة بعد، مما أطال أمد الصراع على رغم الدعوات العربية والأممية ورعايتها للحوار.
وفي هذا الجانب يقول قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أن الوضع الحالي الذي تعيشه اليمن هو أساسا وضع حرب بعد انتهاء الهدنة في الثاني من أكتوبر في العام الماضي،غير أن هناك تهدئة لإفساح المجال للواسطة العمانية.
تصفير الخلافات الإقليمية
ومن الواضح أن جملة التغييرات التي تشهدها المنطقة في إطار حال التفاهم التي تسود أخيراً قد رمت حجراً في بركة المشكلة اليمنية الراكدة بعدما كادت تتجمد وتتحول إلى مأساة إنسانية منسية.
وفيما يصافح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود نظيره الإيراني أمير عبداللهيان في الخامس من أبريل الماضي في بكين عقب قطيعة دامت سبع سنوات، هذه المصافحة التي أزعجت كثير الولايات المتحدة وكذلك الكيان الإسرائيلي، كان رئيس مجلس القيادة اليمني التابع لتحالف العدوان رشاد العليمي يناقش مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان الموكل بالملف اليمني جملة الخطوات المتخذة مع الأطراف السياسية كافة للتوصل إلى صيغ تفاهم مشترك تخلص إلى وضع حد للصراع الذي طال أمده، و”استعراض مستجدات الجهود الرامية إلى إحياء مسار السلام في اليمن من خلال عملية سياسية شاملة برعاية الأمم المتحدة تضمن إنهاء المعاناة الإنسانية واستعادة الأمن والاستقرار والتنمية في البلاد”، مما ينبئ عن تقدم في محفزات ومضمون المساعي لإنهاء الأزمة على طريق التوصل إلى تفاهمات تهيئ لحلول واعدة.
ولهذا يمكن “اعتبار حل هذه التطورات التي تشهدها المنطقة مدخلاً مهماً لتهدئة إقليمية وتتويجاً فعلياً لتصفير عداد الخلافات وإثبات حسن النيات سينعكس، وفق الباحث السياسي اليمني علي العبسي، على إحداث تفاهمات بين الأطراف اليمنية شاهدنا بوادرها جلية أخيراً”.
تهدئة التوترات في المنطقة
ولعل الدور السعودي الأخير يأتي في إطار الرؤية السعودية الاقتصادية 2030، أيضا يأتي هذا الدور متزامنا مع ظرف إقليمي ودولي يدفع نحو إنهاء الأزمة سعياً منها إلى تهدئة كافة التوترات في المنطقة، وإعلاء المصالح المشتركة والتعايش، ونقل العلاقات من متارس التوتر إلى مصاف التعاون والتنسيق، والعمل على إيقاف النزاعات والاقتتال وتلبية تطلعات شعوب المنطقة والتعامل مع الأزمة في اليمن وسوريا ولبنان والسودان، بنظرة إستراتيجية تنسجم و”رؤية 2030″، لكن الملاحظ أن الرياض تحاول جاهدة إنهاء الملف اليمني وفق رؤيتها هي ، وليس وفقا للواقع ، لذلك تحاول جاهدة إن تثبت لصنعاء أنها وسيط ، وهو الأمر الذي ترفضه صنعاء جملة وتفصيلا.
ومثلما كانت اليمن أبرز نقطة خلاف بين الرياض وطهران فسيدفع التقارب بينهما، وفقاً لمراقبين، نحو حلحلة الملفات الخلافية وتشجيع الشركاء الدوليين للسعودية على بذل جهود إضافية للإسهام في تهيئة عودة المياه لجريانها الطبيعي، وخصوصاً عُمان والصين، إذ ينص الاتفاق بين البلدين على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتفعيل اتفاق التعاون الأمني الموقع بينهما في أبريل 2001، والاتفاق العام للتعاون في مجالات عدة، وحرصهما على بذل الجهود كافة لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي.
وفي هذا الإطار أعلن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان،الثلاثاء الماضي ،أن بلاده متفقة مع المملكة العربية السعودية على تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية.
وقال عبد اللهيان، في تصريحات لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إن التقارب مع السعودية ليس مجرد اتفاقية تكتيكية، مشيرًا أن هناك إمكانية كبيرة لتنفيذ مشاريع اقتصادية مع السعودية، ما يعكس رغبة البلدين في تعزيز العلاقات الثنائية وتجاوز سلبيات الماضي، رغم امتعاض الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي بشكل خاص من هذا التقارب وتعزيز العلاقات بين البلدين.
وحول الملف اليمني، أكد عبد الليهان حسبما نقل “رأي اليوم” أن بلاده تتواصل مع جميع الأطراف في اليمن لوقف القتال والذهاب للمفاوضات، مضيفًا: نرى أن المفاوضات في اليمن تحرز تقدما.
