خطر يمني داهم يسقط المفهوم الاستراتيجي والجيوسياسي الصهيوأمريكي
خطر يمني داهم يسقط المفهوم الاستراتيجي والجيوسياسي الصهيوأمريكي
تقرير: خالد الشريف
لطالما كانت المسارات البحرية مسخرة بالكامل لخدمة الكيان الصهيوني بحماية أمريكية وعالمية وفجأة وفي ظل الصمت العالمي والخنوع العربي ظهر المارد اليمني ليفرض معادلة جديدة ومفاجئة يكسر من خلالها الهيمنة البحرية الأمريكية والصهيونية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي.
وأعدت لهم القوات البحرية اليمنية ما استطاعت من قوة وصواريخ ومسيرات وألغام كاسحة .
انطلقت المرحلة الأولى لاستهداف السفن الصهيونية منتصف نوفمبر من العام الماضي بعد أحداث السابع من أكتوبر معلنة استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل جنوب البحر الأحمر إلى باب المندب باستخدام صواريخ باليستية ومجنحة وبحرية وطائرات مسيرة.
المرحلة الثانية في ديسمبر من العام الماضي جاءت ردا على تشكيل ما يسمى بتحالف حارس الازدهار بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا ومشاركة إحدى عشرة دولة وتركزت على السفن في خليج عدن والبحرين الأحمر والعربي والمرتبطة بالدول المشاركة في التحالف وأي سفينة متجهة إلى الأراضي المحتلة بعدد كبير من الصواريخ والطائرات المسيرة وبدأت مع أول غارة للتحالف المزعوم والذي شن بعد ذلك عددا من الغارات الكبيرة والواسعة على اليمن باءت جميعها بالفشل.
قصمت عمليات اليمن ظهر الاقتصاد الإسرائيلي، فدخلت أمريكا مباشرة بعد فشل سياسة الترهيب والترغيب مع حكومة صنعاء. فشكلت تحالفا بحريا لحماية السفن الإسرائيلية، لكنه وإذ قبل أن يولد انفضت عنه أغلب الدول فلا طاقة لأحد على خوض مغامرة محكومة بالغرق في بحر من الخسائر.
اشتعل البحر الأحمر ووقعت واشنطن في المحظور وانساقت خلف أهواء تل أبيب في استهداف ثلاثة زوارق يمنية ما أدى الى ارتقاء عشرة شهداء على طريق القدس .. ظنت أمريكا ان ذلك سيثني اليمنيين عن خطوتهم وما زادتهم إلا ايمانا وثباتا في مواجهة امتزج فيها الدم اليمني والفلسطيني ضد الشر المطلق شيطان العصر.
اليد اليمانية طالت سفنا وفرقاطات أمريكية وأوروبية في المياه وجعلت الكثير من الفرقاطات تلجأ إلى الهروب ومغادرة المياه الإقليمية نتيجة الضربات اليمنية التي لا تتوقف.
في المرحلتين الأولى والثانية تم استهداف 73 سفينة ومدمرة بريطانية وأخرى أمريكية وكذلك مدمرة الاتحاد الأوروبي.
عمليات نوعية وتكتيكات عسكرية وترسانة متنوعة .. مثلت القوة البحرية اليمنية علامة فارقة في تشكيلات الجيش اليمني وهذا ما ظهر جليا وأذهل الجميع منذ أوصد اليمن باب المندب وحرم مياه البحر الأحمر والعربي على السفن الإسرائيلية نصرة لغزة.
القوات البحرية اليمنية تمتلك قدرات تدميرية عالية وفتاكة وفي الترسانة ألغام بحرية كاسحة كـ ثاقب ومرصاد وشواظ والنازعات أما الطيران المسير راصد _ الهدهد _ رقيب _ وعيد _ قاصف 1_ وقاصف 2 كي _ و صماد 1 _ وصماد 2 وصماد 3 _خاطف _ رجوم _ شهاب _ أما الزوارق البحرية فمنها طوفان وعاصف تتميز بسرعتها العالية وقدرتها على المناورة وتقوم بمهام هجومية ودفاعية .
لم تستطع أهمّ تكنولوجيا في العالم، ممثلة بالأسطول الخامس الأمريكي في البحر العربي، وما يسمى بحارس الازدهار لأكثر من 10 دول في البحر الأحمر، والأسطول السادس في البحر المتوسط، أن توقف الضربات اليمنية.
فجاءت المرحلة الثالثة في مارس 2024 لتوسع دائرة الأهداف لتشمل السفن في المحيط الهندي نحو رأس الرجاء الصالح وبدأت فصلا جديدا من فصول التصعيد.
التهديدات اليمنية تذهب بعيدا هذه المرة وقد حذر قائد الثورة شركات الشحن بأخذ هذا التصعيد بعين الاعتبار فالقول يتبعه الفعل وليس بينهما سوى غمضة عين.
بعد عدة هجمات أتت أكلها على السفن الصهيونية والسفن المتجهة للأراضي المحتلة بالصواريخ والمسيرات قرر اليمن تغيير الاستراتيجية البحرية من البحر الأحمر والبحر العربي إلى المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح .
العمليات الهجومية التي تشنها القوات اليمنية ستتخطى هذه المرة البحر الأحمر لتبلغ المحيط الهندي والقارة الأفريقية عبر رأس الرجاء الصالح
ينذر التهديد اليمني الأخير لمسارات الشحن التي باتت تسلكها الكثير من السفن بعد تغيير مسار خطها من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح عبر المحيط الهندي ما أدى إلى رفع كلفة الشحن وأسعار التأمين على الشحنات.
استطاعت اليمن إعادة تشكيل البيئة الإقليمية والعالمية لصالح المقاومة ( حزب الله – العراق )، وجعلت العدو الصهيوني بين كفي كماشة.
تمثل هذه العمليات ضغطًا هائلاً على الكيان الصهيوني، تُشلّ حركته وتكسر هيمنته على المنطقة.
لا يمكن للولايات المتحدة أن تتحمل تداعيات هذا التصعيد الاستراتيجي، ممّا يدفعها إلى تقوية تحالفاتها الإقليمية تحت مسمى حارس الازدهار.
ولكن اليمن ليست عاجزة، بل قادرة على توسيع ساحات الحرب بتصعيد العمليات العسكرية البحرية والجوية، لإرباك العدو وشل حركته الاقتصادية
ضربات أمريكا وبريطانيا على اليمن فشلت ولم تستطع إيقاف الضربات الحيدرية المستمرة باستمرار العدوان والحصار على غزة.
الهجمات اليمنية منعت السفن الإسرائيلية من الوصول إلى الأراضي المحتلة وأغلقت ميناء إيلات وخنقته اقتصاديا من ناحية البحر الأحمر.
تعنت أمريكي وبريطاني في دعم الإجرام الصهيوني لارتكاب الكثير من المجازر والعدوان على اليمن أدخلهما في مأزق حقيقي.
ليس هناك خط أحمر أمام القوات اليمنية فالتصعيد مستمر والفعل يسبق القول وكل الاحتمالات مفتوحة والمراحل تتوالى.
وها هو الدور يشمل البحر الأبيض المتوسط الذي يمثل 90 في المائة بالنسبة لانفتاح الكيان الصهيوني على العالم وبحسب المسلمات الجيوسياسية الصهيونية فلا يمكن للكيان الاستغناء عن البحر الأبيض المتوسط.
رباطة جأش كبيرة تبديها القوة اليمنية فقد استطاعت تنفيذ 160 عملية عسكرية ضد القطع البحرية المتوجهة إلى الكيان الصهيوني استهدفت من خلالها 110 سفن ضمن أربع مراحل في البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.
أوراق ضغط قوية تشل حركة الكيان وتكسر هيمنته في المنطقة على الصعيد العالمي لا يمكن للولايات المتحدة تحمل تداعيته الإستراتيجية.
إعادة التموضع للقوة اليمنية وبحسبة بسيطة تجعل البيئة الإستراتيجية أكثر تعقيدا بالنسبة للحسابات الصهيونية من خلال الضغط على القوى الإقليمية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
الصواريخ اليمنية المجنحة والبالستية والمسيرات الدقيقة تجعل الولايات المتحدة وبريطانيا عاجزتين عن احتواء التصعيد اليمني الخطير وهما يحملان عبء هذا التصعيد ، ما يمنع أمريكا من التحكم في الإقليم طبقا لمصالحها المنفردة ومصالح حلفائها ومصالح الكياني الصهيوني.
لا يأبه اليمن بقرارات مجلس الخوف الدولي ولا يلقي لها بالا ، فالمجلس مطية لأمريكا وإسرائيل يتيح لهما ارتكاب المجازر وبإيعاز منه في فلسطين وفي شتى بقاع الأرض دون رقيب أو حسيب.
خطر يمني داهم أسقط المفهوم الاستراتيجي والجيوسياسي في العقلين الأمريكي والإسرائيلي أمنيا وعسكريا واقتصاديا على مستوى البحار والمحيطات.