ما يؤكد تفاؤل طهران بإنهاء العدوان على اليمن ، والسير نحو التسوية السياسية الشاملة.
كما أن رفع التأثير الخارجي ،لا سيما رفع السعودية والإمارات يدهما من اليمن ،سيحد من استمرار اشتعال الصراع بالوكالة لتحقيق أجندات سياسية معينة ،خاصة مع إدراك حالات الفشل التي اعترت جولات المحادثات السابقة، وهذا لا يعني أن السلام لم يشهد محاولات سابقة ولكنها ما تلبث أن تبدأ حتى تنتهي، ولعل أبرزها محادثات الكويت في أبريل 2016 التي كانت حسب تصريحات المبعوث الأممي إلى اليمن في حينها إسماعيل ولد الشيخ ، قريبة من توقيع اتفاق ينهي الحرب، لولا تدخل السفير الأمريكي لإفشال المفاوضات في اللحظات الأخيرة وتهدديه بتدهور سعر صرف الريال مقابل الدولار وبتدهور الاقتصاد اليمني ، بينما ما تسمى بالشرعية فقد اتهمت أنصار الله بالتنصل من التفاهمات في آخر لحظة بإيعاز من طهران حسب زعمها.
نشاط دبلوماسي
وعلى مدى الأسابيع الماضية كانت عدن وصنعاء ومسقط والرياض مهبطاً للوسطاء والوفود العربية والدولية التي كرست جهودها لتمديد الهدنة وتقريب وجهات نظر الفرقاء تجاه الملفات العالقة، وترحيل الملفات الخلافية.
وشكل مشروع الشراكة السياسية وبدء تنفيذ ما تم الاتفاق عليه أثناء محادثات الأسابيع الماضية عبر الوساطة العُمانية التي نجحت في إزالة جزء من ركام ثماني سنوات من الحرب بجولات تفاوضية قادتها باقتدار مع الأطراف كافة، وهو ما عبّر عنه الهدوء الذي يسود جبهات القتال حتى اليوم.
ورغم انتهاء الهدنة في أكتوبر 2022 إلا أن جبهات القتال ظلت في حال هدوء غير معلن، مما يؤكد تحقيق تقدم في المشاورات الجارية بوساطة مسقط التي تحظى بعلاقات جيدة مع أنصار الله ومع كافة الأطراف، بمعنى أنها تقف على مسافة واحدة من الجميع، وبروز دورها أكثر عقب التقارب السعودي -الإيراني عندما بعثت وفداً دبلوماسياً إلى صنعاء،في التاسع من أبريل الماضي رفقة الناطق الرسمي لانصار الله ورئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام المقيم في مسقط، وعقب يوم واحد فقط التحق بهم وفد سعودي بهدف التوصل إلى إطار اتفاق يغلق ملف الحرب ومأساتها.
وقد تجلى ذلك من خلال استقبال رئيس المجلس السياسي الأعلى ، الرئيس مهدي المشاط للوفدين السعودي والعُماني في صنعاء خلال ليلة رمضانية، بعد أن تبادل المصافحة بل والعناق مع السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، ما يعكس رغبة صنعاء في إنهاء ملف العدوان على اليمن وتسوية هذا الملف مع الرياض، والدخول في تسوية الحل السياسي الشامل مع الأطراف اليمنية الأخرى.
وفي الجانب الآخر واصل المبعوث الأممي هانس غروندبيرغ مساعيه إلى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء في ظل أنباء تتحدث عن خطة مطروحة للحل السياسي لم يعلن عنها، وحققت هذه الجهود نجاحاً باهرة ، وخرجت تصريحات إيجابية ومتفائلة من صنعاء والرياض على السواء، وقد تجلى ذلك في تنفيذ صفقة تبادل الأسرى بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر عقب مفاوضات جمعت ممثلين عن مجلس القيادة التابع لتحالف العدوان وحكومة الإنقاذ بصنعاء ، أسفرت عن الإفراج عن 887 أسيراً عقب سنوات من عذابات السجن والإخفاء القسري.
كما مثل إتمام صفقة تبادل الأسرى المتفق عليها بين مجلس القيادة وأنصار الله ،خطوة أخرى نحو السلام المنتظر بإطلاق مئات الأسرى من الطرفين، جرى نقلهم بطائرات تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر على مدى ثلاثة أيام متتالية خلال أبريل الماضي، وكان بينهم عدد من الشخصيات السياسية الرفيعة كشقيق عبدربه منصور ، ووزير الدفاع السابق اللواء الصبيحي ، وإفراج صنعاء كذلك من جانب واحد عن اللواء فيصل رجب، والذي لم يتفاوض مجلس القيادة على الإفراج عنه.
وكذلك عن الصحافيون الأربعة التابعون للشرعية والمعتقلون منذ عام 2015 والمحكوم عليهم بالإعدام من جانب حكومة الإنقاذ بصنعاء 2020 بتهم التجسس لمصلحة تحالف العدوان بقيادة السعودية، إضافة إلى أبناء نائب الرئيس السابق علي محسن الأحمر وشقيق ونجل نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح وغيرهم من الأسرى.
وتعطي هذه الخطوات، وفق مراقبين، مؤشراً على الرغبة في طي الماضي المرير وقبول مسألة تأجيل القضايا الحساسة إلى مراحل لاحقة، مثل شكل الحل السياسي وقضية الحراك الجنوبي ومطالبات الانتقالي الانفصالي ،باستعادة ما يسميه بالدولة الجنوبية التي لا يعرف لها أسم،وتوجس الانتقالي الانفصالي من التسويات التي لا تأخذ مطالبهم بعين الاعتبار.
ورغم تحقيق اختراقات جوهرية خلال الشهر الماضي إلا أنه ما يزال هناك بعض التعنت من قبل البعض، وعرقلة لعدم إتمام الصفقة التالية والتي كانت تتمثل بالإفراج عن 1400 أسير من الطرفين مناصفة.
ملف الأسرى
فقبل أيام مثلا :أكد رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عبدالقادر المرتضى، أن طرف العدوان في مأرب أفشل عملية تبادل زيارة السجون التي كانت مقررة من قبل الأمم المتحدة، معلنا جهوزية صنعاء للدخول في صفقة شاملة للإفراج عن جميع الأسرى، وبالتالي إغلاق هذا الملف.
وقال المرتضى لـ “المسيرة”إنه كان من المفترض عقد جولة جديدة من المفاوضات في منتصف مايو الجاري على أن يكون انعقادها بعد الانتهاء من زيارات سجون الأسرى بين صنعاء ومأرب كخطوة أولى تمهد لتنفيذ ما تبقى من اتفاق مارس 2022 م، إلا أن تعنت مرتزقة العدوان ورفضهم الزيارات حال دون التقدم في ملف الأسرى.
وذكر أن اللجنة قدمت كشفاً للأمم المتحدة ضم مجموعة من الأسرى والمعتقلين للإفصاح عن مصيرهم مقابل الإفصاح عن مصير محمد قحطان، لافتا إلى أن طرف العدوان في مأرب رفض الكشف عن مصير الأسرى والمختطفين لديه.
وجدد حرص اللجنة على إتمام الزيارات من أجل تسهيل عملية تبادل الأسرى، مؤكدا جهوزية صنعاء للدخول في صفقة شاملة للإفراج عن جميع الأسرى لكن هناك عرقلة من أطراف العدوان.
وأوضح المرتضى أن ما يثيره العدوان عن ملف محمد قحطان شماعة بهدف إفشال عملية تبادل الأسرى، مبينا أن جهود الأمم المتحدة تصطدم بتعنت مرتزقة العدوان في مأرب.
ولفت رئيس لجنة الأسرى إلى أن اللجنة تقوم بإرسال وسطاء محليين إلى مأرب من أجل حلحلة الإشكالات، موضحا أن هناك المئات من المعتقلين اختطفوا من الطرقات في تعز ومأرب وعدن وغيرها لأسباب مناطقية وطائفية وعنصرية.
تردد سعودي
ورغم كل ذلك إلا أن هناك ضبابية من جانب المملكة السعودية لإتمام ما اتفقت عليه مع صنعاء في شهر رمضان المبارك، رغم تصريحاتها المكررة عن رغبتها في إحلال السلام في اليمن، خاصة أنه كان يفترض أن تعقد جولة أخرى من المفاوضات المباشرة مع صنعاء في مايو المنصرم ، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية كما كشفت الكثير من وسائل الإعلام تواصل الضغط على الرياض بعدم التنازل لصنعاء ، وعدم موافقة الولايات المتحدة الأمريكية ،على صرف رواتب الموظفين وحلحلة الملف الإنساني ، هذا الملف الذي تعتبره صنعاء المحك الرئيسي لكشف نية الرياض الاتجاه نحو السلام المستدام.
محاولة الرياض كسب الوقت
وحول تردد الرياض بسبب ضغوط واشنطن عليها يؤكد نائب رئيس حكومة الإنقاذ الوطني لشؤون الدفاع والأمن الفريق جلال الرويشان، أمس الخميس، أنه لا رد سعودي حتى اللحظة لحسم الملف الإنساني بعد مفاوضات رمضان، لافتا إلى أن تقديرات صنعاء تشير أن الرياض تحاول كسب الوقت.
ونوه الفريق الرويشان، في تصريح لمراسل شبكة المسيرة، إلى أن المفاوضات الجارية مع الطرف السعودي بوساطة عمانية في وضعها الحالي تبقى محاولات لتحقيق السلام قابلتها صنعاء بإيجابية.
وعبر عن أمله في أن تدرك السعودية أنه لا يمكن الجمع بين خطط التطوير الاقتصادي وبين غزو بلد مجاور، في إشارة إلى رؤية 2030 الاقتصادية السعودية.
مشيرا أن لدى صنعاء القدرة على التحكم عسكريا في الموانئ السعودية وتدفق رؤوس الأموال إليها، مبينا أنه سبق للقوات المسلحة اليمنية تنفيذ عمليات بهذا الاتجاه.
وأشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية ومنذ اللحظة الأولى للهدنة شرعت في ترميم قدراتها ومع انتهائها عدنا لحالة الحرب
وبشأن مشاريع تقسيم اليمن، قال الفريق الرويشان: نسمع خطابا دوليا يقف مع وحدة اليمن واستقلاله لكن الأفعال على الميدان تشير إلى غير ذلك، مؤكدا أن مشروع التقسيم مؤشر على سعي دول العدوان لتعقيد المشهد اليمني وكسب نقاط تفاوضية في مواجهة صنعاء.
وفي هذا الإطار نشير أن أبو ظبي زينت برج خليفة والتي يعتبر أعلى برج في العالم بألوان العلم اليمني في عيده الوطني الـ33 لقيام الجمهورية اليمنية وتحقيق الوحدة اليمنية، لكن ممارسات الإمارات على الأرض تشير إلى ذلك خاصة أنها من أنشأ مليشيات مسلحة في المحافظات الجنوبية، وشجع على إنشاء كيان جنوبي انفصالي ينادي بل ويسعى بالقوى لتجزئة اليمن إلى كنتونات صغيرة ومتحاربة.
مفاجأة تحضرها صنعاء
كذلك كشف أمين سر المجلس السياسي الأعلى الدكتور ياسر الحوري، عن مفاجأة تحضرها الجمهورية اليمنية لردع السعودية وتجعلها تندم في حال استمرار مماطلتها وتلكؤها في استكمال المفاوضات والالتزام باستحقاقات إحلال السلام في اليمن.
وأكد الدكتور الحوري في تصريح صحفي أن الجمهورية اليمنية تعد بدائلها وخياراتها في حال استمرت السعودية في نهج التقدم في المفاوضات خطوة والتراجع خطوتين للخلف.
وقال ” إذا لم يكون هناك التزام واضح وصريح فإن السعودية والمنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار، وأن الخيارات اليمنية واسعة مع اتساع الإنتاج العسكري اليمني محلي الصنع والجاهزية القتالية على كافة المستويات”.
وأشار إلى أن السعودية تراوغ وتحاول أن تكسب الوقت في تنفيذ التزاماتها في الملف الإنساني الذي يتضمن استحقاقات معالجة آثار العدوان من جميع النواحي وكافة الالتزامات لتحقيق السلام في اليمن.
وأوضح أن معالجة آثار العدوان على الشعب اليمني هي أكبر من التعويضات وإعادة الإعمار كونها تشمل جميع النواحي المعنوية والنفسية والصحية وغير ذلك.
الجدير بالذكر أن أبناء الشعب اليمني لم يلمسوا أي نتائج إيجابية من الهدنة سوى الإفراج عن بعض الأسرى ووجهة واحدة لطيران مما يزيد من معاناتهم من آثار العدوان والحصار على مدى أكثر من ثمان سنوات
وإزاء البطء الواضح في المفاوضات ، والذي أبدت صنعاء أكثر من مرة عن ذلك ، يقول عبدالعزيز العقاب رئيس منظمة فكر للحوار والسلام ، بان هناك مؤتمر عالمي للسلام في اليمن ، سيعمل هذا المؤتمر على دعوة كافة الأطراف الفاعلة ودعوة الناشطين والإعلاميين والسياسيين والقيادات الاجتماعية المؤثرة ،لمناقشة كافة القضايا بكل شفافية مطلقة وسوف يكون الشعب حاضراً ومسدداً من خلال وسائل تكنولوجية وآليات فاعلة وذلك لكشف أي محاولة لأي قوى في التنصل أو العرقلة.
وأضاف في تغريدة له أخرى على صفحته بتويتر قائلا :الذي يؤمن بالسلام حقيقة ويريد السلام لليمن، سيدعم المبادرات الحقيقية ويدعم رجال السلام والحوار في التوصل للحلول الصحيحة ولا يقبل بضياع الوقت كل السنين الماضية في حوارات ماراثونية بلا أي نتائج ملموسة في تخفيف المعاناة وفتح الطرقات والمطارات ودفع رواتب الموظفين المقطوعة.